المقاطعـة سلاح شعبي وقانوني/فؤاد مطر
المحامي فؤاد مطـر(رئيس الجمعية اللبنانية لمواجهة التطبيع):
تعريف المقاطعة:
المقاطعة هي ردّ فعل إنساني على حدث ما، أو تصرّف ما، من فرد أو مجموعة، لتحقيق غاية منشودة، أو التعبير عن شعور إزاء خصم، أو من يخرج عن المألوف لمعاقبته.
إنّها وسيلة يستخدمها المواطن بغرض تحقيق هدف سياسي رافض التعامل مع العدوّ للتأثير على ممارساته، وتستند إلى تراث وخبرة في أشكال المقاومة المدنية، يتمّ استدعاؤها لتلبية حاجة مشروعة تلجأ إلى المخزون التاريخي النضالي لدى الشعوب، ولا تملك الأنظمة سلطاناً عليه ولا تستطيع منعه.
السياق التاريخي للمقاطعة العربية:
بدأت المقاطعة العربية كردّ فعل شعبي على تزايد مخاطر الهجرة الصهيونية إلى فلسطين على أثر مؤتمر بازل الذي نظّمه تيودور هرتزل عام 1897 وكان الإنطلاقة الأولى للمشروع الصهيوني لإقامة الدولة اليهودية في فلسطين، ثم مؤتمر “هنري كامبل بنرمان” وزير المستعمرات البريطانية مكملاً لوثيقة المؤتمر اليهودي الأول الذي وضع استراتيجية للغرب في إخضاع العرب، وأسّست لمشروع صهيوني غربي هدفه وأد أي نهوض عربي، وبدأت إجراءات التنفيذ من خلال سايكس – بيكو عام 1916 وبصدور وعد بلغور 1917 ودعوته لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين حيث أعطى من لا يملك وعداً لمن لا يستحق، واستطاعا أن يسلبا الحق الشرعي حقه في ما يملكه وفي ما يستحقه، وفرضت نكبة 1948 وجود الكيان الصهيوني، ومن خلال خطة آلون عام 1967 التي وضعت الإطار العام للمخطّط الصهيوني لكلّ فلسطين التاريخية، وما عبّـــر عنه في ما بعد “آلغير” عام 1994 بالاستمرار في ارتكاب جرائم الحرب، وجرائم ضدّ الإنسانية، واغتصاب الأرض، وتهويد القدس، وبناء المستوطنات وتدمير أملاك فلسطين، واقتلاع أشجار الزيتون وكافة المحاصيل، بما يؤدّي إلى الابارتيد داخل فلسطين، والترانسفير والتهجير القسري للشعب الفلسطيني الى الخارج…
لقد تألفت لجان من المسلمين والمسيحيين بالاتفاق مع اللجنة التنفيذية للمؤتمر العربي الفلسطيني (1919 – 1935) ثم الهيئة العربية بعد ذلك، وأخذت تدعو الأهالي والتجار إلى مقاطعة السلع اليهودية، ووقف التعامل مع التجار اليهود، وتدعمت بعد الحرب العالمية الثانية بصدور قرارات منع استيراد المنتجات اليهودية القادمة من فلسطين أسوةً بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وحظر تصدير المواد الأولية لليهود في فلسطين قبل صدور قرارات المقاطعة العربية التفصيلية.
إنّ المقاطعة الاقتصادية الفلسطينية للمنتجات اليهودية فرضت واقعها أثناء الانتداب البريطاني على فلسطين، وبالتحديد خلال ثورة عام 1936، وبعدها عام 1945 من خلال الجامعة العربية كتعبير عن رفض عملية اغتصاب فلسطين على يد اليهود بحماية بريطانيا والغرب عموماً.
قررت الجامعة العربية في كانون الاول عام 1945 التدخل المباشر في مسألة المقاطعة لمساعدة الفلسطينيين بإغلاق باب الاسواق العربية في وجه الصناعة اليهودية.
تألفت اللجنة الدائمة للمقاطعة، وبدأت نشاطها في 5/12/1946 وقررت بالاتفاق مع اللجنة العربية العليا والغرفة التجارية في فلسطين إنشاء مكتب دائم في فلسطين تكون مهمته الإرشاد الى المصنوعات الصهيونية لمقاطعتها والتعرّف إلى الصناعات العربية لمساعدتها.
