النائب جميل السيّد: الأمن في بعلبك الهرمل مسؤولية الدولة.. ولتحقن الدماء بين اليمونة والعاقورة
أطلق النائب اللواء الركن جميل السيّد سلسلة مواقف بشأن الوضع الأمني المتردي في البقاع وتحديداً في محافظة بعلبك الهرمل خلال مؤتمر صحفي عقده في فندق”كورال بيتش” في محلّة الجناح في بيروت، فدعا إلى معالجة” الأمن اليومي والأحداث اليومية من “تشفيط” السيّارات على رأس العين إلى إطلاق النار في الهواء والسلب والخطف وسرقة السيّارات، وصولاً إلى التهديدات والخوّات.. وعندما يحصل الحادث علينا توقيف الفاعلين بأسرع ما يمكن، وفي حال هربوا، علينا أن نطاردهم ونلقي القبض عليهم ونحيلهم على القضاء المختص”.
الأمن الاجتماعي
وقال السيّد: “إنّ المطلوب مسؤولية أمنية تعالج المشاكل اليومية فقط، والتي نسميها نحن بالأمن الاجتماعي، ولا نطلب تنظيف المنطقة من أيّ شيء. ومع هذا كلّه، هذا الحدّ الأدنى لا أحد يعالجه. قبل الانتخابات، خلال لقاءاتنا مع الناس لم يكن هناك أي كلام، إلاّ عن الأمن، واتخذت مبادرة مع فعاليات المنطقة من نواب ونواب سابقين، وكنت ممن زاروا قائد الجيش العماد جوزاف عون. وعلى مدى ساعة وربع ساعة، شرحت واقع المنطقة في 26 آذار الفائت من دون إعلام، إيماناً مني بأنّنا نحن العسكر نتكلّم بالسترة، بما معناه بعيداً عن الاعلام. وأطلعت العماد عون على وضع الأمن في المنطقة وتقصير الجيش والقوى الأمنية والقيّمين على الأمن فيها، وأكّدت له ضرورة جمع الأجهزة في غرفة عمليات لملاحقة الحوادث اليومية، وأنّه لا يجب اعتماد خطّة تطويق قرية بكاملها من أجل شخص خارج على القانون، بل محاولة توقيفه خارج القرية، لا سيّما أنّ التقنيات والأجهزة والعناصر البشرية العسكرية موجودة، ونحن لا نطلب قطع الرؤوس عشوائيا”.
وإذ طالب “الضبّاط بأن يكونوا في جهوزية تامة كأمنيين لا كموظّفين لأنّ الأمن يتطلّب الرصد ليل نهار”، عاد إلى يوم 16 أيّار 2018″ فما يجري كأنّه يحصل بكبسة زرّ، حيث تضاعفت الحوادث والمخالفات والمشاكل والخلافات العائلية في قلب مدينة بعلبك، ولكن للأسف لم يتحرّك فوراً أيّ من الأجهزة”.
رفع الغطاء
وأكّد أنّ “النائب هو من يحمل هموم الناس ويقاتل عنهم في الدولة.. ولذلك زرنا فخامة الرئيس العماد ميشال عون الذي أبدى تجاوباً وأعطى توجيهاته إلى المجلس الأعلى للدفاع أنّ الخلل الأمني في البقاع ممنوع. وسابقاً ولاحقاً، قال الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله ودولة الرئيس نبيه بري في كلّ المحطّات لا غطاء على أحد وليقم المعنيون بدورهم، وهذا يعني أنّ الجميع رفعوا الغطاء، فمن إذا يحمي المخلّ بالأمن؟ هو الأمن”.
وأضاف: “منذ يومين، زار نوّاب قائد الجيش حيث كان حاضراً مدير المخابرات، وطالبوه بضرورة فرض الأمن في المنطقة، وكان الجواب أعطونا أسماء المتورّطين وأنّ هناك ثقافة مختلفة لدى أبناء المنطقة، كما قال مسؤول أمن البقاع لمحافظ بعلبك إنّ أهل المنطقة هكذا، ولا يتغيّروا. وللأسف، هل نجلب شعباً من الخارج كسويسرا لتطبّقوا عليه الأمن؟ مع العلم أنّ أهل المنطقة من خيرة الأوادم وعشائرها خير الناس، فإذا كان هناك عدد ضئيل ممن يخلّون بالأمن، فهذه مسؤولية الدولة. إنّ العشائر لا تسرق ولا تنهب ولا تفرض خوّات، فهي أهل حقّ ونصرة المظلوم. وللأسف، هناك من اتصل ببعض المخلّين بالأمن لإصدار بيانات وتوجيه الشتائم إلى جميل السيّد والنوّاب، وهدّدوا بتحميلنا مسؤولية الدماء التي ستسيل، وإذا لم تأتوا بالإنماء والعفو فلا تنفّذوا خطّة أمنية. فإذا تأخّر الانماء والعفو، هل يتمّ “الزعرنة” على أهل المنطقة؟ كما طالب البعض من أصحاب اللوحات الاعلانية بأن يتمّ رفع لافتات التأييد لمسؤولي الأمن في المنطقة، وهذا ما يحدث، وإذا كان قائد الجيش واللواء عماد عثمان ومدير المخابرات يعلمون فهي مصيبة كبيرة، وإن لم يعلموا فالمصيبة أكبر، والحجّة فقط أنّ ثقافة أهل المنطقة معقّدة، فللأسف هذا الجواب”.
