اللواء عثمان يردّ على الإفتراءات: المحامي اعتدى علينا ومنزلي مرهون للإسكان و”مسمار” أمّن فرار سجناء”بعبدا”
ردّ المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان على الإفتراءات والتهجّمات التي طاولته وطاولت المؤسسة الأمنية مؤخّرًا، في حديث شامل لمجلّة “الأمن” أجراه رئيس التحرير العقيد الركن شربل فرام الذي قال:”نلتقيك اليوم، لتبيان حقائق ينتظرها اللبنانيون بمواجهة كلّ من يشكِّك بمؤسّستنا الأمنية التي تحمل أوّلًا وأخيرًا هَمّ الإنسان في لبنان”. وجاء الحوار على الشكل التالي:
س: لبنان، ومنذ أكثر من سنة يعيش أوضاعًا صعبة على كلّ المستويات، خصوصًا على المستوى المعيشي والإجتماعي والإقتصادي، ما هي رسالتك التي تتوجّه بها إلى المسؤولين من أجل إنقاذ لبنان، بعيدًا عن الحسابات الحزبية والطائفية، والذي بات مهدّداً بالزوال إذا صح التعبير؟
ج: بدون أدنى شكّ، لبنان يعيش أزمة حادّة لم يشهد مثلها منذ تأسيسه. لكن علينا أن نتفاءل دائمًا ونتطلع بآمال كبيرة ونقوم بما يجب علينا القيام به متكاتفين من أجل إنقاذ وطننا.
نحن في قوى الأمن الداخلي نعمل جاهدين للحفاظ على الأمن بمختلف جوانبه ضمن قدراتنا الأمنيّة التي نسعى باستمرار إلى تطويرها. وطبعًا، ننتظر الكثير من السياسيين، الذين عليهم بذل الكثير من الجهود والتضحيات لتأمين الإستقرار السياسي والذي يؤثّر من دون أدنى شكّ على استقرار الوضع الأمني والإقتصادي.
ويبقى ذلك رهنًا بقيام حكومة جديدة لإنقاذ البلد من الأزمات الكثيرة والكبيرة التي يعيشها، وهذا يتطلّب اتحادًا حقيقيًا بين المسؤولين للعمل معًا، من أجل إيجاد الحلّ السريع الذي ينقذنا من الأزمات الخانقة التي نعيشها كلّنا منذ أكثر من سنة. إنّ اللبناني يعيش أوضاعًا صعبة إقتصاديًا ومعيشيًا وإجتماعيًا وصحيًّا. فسنة 2020 كانت سنة صعبة على اللبنانيين وننظر إلى السنة المقبلة، بإذن الله، لتكون سنة الحلول، والخروج من المأزق الذي نعيشه، خصوصًا من أزمة جائحة كورونا التي تفرض علينا جميعاً التأهّب لمواجهتها.
وللأسف لبنان يعيش اليوم في عُزلة فُرضَت عليه وهو الذي اعتاد الإنفتاح والتواصل. نعم واقعنا أليم، وأليم جدًّا إذا لم نجد كما قلت، الحلول المطلوبة سريعاً للنهوض. وعلى الجميع أن يعوا خطورة ما نعيشه في لبنان.
س: ما هو ردّك على حملة التّجني التي شُنَّت على قوى الأمن الداخلي، بعد الإشكال الذي حصل مع محامٍ متدرِّج في الرملة البيضاء؟
ج: لا أريد اعتبار ذلك حملة علينا كمؤسّسة أمنيّة. ولكن باستطاعتي وصف ما يحصل علينا، أيّ على المؤسّسة، من إساءات بأنّه “غريب عجيب” ويثير التساؤلات.نحن نقوم بدورنا الأمني على أكمل وجه في حماية الناس وحفظ أمنهم ونعمل من دون كللٍ أو ملل بمواجهة المجرمين والإرهابيين والمخلّين بالأمن ونتّخذ الإجراءات اللازمة بحقِّهم ضمن الأطر القانونية.
