المجلس الدستوري يبطل كلّيًا قانون تمديد ولاية أعضاء مجلس القضاء الأعلى وسن تقاعد النائب العام التمييزي والنائب العام المالي
أصدر المجلس الدستوري قرارًا قضى بإبطال القانون رقم 2024/327 تاريخ 2024/12/4 والمتعلّق بتمديد ولاية أعضاء مجلس القضاء الأعلى والنائب العام التمييزي والنائب العام المالي، إبطالًا كلّيًا لمخالفته أصول التشريع ومبدأ وضوح المناقشات البرلمانية ذا القيمة الدستورية والضمانات الدستورية المنصوص عليها في المادة 20 من الدستور لجهة عدم استطلاع رأي مجلس القضاء الأعلى ومبدأ استقلالية القضاء ومبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة 7 من الدستور والفقرة “ج” من مقدمته ومبدأ الفصل بين السلطات.
وحمل القرار تواقيع رئيس المجلس الدستوري والأعضاء القضاة طنوس مشلب، عوني رمضان، أكرم بعاصيري، ألبرت سرحان، رياض أبو غيدا، فوزات فرحات، ميشال طرزي، الياس مشرقاني، وميراي نجم فيما تغيّب القاضي عمر حمزة لوجوده في المستشفى.
ومراجعة الطعن مقدّمة من النواب حليمة القعقور، شربل مسعد، سينتيا زرازير، الياس جرادي، عماد الحوت، نبيل بدر، أديب عبد المسيح، مارك ضو، فؤاد مخزومي، ميشال الدويهي، وبلال الحشيمي. وأعده نادي قضاة لبنان.
ورأى المجلس الدستوري أنّ القاضي الذي يشغل منصب النائب العام لدى محكمة التمييز إنتدابًا أو تكليفًا لا يقسم اليمين المنصوص عليها في المادة 3 من قانون القضاء العدلي أمام رئيس الجمهورية، فيكون القانون المطعون فيه قد أتاح ضمّ عضو إلى مجلس القضاء الأعلى بدون أن يقسم اليمين القانونية ما يخالف إحدى الضمانات التي ترعى عمل مجلس القضاء الأعلى والموضوعة في المادة 3 من قانون القضاء العدلي.
وبالتالي فإنّ القانون المطعون فيه يكون مخالفًا لأحكام المادة 20 من الدستور ولمبدأ إستقلالية القضاء ذي القيمة الدستورية ويستوجب الإبطال لهذا السبب.
وقال المجلس الدستوري إنّ القانون المطعون فيه باعتباره القاضي المنتدب أو المكلف نائبًا عامًا لدى محكمة التمييز عضوًا حكميًا ونائبًا لرئيس مجلس القضاء الأعلى، يكون قد منح وزير العدل بموافقة مجلس القضاء الأعلى من خلال الانتداب، وأعطى الرئيس الأوّل لمحكمة التمييز، رئيس مجلس القضاء الأعلى، من خلال التكليف صلاحية تشكيل مجلس القضاء الأعلى وتعديل هذا التشكيل بدون أية ضوابط أو قيود.
وأضاف أنّه لا يجوز أن يقوم قاض بتعيين أو عزل أتراب له في مجلس واحد لأنّ ذلك يتعارض مع قاعدة ثبات تشكيل مجلس القضاء الأعلى واستقلالية أعضائه ويضع أحد أعضاء المجلس وهو نائب رئيسه في وضع غير مستقرّ يسمح باستبداله بسهولة بالغة ما ينزع عن عضويته في مجلس القضاء الأعلى صفة الديمومة بمفهومها الذي اراده القانون وذلك يتناقض مع استقلالية القاضي ويجعله عرضة للمؤثرات والضغوطات وهو الأمر الذي يخالف بدوره مبدأ استقلالية القضاء ذا القيمة الدستورية.
وبشأن السبب المتعلق بمخالفة مبدأ فصل السلطات المكرس في الفقرة “ه” من مقدمة الدستور من خلال تعدي السلطة التشريعية على صلاحيات السلطة التنفيذية في الفقرة الأولى من القانون المطعون فيه، وهو ما يتصل بالأعضاء الخمسة في مجلس القضاء الأعلى والذين انتهت مدّة ولايتهم في 14 تشرين الأول 2024 أي قبل حوالي الشهرين من تاريخ نشر القانون المطعون فيه ما يشكل عمليًا تعيينًا جديدًا لهم من قبل السلطة التشريعية إلى حين تعيين بدلاء عنهم.
ورأى المجلس الدستوري أنّ هذا التعيين يخالف الأصول المحدّدة في المادة الثانية من قانون تنظيم القضاء العدلي التي تنص على أن تعيين بدلاء لأربعة منهم يكون من قبل السلطة التنفيذية بمرسوم يتخذ بناء لاقتراع وزير العدل من قبل أعضاء محاكم التمييز، لاحقًا بالمرسوم إياه دون إمكان التجديد لأيّ منهم الا بعد انقضاء ولاية كاملة على انتهاء ولايتهم.
وأكّد المجلس الدستوري وجوب احترام صلاحية مجلس القضاء الأعلى في إبداء الرأي في مشاريع القوانين والأنظمة المتعلّقة بالقضاء العدلي، وهو أمر لم يحصل فاقتراح القانون لم يرسل إلى مجلس القضاء كما ثبت من بيان رئيسه القاضي سهيل عبود المؤرّخ في 2024/12/2 والذي أكّد أنّ القانون أقرّ دون استطلاع رأي مجلس القضاء.
وقال المجلس إنّ استطلاع رأي مجلس القضاء الأعلى في عملية التشريع عندما يتعلق النصّ بتنظيم شؤون القضاء والقضاة يعتبر تكريسًا لمبدأ استقلالية السلطة القضائية ذي القيمة الدستورية.
ورأى المجلس الدستوري أنّ عدم إرفاق النص القانوني بخصوص الفقرتين الثانية والثالثة من القانون المطلوب إبطاله، بأسباب موجبة، لا يشكل سببًا دستوريًا لإبطال القانون المطعون فيه إذ إنها لا تتمتع بالقيمة القانونية خلافًا لأحكام القانون الذي ترافقه والتي تخضع لرقابة المجلس الدستوري، وبالتالي فإنّ عدم إرفاق الفقرتين الثانية والثالثة من القانون بأسباب موجبة لا يشكل مخالفة للدستور.
“محكمة” – الثلاثاء في 2025/1/7