المجلس الدستوري يبطل مواد تتعلّق بتملّك الأجانب وأمور تنظيمية وإدارية لا علاقة لها بالموازنة.. والقاضي زيادة يعتبر القانون باطلاً برمّته
قرّر المجلس الدستوري إبطال المواد 14 و26 و35 و43 و49 و51 و52 من قانون الموازنة العامة والمتعلّقة بتعيين الهيئات الناظمة ومجالس إدارة المؤسسات العامة، وإعطاء الإمكانية لمالك العقار تسوية مخالفات البناء المرتكبة على عقاره، وإلغاء عدد من المؤسسات العامة والمصالح المستقلة بقرار من مجلس الوزراء أو دمجها، ومنح كلّ عربي أو اجنبي يشتري وحدة سكنية في لبنان، إقامة طيلة مدة ملكيته، له ولزوجته وأولاده القاصرين في لبنان، وتعديل دوام العمل الأسبوعي للموظفين في القطاع العام، والعطلة القضائية، وهي مواد تتعلق بقانون تملك الأجانب وبأمور تنظيمية وإدارية ولا علاقة لها بالموازنة.
فيما كان نائب رئيس المجلس الدستوري القاضي طارق زيادة أكثر وضوحاً بوضع مخالفة صريحة اعتبر فيها أنّ قانون الموازنة المطعون فيه “لم يسبق بقطع الحساب المفروض وجوباً بالمادة /87/من الدستور”، ما “يؤدّي الى إبطال قانون الموازنة برمته”.
وهنا النصّ الكامل لقرار المجلس الدستوري:
رقم المراجعة: 2018/4
رقم القرار: 2018/2
تاريخ: 2018/5/14
المستدعون النواب السادة: سامي الجميل، نديم الجميل، سامر سعادة، فادي الهبر، إيلي ماروني، سيرج طورسركسيان، ايلي عون، جيلبرت زوين، يوسف خليل ودوري شمعون.
إنّ المجلس الدستوري الملتئم في مقرّه بتاريخ 2018/5/14 برئاسة رئيسه عصام سليمان وحضور نائب الرئيس طارق زياده، والأعضاء أحمد تقي الدين، أنطوان مسره، أنطوان خير، زغلول عطية، توفيق سوبره، سهيل عبد الصمد، صلاح مخيبر ومحمد بسام مرتضى.
وعملاً بالمادة 19 من الدستور والمادة 20 من القانون رقم 1993/250 وتعديلاته (انشاء المجلس الدستوري) والمادة 34 من القانون رقم 2000/243 (النظام الداخلي للمجلس الدستوري)،
وبعد الاطلاع على ملف المراجعة والمستندات المرفقة بها، وعلى تقرير العضو المقرر المؤرخ في 2018/5/8 وعلى محضر جلسة مجلس النواب التي أقر فيها القانون المطعون في دستوريته،
وبما أن السادة النواب المذكورة أسماؤهم أعلاه تقدموا بمراجعة سجلت في قلم المجلس الدستوري بتاريخ 2018/4/24 ترمي الى تعليق العمل بالقانون رقم 79 تاريخ 18 نيسان 2018 والمنشور في الجريدة الرسمية ملحق العدد 18 تاريخ 19 نيسان 2018، والمتعلق بالموازنة العامة والموازنات الملحقة للعام 2018، وإبطاله جزئيا أو كليا.
وبما أن السادة النواب الذين تقدموا بالمراجعة، أدلوا بالأسباب الآتية:
أوّلاً- مخالفة القانون المطعون فيه أحكام المادتين 32 و83 من الدستور اللبناني والفقرتين (ج) و (د) من مقدمة الدستور.
وعن هذا العنوان يتفرّع سببان، هما:
أ- وجوب احترام أصول ومهل التشريع الدستورية واحترام الموجبات والصلاحيات الدستورية لمجلس النواب.
ب-وجوب التقيد بالمبادئ والأصول والقواعد الدستورية التي ترعى الموازنة
يدلي الطاعنون في موضوع هذا السبب بالتالي:
ان المادة 32 من الدستور حددت زمن تقديم الموازنة الى المجلس النيابي، ووجوب مناقشتها في العقد الثاني العادي الذي يبتدئ في يوم الثلاثاء الذي يلي الخامس عشر من شهر تشرين الأول من كل سنة، ومن ثم التصويت عليها وإقرارها قبل نهاية العقد العادي الثاني.
وإن الحكومة أقرت مشروع الموازنة في تاريخ 12 آذار 2018 واحالته الى مجلس النواب في اليوم التالي وتمت مناقشته في المجلس النيابي واقراره في 29 آذار 2018، أي خارج المهل الدستورية، ذلك أن مشروع قانون موازنة سنة 2018 كان يجب ان يحال الى المجلس النيابي قبل بدء العقد العادي الثاني في سنة 2017 ليناقش ويقر في حينه.
