القضاة والمحامون مواقف وطرائف: وكيل سيبويه.. وتلفون الاجتهادات/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
لمناسبة صدور الجزء الأوّل من كتاب القضاة والمحامون “مواقف وطرائف” كتب النقيب ريمون عيد ما يأتي:
المواقف المميزة والطرائف تدخل الفرح الى القلب، هذا الفرح الذي امرنا الله سبحانه وتعالى بأن لا يغادر نفوسنا حتى عند مواجهة الاحزان والشدائد لاننا من ابناء الرجاء والقيامة.
الاستاذ الصديق ناضر كسبار مؤلف كتاب القضاة والمحامون: مواقف وطرائف زميل عزيز على قلبي عرفته منذ سنة 83 متدرجا ناشطا مهنيا ونقابيا، في مكتب صديق كبير سبقنا الى المهنة والى تعاطي الشأن العام الا وهو النائب المحامي الاستاذ اوغست باخوس.
الاستاذ ناضر كسبار المحامي الملتزم احب مهنته وكرس نفسه لها وراح يفتش عن سيرة عظمائها، وهو سليل عائلة لها تاريخها في هذا المضمار، فلم يجد الكثير من المؤلفات في هذا المجال، فراى من واجبه ان يعود الى من تقدم عليه في المهنة ليتعرف الى بعض من تاريخها في مواقف وطرائف الكبار من رجالاتها.
وقد وفق الاستاذ ناضر كسبار في عمله، الذي استغرق سنوات طوال، فجمع باقة كبيرة وممتعة من مواقف وطرائف من سبقنا من ابناء المهنة، هذه المواقف والطرائف التي تميز المحامين والقضاة وتكشف سر نجاحهم بسبب المواقف التي كانوا يقفونها والظرف الذي كانوا يتحلون به.
ان الاقبال يوم التوقيع على كتاب الاستاذ ناضر كسبار القضاة والمحامون: مواقف وطرائف لاكبر دليل على اهمية هذا الكتاب الذي سد ثغرة لا يستهان بها في تاريخ مهنة المحاماة، هذه المهنة التي ما زالت مكتبتها تعاني الفقر بالنسبة الى حجمها وحجم رجالاتها.
اننا نتمنى للاستاذ ناضر كسبار التوفيق ونتمنى عليه ان يتابع العمل الناجح في التاريخ للمحاماة والقضاء.
* * *
وكيل سيبوبه
الاستاذ جان جلخ، نقيب محامين سابق، كان يتقن المرافعة بالعربية والفرنسية على حد سواء. وكان من ابرز العاملين في محكمة الجنايات. ذات يوم، وكان رئيس محكمة الجنايات، آنذاك سامي الصلح، ادلى الجلخ بدفاع رائع، وكان بين الحاضرين الاستاذ ميشال عقل (الذي انتخب نقيباً، في ما بعد، هو ايضاً) فاستوقفه وقال له:
اجدت، يا استاذ ولكن الضوابط (قواعد اللغة) ليتك تنتبه اليها قليلاً. فرد الاستاذ جلخ على زميله الشاب، مع ابتسامة مازحة: ليش موسوس كل هل قد ع اللغة، اي متى وكّلك سيبويه عنو؟
* * *
تلفون الاجتهادات
نادرة ثانية للاستاذ جلخ الذي كانت له كل يوم نادرة:
كان ينتظر في رواق احدى المحاكم حكماً له ارجئ اصداره الى ما بعد الجلسات، فرأى ان الانتظار قد طال، قرع باب رئيس المحكمة ودخل، فإذا رئيس المحكمة في حديث تلفوني، وكان الحديث (مع احد النافذين على الغالب) يتعلق بدعواه وبالحكم الذي ينتظر، فاعتذر وانسحب قائلاً بلهجته المعتادة: ما كنتش عارف انك غرقان بمراجعة الاجتهادات.
* * *
5 الواح خشب
يروي المحامي سامي ابو جودة ان احدهم ذهب للاعتراف امام الكاهن فقال:
– يا ابونا، لقد سرقت من عند جارنا 3 الواح خشب، او اعملهم مرة واحدة 5 الواح لانه لا يزال ينقصني اثنان.
