القضاة والمحامون مواقف وطرائف.. أحدهم سرق الخيمة /ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
مطانيوس وناضر
منذ عدّة أيّام، أرسل إليّ المحامي الالمعي مطانيوس عيد هذه الكلمة. وذكرني اننا نشكّل ثنائياً مثل غوار وحسني:
اليوم، سبت النور 20 نيسان 2019، اكتب بريشة الحبر السيال “طَرِ قلمك، بيطرى كلامك” (المعلم بطرس البستاني).
***
كم كتبنا، وراجعنا المراجع، لتصحيح الخطأ الفادح:”الطوائف التي تتبع التقويم الشرقي، وتلك التي تتبع التقويم الغربي”. والصحيح هو الطوائف التي تتبع التقويم القمري، وتلك التي تتبع التقويم الشمسي. ليس للزمان سوى ميزان الشمس والقمر خالفوا الحقيقة المشعة كالشمس، والمميزة كالقمر، بقصد الفتنة. فقلنا “الشر مدروس، والخير صدفة”.
“مواقف وطرائف”، للصديق توأم روحي الاستاذ ناضر كسبار، هي اضاءات شمسية وقمرية، فيها الفقه، من دوحة العلياء كسبار، وتدرج في مكتب السعيد الذكر الاستاذ اوغست باخوس، واسرته المشرفة، الاستاذ قيصر والحفيد اوغست والاشقاء والاخوات الميامين.
وعندما، يكتب في صحيفة “الديار” العامرة، فيذكرنا بحالنا. ويكون في الاتصال للشكر، مع دعابة: اخي ناضر، عندما لا تذكر من طرائفي، تأتي المواقف والطرائف، مراثي ومآتم…
** *
وكم رددنا، ان الانسان، يولد مع الصراخ والبكاء، معه دكتوراه في البكي. فإذا لم يتعلم الضحك في حياته، فالافضل ان يبقى في بطن امه. فيزيد، سعيد الذكر الزميل نواف حيمور، “كان الافضل يبقى بضهر بيو”.
* * *
والمشهور انه، الرفيق الدائم، السعيد الذكر الاستاذ نجيب الفرزلي، الذي كان يطيب لي القول، “لست فقط ممثل نقابة المحامين في ام الدنيا زحلة انت نقيبنا وتاج راسنا. وتبقى الرسالة مع دولة الرئيس ايلي الفرزلي.
* * *
في جمعية عامة، لنقابة المحامين، بلهفة سعيت الى الاستاذ نجيب والاستاذ نواف، فقال لي الاستاذ نجيب نستقبل كل المحامين، برحابة زحلاوية، ولكنهم بالكاد تحية عن بعد. اما لهفتك فلا مثيل لها، الا من زوجتك المحامية تريز، التي اصرت على ان نلتقي اليوم الى مائدتكم. فقال النواف “الفرس ورا الفارس” وتخيفني كلمة فارس، حتى لا يقصدني القبضايات” كما العادات اللبنانية. صادفت الزميل الاستاذ يعرب نواف حيمور قلت له، قبلت ثلاثة زملاء، قائلا لهم: كيفك خيي يعرب فيقولون، لست يعرب فإذا به يقول: انا كمان مش يعرب هي الجينات في خفة الروح.
* * *
وكم اكدت لصديقي ناضر، اننا نشكل ثنائياً، ننجح معاً. كما حسني وغوار. وكما صحيفة “الجريدة ” في الستينات من القرن الماضي “والمختصر المفيد للصحفي البارع رشدي المعلوف ترك رشدي جريدة الجريدة، واسس جريدة “الصفاء” زالت الاثنتان. وعوض رشدي بنشيد الامومة إني سألتك باسمهن والجينات تبوئ امين رشدي المعلوف، في الاكاديمية الفرنسية ونبني أنّا نشأ لبنان” شاعر القرنين سعيد عقل.
بسمة سبت النور المحامي مطانيوس عيد
* * *
مقعد واحد
خلال الندوة التي سبقت حفل توقيع كتاب السفير الدكتور جوي تابت حول صلاحية رئيس الجمهورية في جامعة الكسليك بتاريخ 2002/2/23، كنت اجلس على مقعد وبقربي القاضي هاني برشا وشقيقه المحامي فادي برشا، وكانت الكراسي من النوع المتصلة ببعضها البعض بحيث اذا قام احد الجالسين على كرسيه بحركة، تأثرت بقية الكراسي. وكان يجلس بقربنا رجل ضخم تارة يتمغط، وتارة يرجع بقوة الى الوراء ثم يعود الى الامام وكنا نحن الثلاثة نرجع معه الى الوراء ونعود الى الامام بطريقة مضحكة ونكاد نقع من اماكننا.
