خاص”محكمة”:القضاء اللبناني يردّ شكلاً دعوى زوجة الرئيس التونسي السابق بن علي باستعادة مبلغ 28,818,000 دولار كونها في حالة الحجر الحتمي/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
اصدرت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت الناظرة في الدعاوى المستعجلة والمؤلفة من القضاة الرئيس ايمن عويدات (منتدب) والمستشارين نادين القاري (منتدبة) ومنال فارس قراراً يتعلق بطلب سلفة وقتية قدمته ليلى الطرابلسي زوجة الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي لمبلغ وقدره ثمانية وعشرون مليوناً وثمانماية وثمانية عشر الف دولار اميركي كان مودعاً في احد المصارف .
قاضي الامور المستعجلة في بيروت اعتبر ان الاهلية متوفرة لدى المدعية بوجه نزاع جدي وقضى برد الدعوى. أمّا محكمة الاستئناف، فقضت برد الاستئناف شكلاً، معتبرة ان هناك حكمين جزائيين غيابيين قضيا بسجنها اكثر من عشر سنوات، مما يجعلها في حالة الحجر الحتمي وغير ذات اهلية للتقدم بالدعوى الحاضرة.
وممّا جاء في القرار الصادر بتاريخ 2018/4/12
بناءً عليه
أوّلاً:في الشكل:
حيث من جهة اولى وبمراجعة محضر التبليغ المضموم الى الملف الابتدائي يتبين ان المستأنفة ابلغت القرار المستأنف في 2017/3/24، فيكون الاستئناف المقدم منها في 2017/3/29 وارداً ضمن المهلة القانونية، الامر الذي يوجب رد الادلاءات المغايرة لعدم قانونيتها.
وحيث من جهة ثانية فإن المستأنف عليه مصرف سوسيتيه جنرال في لبنان ش.م.ل. يطلب رد الاستئناف شكلا لانتفاء اهلية المستأنفة للتقاضي كونها مجردة من حقوقها المدنية بمفهوم احكام المادة /30/ من قانون العقوبات التونسي وذلك عملا بأحكام المادة /60/ من قانون اصول المحاكمات المدنية.
وحيث تدلي المستأنفة لهذه الناحية بأن لا مجال لتطبيق المادة /1012/ أ.م.م. لعدم وجود اي حكم اجنبي متعلق بالاهلية ولان الحكم الجزائي التونسي لا يتمتع بمفعول في لبنان بما في ذلك نزع اهلية المستأنفة بعدما ابطلت محكمة التمييز قرار اعطائه الصيغة التنفيذية وكونه مخالفاً للانتظام العام اللبناني، ولكون التحقق من شروط الاعتراف بالحكم الجزائي التونسي في لبنان يخرج عن اختصاص قضاء العجلة.
وحيث من المسلم به ان توفر الاهلية لدى المتقاضين، بما في ذلك اهلية الاداء او اهلية ممارسة التقاضي، هو من الشروط الضرورية التي لا بد من توفرها لقبول الدعوى او الطعن شكلاً، وقد اوجبت المادة /13/ أ.م.م. على المحاكم ان تتثبت من توافر الاهلية في جميع مراحل الدعوى كما نصت المادة /60/ من القانون على ان انتفاءها اي انتفاء سلطة احد الخصوم بمباشرة اجراء الخصومة بنفسه يشكل عيباً موضوعياً يؤدي الى بطلان الاجراء القضائي.
وحيث من المسلم به ايضاً ان القانون الذي يحكم الاهلية هو القانون الشخصي اذ نصت المادة /12/ من قانون المحاكمات المدنية في هذا المجال على انه يرجع في الاهلية للتقاضي قانون دولة المتقاضي.
وحيث لا خلاف على ان المستأنفة هي من التابعية التونسية وان المستأنف عليه يدلي بأنها فاقدة للاهلية بحسب قانون العقوبات التونسي.