** *
بين الشاهد والشهيد
يقول المحامي اميل عضيمي انه التقى مرة أصحاب الملك حيث اقفل مستأجر مأجوره وهاجر الى الخارج مما يستدعي تعيين خبير للاستماع الى الشهود. وعندما سأله الاستاذ عضيمي، عما اذا كان قد عين خبيراً، اجابه صاحب الملك قائلاً: لقد وفر علي المحامي اجرة خبير وطلب مني جلب ورقة من 3 شهدا (جمع شهيد).
* * *
نصري لحود: نحن حماة القضاء اذا تجنوا عليه
في حزيران 2004 كرمت رابطة قدامى القضاة في لبنان القاضي علي فران رئيس غرفة لدى محكمة التمييز شرفا باحتفال اقيم في منزله في بيروت بحضور حشد من الشخصيات السياسية والقضائية والادارية والادبية والاصدقاء يتقدمهم الرئيس نبيه بري والقضاة: الرئيس الاول نصري لحود، والرئيس الاول منير حنين، ومدير وزارة العدل الرئيس عمر الناطور، والرؤساء دنيز جبارة خوري انور الحجار، عبد الكريم سليم، محمد علي صادق، جورج معلولي، مصطفى غطيمي، مصطفى نور الدين، ونقيب المحامين السابق عصام كرم وعدد من اصدقاء القاضي المكرم ومحبيه.
وبعد النشيد الوطني القى القاضي انور الحجار كلمة الرابطة حيا فيها القاضي الشاعر علي محمود فران، ومما جاء فيها: نراه حاملا رسالة القضاء بإرادة فذة مع تواضع جم، وعلم وفير مع فكر نير، ووجدان اين منه المرآة الصافية…فإذا قوس المحكمة قدس اقداس، يعلو الحق عنده ويزهق الباطل انه كان زهوقا ونراه في محراب الكلمة نثرا وشعرا وفكرا بالغا الارقى والانقى في معراج التواصل والصفاء والتعلق بالوطن والارض ومحبة الناس، الى جانب حدب على اللغة الام ندر مثيله، وسمو بها ومعها الى الارحب والاكرم والاجمل.
وبعدها توجه الرئيس الاول شرفا لمحكمة التمييز نصري لحود رئيس رابطة قدامى القضاة بكلمة قال فيها:
دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري،
ايها الزميل الكبير، ايها المشاركون الاحباء قد يفتر العقل والذوق بعض حين، وقد يفتر الخيال والعاطفة بعض حين، ولكنه الذي لم يفتر قط، ولا نخاله يفتر في حين من الاحايين، سلطان العدل الذي ليس له فتور وزوال…تشدنا اليك اليوم ميدالية، تشرئب عجولة الى صدرك، وما ادرانا ما يضم هذا الصدر، من قلب غار كثيرا على الحق والاريحية والنخوة، التي ارتفعت بك الى قمة الانسانية، والنبل والاحترام والعدالة…وما زالت…ان حياتك الدافقة بالتاريخ المجيد، تنقلت بك من قمة الى قمة، ومن ضفة الى ضفة من بحر العلم، والعدل والاستقامة والنزاهة. فلم يأت الصدى، الا بما جاء عليه، صوت جهادك العدلي، لان العدل ما عرف القعود والتقاعد والجمود.
قال: نحن وجدان القضاء وحماته وسيفه وتراثه اذا تجني عليه…ومحاولة تقويمه اذا تلكأ او تسيس واستزلم، فبهذا الايمان اتينا اليك،وبهذا الايمان نكمل في رابطة قدامى القضاة، من اجل قضاء حازم وفاعل وسريع، من اجل قضاء عادل ومستقل وغير مكلف للمتقاضين، تتكسر عليه حراب التجني والافتراءات والتدخلات المغرضة مهما عصفت رياح او زأرت رعود.
“محكمة” – الاثنين في 2019/5/27