وان تخطي الحكومة المهل الدستورية يشكل مخالفة للدستور اللبناني (المادة 32 منه) الأمر الذي يوجب ابطاله سندا لرأي قائل ان المهل الدستورية ترتبط بالشرعية الدستورية وبمبدأ الأمان التشريعي.
ثمّ يدلي مقدمو المراجعة ان مسار مناقشة موازنة 2018 في لجنة المال والموازنة، وقد استغرقت تسعة أيام فقط، ومن بعدها لم تكن هناك مناقشة جدية في الجلسة التشريعية المخصصة للتصويت على الموازنة وإقرارها، هما أمران يدلان على استخفاف النواب بواجبهم الدستوري وتخليهم عنه الأمر الذي يشكل ما يعرف بالفرنسية بعبارة incompétence négative.
وان هذا التخلي والاستنكاف هما امتناع عن ممارسة السلطة التي أولاها الشعب للنواب، وبالتالي مخالف لأحكام الفقرتين (ج) و(د) من مقدمة الدستور اللتين تنصان على أن الشعب هو مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية.
وفي الثاني من الفرعين يدلي الطاعنون ان المادة 83 من الدستور اللبناني تضمنت مبادئ دستورية ترعى اعداد الموازنة وهي مبادئ السنوية والوحدة والشمول والشيوع والتوازن، وان قانون الموازنة يجب أن يقتصر على أحكام أساسية تقضي بتقدير النفقات والواردات واجازة الجباية وفتح الاعتمادات اللازمة للإنفاق، وعلى أحكام خاصة تقتصر على ما له علاقة مباشرة بتنفيذ الموازنة، وان كل الأحكام التي تخرج عن نطاق النص الدستوري تعريفا للموازنة، وتدرج في أحكام قانون الموازنة، وهي ما يعرف بتعبير “فرسان الموازنة” Les cavaliers budgetaires، يكون ادراجا مخالفا للدستور،
وان الفصول الثانية والثالثة والرابعة من القانون المطعون فيه تقع تحت هذا التوصيف، وبالتالي ابطالها كليا.
هذا بالإضافة الى ان المادة 13 من القانون المطعون فيه والتي تقرر بموجبها إعطاء سلفة خزينة الى مؤسسة كهرباء لبنان، دون ايراد هذه السلفة ضمن أرقام الموازنة هي مخالفة لأحكام المادة 83 من الدستور لعدم احترامها وحدة الموازنة وشمولها، وبالتالي يقتضي إبطالها.
ثانياً – مخالفة أحكام المادة 87 من الدستور اللبناني والفقرة (ه) من مقدمة الدستور
أ- مخالفة أحكام المادة 87 من الدستور
تحت هذا العنوان يدلي الطاعنون ان المادة 87 من الدستور نصت على عدم جواز نشر الموازنة قبل الموافقة من قبل مجلس النواب على حسابات الإدارة المالية النهائية لكل سنة أو ما يسمى “بقطع الحساب”،
وان قطع الحساب هو ذو أهمية، من جهة أولى، إذ انه المستند القانوني الذي يمكن البرلمان من اتخاذ قراراته عند درس موازنة السنة التالية.
وانه، من جهة ثانية،يتيح لهيئات الرقابة القضائية تدقيق الأوضاع المالية وهذا أمر ضروري لتمكين مجلس النواب من اجراء رقابة صحيحة على أعمال الحكومة.
وبالتالي فان مخالفة أحكام المادة 87 من الدستور توجب ابطال القانون المطعون فيه بصورة كلية.
ب – كما يدلي الطاعنون ان الفقرة (ه) من مقدمة الدستور نصت ان “النظام قائم على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها” وان إقرار الموازنة ونشرها دون أن تتقدم الحكومة بقطع حساب السنة السابقة وبالتالي دون تصديق المجلس النيابي على حسابات الإدارة المالية، يشكل تخليا من قبل السلطات التشريعية عن جزء من صلاحياتها ومسؤولياتها الى السلطة الإجرائية، الأمر الذي يؤدي الى خرق مبدأ فصل السلطات وتوازنها وتعاونها كما يؤدي الى تعطيل عمل السلطة التشريعية في اجراء الرقابة المالية على السلطة الإجرائية. وانه ينبغي أيضا ابطال القانون المطعون فيه لهذا السبب.
ثالثاً – في مخالفة القانون المطعون فيه لأحكام المادتين 81 و82 من الدستور اللبناني.
يدلي مقدمو الطعن تحت هذا السبب ان هاتين المادتين تنصان على عدم جواز احداث ضريبة أو تعديلها او الغائها الا بموجب قانون. وان المواد 26 و29 و30 و32 و34 و36 و37 من القانون المطعون فيه قد عدلت أو ألغت ضرائب عدة في قانون الموازنة وليس في قانون مستقل، الأمر المخالف لنص المادتين 81 و82 من الدستور الأمر الذي يوجب ابطال المواد المعددة في هذه الفقرة كونها مخالفة للدستور اذ انتزعت صلاحية دستورية للمجلس النيابي.
