القضاة والمحامون مواقف وطرائف.. بدي دعوى من غيمة/ ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
ثمرة جهد طويل
لمناسبة صدور كتاب “القضاة والمحامون: مواقف وطرائف” كتب عضو مجلس نقابة المحامين السابق المحامي المرحوم سعد الدين الحوت ما يأتي: الرجال مواقف، والمواقف تعبير عن الشجاعة، وممارسة العدالة لاحقاق الحق، ومحاربة الظلم، والدفاع عن الحقيقة. هي جوهر الصفات التي يجب ان يتميز بها عمل القضاة والمحامين: جناحي العدالة.
وقد عرفت قاعات ومنابر واروقة قصور العدل عندنا، الكثير من هؤلاء واولئك، اضافة الى من تفوقوا في ميادين التأليف القانوني والادبي والشعري والفني وبرزوا في ميادين السياسة، الا ان الكثير من مآثرهم ومواقفهم واعمالهم ظلت دفينة غير متداولة.
كما ان ممارسة العديد منهم ازدانت بالوان من الطرائف والنوادر والنكات والاخبار المثيرة، لكنها بقيت في غالبها لا يعرفها الا القليل.
والزميل الاستاذ ناضر كسبار الذي عرفناه محامياً نشيطاً ومتابعاً في مهنته بنشره الاحكام الهامة الصادرة عن مختلف المحاكم (في صحيفة الديار) يطل علينا اليوم بتعبير عن حبه لمهنته، وتذوقه الرفيع للفن والكلمة الحلوة بكتابه:” القضاة والمحامون : مواقف وطرائف.”
ثمرة جهد طويل في جمع ما تمكن من جمعه وما وصل الى سمعه منها، ليستأنس بها رجال العدالة، ولتحفظ من النسيان.
* * *
ألفظها مثل ما أنت بتلفظها
يخبر المحامي مطانيوس عيد عن احدهم انه كان يلدغ بحرف “الراء” بحيث يقول “غاء” وانه كان يطلب من مساعده المناداة بعد ان يقول له مثلاً غغغوغ بدل غرغور فيقول المساعد: غغغوع. فيصرخ فيه:
– يا ابني الفظها متل انت بتلفظها شو بدك فيي؟
* * *
بدي دعوى من غيمة
ومنذ مدة التقيت الاستاذ عيد فأخبرني ان المحامي الكبير النائب السابق سعود روفايل الذي يتحلى بروح التواضع وخفة الظل زاره مرة بسيارته التي علقت عليها لوحة مجلس النواب الزرقاء فقال له مطانيوس:
– ارجو ان تعمل كم مشوار في الحي عندنا لان النائب اوغست باخوس عمل مشوارين بسيارته اجاني كذا دعوى.
فأجابه النائب روفايل مازحاً وهو يضحك:
– ما انا بدي دعوى من غيمة.
* * *
هموم المهنة
والتقى احد الزملاء المحامين الاستاذ مطانيوس الذي كان يحمل الروب على يده والعرق يتصبب منه بسبب حرارة الصيف وقال له: كيف تستطيع ان تتحمل هذا الروب؟
فأجابه مطانيوس وهو يضحك:
– طول عمرك، اللي بيقدر يتحمل مشاكل مهنة المحاماة بدو يتعب من حمل الروب؟
وكان المحامي المرحوم سامي لحود يقول ان مهنة المحاماة هي من اصعب المهن لان النتيجة هي في يد القاضي الذي يحكم حسب ضميره وقناعاته واجتهاداته.
وفي هذا المجال اظهرت عدة دراسات ان معظم المحامين يقضون بمرض القلب لدرجة ان احد الزملاء الذي استشهد منذ عدة سنوات والذي كنا نحبه ونحترمه قال لمطانيوس بعد وفاة النقيب روجيه شيخاني اثر نوبة قلبية:
– غريب …ان معظم الزملاء الكبار امثال جان تيان وادمون كسبار وروجيه شيخاني يموتون بسبب مرض القلب.
فأجابه مطانيوس مازحاً:
– يموتون بسبب مرض القلب لانك زميلهم.
* * *
عندما ترشح المحامي مطانيوس عيد لمركز نقيب المحامين في بيروت كتب على المنشورات التي وزعها ما يأتي: لا للميزان. عدالتنا السيف، يقضي على جرم الكبار قبل الصغار.
* * *
حجر في الجوزة
المعروف عن الاستاذ عيد انه يتحلى بروح النكتة الدائمة. وبعد كتابتي عشرات الطرائف عنه ترشّح لمركز نقيب المحامين مما حدا بالمحامي ميشال سمعان للقول:
– “لقد كتب الاستاذ ناضر عشرات الطرائف عن الاستاذ مطانيوس عيد الذي تصدرت صورة صفحات جريدة الديار أملاً في كسب وده لانتخاب قريبه النقيب الشيخ ميشال خطار الا ان الاستاذ مطانيوس ترشح لهذا المنصب”..ويضيف الاستاذ سمعان:
– لقد ضرب الاستاذ ناضر حجرا في الجوزة فوقع على رأسه.
