النصّ الحرفي لاجتهاد القاضي الزعني:”كوفيد 19″ قوّة قاهرة تسمح بتطبيق حالة الضرورة لإخلاء السبيل/علي الموسوي
علي الموسوي:
بعدما اجتاحت جائحة “كورونا” الكرة الأرضية وحجزت الناس في بيوتها قسراً للوقاية من الإصابة بها في ظلّ عدم وجود لقاح يمنع حصولها أو يبعدها كونها مستجدّة في الساحة الصحيّة، توجّهت الأنظار إلى المساجين القابعين في زنزانات غير مجهّزة بالشكل المناسب في السجون والنظارات الموجودة على الأراضي اللبنانية، وذلك خشية تفشّي هذا الوباء العالمي في صفوفهم، فكان القرار القضائي السليم بتسريع الخطوات القانونية اللازمة قدر الإمكان لإجراء الاستجوابات الإلكترونية باستخدام الوسائل التقنية السمعية والبصرية، والفصل في طلبات إخلاءات السبيل وتسهيل خروج السجناء وترك الموقوفين الذين تسمح ملفّاتهم بذلك والتي لا تتعارض مع سلامة المجتمع.
وفي أوّل اجتهاد قضائي من نوعه في لبنان والعالم العربي في ظلّ انتشار هذا الوباء في كلّ أرجاء المعمورة، وصف قاضي التحقيق في لبنان الشمالي داني الزعني، “كوفيد 19” أو فيروس “كورونا” بالقوّة القاهرة التي تسمح بتطبيق حالة الضرورة لإخلاء سبيل شخص موقوف بجنحة، دون انتظار فترة الشهرين المنصوص عليها في المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية لكي يجري إخلاء سبيله.
ولم يسبق لأيّ قاض جزائي لبناني أن ذهب في اعتبار جرثومة”كورونا” قوّة قاهرة كما فعل الزعني، فيما هناك قضاة في الشقّ المدني يميلون إلى وضع هذه الجائحة في خانة القوّة القاهرة في ما يتعلّق بالالتزامات المالية أو التعاقدية لكنّ أحداً منهم لم يتسنّ له لغاية تاريخ صدور قرار الزعني وكتابة هذه السطور، إصدار قرار في هذا الشأن.
وفي قراره الصادر بصفحاته الثلاث في 15 نيسان 2020، في قضيّة ترويج وتعاطي مخدّرات يلاحق فيها أربعة أشخاص هم موقوفان وآخران متواريان عن الأنظار ولكنّهما حاضران بقوّة بسجّلهما الحافل في الاستفادة مالياً من آفة المخدّرات، رأى القاضي الزعني التالي:
“وحيث إنّه وفي ضوء العمل بمضمون نصّ المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية لجهة عدم جواز أن تتعدّى مدّة التوقيف شهرين في حالات شبيهة لحالة المدعى عليه أ.ب.(مواليد العام 1997)، يقتضي الإشارة إلى أنّه إزاء الوباء المتفشّي المعروف بـ”كوفيد 19″ وإعلان حالة الطوارئ الصحيّة من قبل السلطة الدستورية المختصة، ما شكّل على الصعيد الوطني قوّة قاهرة داهمة اختزنت حالة ضرورة، أدّت إلى تعريض المواطنين جميعاً حيثما كانوا حتّى نزلاء السجون منهم، إلى خطر العدوى بجرثومة مميتة.
وحيث إنّه في سبيل السعي للحدّ من الإكتظاظ في السجون والنظارات وأماكن التوقيف في الظروف الصحيّة الخطرة الراهنة، وبالرغم من عدم تجاوز مدّة توقيف المدعى عليه أ.ب. المدّة المحدّدة بالمادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وبما للقاضي من سلطة تقدير في اتخاذ القرارات الوقائية لملائمة الأوضاع الخطرة المشكو منها، وتبعاً لماهية الجرم يقتضي إخلاء سبيل أ.ب. ما لم يكن موقوفاً لداع آخر.”
واعتبر الزعني وفقاً وخلافاً لرأي النيابة العامة الاستئنافية، أفعال المروّج الموقوف ن.ب.، والمتواريين خ.ز. وع.م. تؤلّف الجرائم المنصوص عليها في المواد 126 من قانون المخدّرات، وظنّ بالأوّل بجنحة المادة 127 منه، ومنع المحاكمة عن أ.ب. بالمادة 126 مخدّرات(ترويج) لعدم كفاية الدليل وظنّ به بجنحة المادة 127 من القانون نفسه معطوفة على المادة 148 منه، مع إخلاء سبيله ما لم يكن موقوفاً لداع آخر، وأحالهم على المحاكمة أمام محكمة الجنايات في الشمال.
“محكمة” – الثلاثاء في 2020/5/5
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.