رابعاً – في مخالفة المادة 49 من القانون المطعون فيه أحكام الفقرة (ه) من مقدمة الدستور والمادة 83 منه وللغموض وافتقارها للوضوح.
يطلب مقدمو الطعن إبطال هذه المادة سندا الى:
1- مخالفتها مبدأ سنوية الموازنة لأنها تشريع ثابت يتعدى مفعوله السنة في حين ان قانون الموازنة يعمل به لمدة سنة واحدة.
2- لعدم علاقتها بالموازنة أو بتنفيذها
3- ان إعطاء إقامة ترتبط بديمومة الملكية العقارية يؤدي الى ديمومة الإقامة الأمر المشابه للتوطين والمخالف لأحكام الفقرة (ط) من مقدمة الدستور التي تمنع التوطين صراحة.
4- ان هذه المادة يشوبها الغموض وعدم الوضوح اذ انها لم تحدد نسبة ملكية الشخص في الوحدة السكنية ولم تعالج مسألة تعدد المالكين في هذه الوحدة، تاركة أمر تحديد آلية منح الإقامة لوزير الداخلية بناء لاقتراح مديرية الامن العام، وهذا أمر يزيد في عدم وضوح هذا التشريع.
ويخلص مقدمو الطعن الى طلب الآتي:
أوّلاً: قبول المراجعة شكلا
ثانياً: تقرير وقف تنفيذ القانون المطعون فيه لحين البت في الأساس
ثالثاً: ابطال القانون رقم 79 الصادر في تاريخ 18 نيسان 2018 جزئيا او كليا.
بناء على ما تقدم،
أوّلاً: في الشكل:
بما ان القانون المطعون فيه قد نشر في الجريدة الرسمية في تاريخ 19 نيسان 2018 في ملحق العدد رقم 18
وبما ان المراجعة الحاضرة قد وردت في تاريخ 24 نيسان 2018 وسجلت في قلم المجلس برقم 4/2018 وبالتالي يكون ورودها خلال المهلة القانونية وموقعة من عشرة نواب لهم الصفة والحق، في محله، لذلك ينبغي قبولها في الشكل.
ثانياً- في الأساس:
1- في مخالفة المادة 87 من الدستور. بما أن المادة 87 من الدستور نصت على أن “حسابات الإدارة المالية النهائية لكل سنة يجب أن تعرض على المجلس ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة الثانية التي تلي تلك السنة”،
وبما ان قطع الحساب يعبر عن واقع تنفيذ الموازنة وتحديدا أرقام الواردات والنفقات والتوازن في ما بينهما، ويعكس مدى الالتزام بخطة عمل السنة المنصرمة، ويمكن البرلمان من اتخاذ قرارات مبنية على معلومات حقيقية عند إقرار الموازنة أو تعديلها وفقا لمعطيات مالية واقتصادية واكتشاف مكامن الخطر في المالية العامة، واتخاذ التدابير التصحيحية في الوقت المناسب،
وبما ان انجاز الحسابات المالية يتيح لهيئات الرقابة القضائية، وبشكل خاص ديوان المحاسبة، تدقيق أوضاع المالية العامة، ويمكن السلطة الاشتراعية من القيام بوظيفتها الرقابية في الشق المالي من خلال مراقبة الحكومة ومحاسبتها،
وبما أنه وفقا للدستور تجري مناقشة وإقرار الحسابات المالية للسنة المنصرمة في مجلس النواب قبل إقرار موازنة السنة اللاحقة ونشرها،
وبما ان المادة 118 من النظام الداخلي لمجلس النواب تنص على أن “يصدق المجلس أولا على قانون قطع الحساب، ثم على موازنة النفقات ثم قانون الموازنة وفي النهاية على موازنة الواردات”،
وبما أنه يتوجب على الحكومة أن تحيل قطع الحساب على مجلس النواب ليوافق عليه في نهاية كل عام ليبرئ ذمتها،
وبما أن قطع الحساب هو الأداة الأساسية لديوان المحاسبة لاجراء التدقيق في الحسابات العامة وفي تنفيذ الموازنة، كما هو الأداة الأساسية لمجلس النواب للقيام بدوره في المراقبة والإشراف على استخدام السلطة التنفيذية للأموال العامة،
وبما أنّ إقرار الموازنة بدون قطع حساب يعطّل دور وصلاحيات ومسؤوليات السلطة الإشتراعية وديوان المحاسبة، ويعطّل بالتالي الرقابة المالية المناطة بموجب الدستور بالسلطتين الاشتراعية والقضائية، وينتهك مبدأ الفصل بين السلطات، ويحوّل السلطة الاشتراعية إلى أداة بيد السلطة التنفيذية، فتصبح عاجزة عن ممارسة رقابة جدّية عليها،
وبما أنّ غياب قطع الحساب يؤدّي إلى غياب الشفافية في جباية المال العام وإنفاقه، وبالتالي التشكيك في صدقية الموازنة العامة وتنفيذها، كما يؤدّي إلى فتح الباب واسعاً أمام تفشّي الفساد،