لكن وللأسف، هناك من يطيب لهم التهجّم، ولأسباب نجهلها، على مؤسّستنا المتميّزة بنجاحها الأمني، وهم يتمادون في التعدّي علينا بشتّى الوسائل. وأنا أتساءل كما الكثير من اللبنانيين، لماذا تشكيك هذا “البعض المُغرِض” بما نقوم به دائماً وتصويره بشكل مُجتزأ لكي يتمكّنوا من كيل الإفتراءات علينا وبشكل جنوني في حين لا نسمع أصواتهم أو آراءهم عندما نتصدّى لأكبر العمليات الإرهابيّة التي تهدّد سلامة لبنان من مكافحة تجسّس وإحباط عمليات تفجير أو كشف شبكات إرهابية وتوقيف المجرمين الخطرين الضالعين بتلك الجرائم!!!
توقيف محام متدرّج
في هذا الإطار، عندما قام أحد عناصرنا بتوقيف محامٍ متدرّج يخالف القانون، ولن أدخل هنا في تفاصيل الأوراق الثبوتيّة والقانونيّة للسيّارة. وهو، أيّ المحامي المتدرّج، يخالف القرار الإداري الموكل إلينا تنفيذه ولسنا نحن مَن يتخذه. نحن لدينا الفيديو الذي يُظهر كيف اعتدى المحامي على هذا العنصر الذي يقوم بواجبه، وقام بضربه وكلّ مَن كان في المكان شاهد كيف ضرب المحامي العنصر الأمني. ومع كلّ ما اقترفت يداه صعد إلى سيّارته وكأنّ شيئًا لم يحصل، معتبرًا أنّ لديه حصانة إذا اعتدى على عنصر أمني أراد القيام بواجباته. فهل هناك حصانات في الدولة عند الجرم المشهود؟ طبعًا، لا حصانات على أيّ شخص في حالة الجرم المشهود.
هناك مَن قام بعرض صور مجتزأة للحادثة مبيّنًا فيها عناصر قوى الأمن الداخلي يسحبون المحامي المعتدي على رجل الأمن من السيّارة. فهل شاهد أحد عنصرًا أمنيًا يضرب المحامي؟!
طريقة التكبيل موجودة في العالم كلّه، وقد تعلّمنا ذلك في المعهد وعلّمنا العناصر كيف يتمّ توقيف أيّ معتدٍ وتكبيله تفاديًا لاستعماله يديه. طبعاً، رأينا عناصر عدّة مجتمعين حوله أثناء توقيفه. هذه هي حقيقة ما حصل. نحن لم نعتدِ على المحامي بل هو من اعتدى علينا. ونحن أعطينا لمجتمعنا البراهين الدامغة لكلّ مَن يحاول أن يتهجّم على قوى الأمن الداخلي على مواقع التواصل الإجتماعي. ولكن هناك من يصرّ على التطاول علينا في حين أنّه على جميع اللبنانيين الوقوف إلى جانب المؤسّسات الأمنية التي تقوم بحفظ أمنهم، وكأنّ هناك برمجة دنيئة من بعض الحاقدين على مؤسّستنا للنيل منها وإلحاق الضرر المعنوي بها، لهؤلاء أقول لهم خسئتم، ولن تنالوا مُرادَكم ولن يستطيع أناس مأجورون أمثالكم التأثير سلبًا علينا، حاملين شعار: “إكذب إكذب حتّى يصدّقك أحدٌ ما”.
عرس نجلي
كلّ ما يُحكى عن قوى الأمن وعني شخصيًا، بالتأكيد هو كذبٌ وافتراء. وأنا أتحدّى أيّ إنسان إثبات ما يتهمّني به. ومثلاً لمن يسأل عن منزلي، أقول: إسألوا الإسكان العسكري. وهم يعرفون أنّ منزلي مرهون لمصلحة الإسكان العسكري.
وحول ما يثار بشأن عرس نجلي، أعتبره شيئًا مضحكًا. فليتقدّم من يشاء بشكوى إلى القضاء بما لديه معلومات، فأنا ليس لديّ ما أخفيه وليتحمّل عندئذٍ كلٌّ مسؤولياته القانونية.