نظّم مجلس الجامعة العربية في حزيران عام 1946 مسألة المقاطعة فقرر إنشاء لجان المقاطعة في فلسطين، وفي كل دولة عربية للإشراف المحلي، تكون على صلة باللجنة الدائمة للأمانة العامة.
إن المقاطعة اتخذت بُعداً في تنظيمها بعد قرار مجلس الجامعة عام 1951 بإنشاء مكاتب للمقاطعة تحت اشراف مكتب رئيسي في دمشق تتولى التخطيط والمتابعة واتخاذ ما يلزم من تدابير إدارية وتشريعية لتنفيذ المقاطعة. وهي تتضمن سلسلة متكاملة من الإجراءات تجاه الشركات والمؤسسات التي تدعم الاقتصاد الاسرائيلي.
إن الدول العربية شرّعت قانوناً موحداً بشأن المقاطعة، وأقامت جهازاً سُمي “المكتب الرئيسي لمقاطعة إسرائيل” وتدعو المكاتب الاقليمية الى مؤتمرات نصف سنوية تتخذ فيها القرارات الخاصة بمقاطعة منتوجات وشركات، أو بإزالة المقاطعة عنها، وقد طورت قرارات المقاطعة بحيث لم تعد تقتصر على المنتوجات والشركات الإسرائيلية بل تتعداها إلى منتوجات شركات تقيم مصانع أو فروعاً لها في إسرائيل، وكذلك الشركات التي تدعم الاقتصاد الاسرائيلي، وطبقت انظمته بحق السفن التي حظر عليها ان تمر بميناء عربي وآخر اسرائيلي في السفرة نفسها.
إن المقاطعة طبقت بحق شركات عالمية كبرى مثل فورد، رينو، كوكاكولا… مما اضطر هذه الشركات الى التخلي عن النشاطات والمنشآت التي سبقت مقاطعتها وبذل جهود مضنية للحصول على موافقته بإلغاء المقاطعة عليها.
تتضمن احكام المقاطعة سلسلة متكاملة من الإجراءات في مجالات التصدير والاستيراد وعبور البضائع وتجاه الشركات والمؤسسات التي تدعم الاقتصاد الإسرائيلي وتختص بعدة مجالات في مقدمتها صناعة الأسلحة والصناعات النووية، وشركات الملاحة والطيران والنفط والمصارف وشركات التأمين الأجنبية، كما تختص باهتمام مماثل بالمؤسسات الثقافية كالسينما الأجنبية والممثلين الأجانب والانتاج التلفزيوني والمطبوعات الاجنبية المتضمنة دعاية لإسرائيل أو طعناً في العرب.
لم يسجل أي خرق لمبدأ المقاطعة في الحقبة الناصرية، وما زالت سوريا تتلقى الضربات نتيجة مواقفها الراديكالية ضد اي تسوية مع العدو الصهيوني ومقاطعته الكاملة له.
إن إجراءات المقاطعة تنطوي على وجهين: أحدهما سلبي يهدف الى منع تصدير المنتوجات العربية الى اسرائيل سواءً بطريق مباشر او غير مباشر والحيلولة دون وصول الأخيرة الى الاسواق العربية كمشترية او مستثمرة عن طريق بلدان اخرى أو اشخاص آخرين، والوجه الآخر ايجابي يهدف الى منع رؤوس الاموال من التدفق إلى اسرائيل.
نتناول في هذا الصدد الآتي:
أ – الجذور القانونية ج – جدوى المقاطعة
ب – تجارب تاريخية د – الإختراق والملاحقة القضائية
أ – الجذور القانونية:
وردت عبارة المقاطعة في عدة وثائق دولية أهمها صك عصبة الأمم، وميثاق الأمم المتحدة.
أجازت المادة السادسة من صك العصبة قطع العلاقات بين مواطني دولتين معتدية ومعتدى عليها سواءً أكانت عضواً في العصبة أم لم تكن.
واعتمد ميثاق الأمم المتحدة المقاطعة كسلاح بيد الدولة المعتدى عليها في مادته 41: “لمجلس الأمن ان يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله ان يطلب الى اعضاء الامم المتحدة تطبيق هذه التدابير، ويجوز ان يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفاً جزئياً أو كلياً، وقطع العلاقات الدبلوماسية”، لكن المجتمع الدولي، للأسف، متواطىء ومشترك في الجرم على فلسطين.