* * *
بين الله وشكر الله
يروي المحامي صلاح القنطار، انه قرأ مرة عن طبيب كان مظلوما في منطقته ويدعى شكر الله بحيث اذا شفي المريض قالوا من الله، وإذا توفي قالوا من شكر الله.
* * *
الاضهاد السياسي والشهرة
يقول النقيب عصام كرم ان الاضهاد السياسي قد يكون سبباً للشهرة. وفي هذا المجال، كان الرئيس بشارة الخوري حسب ما جاء في مذكراته، يستدعي الصحفيين طالبا منهم مهاجمته، فيكسب الشعبية. وان شهرة المتنبي أتت من جملة ما اتت من الاضهاد الذي لقيه من كافور.
وحول الانفعال، يقول النقيب كرم ان الرابح لا ينفعل بل الخاسر هو الذي ينفعل. ويذكرني هذا الكلام بما كان يقوله معالي النقيب فؤاد الخوري:
– النصر يمحو الضغينة.
* * *
بين الجدي والكراز
في مقابلة مع النائب السابق اوغست باخوس على تلفزيون NBN سئل: انت من اي برج؟
أجاب: انا من برج الجدي، النعجة بتشلحني تيابي فكيف اذا هجم علي كرّاز؟
وكان يقصد بذلك احد خصومه السياسيين.
** *
كيف عرفت انو ميت؟
في منطقة كانت تحصل فيها مشاكل ونزاعات بين أبنائها قال أحدهم للآخر:
– يرحم بيك.
– فقاطعه قائلاً: وكيف عرفت انو ميت؟
– فأجابه: ما انا قاتله.
***
كذب 4 ساعات ولم اكذب الا ساعة واحدة
يروي المحامي اوغست باخوس انه التقى مسؤولاً رفيعاً غير لبناني، والذي قال له بأن احد الوزراء اللبنانيين وهو محام معروف عنه كثرة الكلام والتحليل، حضر الى مكتبه لزيارته وان الاجتماع دام 5 ساعات، تكلم خلالها الوزير اللبناني 4 ساعات ولم يفسح المجال للمسؤول غير اللبناني الكلام الا لمدة ساعة واحدة.
واضاف المسؤول غير اللبناني:
– يا اخي شو هالقصة كذب عليّ 4 ساعات ولم استطع ان اكذب عليه الا ساعة واحدة.
* **
اوغست باخوس
نائب المتن، المحامي اوغست باخوس، الذي انتسبت الى مكتبه وتعاونا سوية لمدة ستة وثلاثين عاماً، كان يتمتع بالحكمة والاصالة واللياقة بشكل انني قلت مرة عنه بأنه لم يستعمل كلمة: وَلَوْ. بل كان يتعامل مع الجميع من محامين وعاملين وموكلين واصدقاء بتهذيب وتواضع قل مثيله.
قال لي مرة: يا ناضر، لقد وصلت الى مرحلة ليت الجميع يصل اليها.
فسألته: وما هي؟
اجابني رحمه الله: انا لا افرح كثيراً ولا احزن كثيراً.
هذه الحكمة الرائعة الجميلة ذكرتني بحكمة أخرى عندما سأل الملك احد مستشاريه: اعطني قولاً افرح به واحزن لسماعه. فأجابه: هذا الامر لن يدوم.
* * *
ما معك حق…معك حق
وكان يحضر الى مكتبنا بعض الناس الذين يودون ان يسمعوا ما يريدون بعيداً عن الواقع. وكنت الاحظ انهم يتكلمون وينفعلون والاستاذ باخوس يهز رأسه وكأنه موافق. وبعد ذهابهم، كنت اسأله: لماذا كنت تهز رأسك وكأنك موافق وانت غير مقتنع بأفكارهم. فيجيب: هل تريدني ان اجادل اميين متعصبين اعرف سلفاً انني لن اصل معهم الى نتيجة؟
وذكرني كلام الاستاذ اوغست بالطرفة الآتية:
سأل صديق صديقه قائلاً:
– لماذا كلما تجادلت مع فلان تقول له: معك حق؟
– فأجابه:
– لأنّ فلاناً يجادل بقصد المماحكة ولذلك اقول له دائماً: معك حق.
فقال له:
– ولكن ما معك حق تعمل هيك.
فأجابه:
– معك حق.