أنا لن أهتمّ بما أتعرّض له شخصياً، كلّ ما يهمّني ألّا تتعرّض المؤسّسة للأذى والإتهامات الباطلة. نعم مصلحة الناس هي من مصلحة المؤسّسة. ومهما نُشر على مواقع التواصل الإجتماعي فلا بدّ أن تظهر الحقائق.
س: هل تعتقد أنّ هناك حملة مبرمجة لضرب المؤسّسات الأمنية والعسكرية بعدما تمّ ضرب المؤسّسة المصرفية؟! وما هو ردّك على هذه الحملة التي أُثيرت حول الضبّاط والعسكريين المرافقين لهم؟
ج: طبعًا، هناك أخطاء ولو لم تكن هناك أخطاء، لما كانت العقوبات. كلّ خطأ يرتكبه أحد عناصر المؤسّسات الأمنية، تُفرض عقوبة بحقّه. إنّما الملاحظ أنّ الهجوم على المؤسّسات الأمنية يرتكز على خطأ فرد من أفرادها. فلا يجوز اتهام المؤسّسة إذا ارتكب أحد من عناصرها خطأ، المؤسّسات العسكرية والأمنية تقوم بدور كبير وجبّار. نعم عندما نخطىء لدينا الجرأة لنقول إنّنا أخطأنا. عندما يرتكب أحد العناصر جريمة نقوم بنشرها بكلّ شفافية في الإعلام، كما ننشر جريمة ارتكبها أيّ مدني. عنصر الأمن هو من الناس وهو ابن هذا الوطن وبيئته. ممكن أن يخطئ وممكن أن يصيب.
خطأ كبير الهجوم على المؤسّسات. لا يجوز التهجّم على مؤسّساتنا. هذه جريمة بحقّ الوطن. لأنّ الاعتداء على هذه المؤسّسات هو اعتداء على الوطن.
السجون و”كورونا”
س: الأنظار متجهة إلى السجون في ظلّ جائحة “كورونا”، ما هي الإجراءات المتخذة لحماية المساجين من هذا الوباء؟
ج: تجتمع بشكل دائم في المديرية، لجنة الطوارىء لرفع حالة التأهّب في السجون اللبنانيّة، وهي تضمّ ضبّاطًا من الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام ومندوبين من وزارة الصحّة ومن منظّمة الصحّة العالمية والصليب الأحمر الدولي وممثّلين عن نقابات وهيئات معنيّة بالإنسان وصحّته وحقوقه، من أجل معالجة موضوع كورونا في السجون وبكلّ جدّية.نحن نعامل السجين كأنّه عنصر من العناصر الأمنية والعسكرية، لا بل نعامله، بشكل أفضل.
أنا لا أدعو لإطلاق سراح السجين والعفو عنه. ولكن عليّ أن أعامله المعاملة الصحّية (الطبّية) الجيّدة واللائقة، من دون أن ننسى أنّنا نؤمّن له التغذية من ميزانية قوى الأمن، في حين أنّ تغذية عناصر قوى الأمن الداخلي هي على نفقتهم الخاصة وليست على حساب الدولة.
كلّنا يعرف أنّ أوضاع عناصر قوى الأمن أو عناصر كلّ المؤسّسات العسكرية والأمنية، في ظلّ الأوضاع الحالية التي نعيشها في لبنان، باتت سيّئة معيشيًا وإقتصاديًا.كلّ الشعب اللبناني يعاني من أوضاع معيشية سيّئة، وهذا لا يُخفى على أحد في ظلّ التراجع المخيف لسعر الليرة اللبنانيّة.
المشكلة في النظارات
إنّنا نعامل السجين بكلّ الوسائل والإمكانيات المتاحة، وإصابة المساجين بالكورونا مضبوطة ومحصورة بشكل جيّد إنّما المشكلة تكمن في النظارات أكثر مما هي في السجون.
فالنظارة التي تتسع لثلاثة أشخاص، نضطرّ لوضع أكثر من عشرة موقوفين فيها. وهذا بالطبع إجراء غير إنساني. وهذا ما يحصل، أيضًا، في نظارات قصور العدل. فهناك اكتظاظ هائل في عدد المساجين والموقوفين.