وبما أنّ الحكومات المتعاقبة تقاعست عن وضع قطع حساب سنوي وفق الأصول ووفق ما نصّ عليه الدستور، وذلك منذ العام 2006، وتقاعست عن وضع موازنات عامة سنوية وفقاً لما نصّت عليه المواد 83 و84 و85 و86 و87 من الدستور منذ ذلك التاريخ أيضاً، كما تقاعس مجلس النوّاب عن القيام بدوره الأساسي في مراقبة الحكومة وإلزامها بوضع قطع حساب سنوي وإعداد موازنة عامة سنوية، وتخلّى بالتالي هو والحكومة عن القيام بالصلاحيات التي أناطها بهما الدستور، ما خلق حالة شاذة، وألحق ضرراً فادحاً بالمصلحة الوطنية العليا،
وبما أنّ الاستمرار في غياب قطع الحساب وغياب الموازنة العامة هو انتهاك فاضح للدستور وتجاوز لقرار المجلس الدستوري رقم 5/2017 تاريخ 22/9/2017،
وبما أنّه لا يجوز أن تحول الحالة الشاذة هذه دون وضع موازنة عامة نظرا لأهمّية الموازنة العامة التي لا غنى لدولة عنها،
وبما أنّ انتظام المالية العامة في الدولة هو ركيزة الانتظام العام ذي القيمة الدستورية وهو لا يتحقق الا في اطار الموازنة العامة،
وبما أنّ انتظام المالية العامة هو الركن الأساسي في الاستقرار المالي والاقتصادي،
وبما أنّ الدستور نص في المادة الثالثة والثمانين على انه “كلّ سنة في بدء عقد تشرين الأول تقدم الحكومة لمجلس النوّاب موازنة شاملة نفقات الدولة ودخلها عن السنة القادمة ويقترع على الموازنة بنداً بنداً”،
وبما أنّ الدستور منح الموازنة موقعاً استثنائياً نظراً لأهميتها فنصّ في المادة 32 منه على تخصيص جلسات العقد الثاني لمجلس النواب للبحث في الموازنة والتصويت عليها قبل كل عمل آخر، ومن ثم ذهب أبعد من ذلك في إعطاء الأولوية للموازنة على ما عداها، فجاء في المادة 86 من الدستور انه “إذا لم يبتّ مجلس النوّاب نهائياً في مشروع الموازنة قبل الانتهاء من العقد المعيّن لدرسه فرئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة، يدعو المجلس فورا لعقد استثنائي يستمر لغاية نهاية كانون الثاني لمتابعة درس الموازنة، واذا انقضى العقد الاستثنائي هذا ولم يبت نهائيا في مشروع الموازنة فلمجلس الوزراء ان يتخذ قرارا، يصدر بناء عليه عن رئيس الجمهورية، مرسوم يجعل بموجبه المشروع بالشكل الذي تقدم به الى المجلس مرعياً ومعمولاً به”. والمادة نفسها فرضت على الحكومة طرح مشروع الموازنة على مجلس النواب قبل بداية عقده الثاني بخمسة عشر يوما،
وبما أنّه لقانون الموازنة العامة أهمّية استثنائية نصّ الدستور على إقراره بمرسوم متخذّ في مجلس الوزراء دون موافقة السلطة الاشتراعية إذا لم تقرّه ضمن المهلة المحدّدة، على الرغم من أنّ الدستور حصر إقرار القوانين بالسلطة الاشتراعية،
وبما أنّ عدم إقرار الموازنة له انعكاسات سلبية جدّاً على الدولة ويؤدّي إلى فوضى في المالية العامة، أجاز الدستور حلّ مجلس النوّاب في حال ردّه الموازنة برمّتها بقصد شلّ يد الحكومة عن العمل (المادة 65 الفقرة 4)،
وبما أنّ قطع الحساب اعتمد من أجل تحديد الخلل في تنفيذ موازنة سابقة والإسترشاد به لوضع موازنة لسنة قادمة، وبالتالي اعتمد وضع الحساب من أجل الموازنة ولم تعتمد الموازنة من أجل قطع الحساب،
لكلّ هذه الأسباب ونظراً للأهمية الاستثنائية التي أولاها الدستور للموازنة العامة، لا يجوز للحالة الشاذة المتمثّلة في غياب قطع الحساب لسنوات عدّة، أن تحول دون إقرار الموازنة العامة للعام 2018، على أن يجري سريعاً ودون تباطؤ الخروج من الحالة الشاذة هذه ووضع قطع حساب وفق القواعد التي نصّ عليها الدستور وقانون المحاسبة العمومية، لعودة المالية العامة إلى الانتظام، ووضع حدّ لتسيّب المال العام، وضبط الواردات والنفقات وتقليص العجز في الموازنة العامة، وممارسة رقابة فاعلة على تنفيذ الموازنة.
2- في مخالفة أحكام المادتين 32 و83 من الدستور والفقرتين (ج) و(د) من مقدمة الدستور أي وجوب احترام المهل الدستورية.