إن المقاطعة العربية حق مشروع طبقاً للميثاق الأممي الذي اعطى الحق للدول وقف الصلات على اختلافها، وتبقى سلاحاً يُستخدم ضد الظلم والعدوان، وبهذا قرر مجلس الجامعة العربية في 2/12/1949 مقاطعة المنتوجات الاسرائيلية، وأصدر توصية بحظر دخول السلع والمنتوجات الاسرائيلية في فلسطين الى الدول العربية باعتبار ان إباحة دخولها يؤدي الى تحقيق الاغراض السياسية والتوسعية الصهيونية.
وبعد إقامة دولة الكيان المغتصب أدخلت المقاطعة العربية بقرار من مكتبها “القائمة السوداء” في مواجهة جميع الشركات المتعاونة مع الكيان الصهيوني، وطالت شركات الطيران والسفن الاجنبية، وطبّق الحظر على حوالي 175 شركة عالمية ثبت تعاملها مع العدو الاسرائيلي.
ب – تجارب تاريخية:
– عام 1746 قاطعة أميركا بريطانيا.
– في القرن الثامن عشر قرر نابليون مقاطعة بريطانيا.
– عام 1874 قاطعت إيطاليا النمسا.
– عام 1917 فرضت بريطانيا وفرنسا واميركا واليابان حصاراً اقتصادياً على الاتحاد السوفياتي.
– عام 1931 فرضت عصبة الأمم عقوبات اقتصادية على اليابان بعد غزوها إقليم منشوريا الصيني.
– عام 1935 فشلت عصبة الأمم في تطبيق العقوبات الاقتصادية على ايطاليا بعد غزوها الحبشة اثيوبيا، وكان نذيراً لانتهاء عصبة الأمم بعد ان تجاوزت الدول الأعضاء هذا القرار.
– عام 1939 تم طرد الاتحاد السوفياتي من عصبة الأمم لغزوه فنلندا.
– عام 1950 قرر مجلس الشيوخ الاميركي بالإجماع مقاطعة تشيكوسلوفاكيا اقتصادياً بسبب محاكمة الصحافي الأميركي “وليم أوتيس” بتهمة التجسس.
– منذ عام 1961 واميركا تفرض سياسة المقاطعة الاقتصادية الشاملة على كوبا، وتم تشديدها عام 1996 بقانون هيلمز الذي يلزم الحكومة الاميركية بالعمل على عزل كوبا، ويقضي بمعاقبة الدول والشركات والأفراد الذين يقومون بالاستثمار في كوبا، وتشديد الحظر المفروض على صادرات السكر الكوبي.
كما تفرض اميركا المقاطعة الاقتصادية على كل من ليبيا والسودان وايران وكوريا الشمالية وغيرهم…
ج – جدوى المقاطعة:
ان الصهيونية منذ البداية ظاهرة دولية ترتبط بشبكة النفوذ اليهودي العالمي، وليست ظاهرة محلية حصراً تتعلق بالاحتلال اليهودي لفلسطين، يؤكد ذلك ما صدر عن المؤتمر الصهيوني العالمي عام 1964 من توجيه نداء الى الهيئات والمنظمات اليهودية في العالم يطالبها باتخاذ الإجراءات الضرورية لمواجهة آثار المقاطعة العربية على اسرائيل، وبأن تكون الاجراءات على الصعيدين الاعلامي والقانوني، وبدأ التحرك من خلال الضغط على مواقع صنع القرار في كل من الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا وهولندا والمانيا بهدف استصدار تشريعات مضادة للمقاطعة العربية تتضمن عقوبات زجرية.
لقد بذلت الصهيونية العالمية جهوداً لإلغاء المقاطعة او الالتفاف عليها او احتواء آثارها، ومن نتائج ذلك على سبيل المثال ما صدر من تشريع في مجلس النواب الاميركي بسنّ قانون عام 1977 يفرض عقوبات وغرامات مالية باهظة على الشركات الاميركية الملتزمة بالمقاطعة العربية الثانوية، وهو القانون الذي وقعه الرئيس الاميركي جيمي كارتر، ولذلك تم تأسيس مكتب “التقيد بمناهضة المقاطعة” وإلحاقه بوزارة التجارة الاميركية، استجابةً لمؤسسات وشركات اميركية، وقد عمل جهاز المخابرات الاميركية في الاتجاه، وانه لتحطيم المقاطعة العربية لإسرائيل ولإفساح المجال امامها لكي تصبح جزءاً من نظام اميركي في الشرق الاوسط، وتعمل بضغوط سياسية وقانونية لإرهاب الشركات ومنعها من الخضوع لقوانين المقاطعة العربية.