فرار سجناء عدلية بعبدا
س: ما هي حيثيات فرار السجناء من نظارة قصر عدل بعبدا، وعلى مَن تقع المسؤولية، وما هو جديد هذه القضية، وهل هو خطأ بشري طبيعي أم عمل مقصود؟
ج: هناك إهمال وخطأ بشري، لا بل هناك خطأ رقابي، ولم تُظهر التحقيقات أيّ تواطؤ. فالمعنيون في هذه القضيّة ما زالوا قيد التحقيق العدلي لتحديد المسؤوليات. على الصعيد المسلكي، قمت بفصل الضبّاط المعنيين بأمن النظارة من مراكزهم. وعلينا ألاّ ننسى أنّ الذين كانوا في السجن هم خبراء في السرقة واستطاعوا فتح قفل الباب بواسطة مسمار بطريقة محترفة. وكان على العنصر المولج حماية السجن الإحتفاظ بالقفل وعدم تركه في مكانه عندما يخرج الموقوفون للنزهة. التحقيقات مستمرّة لجلاء الحقيقة كاملة. وتجدر الإشارة إلى أننا أعدنا توقيف /42/ فارًا ونحن مستمرّون في ملاحقة الباقين وعددهم إثنان وعشرون.
تطويع عناصر
س: ما هي المشكلة المباشرة التي تواجه قوى الأمن حاليًا، وهل النقص في العديد يشكّل أعباءً إضافية في تنفيذ المهام؟
ج: هنا أريد التطرق إلى هذا الموضوع الأساسي الذي يتعلق ببنية قوى الأمن. وسأتحدّث بصراحة مطلقة، فمنذ سنتين وأنا لم أتوقّف يومًا عن المطالبة من أجل تطويع عناصر جدد وضمّهم إلى ملاك المؤسّسة. هناك مَن يعتقد أنّني أنا من أقف وراء عدم إصدار النتائج وأخذ الناجحين منهم!! أوضح اليوم أننا نحن من طالب بإجراء دورة تطويع عناصر جدد بسبب النقص والتناقص المستمر في عديد قوى الأمن. فكلّ سنة يحال إلى التقاعد على السنّ القانونية ما بين 800 إلى ألف عنصر.
إلى متى نستطيع تحمّل أعباء الأمن في كلّ لبنان وحماية الناس وعديدنا يتضاءل سنة بعد سنة، وهو الآن بحدود 25 ألفًا. وطبعًا مع الأزمة الإقتصادية الحادّة التي نمرّ بها، بِتنا نواجه مشاكل مادّية مختلفة تتعلّق بطبابة العناصر وفي تأمين الأعتِدة وصيانتها وغير ذلك من مشاكل كلّها تساهم في زيادة الأعباء .
حماية سياسيين
س: هل صحيح ما يُقال عن وجود حوالى ألفي عنصر من قوى الأمن الداخلي يتولّون حماية شخصيات سياسية وغير سياسية؟
ج: هذا غير صحيح، هناك أكثر من900 عنصر كانوا موضوعين منذ سنوات بتصرّف شخصيات وهم مفصولون إلى أمن الدولة. وليس صحيحًا أنّ هناك 2000 عنصر من قوى الأمن الداخلي يتولّون حماية الشخصيات، إذ يوجد حوالي 350 عنصرًا من مؤسّستنا فقط يقومون بهذه المهمّة، وهذا العدد قبل أن أتسلّم مهامي كمدير عام. وأنا لا أتحمّل اتخاذ قرار سحب هؤلاء العناصر من حماية الشخصيات. هذا قرار يجب أن يُتخذّ على مستوى أعلى وليس من قبل مدير عام قوى الأمن الداخلي. إنّ القيادات الكبيرة في لبنان معرّضة للخطر وأنا لست مضطرًا لتحمّل أيّة مسؤولية بسحب عناصر الحماية.
