اللواء طوني صليبا: الإدعاء على ابراهيم “منو بمحلّو” وأمثل عند إعطاء الاذن
لا تزال قضيّة التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت والادعاءات الأخيرة التي سطّرها القاضي طارق بيطار بحقّ شخصيات سياسية وأمنية بارزة تحتل أولوية المشهد، فبعد الجلسة المشتركة التي انعقدت الجمعة في عين التينة وخلصت لطلب مستندات إضافية من القاضي بيطار ليبنى على الشيء مقتضاه أيّ لتأجيل البتّ برفع الحصانات ولاسيّما أنّ مصادر مطلعة اعتبرت أنّ هذا التأجيل هو بمثابة مماطلة وتسويف، وبعد رفض وزير الداخلية محمّد فهمي إعطاء إذن ملاحقة اللواء عبّاس ابراهيم ، وسريان معلومات عن أنّ وحدة المعايير هي التي ستسري على الجميع أيّ ما يطبّق على الأمن العام سيطبّق على أمن الدولة ولاسيّما أنّ هذا الجهاز قام بواجباته كافة ما أن علم بوجود المواد الخطرة، تتوجّه الأنظار إلى الإتجاه الذي قد يسلكه هذا الملفّ*.
وبالإنتظار يتجرأ مدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا الذي اعتاد المثول وإعطاء إفادته مرّتين في قضيّة انفجار مرفأ بيروت أن يقول بصراحة سواء في الكواليس أو في العلن ما عليه وما لديه.
“أنا معوّد”، بهذه العبارة استهل اللواء صليبا حديثه الخاص مع “الديار” التي فاتحته بردّه على موضوع الإدعاء عليه من قبل القاضي بيطار، ليضيف: “قلتها في السابق وأكرّرها أنّني مستعدّ للمثول والإستماع إليّ مرّة ثالثة وأنا دائمًا تحت سقف القانون واحترم القضاء اللبناني وإذا أعطي الإذن لملاحقتي فأنا مستعدّ”.
وين محاميك؟.. بلّش الإستجواب
لكنّ قائد جهاز أمن الدولة يستدرك ليوضح بأنّه تمّ الإستماع لإفادته وأقواله مرّتين: في المرّة الأولى بصفة شاهد، وفي المرّة الثانية على أيّام القاضي فادي صوّان تمّ إبلاغي بوجوب الإستماع إليّ بصفة شاهد إلّا أنّني تفاجأت عندما سألني القاضي:”وين محاميك؟”، فسألت: لشو المحامي ما أنا جايي بصفة شاهد” فاستوقفه هنا القاضي ليقول:”لا انت مدعى عليه روح جيب محامي”، إلّا أنّ ردّ صليبا فاجأ القاضي إذ قال:”لا بلّش الإستجواب ما بدي محامي”، فاستمع اليه وقال بوقتها : ما رح فيي اخد اجراء بحقك روح عمكتبك وهلق بنشوف».
يخبر اللواء صليبا هذه الحادثة ليسأل: إذا تمّ في السابق الإستماع إليّ كمدعى عليه ولم يتمّ توقيفي كيف يتمّ اليوم الإدعاء عليّ مرّة جديدة؟
على أيّ حال فأنا دائمًا مستعدّ لقول الحقيقة وتبيانها وضميري مرتاح.
ولكن ألن تعطى الإذن للملاحقة على غرار اللواء ابراهيم؟ نسأل صليبا، فيشير إلى أنّ ما وصله أنّ كلّ الدراسات أكّدت أنّ مسؤولية إعطاء الإذن من عدمه منوطة بالمجلس الأعلى للدفاع لا برئاسة الحكومة، لذلك فالرئيس دياب على الأرجح أنّه لن يعطي الإذن لملاحقتي.
إذا لن تمثل إلّا بعد إعطاء الإذن؟ نعم يجزم صليبا.
وهنا يحرص مدير عام أمن الدولة على التشديد على أنّ مديريته قامت بكلّ واجباتها ويكشف هنا للمرّة الأولى أنّه تابع المسألة حتّى النهاية وأنّه أبلغ الرئيس حسان دياب بأنّ المواد الموجودة خطرة جدًّا، لكن هناك من أبلغه أنّها أسمدة زراعية.
مع الإشارة إلى أنّ الرئيس دياب كان أقرّ بمقابلة مع الإعلامي ريكاردو كرم أنّ اللواء صليبا أبلغه بخطورة المواد وقال إنّ شخصًا آخر قال له إنّها أسمدة زراعية.
هل كنت تتوقّع أن يتمّ الإدعاء عليك من قبل القاضي بيطار؟ على هذا السؤال يردّ صليبا بالقول:”كنت أتوقّع أن يطلب مني عند استلامه الملفّ تقديم المذكّرة التي كنت أعددتها لإبطال الإستجواب، أمّا اليوم فقد أبطل الإستجواب تلقائيًا لأنّ الإدعاء عليّ تمّ بلا إذن.
