مقالات

المرافعة مهمّة.. والمعونة القضائية العنوان الأبرز للخدمة العامة والإنسانية/ناضر كسبار

النقيب ناضر كسبار*:
في بلد مثل لبنان، حيث المسؤولية ضائعة، والإستهتار مستشر، والإستلشاق سيد الموقف، والفقر سائد.
في بلد حارة كل مين إيدو إلو ….
لا بد من تكاتف وتضافر إرادات أصحاب الهمم لمساعدة بعضهم البعض، عن طريق النقابات والمؤسسات. من هنا. نشأت في نقابة المحامين لجنة المعونة القضائية، وهدفها الأساسي تأمين الدفاع عن الأشخاص الذين لا يستطيعون توكيل محام، وليست لديهم الإمكانيات المادية لذلك.
فالمحامي هو الذي يساعد القاضي في إحقاق الحق والوصول إلى الحقيقة، عن طريق تقديم الإثباتات والمذكرات واللوائح، والمرافعة.
نعم المرافعة مهمة، ونأسف أن تكون كثرة القضايا والملفات، تجعل المرافعة أمراً مرهقاً للقاضي وللمحامي خصوصاً عندما نسمع عبارة، ” قدمها بمذكرة أستاذ “.
قديماً ترافع أحد المحامين أمام القاضي سامي الصلح، الذي أصبح بعدها رئيساً للحكومة. واكتفى بالقول: أطلب له الرحمة وأوسع الأسباب التخفيفية. فخاطبه الرئيس الصلح قائلاً: هل هذا كل شيء أستاذ؟ أجابه: نعم. فنظر الرئيس الصلح نحو المتهم وسأله: كم دفعت له. فأجابه خمس ليرات ذهب. فقال للمحامي أعدها للمتهم.
نعم، كانت المرافعة هي الأساس. وهذا ما يجب أن يعود إليه المحامون والمحاكم.
في الثمانينات، كنت أنتظر جلستي أمام محكمة الجنايات عندما طلب مني رئيس المحكمة التوكّل عن أحد المتهمين. فطلبت مهلة. فأشار بحركة منه إلى أن الملف في خواتيمه. فأصريت. ودرست الملف وترافعت بعد أسبوعين وصدر الحكم بالبراءة، وهنأني رئيس المحكمة خصوصاً وأنني إكتشفت نقاطاً مهمة في الملف تؤدي إلى براءة المتهم.
أيها الحضور الكريم،
ما تقوم به لجنة المعونة القضائية والمحامون المتبرعون للخدمة العامة، امر عظيم جداً، وترفع له القبعات. وأشير إلى أمرين:
الأول: عندما حاول أحد المسؤولين طرح الأسئلة بخصوص الواحد بالألف الذي يغذي النقابة. جابهناه بأننا نقدم المعونة القضائية التي لا نكتفي بدفع المصاريف، بل أيضاً هناك ما يسمى الربح الفائت، أي أتعاب المحامين عن كل ملف.
الثاني: عندما يطرح السفراء والجمعيات والمنظمات الدولية دور نقابة المحامين في ملف المرفأ. نجيبهم بأننا نلاحق الملفات عن 1400 متضرر مجاناً، هذا عدا عن المصاريف التي نتكبدها.
نعم. إن المعونة القضائية في نقابة المحامين هي العنوان الأبرز للخدمة العامة والإنسانية والتضحية، والمساهمة في الشأن العام. وفقكم الله.
* ألقى النقيب ناضر كسبار هذه الكلمة خلال ندوة نظّمتها لجنة المعونة القضائية في نقابة المحامين في بيروت بعنوان: “تأمين حق الدفاع.. تحقيقاً للعدالة” في “بيت المحامي” وشارك فيها القاضي جون القزي ورئيس محاضرات التدرّج في النقابة الدكتور اسكندر نجار ورئيس لجنة المعونة المحامي فادي الحاج.
“محكمة” – الجمعة في 2023/3/24

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!