القرار الظنّي في”جريمة زقاق البلاط”: إنتبهوا لأولادكم من الألعاب!
كتب علي الموسوي:
يخرج قارئ القرار الظنّي الصادر عن قاضي التحقيق الأوّل في بيروت غسّان عويدات في جريمة قتل القاصر علي محمّد يونس(مواليد العام 2003) والده وإثنين آخرين في 17 تشرين الأوّل 2017 في محلّة زقاق البلاط في بيروت، بتجربة حيّة تقول بأنّ طريقة تعامل الأهل مع الأبناء مهمّة في سياق التربية وتترك أثراً كبيراً في نفوسهم سلباً أو إيجاباً بحسب الأسلوب المتبع وكيفية التعاطي، والتربية هي ركيزة أساسية في صقل شخصية الإنسان وتوجيهه إلى الصواب أو الخطأ.
فمتن هذا القرار المؤلّف من صفحتين إثنتين فقط، يكشف وقائع من التحقيق مع يونس بحضور مندوبة الأحداث وأبرزها تعرّضه “في صغره للضرب والتعنيف من أبيه عندما يغضب حتّى أنّه حرق بسيخ اللحم دون سبب منذ سنتين ولم يعد يضربه إلاّ منذ حوالي الشهرين حيث ضربه بالسيخ، وهو اصطحب بندقيته معه وذخائرها لأنّه كان يعلم بأنّ والده سيلحق به و”يلقطه”.
وقال يونس بحسب القرار إنّه “خرج من منزل ذويه آخذاً معه بندقية “بومب اكشن والجناد” بعدما ذخّرها فلحق به والده فقتله بالخطأ بعدما أصابه في رقبته عند سفرة الدرج بين الطابقين الرابع والثالث، ثمّ أخذ يطلق النار على من يصادفه مبرّراً عمله تارة بأنّه سمع صوت تذخير، وتارة أخرى بأنّ سلاحاً سحب عليه”.
ويضيء القرار الظنّي على نقطة جوهرية تتعلّق بهوس الأطفال والفتيان بالألعاب الموجودة على الهواتف الخليوية والحواسيب و”البلاي ستايشن” و”الآيباد”، إذ أفادت والدة يونس “أنّه منذ حوالي الثمانية أشهر منع ابنها الجميع من دخول غرفته وكان يمضي ليله ونهاره في اللعب على الـ XBOX وعلى الجهاز الخليوي ويضع السمّاعات في أذنيه”.
وهذا يدلّ على وجوب منع الأولاد من الإنغماس في هذه الألعاب وتمضية أوقات طويلة في ممارستها والمواظبة عليها إلى درجة الذوبان والتأثّر بها وفقدان سيطرة العودة إلى الواقع، لأنّها كفيلة بإفقادهم عقولهم والسعي إلى تطبيقها على أرض الواقع حيث يكون لها تأثير سلبي كبير قد يودي بحياة آخرين كما هو حال الفتى يونس الذي “كان عصبي المزاج غالباً ما يقوم بتكسير الأغراض عندما يغضب، وكان يصرخ في وجه شقيقه ووجه أبيه” بحسب إفادة أخيه الذي أضاف بأنّه قبل الحادثة بحوالي أربعة أشهر كان ينظّف بندقيته فوجّهها إلى بناية الجيران قائلاً:” يا ليت فيي اقتل حدا”.
وقتل في هذه الجريمة محمّد حسين يونس، والسوريان محمّد عيدان المرعبي، ومنصور أحمد الشيخ عبد السلام، فيما أصيب الإخوة بسّام ومحمّد وعلي عدنان شهاب، والسورية سلوى حمد المنصور زوجة القتيل عبد السلام التي أفادت بأنّ زوجها كان “يعمل ناطوراً في بناية فارس الجديدة منذ العام 2005، وبتاريخ الحادثة خرج زوجها كعادته عند الساعة السادسة، أو السادسة والنصف صباحاً ليفتح باب الكاراج ويطفىء الأنوار، وبعد دقيقة سمعت صوتاً قوياً فخرجت لترى زوجها على بُعْد عشرة أمتار من البناية مضرّجاً بدمائه فصرخت تطلب الإسعاف وصعدت إلى الطابق الأوّل حيث شاهدت على سفرة الدرج يونس يحمل بندقية ويوجّهها نحوها، ويطلق النار عليها وهي تحاول الهرب فأصابها في ثديها الأيمن”.
ويورد القرار الظنّي أنّ طبيب الأمراض النفسية والعقلية الدكتور محمّد الحشّاش عاين يونس وأفاد في تقريره بأنّه “لم يظهر لديه ما يدلّ على وجود عوارض ذهانية تخلّ بأهليته”.
وخلص القاضي عويدات في قراره الظنّي إلى اعتبار فعل يونس لجهة قتله والده قصداً من نوع الجناية المنصوص عليها في المادة 549 فقرة 3 عقوبات/ القانون رقم 422/2002.
ولجهة قتل الآخرين ومحاولة قتل آخرين من نوع الجناية المنصوص عليها في المادة 548 فقرة 5 عقوبات/ القانون رقم 422/2002، وفي المادة 548 فقرة 5/201 عقوبات/ القانون رقم 422/2002. وظنّ به لجهة حيازة واستعمال بندقية صيد دون ترخيص بجنحة المادة 73 أسلحة وذخائر/ القانون رقم 422/2002 ومحاكمته بالجنحة تبعاً للجناية للتلازم.
“محكمة” – الثلاثاء في 2017/12/12
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يرجى الإكتفاء بنسخ جزء من الخبر وبما لا يزيد عن 20% من مضمونه، مع ضرورة ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.