البعلبكي والأميركي
واستغرب النائب السيّد “ألاّ يتحرّك العنفوان لهيبة الجيش بعد قيام أشخاص يرتدون لباس الجيش وينتحلون صفة المخابرات بسرقة منزل أديب اللقيس وخطف زوجته وإعادتها، فكيف لم يتحرّك الجيش لتوقيف الفاعلين، مع العلم أنّ المنزل الذي سرق يبعد عن حاجز الجيش في دورس 150 متراً. فهل تمّ اتباع مبدأ طائفي تحت مسمّى “شيعة يصطفلوا ببعض”؟ علماً أنّ رئيس المخابرات في البقاع شيعي، وكذلك مسؤولي التحرّي وأمن الدولة والأمن العام. ودائماً يقال إنّ الفاعلين فرّوا إلى سوريا، وهذا كذب، لأنّ أماكن وجود المطلوبين معروفة، وهناك تنسيق معهم، فهل يحصل ذلك إذا تعرّض شخص يحمل الجنسية الأميركية أو الفرنسية للسرقة أو لأيّ حادث في بعلبك أو أيّ شخص ميسور، أو تحلّ القضيّة بسرعة؟ ولكن عندما يتعلّق الأمر بأحد أهالي بعلبك والهرمل فلا أحد يتحرّك”.
وتوقّف عند “حادثة سرقة صندوق النذورات من كنيسة سرعين التحتا وتوقيف الفاعل في ساعات، متسائلاً: “لماذا لا يطبّق هذا الأمر على كلّ بعلبك الهرمل”.
وقال السيّد “أحد ضبّاط الأمن السابقين العميد حسين خليفة كان يوقف مطلوبين ويخلي سبيلهم مقابل مبالغ مالية، ولاحقاً، فضح هذا الأمر، ولكن للأسف بدل معاقبته تمّ نقله ليصبح ملحقاً عسكرياً في روسيا وزيد راتبه”.
ورأى “أنّنا قطعنا مرحلة التقصير الأمني إلى مرحلة التآمر، لأنّ هناك تآمراً على أهل المنطقة والمقاومة لترسل رسالة إلى الخارج بأنّ بيئة المقاومة هي من الزعران، وهذا عكس الحقيقة، فالعشائر وعائلات بعلبك الهرمل تتميّز بالنخوة، والتآمر عليها واقع حتّى ثبوت العكس”.
واستعاد السيّد “حديث المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان الذي قال فيه إنّ أيّ جريمة في لبنان حدّها الأقصى لتوقيف المجرمين 24 ساعة، بفضل التقنيات الجديدة. فلماذا هذه التقنيات غائبة عن منطقتنا؟”.
اليمونة والعاقورة
وتوقّف السيّد عند مسألة اليمونة والعاقورة، وقال: “ما يعنينا هو حسن الجوار الدائم والمحبّة، وأن يسود بين البلدتين ما يسود بين كلّ اللبنانيين، فمنذ عشرينيات القرن الماضي كان هناك ترسيم للجرود، حيث اعتبر أهل اليمونة أنفسهم مغبونين. فهذه الجرود تضمن في أوّل الربيع لرعيان من الناحيتين، وكانت تشهد اشتباكات واشكالات منذ ستينات القرن الماضي، ممّا أوقع عدداً كبيراً من القتلى من البلدتين. ومنذ عهد الرئيس كميل شمعون وما بعده، تألّفت أكثر من عشر لجان وزارية لحسم هذه المسألة، وكنّا في أوّل الربيع من كلّ عام نخشى وقوع أيّ إشكال، وتفاعلت الأمور في عهد الرئيس العماد إميل لحود، وكنت حينها مساعداً لمدير المخابرات، ثمّ مديراً عاماً للأمن العام، حينها توجّهت مع العميد ريمون عازار والعميد حسين اللقيس إلى البلدتين لطرح حلّ وفكّ التماس بالتراضي، فتمّ الاتفاق على تحديد منطقة عزل في خطّ الوسط بالجرد، وعلى ألاّ يقترب منها أحد. ومع الوقت، توقّفت الاشكالات بالرضى بين الأهالي والبلديتين، وكلّ الأطراف عرفت حدودها”.
وتابع: “قبل موسم التضمين في الجرد هذا العام، قام رئيس بلدية اليمونة بمبادرة حسن نيّة تجاه رئيس بلدية العاقورة الجديد والذي ينتمي إلى التيّار الوطني الحرّ، وقال له نريد أن يبقى الوفاق على غرار السنوات الماضية، فطالبه رئيس بلدية اللقلوق بالعودة إلى الاتفاق القديم. وبما أنّني من المعنيين وحقناً للدماء، بعد ضرب رعيان من اليمونة، طلبت عدم التحرّك، وتوجّهت عند فخامة الرئيس ميشال عون، الذي قال: الطرفان يهمّونني كأولادي، وسنعطي تعليمات إاعادة تمركز الجيش، كما كان من قبل، ريثما يتمّ إيجاد حلول. وللأسف، كان هناك التباس، فعدت وزرت الرئيس عون، وطالبنا بأن يبيعوننا الدم من دون افتعال مشاكل تعود بالحال إلى ما قبل العام 1938. وللأسف، قال أحد الضبّاط المتقاعدين والمستشارين في القصر إنّ هذا الحلّ عمل به خلال مرحلة الوجود السوري في لبنان. وعلى قيادة الجيش أن تجمع الطرفين وتحيي الاتفاق القديم، ريثما يشكّل فخامة الرئيس لجنة وزارية لرسم الواقع الطوبوغرافي الجديد ويكون الحلّ النهائي، ونحن سنكون إلى جانب الناس دوماً لتحقيق الأمن تحت غطاء الرئيس عون والرئيس بري والسيّد نصرالله”.
“محكمة” – الأربعاء في 2018/06/20