بما أنّ المهل الدستورية مرتبطة بالشرعية الدستورية وبمبدأ الأمان التشريعي، وليست مجرد إجراءات ذات طابع تنفيذي، ويقتضى التقيد بها في سبيل استقرار المنظومة القانونية،
وبما ان الدستور نص في المادة 32 منه على تخصيص جلسات العقد الثاني لمجلس النواب، التي تبدأ يوم الثلاثاء الذي يلي الخامس عشر من شهر تشرين الأول، للبحث في الموازنة والتصويت عليها قبل كل عمل آخر،
وبما أن المادة 83 من الدستور نصت على انه في كل سنة في بدء عقد تشرين الأول تقدم الحكومة لمجلس النواب موازنة شاملة نفقات الدولة ودخلها عن السنة القادمة ويقترع على الموازنة بندا بندا،
وبما ان المادة 86 من الدستور نصت على إرسال مجلس الوزراء مشروع الموازنة الى مجلس النواب قبل بداية عقده الثاني بخمسة عشر يوما على الأقل لكي تتمكن من اصدار الموازنة بمرسوم اذا لم تقر في مجلس النواب قبل نهاية شهر كانون الثاني،
وبما ان المشترع الدستوري حدد هذه المهل لإعداد مشروع الموازنة من قبل مجلس الوزراء، ودرسه واقراره في مجلس النواب، من أجل الحفاظ على انتظام المالية العامة وتحقيقا للمصلحة الوطنية العليا،
وبما أن تحديد المهل الدستورية بشأن الموازنة يهدف الى منع التباطؤ في اعداد الموازنة ودرسها وإقرارها، لما لذلك من أثر خطير على المالية العامة وانتظامها،
وبما أنه لا وجود لظروف استثنائية تحول دون التقيد بالمهل الدستورية بشأن اعداد مشروع الموازنة ودرسه واقراره،
وبما أن عدم تقيد السلطتين الإجرائية والإشتراعية بالمهل الدستورية المذكورة أعلاه أدى الى انتهاك الدستور وعدم انتظام المالية العامة، والى التمادي في الانفاق على أساس القاعدة الاثني عشرية خلافا لما نص عليه الدستور في المادة 86،
وبما ان وضع موازنة عامة سنوية واجب فرضه الدستور،
وبما ان عدم تقيد السلطتين الإجرائية والاشتراعية بالمهل، المنوه بها أعلاه، لا يجوز أن يحول دون إقرار الموازنة نظرا لارتباطها بانتظام المالية العامة، وبالمصلحة الوطنية العليا،
وبما ان المهل التي حددها الدستور بشأن الموازنة هي مهل حث وليست مهل إسقاط، والغاية منها عدم التباطؤ في إعداد الموازنة ودرسها وإقرارها وإصدارها ووضعها موضع التنفيذ،
لذلك وان كان عدم التقيد بالمهل الدستورية يشكل انتهاكا للدستور غير انه لا يشكل سببا لإبطال موازنة العام 2018.
3- في طلب إبطال المادة 13 من قانون الموازنة العامة المتضمنة إعطاء سلفة خزينة الى مؤسسة كهرباء لبنان.
بما أنّ الموازنة العامة، وفق المادة 83 من الدستور والمادة 5 من قانون المحاسبة العمومية، يجب أن تتضمّن تقديراً للواردات والنفقات، وفتح الاعتمادات اللازمة للإنفاق،
وبما أنّ النفقات هي ما يصرف من مال لقاء أجور وثمن لوازم ومعدات وبدل أشغال وما شابه، في حين أن السلفة تعني الإقراض، وهي دين يستعاد في ميعاد استحقاقه، ولا يعتبر صرفاً،
وبما أنّه ينبغي التفريق بين سلفة الموازنة وسلفة الخزينة، فالأولى تعطى لتغطية نفقات تصرف بدون عقد نفقة في حال وجود عجلة لا يمكن معها في ظرف طارئ انتظار اجراء عقد نفقة وتصفيتها وصرفها، في حين ان سلفة الخزينة هي دين بذمّة المستفيد منه،
وبما أنّ المادة 203 من قانون المحاسبة العمومية نصت على إعطاء سلفة الخزينة في أحوال ثلاثة، الثالثة منها لتغذية صناديق المؤسسات العامة والبلديات وكذلك الصناديق المنشأة بقانون، وهذه المؤسسات تتولى بصورة عامة إدارة مرفق على غاية من الأهمية في حياة المجتمع من مثل الماء والكهرباء حتى لا يتعرقل سير عملها،
وبما أنّ المادة 205 من قانون المحاسبة العمومية نصت على إمكانية إعطاء السلفة بمرسوم متخذ في مجلس الوزراء، ويتوجب على الحكومة إطلاع مجلس النواب على السلفة بظرف شهر،
وبما أنّه يتبيّن من هذا النصّ أن لا ضرورة لإيراد سلفات الخزينة في الموازنة العامة، طالما أنّه بالإمكان إعطاء السلفة بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء،
وبما أنّ المادة 204 من قانون المحاسبة العمومية نصّت في البند الثالث منها على وجوب الإستحصال على موافقة السلطة الإشتراعية على السلفة في حال تجاوزت مهلة تسديدها الإثني عشر شهراً،
وبما أنّه تقيّداً بهذا النصّ أوردت المادة 13 من قانون موازنة العام 2018 وجوب الاستحصال على موافقة السلطة الإشتراعية على إعطاء مؤسّسة كهرباء لبنان سلفة يطول أجل سدادها ويتجاوز الإثني عشر شهراً،
وعليه لا يكون في الأمر أي مخالفة للدستور لناحية المادة 13 من قانون الموازنة العامة للعام 2018.
