المحامي عماد مرتينوس لـ”محكمة”: “الاعتكاف القضائي ليس المشكلة بل الاجتياح السياسي للسلطة القضائية”
خاص -“محكمة”:
فيما القضاة يقاتلون على جبهة الحفاظ على صندوق التعاضد الخاص بهم، فوجئوا بالنبرة غير المتوقّعة في بيان مجلس نقابة المحامين في بيروت والذي اعتبر اعتكافهم المستمرّ لليوم التاسع على التوالي متناقضاً وقدسية الرسالة التي يؤدّونها، ودعاهم إلى “متابعة الفصل بالملفّات العالقة أمامهم حفاظاً على حقوق المتقاضين”.
وتفاوتت ردود فعل المحامين تجاه بيان مجلس نقابتهم، فمنهم من أيّد مضمونه، ومنهم من رفضه نهائياً لاقتناعه بأنّ انكسار أحد جناحي العدالة يؤثّر سلباً على الجناح الآخر.
وفي اتصال لـ“محكمة” مع عضو مجلس النقابة المحامي عماد مرتينوس أكّد التزامه التام بالبيان الصادر عن مجلس النقابة، ولكنّه أوضح أنّ “الاعتكاف القضائي ليس هو جوهر المشكلة، فالأزمة الخطيرة تكمن في” الاجتياح السياسي المتمادي” للسلطة القضائية، معتبراً أنّ “الجنوح المتمادي للسلطة السياسية والتدخّلات السافرة من قبلها في شؤون السلطة القضائية، يشكّل شذوذاً خطيراً وغير مألوف على مبدأ فصل السلطات، ويشكّل انتهاكاً صارخاً لاستقلالية السلطة القضائية، وهو شذوذ لم يولد بالأمس القريب نتيجة إشكالية اقتراح في مشروع موازنة أو نتيجة سوء نيّة وتدبير سياسي في محاولة تقليص امتيازات مالية، لا بل إنّ هذا الانحراف الخطير في استباحة بعض السلطة السياسية لحرمات السلطة القضائية بات انتهاكاً ممنهجاً ومتمادياً منذ سنوات حتّى بلغت تداعياته الجسيمة في التسلل الخبيث إلى الجسم القضائي حدّ المساس بهيبة السلطة القضائية والاساءة لقدسية دورها في إحقاق الحقّ هذا فضلاً عن تقويض الدور المهني لرسالة المحامي – الشريك في مسار تحقيق العدالة وتعرّض أصحاب الحقوق من المواطنين غير المحظيين برضى أصحاب النفوذ لمخاطر تبديد حقوقهم والتلاعب بها وإدخالها في بازارات السمسرة والرشاوى والفساد.”
وأضاف مرتينوس:” لقد آن الاوان لهذا المسار التسلّطي على السلطة القضائية أن يتوقّف فوراً، الأمر الذي لن يتحقّق إطلاقاً باعتصام للمحامين، أو باعتكاف للقضاة، أو باستجرار الصراع العبثي في ما بين القضاة والمحامين، لأنّ التذمّر والإعتصام لا يتناسق مع من أوكل إليهم صون حقوق الناس والدفاع عنها، ولأنّ الاعتكاف لا يليق بمن أعطي لهم أن يحكموا “باسم الشعب اللبناني” وبمن اؤتمنوا على إحقاق الحقّ في وجه الظلم والفساد.”
ورأى مرتينوس أنّ الأوان آن و”باسم الشعب اللبناني” “لسقوط هرطقة صرف النفوذ المالي والسياسي تسلّطاً على السلطة القضائية، وهذا السقوط لن يتحقّق إلاّ بدور تكاملي وتنسيق راقٍ وخالٍ من الشوائب في ما بين جناحي العدالة من القضاة والمحامين، فلا مكان لاعتكاف القضاة في وجه المحامين والمتقاضين، لأنّ ذلك يمسي استنكافاً عن إحقاق الحقّ، ولا مكان حتماً لاعتصام المحامين في مواجهة القضاء لأنّ ذلك يتحوّل تقويضاً لمسار تحقيق العدالة”.
وتابع مرتينوس موقفه بالقول:”إذا كان ثمّة حاجة لرفع الصوت وقطع أيادي السوء عن التسلّط على مسار إحقاق الحقّ وتحقيق العدالة، فهذا لن يجدي نفعاً إلاّ بانتفاضة “الروبات السود” (قضاة ومحامين) في مواجهة الفاسدين والمفسدين.”
وعلمت “محكمة” أن المجموعة الناشطة والمستقلّة التي شكّلت نواة معركة ترشيح وإيصال مرتينوس إلى مجلس النقابة تعمل على إطلاق خطّة متكاملة لأجل “عدالة بلا فساد ” فهل تنجح في مسعاها؟
“محكمة” – السبت في 2019/5/11