كذلك اتسمت سياسة الدول الغربية إزاء المقاطعة بالرفض والعرقلة واصدار التشريعات والقوانين المناهضة، فهناك سيطرة للعديد من الشركات الدولية العاملة بالمال اليهودي والمتخفية تحت ستار جنسيات دولية مختلفة على الكثير من الشركات والصناعات الاستراتيجية من خلال برامج الخصخصة، والاستثمارات الاجنبية المفتوحة، وشراء الاسهم، كذلك ايضاً فقد أصرت اسرائيل ان تتضمن معاهدات التسوية نصوصاً قاطعة بإلغاء المقاطعة التي كانت تشكل رادعاً لحركة الاستثمار الاجنبي اليها.
وهذا، ما يؤكد في كل يوم على فعالية المقاطعة التي كبدت العدو الاسرائيلي خسائر كبيرة، وجعلت تكلفة دعم الغرب له كبيرة للغاية.
لذا، لا بد من دعم الاقتصادي الفلسطيني، وتعزيز قدراته على الصمود في مواجهة العدو الاسرائيلي.
د – اختراق المقاطعة والملاحقة القضائية:
في هذا المجال سوف نأتي على سرد ثلاث حالات بارزة تم فيها الاختراق والملاحقة القضائية.
1 – شركة الإستي لودر:
لقد صدر عن المؤتمر (67) لضباط اتصال المكاتب الاقليمية المنعقد في دمشق عام 2001 بأن شركة الأستي لودر مملوكة من قبل الصهيوني “رونالد لودر” الذي يقوم بنشاطات تدعم اسرائيل وقد حظر التعامل معها، ومع سائر شركاتها الفرعية وعلاقاتها التجارية.
للأسف، لم تلتزم وزارة الاقتصاد اللبنانية بمضمون هذا القرار على الرغم من ان التوصية قد عددت المناصب التي يحتلها “لودر” في اميركا واهمها: رئيس الصندوق القومي اليهودي، ورئيس مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الاميركية الكبرى، وامين صندوق الكونغرس اليهودي العالمي وغيرها، هذا مع الاشارة الى ان “الصندوق القومي اليهودي” الذي يرأسه لودر هو ثاني اكبر مالك للأراضي في فلسطين بعد حكومة الكيان الصهيوني حيث تسجل الحكومة الاسرائيلية كل الاراضي الفلسطينية التي استولت عليها عام 1948 والتي تستولي عليها بعد ذلك بإسم هذا الصندوق، ولا يسمح نقل هذه الاراضي الى غير اليهود.
إن احد ضباط الاتصال في مكتب مقاطعة اسرائيل في دمشق قد صرح في ختام المؤتمر الـ (69) عام 2002 بأنه قد تم ادراج على اللائحة السوداء فروع شركة أستي لودر الاميركية لمساحيق التجميل المدرجة على القائمة السوداء منذ اعوام والتي تعمل في بيروت.
شاركتُ حينها بلجنة المتابعة لمكافحة الاختراق الصهيوني، وفي مؤتمرها الذي عقد في 2001/4/4 وقد حضره ممثلون عن مختلف القوى الشعبية والتي قادت حملات واسعة لمقاطعة الشركات الداعمة لكيان العدو مثل شركة أستي لودر التي تسللت في لبنان تحت غطاء طرف رسمي في حينها.
وعلى أثر فعالية التحركات الشعبية تم استدعاؤنا امام المدعي العام التمييزي بناءً على طلب من السلطة السياسية، ظناً منهم تخويفنا وتهديدينا بالويل والثبور وعظائم الامور، لكننا ثبتنا على موقفنا بدعم من الرأي العام وتمسكنا بمطالبنا غير عابئين، فما كان من المدعي العام التمييزي سوى الركون ساكناً، وطوى الملف في الادراج.