وحيث ينبغي انطلاقاً مما تقدم البحث في مدى اهلية المستأنفة للتقدم بالدعوى الراهنة على ضوء احكام القانون التونسي المتذرع به،
وحيث لا بد من الاشارة في هذا المجال الى ان المادة /142/ أ.م.م. نصت على ان اثبات مضمون القانون الاجنبي يطلب ممن يتمسك به ما لم يكن القاضي عالماً به،
وحيث يستفاد من نص المادة المتقدمة الذكر انه اذا كان في المبدأ يتوجب على من يتذرع بالقانون الاجنبي ان يثبت مضمون هذا القانون بأن يبرز مثلاً نسخة مصدقة من سفارة الدولة الصادر عنها القانون المتذرع به، غير انه ليس ما يمنع القاضي من تلقاء نفسه ان يتحرى عن مضمون القانون او ان يعلم به وهو امر اصبح متاحاً بشكل كبير في ظل تقدم الطرق العلمية والفنية،
وحيث تأسيساً عليه، ومن جهة اولى، يتبين انه قد ابرزت في الملف نسخة عادية عن المجلة الجزائية التونسية والتي يتبين من مراجعة المادة /30/ منها انها نصت على ما يلي،
“يكون حتماً تحت قيد الحجر كل محكوم عليه من اجل جناية واحدة بالسجن لمدة تتجاوز عشرة اعوام من تاريخ الحكم عليه الى اتمام مدة عقابه.”
وحيث من جهة ثانية فإن مراجعة نص المادة المذكورة كما هو مبين على المواقع الالكترونية لاسيما موقع بوابة-التشريع.تونس التابع لرئاسة الحكومة في الجمهورية التونسية تظهر انه مطابق للنص المبرز في الملف.
وحيث وانطلاقاً من نص المادة /30/ من المجلة الجزائية التونسية المبين اعلاه، وبالعودة الى المستندات المبرزة في الملف، يتبين انه قد صدر بحق المستأنفة عن المحكمة الابتدائية في تونس الدائرة الجنائية الخامسة برقم /23004/ حكم غيابي بسجن المستأنفة مدة /35/ عاماً كما وصدر بحقها عن المحكمة الابتدائية في تونس الدائرة الجنائية الثانية حكم غيابي بالسجن لمدة عشر سنوات، وان هذه الاحكام صدرت في جرائم اختلاس اموال وتبيض اموال واستيلاء موظف عمومي على اموال.
وحيث ان الفقرة الاخيرة من المادة /29/ من قانون العقوبات اللبناني قد اوجبت على القاضي اللبناني ان يتثبت من كون الحكم الاجنبي منطبقاً على القانون من حيث الشكل او الاساس وذلك برجوعه الى وثائق القضية،
وحيث بمراجعة الاحكام الصادرة عن القضاء الجزائي التونسي المتقدمة الذكر ووثائق القضية، لا يتبين لهذه المحكمة مخالفتها للاختصاص التشريعي او القضائي للدولة التي اصدرتها او عدم مراعاتها للعدالة في الاجراءات التي اتبعتها فضلاً عن ان الاعتراف لهذه الاحكام بآثارها لا تتعارض مع النظام العام المستقر في لبنان،
وحيث تقتضي الاشارة في هذا المجال الى ان قرار محكمة التمييز اللبنانية تاريخ 30/4/2014 المشار اليه في لائحة المستأنفة تاريخ 2017/10/26 لا يتعلّق بأيّ من حكمي السجن الصادرين بحقّها،
وحيث تأسيساً عليه وفي ظل صدور الاحكام الجزائية المتقدمة الذكر والقاضية بعقوبة حبس تتجاوز العشر سنوات، تمسي شروط المادة /30/ من احكام المجلة الجزائية التونسية متحققة مما يجعل من المستأنفة في حالة الحجر الحتمي وبالتالي غير ذي اهلية للتقدم بالدعوى الحاضرة،
وحيث تأسيساً عليه يكون الاستئناف الراهن مردوداً شكلاً لتقديمه من غير ذي اهلية دون حاجة للبحث في سائر ما ادلي به لانتفاء الجدوى.
لهذه الاسباب
تقرر المحكمة بالاتفاق:
1- رد الاستئناف شكلاً.
2- رد ما زاد او خالف من طلبات.
3- تضمين المستأنفة الرسوم والنفقات ومصادرة التأمين الاستئنافي المقدم منها ايراداً للخزينة العامة.
قراراً صدر وأفهم علناً في بيروت بتاريخ 2018/4/12.
“محكمة” – الخميس في 2018/04/19
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يرجى الإكتفاء بنسخ جزء من الخبر وبما لا يزيد عن 20% من مضمونه، مع ضرورة ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.