إذا كان كلّ فريق يتنصّل من المسؤولية فمن يتحمّل مسؤولية ما حصل؟ ومن تعتبره معنيًا أكثر بالملفّ، هنا يجيب صليبا بالإشارة إلى أنّ نوعية المواد واضحة وضوح الشمس وهي تخضع لقانون الأسلحة والذخائر الذي يحذّر من مواد الأمونيوم التي تزيد خطورتها عن الـ30 بالمئة ولا يمكن إدخالها إلى المرفأ من دون قرار مجلس الوزراء، يقول صليبا.
عن طلب ملاحقة زميله مدير عام أمن الدولة اللواء عبّاس إبراهيم سألنا اللواء صليبا، فردّ الأخير سريعًا:”هالادعاء منو بمحلّو كمان” لكن هل تواصلت مع ابراهيم مؤخّرًا؟
طبعًا تحدّثت معه يقول صليبا وذلك قبل الإدعاء علينا بأسبوع ، وهو كان بجوّ أنّه قد يتمّ الإدعاء عليه وهو أصلًا كان متفاجًئا بما حصل عندما تمّ إخلاء سبيل ضابط في الأمن العام، فيما أبقي على الضابط الثاني قيل إنّه مسؤول عن المعابر. وهنا سألني اللواء إبراهيم: معقول هالظلم شو بدنا نعمل؟ فقلت له:”أنا تعوّدت” ممازحًا.
يؤكّد اللواء صليبا الذي كان التقى رئيس الجمهورية ميشال عون عندما تمّ طلب الإستماع إليه في المرّة الأولى أنّه أكّد لعون أنّه في حال ثبتت أيّة مسؤولية على مديرية أمن الدولة فهو جاهز لتحمّلها شخصيًا.
وهنا تكشف معلومات “الديار” أنّ الرئيس عون أكّد لصليبا أنّه قام بواجبه.
وفيما رفض صليبا الكشف عمن تواصل معه بعد طلب الملاحقة والإدعاء عليه ؛ أكّدت مصادر بارزة أنّ التواصل بين صليبا ورئيس الجمهورية حصل بالأيّام القليلة الماضية .وهنا تشير معلومات “الديار” إلى أنّ الرئيس عون أكّد أنّ وحدة المعايير هي التي ستسري على الجميع، كما أنّه لن يقبل أن يكون هناك كبش محرقة في قضيّة فيها أرواح شهداء وأهالي”.
حتّى أنّ معلومات “الديار” تفيد بأنّ رئيس التيّار الوطني الحرّ جبران باسيل وهي من المرّات النادرة التي يجري فيها اتصالات بأمنيين، تواصل بحسب معلومات “الديار” مع اللواء صليبا بالأيّام القليلة وشدّد، بحسب مصادر مطلعة، على أنّه لم ولن يتدخّل بعمل القضاء، لكنّه يعلم تمامًا أنّ عمل المديرية العامة لأمن الدولة لا غبار عليه، مشدّدًا على أنّه لن يبقى صامتًا عن الظلم.
هذا الظلم يراه اللواء صليبا واقعًا وهو ينطلق من واقع أنّ كلّ الأجهزة من جمارك وجيش وأمن عام أنجزت تقارير إلّا مديرية أمن الدولة التي كانت الوحيدة التي قامت بمحضر عدلي، ليسأل: كيف تكون هي إذا المدعى عليها ولاسيّما أنّه في 2020/6/3 كانت كلّ إجراءات أمن الدولة متخذة فحصل الإنفجار بعد شهرين.
لا يهرب مدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا من المسؤولية، فرغم أنّ أمن الدولة قام بكلّ ما هو ضمن إطار صلاحياته، يقول:”طبعًا أنا أتحمّل مسؤولية معنوية وقد يكون حظّنا سيّئًا لكنّ ضميري مرتاح”.
وعن تحذير أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله من تسييس الملفّ وعن الشعور بالإستهداف السياسي الذي يشعر فريق معيّن أنّه يطاله بتحقيقات انفجار المرفأ، سألنا قائد جهاز أمن الدولة ، ليردّ بالقول: نعم نشعر بأنّ هناك اتجاهًا لتوجيه الإتهام باتجاه معيّن، ويشير هنا إلى أنّ تحويل القضيّة إلى المجلس العدلي يعني أنّ هناك جرائم جناية حصلت، فيما الإهمال يعتبر جنحة لا جناية، إلّا أنّ كلّ الأسماء التي ذكرت وطلبت تدور حولها شبهات بإهمال لا جناية لذلك نتوجّس من تسييس الملفّ.
ليختم بالقول: على أيّ حال إذا صدر الإذن بملاحقتي، فأنا مستعدّ لكنّني لن أمثل بلا إذن ملاحقة!
المصدر: جريدة الديار، حوار جويل بو يونس.
“محكمة” – الأحد في 2021/7/11