إنتقل الحراك بزخم اكبر ضد الشركات الاميركية الداعمة للكيان الاسرائيلي، وهذا ما اثار انتباه “الإكاديمي فواز جرجس” الذي ذكر في مقالاته بعنوانه “اميركا في حالة حصار في داخل المجتمعات العربية” بأنه شاهد تظاهرة كبيرة ترفع لافتات تدعو الى مقاطعة السلع الاميركية والشركات الداعمة للكيان الصهيوني.
2 – ملف المخرج السينمائي زياد دويري:
بتاريخ 2017/8/10 تم توقيف المخرج السينمائي زياد دويري لدخوله الاراضي المحتلة حيث قام بزيارتها لتصوير فيلمه “الصدمة” وتعامله مع طاقم عمل اسرائيلي من ممثلين، ومنتج منفذ، وإقامته في تل ابيب حوالي السنة بين عامي 2010 و2011 حيث صوّر فيلمه فيها وبضواحيها.
علماً ان المخرج دويري دخل لبنان بعد تصوير فيلمه وخرقه لقانون المقاطعة مرات عدة دون رقيب او حسيب.
تُرك هذا المخرج بسند اقامة في اليوم نفسه، بحجة ان افعاله قد سقط الجرم عنها قانوناً بحكم مرور الزمن بانقضاء ثلاث سنوات، وفق ما ركن اليه الادعاء بوصف الجرم جنحة استناداً إلى احكام قانون العقوبات اللبناني، بدلاً من تطبيق احكام قانون مقاطعة اسرائيل لصلته بالاسرائيلي حيث نصت المادة الاولى من قانون مقاطعة اسرائيل الصادر في 1955/6/23 بأنه “يحظّر على كل شخص طبيعي او معنوي ان يعقد بالذات او بالواسطة اتفاقاً مع هيئات أو اشخاص مقيمين في اسرائيل او منتمين اليها بجنسيتهم او يعملون لحسابها او لمصلحتها، وذلك متى كان موضوع الاتفاق صفقات تجارية او عمليات مالية او اي تعامل آخر اياً كانت طبيعته”.
لقد تم اللجوء الى قانون العقوبات العام الذي لم ترد فيه اطلاقاً لفظة اسرائيل بل العدو بشكل عام، والذي صدر سابقاً قبل نشوء الكيان الغاصب، ولم يطبق قانون مقاطعة اسرائيل (الخاص) الذي اوجب العقوبة بوصفها جناية والسجن فيها من ثلاث سنوات الى عشر سنوات.
أقفل هذا الملف دون الحؤول لسماع طلب اعادة المحاكمة وفق احكام المادة 328 عقوبات، مع العلم أنه تم منع عرض الفيلم المذكور في صالات السينما في لبنان، ومعظم الدول العربية بناءً على طلب مكتب مقاطعة اسرائيل.
إتصلت بي على الفور جريدة الاخبار، بصفتي مقرر للجنة مقاومة التطبيع في نقابة المحامين في بيروت، وصرحت لها بأننا شهدنا خفة في متابعة هذا الملف حيث نسب القاضي صقر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية ان المخرج دويري زار فلسطين المحتلة من دون موافقة صريحة من السلطات اللبنانية، ليحاكمه على اساس المادة 258 من قانون العقوبات، بينما كان يجب تطبيق احكام المادتين الاولى والسابعة من قانون مقاطعة اسرائيل لتعامله مع اشخاص من الجنسية الاسرائيلية، واقامته في اسرائيل واجراء العقود مع منتمين اليها.
3 – جمعية روزانا وخدماتها الطبية:
بتاريخ 2019/5/23 تقدمت مع زملاء من المحامين بإخبار الى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، سجلت لدى قلم النيابة العامة العسكرية تحت رقم 2019/822 مرفقين به مستندات تثبت ان الدكتور جمال ريفي قد اقدم على دخول فلسطين المحتلة للقاء مسؤولين صهاينة بحجة تقديم مساعدات انسانية لحالات مرضية، ومشاركته في نشاط جمعية “روزانا” في اوستراليا التي تضم اعضاء يحملون جنسية الكيان الاسرائيلي.
لقد تم مؤخراً إنشاء مشروع روزانا في استراليا بدعم من العدو الاسرائيلي بهدف التطبيع مع العدو عن طريق تأمين خدمات طبية للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وبهدف خلق تعاون طبي معه، وتدريب اطباء تحت رعاية الاحتلال، وتبين أن من مؤسسي المشروع Ron Finkel الصهيوني الاسترالي،
واضاف الإخبار بأن العدو يخلق واقعاً صعباً للفلسطينيين بحرمانهم من العلاج بحيث يصبح الفلسطينيين أمام حلين إما العلاج لدى العدو أو الموت.