وبالعودة إلى عديد المؤسّسة، أقول إن الأمن هي “فكرة”. ولقد وضعنا في خطّتنا الإستراتيجية: “معًا نحو مجتمعٍ أكثر أمانًا”. ولست أنا وحدي مَن يريد قيام مجتمع آمن بل كلّنا يريد ذلك. وبالتالي فإنّ القناعة الأمنيّة هي قناعة مجتمع. فعندما يحترم الناس رجل الأمن العدد لا يعود مهمًا. الأمن هو قناعة مجتمعية وثقافة وطنية. وإذا سادت السرقة والفساد ماذا بإمكاننا أن نقوم به؟!! الأمن بحاجة إلى قرار ذاتي يتخذّه كلّ مواطن وكلّ فرد من المجتمع. على المواطنين أن يعملوا متكاتفين معنا من أجل الأمن وليس كما يفعل البعض المُغرِض حين يقوم برمي الإتهامات والإفتراءات والإنتقادات غير المُحقّة من دون تقديم أية إثباتات ضدّ مؤسستنا. فهذا الأسلوب لا يبني وطنًا.
القرار الإداري
س: كيف تقيّم دور قوى الأمن في تنفيذ القرار الإداري المتعلق بالإقفال العام لمواجهة جائحة كورونا؟
ج: نحاول بكلّ إمكاناتنا مواجهة هذه الجائحة بالتعاون مع البلديات والسلطات الإدارية في تنفيذ القرار الإداري بالإقفال للحدّ من انتشار الفيروس، وعملنا على إفهام المواطنين بأنّ عليهم أن يتحلّوا بالمسؤولية الملقاة عليهم لحماية أنفسهم. فمحضر الضبط لن يمنع انتشار الوباء إذا لم يلتزم الناس بالإجراءات الوقائية. مكافحة كورونا بحاجة إلى قناعة ذاتيّة لدى كل منّا. ويعتقد معظم المواطنين أنّ غايتنا تنظيم محاضر ضبط بحقّهم ويتناسون أنّ تسطير محاضر الضبط يعرّض عناصرنا لخطر الإصابة. عندما نضطرّ لتسطير 116 ألف محضر ضبط حتّى الآن بسبب مخالفة إجراءات التعبئة المتعلقة بجائحة كورونا، فهذا أكبر دليل على عدم رغبة بعض الناس بالإلتزام بالإجراءات الوقائية، وعدم تقديرهم للخطورة التي يمارسونها بحق أنفسهم وبحق غيرهم، ونحن بالتالي نحاول حمايتهم من هذا الوباء. وقد قمنا بتوزيع عشرات الآلاف من الكمامات على المواطنين. كما قمنا بحملات توعية كثيرة عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.
وهذا الموضوع إذا استمرّ على النحو نفسه سيساهم بانتشار الوباء بشكل يخرج عن السيطرة وعندئذٍ مخالفة الإجراءات ستشكل جنحة بدلاً من اعتبارها مخالفة ولكن هذا الشيء طبعاً بحاجة إلى مشروع قانون.
س: بتاريخ 18 تشرين الثاني 2020 أصدرتم تعليمات تحمل الرقم 293 حول موضوع أصول وقواعد توقيف الأشخاص إداريًا، من قبل قطعات قوى الأمن الداخلي المعنيّة. وتتناقل بعض وسائل الإعلام أنّ هذه المذكّرة أثارت حفيظة القضاء لمخالفتها أصول المحاكمات الجزائيّة. فما هي حيثية إصدار هذه التعليمات، وما هو ردّك على ما أُثير؟
ج: كما سبق وذكرت أنّنا عرضةً لاتهامات وافتراءات مغرضة من قبل البعض الذي بات معروفاً بالتشكيك بأدائنا المتميّز في تطبيق القوانين والنصوص وهناك مَن يتهمنا بأنّنا ميليشيات. سامحهم الله.
المغفور له المرحوم الرئيس فؤاد شهاب كان يقول دائماً: العودة إلى الكتاب. تعليماتنا استندنا فيها إلى النصّ القانوني. وإن كان هناك من لا يعجبه ما هو مكتوب في القانون، فليغيّره. القانون واضح في هذا الشأن ويقول: يمكن لرجال قوى الأمن الداخلي اللجوء إلى التوقيف الوقائي ذي الطابع الإداري، عندما يشكّل ترك الشخص طليقًا خطرًا على نفسه وعلى الغير، كمن كان في حالة السكر الظاهر أو ما شابه أو في سبيل التثبت من وضع الشخص المشتبه به أو المشكوك في صحة هويته، وهذا التوقيف يجب ألاّ يستمرّ أكثر من 24 ساعة. هذا موجود بالنصّ القانوني.