* * *
لو كنت زوجي
المحامي الالمعي مطانيوس عيد، اظرف محام في العدلية يقول ان بعض المنتقدين لا يعرفون حجمهم ويعتبرون انفسهم افهم من الآخرين واهضم منهم. وفي هذا المجال يخبر ان لويد جورج كان يخطب مرة عندما وقفت إمرأة من بين الحضور وقالت له بامتعاض:
– لو كنت زوجي كنت سممت لك حتى اقتلك..
فأجابها فوراً:
– ما في داعي، لو كنت زوجتي كنت سممت حالي وانتحرت.
وينتقد الاستاذ عيد الذين لا يتحلون على الاطلاق بروح النكتة حتى انهم لا يبتسمون ويقول: ان ثقيل الظل لا يعرف يضحك حتى لوحده.
* * *
“ضع الدبس على اصبعك”
البروفسور الياس حسواني دخل في سن متأخر نسبياً الى كلية الحقوق في الجامعة اليسوعية. فقد كان ضابطاً في الجيش ثم ترك هذه الوظيفة ليدرس الحقوق. وكانت مادة القانون الاداري من اصعب المواد، ولذلك فقد كان يجري سحب بالقرعة لكل طالب وفيه يسحب 3 اوراق تمثل 3 مواد. وكان اتعس الطلاب من يسحب ورقة القانون الاداري. ولذلك وقف البروفسور حسواني امام الاب اليسوعي وقال له: انا لا اقبل بأن اسحب دون ان اتأكد اولا بانكم وضعتم في الكيس ورقة واحدة تمثل القانون الاداري. فسمح له الاب بالتأكد. وامسك البروفسور ورقة القانون الاداري بيده اليسرى التي كان يضع على اصابعها قليلاً من الدبس. ثم اعاد الورقة، وسحب الاوراق التي ليس عليها دبس وهكذا فعل زملاؤه وبذلك تخلص الجميع من مادة القانون الاداري.
* * *
لن انتخبك لان زوجتي لم تحبل من جديد
من طرائف المحامين الذين يتعاطون الشأن السياسي ما حصل مع نائب المتن المحامي اوغست باخوس الذي يتحلى بروح النكتة الدائمة.
فقد كان احد المصورين يلتقظ الصور للنائب اوغست باخوس لنشرها في مجلته عندما اقترح مرافق الاستاذ باخوس اخذ صورة له وهو يتلقى اتصالاً هاتفياً. ثم قال له:
– يا استاذ سوف اطلبك من الخارج على الخط الداخلي للمكتب لترفع السماعة وتتكلم فيلتقط المصور صورة لك في هذه الوضعية. فنظر اليه الاستاذ باخوس وهو يقول ضاحكاً: وهل من الضروري ان تطلبني من الخارج؟ الا استطيع رفع السماعة لوحدي وتصويري في هذه الوضعية؟
وفي مناسبة ذكرى تأسيس احد الاحزاب القى النائب اوغست باخوس خطاباً قال فيه: ان للسلطان صدراً يجب ان يتسع له. وان على الانسان ان يعرف حجمه ويتصرف على هذا الاساس.
واضاف: ان الامباشي اذا اصبح ضابطا فإنه يتفركش بنياشينه.
في هذا المجال يخبر انه قديما احتاجت بلدية البوشرية “لعضو اختياري”، فاقترح اسم احد الاشخاص الذي كان يعمل مزارعاً. ويعد تعيينه عضواً في الهيئة الاختيارية بدأ افراد عائلته يصرخون فرحاً:”يعيش العضو، يعيش العضو. عندئذ طلب تقديم العرق لجميع المهنئين: ونكز لبادته “وقربها الى الامام ونظر الى الحضور وقال لهم:
– سبحان مين حكّمني برقاب العباد
ويبدي الاستاذ باخوس استغرابه من تصرفات بعض الناس الذين ينتقدونه لانه لم يقم بتأمين الكهرباء والمياه والهاتف. وانه قام بعدة محاولات من مراجعة المسؤولين واقامة المؤتمرات الصحفية ومع ذلك استطاع تلبية بعض الحاجات.
وفي هذ المجال يقول:”هذه القصة تشبه قصة الرجل الذي حضر مرة الى مكتبي طالباً رأيي في موضوع عدم حبل زوجته مجددا بعد ان رزق منها بولدين فأعطيته ورقة لشقيقي الدكتور رولان الذي تكلم مع طبيب مختص والذي عاين زوجته ولكن…دون نتيجة.
وبعد عدة سنوات التقيت الرجل المذكور فبادرني قائلاً:
– يا استاذ باخوس انا ضدك سياسياً ولن انتخبك مجدّداً لان زوجتي لم تحبل من جديد.
“محكمة” – الثلاثاء في 2019/4/9