4- في وجوب التقيد بالمبادئ والأصول والقواعد الدستورية التي ترعى الموازنة وبالتالي إبطال الفصل الثاني من القانون المطعون فيه.
بما أنّ الفصل الثاني من قانون الموازنة تناول قوانين البرامج وتعديلاتها،
وبما أنّ قوانين البرامج هي لأشغال يتطلب تنفيذها وانجازها أكثر من المدة المحددة للموازنة وهي سنة، الأمر الذي يحول دون التعاقد على تنفيذ هذه المشاريع من خلال مبدأ سنوية الموازنة،
وبما أنّ الاجتهاد الدستوري قد أجاز مثل هذه القوانين إستثناء لمبدأ السنوية، كما أجاز تخويل الحكومات حق التعهد بنفقات إجمالية معينة خلال عدد من السنوات يستغرقها انجاز المشروع،
لذلك لا داعي لإبطال الفصل الثاني من قانون موازنة 2018 بسبب تضمينها قوانين برامج.
5- في طلب إبطال الفصل الثالث من موازنة العام 2018 (التعديلات الضريبية).
بما أنّ الفصل الثالث من قانون موازنة العام 2018 حمل عنوان: التعديلات الضريبية، وقد تضمّن تخفيض في الغرامات واجازة تسويات بشأن المخالفات الضريبية،
وبما أنّ قانون الموازنة يتضمن بصورة أساسية تقدير الواردات والنفقات،
وبما أنّ قانون المحاسبة العمومية نصّ على أنّ قانون الموازنة هو النصّ المتضمن إقرار السلطة الاشتراعية لمشروع الموازنة، ويحتوي على أحكام أساسية وعلى أحكام خاصة تقتصر على ما له علاقة مباشرة بتنفيذ الموازنة، منها ما يتعلق بتعديل بعض القوانين الضريبية أو استحداث ضرائب جديدة،
لذلك ليس ثمة مبرر دستوري أو قانوني لإبطال الفصل الثالث من موازنة العام 2018 برمته،
6- في إبطال المادة 26 من قانون موازنة العام 2018.
بما ان المادة 26 من القانون المطعون فيه نصت على السماح للمكلفين بضريبة الدخل بإجراء تسوية ضريبية لغاية 2016 ضمنا وشملت التسوية أعمال السنوات 2011 ولغاية 2016 ضمنا للمكلفين المكتومين، وأعمال السنوات 2013 ولغاية 2016 ضمنا للمسجلين الذين صرحوا عن أعمالهم وتضمنت التصاريح رقم أعمال، والذين صرحوا عن أعمالهم بقيمة لا شيء أو تقدموا بتصاريح أعمالهم ولم يسددوا الضرائب المترتبة عليهم نتيجة درس هذه الأعمال عن السنوات 2011 ولغاية 2016 ضمنا، والمكلفين الخاضعين لضريبة الباب الثاني (الرواتب والأجور) الذين ينتمون الى مؤسسات تتمتع بإعفاءات من ضريبة الباب الأول (أرباح المهن الصناعية والتجارية وغير التجارية). كما أخضعت للتسوية أرباح المهن الصناعية والتجارية وغير التجارية، والمبالغ الخاضعة للمواد 41 و42 و43 و45 وضريبة الباب الثاني ولا تطبق على ضريبة الباب الثالث من قانون ضريبة الدخل،
وبما أنّ القانون المطعون فيه حدد الأسس التي تحتسب قيمة التسوية السنوية للمكلفين بموجبها، وقد تراوحت بين 0.5% و1% و5%، وحدد الحد الأدنى للتسوية لكل سنة للمكلفين المسجلين، كما حدد قيمة التسوية السنوية لكل فئة من المكلفين المكتومين الخاضعين للضريبة على الأرباح،
وبما أنّ التسوية الضريبية المنصوص عنها في المادة 26 المذكورة أعلاه، أعفت مكلفين تخلفوا عن القيام بواجبهم بتسديد الضرائب المفروضة عليهم بموجب القانون، من جزء من هذه الضرائب، بينما سدد المكلفون الذين هم في موقع قانوني مماثل لهم الضرائب المتوجب عليهم بكاملها، التزاما منهم بتنفيذ القانون،
وبما أنّه ينبغي التقيد بمبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمييز أو تفضيل وفق ما جاء في الفقرة (ج) من مقدمة الدستور، ووفق ما نصت عليه المادة السابعة من الدستور التي جاء فيها “ان كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دون ما فرق بينهم.”
