المادة 47 أ.م.ج إختيارية للمواطن وإلزامية للقضاء وللضابطة العدلية/رالف طنوس
المحامي رالف حاتم طنوس*:
بتاريخ 2020/10/22 نشر القانون رقم 191 في الجريدة الرسميّة العدد 41 والذي يرمي إلى تعزيز الضمانات الأساسيّة وتفعيل حقوق الدفاع للمشتبه بهم أو المدعى عليهم أو الموقوفين أو حتّى المشكو منهم.
وقد صدر هذا القانون بعد تعرّض عدد كبير من اللبنانيين للتعذيب والإكراه والضغط خلال التحقيقات الأوليّة.
وعلى أثر هذه الأفعال، تدخّلت نقابةُ المحامين في بيروت في عهد النقيب ملحم خلف، وعددٌ من النواب ووضع التعديل الحالي الجديد لنص المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وتشكلت لجنة متابعة تطبيق نص المادة 47 أ.م.ج ووضعت بنود التعديل حيّز التنفيذ واستكمل هذا المجهود في عهد النقيب ناضر كسبار فتمّ توقيع اتفاقية تعاون معUNDP وتم افتتاح المركز الذي يلبّي حاجات المحامين والمواطنين 24 ساعة في اليوم دون انقطاع وبشكل مجاني حيث وصل عدد المتطوعين إلى ١٥٣ محامياً بعد أن تم تنظيم ورشة عمل منذ حوالي السنتين في بولونيا بدعم وهمّة النقيب فادي مصري واللجنة النقابية ويومها كان عضو مجلس نقابة، فتطوّع خلالها حوالي 110 محامين وتم تدريبهم على أصول تطبيق المادة ٤٧ وقد وقّع المتطوعون كافة مدوّنة سلوك تمنعهم من تقاضي أي أتعاب أو مبالغ مالية أو هدايا أو التوكل بعد اختتام التحقيقات الأولية بأي شكل من الأشكال.
وعليه، بتاريخ 2023/8/22 صدر تعميم عن حضرة المدعي العام التمييزي شدد فيه على إجراء ما يلزم لتطبيق المادة ٤٧ أ.م.ج. والسماح بحضور محام التحقيقات الأولية في كل الملفات دون استثناء وتعليق اللوحات الجديدة المتضمنة نص المادة ٤٧ أ.م.ج.. وتمّ فعلاً تعليقها في كافة مراكز قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني وأمن الدولة تتضمن الخط الساخن 477947/03 ومترجمًا الى ثلاث لغّات.
والأهم أن لجنة نقابة المحامين في بيروت منذ لحظة إنشائها في العام 2020 قامت بعمل جبّار وصعب وهي تشرف على حسن تطبيق التعديل الجديد ومؤازرة المحامين الوكلاء الخاصّين بهم وتسهيل عملهم، وتأمين حضور محامين متطوعين دون أي مقابل للأشخاص غير القادرين مادّياً على توكيل محام.
وإن أهم ما ورد في التعديل الجديد أنّه يحق للمشتبه به أو المشكو منه الإمتناع عن الكلام والتزام الصمت ولا يجوز إكراههم على الكلام. كما يتمتع الموقوف أو المشتبه أو المشكو منه وفور احتجازه بالإتصال بمحام يختاره وبأحد أفراد عائلته أو شخص يختاره، أيّ أنه يحق له بإجراء إتصالين وفور احتجاز حريّته وليس لدى البدء بالإستماع الى إفادته، كما يحق له تعيين وتوكيل محام على المحضر دون الحاجة الى وكالة منظمة لدى الكاتب العدل.
المقابلة والخلوة: يحق للشخص المحتجزة حريّته إجراء خلوة سريّة مع محاميه مدتها ثلاثون دقيقة ويدوّن هذا الإجراء على المحضر وذلك بسرية تامة.
مهلة الساعتين : يمنح المحامي مهلة ساعتين منذ لحظة الإتصال به والطلب منه حضور التحقيق الأولي. وفي حال تأخره يحق للقائم بالتحقيق المباشرة وينضم المحامي إلى التحقيق من المرحلة التى وصل إليها ولا يحق له التدخل بالتحقيق بأي طريقة، وأعطاه القانون عند الإنتهاء من الإستماع إلى أقوال موكله طرح الأسئلة المناسبة والمتصلة حصراً بموضوع التحقيق .
كما وأن التعديل الجديد طلب السرعة في الإستماع إلى أقواله والإستعانة بمترجم محلّف وعرضه على طبيب شرعي في حال دعت الحاجة.
تسجيل الإستجواب: إن الأوضاع الإقتصادية التي مرت وتمر بها البلاد حالت دون إمكانية تنفيذ هذا البند الأساسي، وتم استثناؤه في الوقت الراهن. ويتم العمل حالياً مع الجهات الدولية المانحة لتجهيز غرف التحقيق في كافة مراكز الأجهزة الأمنية.
هل أن هذه المادة إختيارية أم إلزامية؟
السؤال الأول والرئيسي في محضر التحقيق الأولي هو : هل ترغب بالإستفادة من حقوقك المنصوص عنها في المادة ٤٧ أ.م.ج.؟
ما يعني أن هذا الحق هو إختياري بالنسبة للمواطنين. ففي حال كان الجواب نعم أرغب. يحق له بحضور محام التحقيق الأولي معه. أما في حال كان جوابه كلا لا أرغب، فيتم المباشرة بالتحقيق الأولي معه دون حضور محام معه، ولكنه يستفيد من باقي حقوقه، أي الصمت، والإتصال بشخص يختاره أو مترجم أو طبيب شرعي وغيرها.
إن دور اللجنة النقابيّة هو نشر الثقافة الجديدة، وحثّ كافة المواطنين على الجواب” نعم أرغب”. وتطلب من كافة المحامين الطلب من موكليهم في حال أدخلوا قبلهم الى أي مركز أمني، أن يتم استدعاؤهم فور افتتاح المحضر والإصرار على حضور ودخول وكيله القانوني وعدم التراخي بهذا الخصوص كونه لا يمكن للمحامي اتخاذ القرار نيابةً عن موكله. ويكون هذا الأخير هو صاحب القرار منفرداً. وفي حالة الإيجاب تصبح الضابطة العدلية ملزمة باستدعاء المحامي دون أي تردّد أو استثناء حتى من قبل النيابة العامة.
وأخيراً، لا بد من الإشارة الى دور النقيب فادي مصري الصارم والجدّي بضرورة تطبيق النص الجديد بحذافيره دون أي نقصان، وبدعم مجلس النقابة الكامل لكافة الأعمال والأمور اللوجستية والتطبيقية التي تسهّل عمل اللجنة وحرصه على تنفيذ إتفاقية التعاون من منظمة UNDP وحماية حقوق الانسان.
* بتاريخ 2025/1/7 و2025/1/13 نظمت لجنة متابعة تطبيق نص المادة 47 أ.م.ج. ورشتي عمل في الطابق الأول من بيت المحامي وذلك بحضور المحامي العام الإستئنافي في جبل لبنان القاضي نازك الخطيب وممثلين عن كافة الأجهزة الأمنية وثلاثين محامية ومحامياً، ألقى خلالها رئيس اللجنة المحامي رالف حاتم طنوس كلمته المنشورة أعلاه، والتي كان عنوانها الرئيسي مراحل تعديل نص المادة 47 الجديد وشرح إشكاليتها الرئيسية كونها إختيارية للمواطن والزامية للقضاء والضابطة العدلية.
“محكمة” – الأربعاء في 2025/2/19