* * *
حطوا الذهب تحت الفرش
استوحى المحامي زياد فرام خاطرة شعرية من وحي الازمة المعيشية. فقال:
رح بوح بسري رح بوح
بهالازمة لي عم بتلوح
حطوا الدهب تحت الفرش
ولا تناموا وتعبوا الكرش
معك قرش بتسوى قرش
بالايد ولو كان مقدوح
وبسري بلشت بوح
حطوا الدهب تحت الفرش
* * *
بين الغني والفقير
نظم الامام الشافعي عدة ابيات من الشعر حول الغني والفقير فيقول:
يمشي الفقير وكل شيء ضده
والناس تغلق دونه ابوابها
وتراه ممقوتاً وليس بمذنب
ويرى العداوة لا يرى اسبابها
حتّى الكلاب إذا رأته مقبلاً
نبحت عليه وكشرت أنيابها
وإذا رأت يوماً غنياً ماشياً
حنّت إليه وحرّكت أذنابها
إنّ الغني وان تكلم بالخطأ
قالوا اصبت وصدّقوا ما قالا
واذا الفقير اصاب قالوا كلهم
أخطأت يا هذا وقلت ضلالاً
ان الدراهم في المجالس كلها
تكسو الرجال مهابة وجلالاً
فهي اللسان لمن أراد فصاحةً
وهي السلاح لمن أراد قتالاً
* * *
الثقة بشخص واحد
يروي المحامي احمد بشير العمري، الطرفة الآتية:
اكتشف احد زعماء المافيا ان المحاسب لديه كان يختلس من امواله عبر السنين، حتى وصل ما اختلسه لـ”عشرة ملايين دولار”.
المحاسب كان اصماً ابكماً يتم التواصل معه عن طريق لغة الاشارة فقط، وهذا كان السبب الاوحد لاختياره في هذا المنصب الحساس، فالمحاسب الاصم لن يسمع شيئاً قد يشهد به امام المحاكم…
عندما قرر الزعيم ان يواجهه بما اكتشفه عنه، اخذ معه خبيراً بلغة الاشارة وقال له: قم بسؤاله اين العشرة ملايين دولار التي اختلسها..؟ سأله الخبير عن طريق لغة الاشارة، فأجابه المحاسب بذات اللغة انه لا يعرف عن ماذا يتحدث الزعيم.
قال الخبير للزعيم: انه يقول بأنه لا يعرف عن ماذا تتحدث يا سيدي…شهر الزعيم مسدسه والصقه بجبهة المحاسب وقال للخبير: إسأله مرّة أخرى.
سأله الخبير ثانية بلغة الاشارة: سوف يقتلك ان لم تخبره عن مكان النقود….اجاب المحاسب بلغة الاشارة: حسناً…النقود تجدها في حقيبة سوداء مدفونة خلف مستودع السيّارات الموجود في الحيّ الخلفي.
سأل الزعيم خبير اللغة: ماذا قال لك؟
اجاب الخبير: انه يقول انك جبان ومجرّد حشرة، ولا تملك الشجاعة لإطلاق النار عليه!
حينها اطلق الزعيم النار على المحاسب…وانتهى الامر لصالح خبير لغة الاشارة…!
لذا من الخطأ الفادح ان تضع ثقتك كلها في شخص ما، لعلّك تكتشف بعد حين أنّ تلك الثقة لم تكن في محلها، تلك ما تسمى ب (الثقة العمياء) فيكون السقوط مدوياً…والخسارة فادحة
* * *
الخيمة المسروقة
يروي القاضي السابق المثقف والشفاف نبيل صاري، ابن طرابلس الفيحاء الطرفة الآتية:
ذهب شرلوك هولمز والدكتور واتسون في رحلة كشفية تناولا العشاء ثمّ استلقيا في الخيمة وغط الاثنان في نوم عميق.
بعد عدة ساعات، استيقظ هولمز، وايقظ صاحبه: واتسون انظر الى السماء وقل لي ماذا ترى؟
نظر واتسون الى الاعلى وقال: ارى الملايين من النجوم. ردّ عليه هولمز: وماذا يخبرك ذلك؟
فكّر واتسون قليلاً ثمّ قال: فلكيا، يخبرني هذا انه ربما هناك ملايين المجرات، وربما مليارات الكواكب.
من ناحية علم التنجيم، يخبرني ان زحل في برج الاسد
من ناحية الوقت، يخبرني الامر اننا في الساعة الثالثة الا ربعاً تقريباً
دينياً، يخبرني الامر عن قدرة الله الخارقة…
مناخياً، يبدو اننا سنستمتع بيوم جميل مشرق غداً
وانت ماذا يخبرك الامر يا هولمز؟
سكت هولمز قليلا ثم قال: واتسون ايها الغبي، احدهم سرق الخيمة!
الكثير من نقاشات المثقفين عندنا هي نسخة طبق الأصل عن هذا الحوار.
“محكمة”- السبت في 2019/5/18