وبما أنّ الدستور في الفقرة (ج) من مقدمته جعل العدالة الاجتماعية والمساواة ركنين من أركان الجمهورية الديمقراطية البرلمانية اللبنانية،
وبما أنّ ما نصّت عليه المادة 26 من القانون المطعون فيه، لم يميز بين اللبنانيين وحسب، انما ميز بينهم لصالح المتخلفين عن القيام بواجبهم بتسديد الضرائب المتوجبة عليهم بموجب القانون، واعفائهم من جزء منها، بينما التزم مواطنون، في موقع قانوني مماثل لهم، بتسديد ما عليهم ضمن المهل المحددة، وقد تبين من محضر الجلسة التي أقر فيها القانون المطعون فيه ان رئيس مجلس النواب قال أثناء المناقشة “اعترضنا عليه ككتلة لأنه لا يساوي بين المواطنين”
وبما أنّ التسوية الضريبية المنصوص عليها في القانون المطعون فيه تتعارض مع مفهوم العدالة الاجتماعية لأنها لم تساو بين المواطنين في استيفاء الضرائب والرسوم، وانتهكت بالتالي مبدأ العدالة الاجتماعية،
وبما أنّ التسوية الضريبية كما وردت في المادة 26 من القانون المطعون فيه من شأنها تشجيع المواطنين على التخلف عن تسديد الضرائب المتوجبة عليهم، وحمل الذين دأبوا على الالتزام بتأدية واجبهم الضريبي على التهرب من تسديد الضرائب المتوجبة عليهم أملا بصدور قوانين إعفاء ضريبي لاحقاً،
وبما أنّ قانون التسوية الضريبية، فضلاً عن أنّه يتعارض مع مبدأ المساواة بين المواطنين، ومبدأ العدالة الضريبية، فإنه يؤدي الى التفريط بالمال العام، وبالتالي الى زيادة العجز في الموازنة العامة، في وقت تزاد فيه الضرائب والرسوم على سائر المواطنين بحجة تغذية الموازنة وتخفيض العجز المتنامي فيها،
وبما أنّ التسوية الضريبية كما نصت عليه المادة 26 من قانون موازنة العام 2018، إضافة الى مخالفتها الدستور للأسباب الواردة أعلاه، جاءت في 16 بندا تضمنت عددا كبيرا من الفقرات، احتوتها ست صفحات في الجريدة الرسمية،
وبما أنّ نصّ المادة 26 من قانون موازنة العام 2018 يتعارض مع أصول التشريع،
وبما أنّ ما ورد في المادة 26 من قانون الموازنة العامة لا علاقة له بالموازنة لا لجهة تقدير النفقات والواردات ولا لجهة تنفيذ الموازنة ولا لجهة مبدأ سنوية الموازنة،
لكل هذه الأسباب تعتبر المادة 26 من قانون الموازنة العامة للعام 2018 مخالفة للدستور.
7- في طلب إبطال الفصل الرابع برمته.
بما أنّ قانون الموازنة العامة يتضمن بصورة أساسية تقديرا للواردات وللنفقات،
وبما أنّ قانون المحاسبة العمومية عرف في مادته الخامسة قانون الموازنة بأنه النص المتضمن إقرار السلطة التشريعية لمشروع الموازنة. ويحتوي على أحكام أساسية وعلى أحكام خاصة تقتصر على ما له علاقة بتنفيذ الموازنة، والأحكام الخاصة هذه المتعلقة مباشرة بتنفيذ الموازنة منها ما يتعلق بتعديل بعض القوانين الضريبية أو استحداث ضرائب جديدة،
لذلك فإنّ طلب إبطال الفصل الرابع والأخير من قانون موازنة العام 2018 وعنوانه مواد متفرقة، برمته، لا يقع في موقعه القانوني، لأن هذا الفصل يتضمن موادا متعلقة بالموازنة العامة وأخرى لا علاقة لها بها بل تعتبر من فرسان الموازنة Cavaliers budgetaires
8- في إبطال مواد لا علاقة لها في قانون الموازنة.
بما أنّ المادة 14 من القانون المطعون فيه نصت على تعيين الهيئات الناظمة ومجالس إدارة المؤسسات العامة خلال مدة ستة أشهر من تاريخ نشر هذا القانون،
وبما أنّ المادة 35 من القانون المطعون فيه نصت على إعطاء الإمكانية لمالك العقار تسوية مخالفات البناء المرتكبة على عقاره، وتركت تحديد أحكام هذه التسوية لقانون خاص، ولم يكن ثمّة موجب لوضعها في قانون الموازنة العامة،
وبما ان المادة 43 من القانون المطعون فيه نصت على إلغاء عدد من المؤسسات العامة والمصالح المستقلة بقرار من مجلس الوزراء أو دمجها،
وبما أنّ المادة 49 من القانون المطعون فيه نصت على أنه: “خلافا لأي نص آخر، مع مراعاة الأحكام القانونية المتعلقة بتملك الأجانب، يمنح كل عربي أو أجنبي يشتري وحدة سكنية في لبنان، إقامة طيلة مدة ملكيته، له ولزوجته وأولاده القاصرين في لبنان، على أن لا تقل قيمة تلك الوحدة السكنية عن سبعمائة وخمسين مليون ليرة لبنانية في مدينة بيروت، وخمسمائة مليون ليرة لبنانية في سائر المناطق.”