أكد الإخبار على ان مشروع روزانا يسعى الى التطبيع مع العدو، وتدعمه بعض الشخصيات الغربية، وعضو مجلس ادارته الدكتور جمال ريفي الذي صرّح في جريدة الاخبار بتاريخ 2019/5/18 بأنه يدخل الى الاراضي المحتلة وتحديداً إلى مستشفى “هداسا” برعاية العدو الاسرائيلي والمنظمات الصهيونية.
وأشار الإخبار الى ان هذه الافعال تشكل جرائم منصوص عنها في قانون مقاطعة اسرائيل الصادر بتاريخ 1955/6/22 مما يقتضي على مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية اجراء التحقيق اللازم وتوقيف الفاعلين وكل من يظهره التحقيق، وانزال اشد العقوبات.
وبالتالي، فقد صدر عن المحكمة العسكرية الدائمة حكم غيابي بحق جمال ريفي قضى بالسجن عشر سنوات (جناية).
لم يكتفِ المدعو جمال ريفي بما قام به من عمل شائن يأتي في خانة الخيانة الوطنية والدينية والقومية، بل قام بتصريحات وقحة، وبأنه سوف يلاحقنا امام المحاكم والمراجع الدولية ذات الشأن… وما زال خارج البلاد ولن يتجرأ على العودة الى مسقط رأسه.
4 – شركة زارا ZARA:
إن شركة الالبسة الاسبانية زارا ZARA هي شركة عالمية، لديها فروع عدة في لبنان، اصبحت في قائمة المقاطعة شعبياً، بسبب دعم وكيلها في اسرائيل لعضو الكنيست في حملته الانتخابية البرلمانية ويدعى “وايتمار بن غفير” زعمي حزب كهانا الذي يدعو الى طرد الفلسطينيين وهدم الاقصى.
هذا ما يدعونا الى الطلب من شركة زارا العالمية بسحب الوكالة من وكيلها المذكور، وسوف نتقدم بدعوى قضائية لاتخاذ القرار بإقفال كافة فروعها في لبنان استناداً إلى قانون المقاطعة، والمرسوم رقم 12562 الذي يتعلق بتنظيم مقاطعة اسرائيل الصادر بتاريخ 1963/4/19، والمطالبة بإدراج او شطب شركة زارا وتحظير التعامل معها ووضعها على اللائحة السوداء، ونشر ذلك في الجريدة الرسمية، وفي ثلاث صحف يومية تحت اشراف مكتب المقاطعة في وزارة الاقتصاد.
إزاء ذلك نقترح الآتي: تقديم طلب للمديرية العامة للاقتصاد والتجارة – مكتب مقاطعة اسرائيل من اجل الحصول على افادة عن وضع شركة زارا. أو رسالة الكترونية عبر الموقع https://portal.economy.gok.lb، أو هاتفية لمعرفة موعد استلام الافادات من وزارة الاقتصاد والتجارة – مكتب مقاطعة اسرائيل، وذلك بعد إحضار الطلب الخاص بالإفادة.
وتقديم مذكرة لدى المراجع التالية:
– مجلس الوزراء
– وزير الاقتصاد
– الهيئة العليا للشؤون الفلسطينية
– رئيس مكتب المقاطعة في وزارة الاقتصاد
وبالمقابل تقديم اخبار او دعوى لدى المراجع القضائية المختصة عند الاقتضاء مرفقة بمستندات.
في كل الاحوال، نطلب بأن يلحق مكتب مقاطعة اسرائيل بوزارة الدفاع لارتباطه بحماية الامن الوطني اللبناني.
إن العدو الاسرائيلي يقر بأن الاتفاقيات مع الانظمة العربية عجزت عن تحقيق وقف الشعوب عن مقاطعتها له،
نتذكر هنا المثل القائل: إذا كنت لا تستطيع أن تقود الحصان إلى الماء، فإنك لا تستطيع أن تجبره على شربه.
*ألقيت هذه الكلمة في ندوة أقامتها دائرة المقاطعة في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في 2 تشرين الثاني 2022، في ذكرى وعد بلفور.
“محكمة” – الأربعاء في 2022/11/9