إنّ مدير عام قوى الأمن الداخلي يقوم بإصدار التعليمات من أجل توحيد الأداء في العمل فنحن مؤسّسة ضمن الدولة ولسنا ميليشيات وهذا ما يميّزنا. وأنا كمدير عام من واجبي وصلاحيتي أن أنظّم العمل وأعمل على مراقبة تنفيذه ومحاسبة من يقوم بمخالفة الأوامر والتعليمات المبنية على القوانين. أما بالنسبة إلى التوقيف الإداري، وهذا الكلام موجّه إلى عناصر قوى الأمن الدّاخلي وليس إلى المجتمع، فهي ليست رسالة في هذا الوقت كما اعتبرها البعض، إنّما هي محض تعليمات عسكريّة دائمة وليست مؤقتّة أو ظرفيّة. أنا أردت من هذه التعليمات تنظيم العمل بطريقة صحيحة حتّى لا يصير تعدٍ على حقوق الإنسان. وما أقوم به هو من أجل حماية حقوق الإنسان لتفادي الإستنسابية في التوقيف الإداري والفوضى في القرارات وهذا عكس ما يُقال ويُكتب زيفًا وبهتانًا.
هنا تكمن مشكلة عدم فهم القوانين عند البعض، وتنطبق عليهم القاعدة القانونيّة الأساسيّة التّي تنصّ على أنّه لا يمكن لأحد التذرّع بجهل القانون. وهذا الإجراء الإداري هو من صلب عمل قوى الأمن الدّاخلي، ولم تتوقّف يومًا عن استخدامه وفقًا للمادّة 217 من القانون رقم /17/(تنظيم قوى الأمن الدّاخلي). وأضيف أنّ هذه التّعليمات كرّست حقوقًا وضمانات لم تنصّ عليها المادّة القانونيّة المذكورة كحقّ الشّخص الموقوف إداريًّا الإتصّال بأحد أفراد عائلته أو معارفه، والإستعانة بمترجم محلّف، وعرضه على طبيب، الخ… وهذا التدبير يسمح لنا بمتابعة أوضاع المجرمين الخَطِرين والمُشتبه بتورطّهم بالإرهاب، بالإضافة إلى متابعة ومراقبة الموقوفين السابقين بقضايا إرهاب بعد إطلاق سراحهم للتثبّت من عدم ممارستهم أيّة أعمال مشبوهة، وهذا طبعًا كلّه لا يستدعي تنظيم محضر عدلي إنّما يدخل ضمن مهام الضّابطة الإداريّة المكلّفين بها قانونًا، ممّا ينعكس إيجابًا على تسهيل عمل القضاء في حال ثبوت تورّط المشتبه به بأعمال إجرامية أو إرهابية وبالتالي عدم إنهاك القضاء في باقي الحالات بملّفات ومتابعات، قد لا ترتقي إلى مستوى الجريمة.
في الختام أقول، إن أمن الناس هو ما يهمني وأعمل له بكلّ ما قدرّني به الله. ولكنّ التهجّم على قوى الأمن الداخلي ممنوع. وبكلّ صراحة أقول: لا أخشى التهجّم عليّ شخصيًا وأقول لمن يريد التطاول على مؤسّستنا، قوى الأمن الداخلي ليست عماد عثمان. فمن يريد الهجوم على عماد عثمان عليه ألاّ يتهجّم على المؤسّسة. فالمؤسّسة هي التي ستبقى وهي ملك لجميع المواطنين. وأنا مارٌ فيها كما مرّ فيها غيري. مَن يريد التهجم علي شخصيًا عليه بالقضاء وأنا جاهز. وللجميع أقول: لدينا مسؤوليات كثيرة وكبيرة ليبقى لبنان.
“محكمة” – الأحد في 2020/12/6