وبما أنّ المادة 51 من القانون المطعون فيه، حملت عنوان تعديل المادة 23 من القانون رقم 2017/46 (رفع الحد الأدنى للرواتب والأجور)، وعدلت دوام العمل الأسبوعي للموظفين في القطاع العام،
وبما أنّ المادة 52 من القانون المطعون فيه حددت العطلة القضائية
وبما أنّ هذه المواد تتعلق بقانون تملك الأجانب وبأمور تنظيمية وإدارية ولا علاقة لها بالموازنة،
وبما أنّه كان من الواجب أن تقترن بالأسباب الموجبة لإصدارها
وبما أنّ النصوص التي تعدل قانونا سبق إقراره ينبغي ان تنضوي في صلب القانون المعدل لكي يسهل الاطلاع عليها ولا يجوز ان تدس في قانون الموازنة العامة
وبما أنّ قانون الموازنة العامة يختلف بطبيعته عن القوانين العادية ولا يجوز بالتالي ان تعدل هذه القوانين من ضمنه، لأن في ذلك خروجا على أصول التشريع،
لذلك تعتبر المواد 14 و35 و43 و49 و51 و52 مخالفة للدستور.
لهذه الأسباب
وبعد المداولة،
يقرر المجلس الدستوري بالأكثرية
أولاً- في الشكل:
قبول المراجعة الواردة في المهلة القانونية مستوفية جميع الشروط الشكلية المطلوبة،
ثانياً- في الأساس:
1- ردّ مراجعة الطعن في القانون رقم 79 تاريخ 18 نيسان 2018، لجهة الأسباب المدلى بها بشأن مخالفة المادة 87 من الدستور، ومخالفة أحكام المادتين 32 و83 والفقرتين (ج) و(د) من مقدمة الدستور، ولجهة ابطال الفصل الثاني من القانون المطعون فيه ورد مراجعة الطعن أيضا بشأن ابطال المادة 13 من القانون المطعون فيه، والباب الثالث والباب الرابع برمتهما من القانون نفسه.
2- إبطال المواد 14 و26 و35 و43 و49 و51 و52 من القانون المطعون فيه.
ثالثاً- إبلاغ هذا القرار الى المراجع الرسمية المختصة ونشره في الجريدة الرسمية.
قرار صدر في 2018/5/14
الأعضاء: محمّد بسّام مرتضى، صلاح مخيبر، سهيل عبد الصمد، توفيق سوبره، زغلول عطيه، أنطوان خير، أنطوان مسرّة، أحمد تقي الدين، نائب الرئيس (المخالف) طارق زيادة، الرئيس عصام سليمان.
أسباب المخالفة
وأعلن نائب الرئيس المخالف طارق زياده أسباب المخالفة، على الشكل الآتي:
بما أنّ نصّ المادة /87/ من الدستور تنص على:
“إن حسابات الإدارة المالية النهائية لكل سنة يجب أن تعرض على المجلس ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة الثانية التي تلي تلك السنة وسيوضع قانون خاص لتشكيل ديوان المحاسبات”.
وبما ان المهمة الأساسية للمجلس الدستوري هي مراقبة دستورية القوانين وبالتالي يكون هو حامي الدستور،
وبما انه لا يعول على القول بالمصلحة العامة في معرض النص الدستوري الصريح والواضح والقاطع والملزم،
وبما ان الاجتهاد الدستوري جعل من المصلحة العامة مبدأ ثانويا ومكملا secondaire et complémentaire في غياب النص، بمعنى انه لا يؤخذ بها مع وجود هذا النص.
وبما ان “الحالة الشاذة” التي أشار اليها القرار لتبرير عدم الأخذ بالنص الدستوري الملزم بوضع قطع الحساب قبل نشر الموازنة، هي تعبير غامض لم يرد في العلم والاجتهاد الدستوريين، وهو تعبير آخر عن الظروف الاستثنائية (كالحرب والزلزال والفيضان العام)، لا يؤخذ بها مع وجود النص وهي غير متوفرة أصلا.
وبما ان قانون الموازنة المطعون فيه لم يسبق بقطع الحساب المفروض وجوبا بالمادة /87/من الدستور،
وبما ان الحالة الشاذة التي أشارت اليها الأكثرية لا تبرر بالتالي مخالفة الدستور،
وبما أنّ مخالفة المادة /87/ من الدستور يؤدي الى إبطال قانون الموازنة برمته،
لذلك، خالفت.
“محكمة” – الاثنين في 2018/05/14