النصّ الكامل لقرار القاضي علي الموسوي بحقّ مارك طانيوس المبتدئ بالتواصل مع الإسرائيلي/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
من يقرأ ما رُوّج له على أنّه تحقيقات أوّلية وقضائية مع مارك شربل طانيوس الذي صوّر على أنّه عميل كبير بعدما تركه قاضي التحقيق العسكري علي الموسوي في محاولة خائبة للنيل من هذا القاضي النزيه، يعتقد للوهلة الأولى أنّه أمام عميل من طراز العملاء خميس البيومي وأحمد الحلاق وعامر الفاخوري وسواهم من الجواسيس الذين عاثوا ترهيبًا وقتلًا وتفجيرًا وتعذيبًا بحقّ لبنان واللبنانيين في تواريخ زمنية مختلفة، فيما واقع الحال والثابت بأوراق الملفّ ومضمون التحقيقات الأمنية والقضائية مغاير تمامًا، وأنّ هذا الشخص هو مجرّد عميل صغير من فئة المبتدئين، وأنّ هناك عملاء رفيعي المستوى أخلت محكمة التمييز العسكرية في عهود متعدّدة وعلى مرأى من النيابة العامة التمييزية سبيلهم ولم يُصوّر الأمر على أنّه فضيحة!
ولا شكّ أنّ مجرّد التفكير بالتعامل مع العدوّ الإسرائيلي والتواصل معه بمسمّيات مختلفة أمر يستحقّ العقاب ولا يمكن التساهل في هكذا موضوع حسّاس ما دامت القدس محتلة، ولذلك ردّ القاضي علي الموسوي على المشكّكين بوطنيته وهو الآتي من عائلة قدّمت عشرات الشهداء في سبيل تحرير لبنان من الإحتلال الإسرائيلي وفي طليعتهم السيّد عباس الموسوي، بإصدار قرار اتهامي أحال بموجبه المدعو مارك شربل طانيوس على المحاكمة أمام المحكمة العسكرية الدائمة وبجناية الاتصال بالعدوّ الإسرائيلي.
وقد وصف طانيوس إعلاميًا بأنّه بتمتّع “بكفاءة أمنية عالية” من دون قراءة أو إطلاع على مضمون التحقيقات الأمنية معه لدى “شعبة المعلومات” في قوى الأمن الداخلي، مع أنّ صوره تملأ صفحات الصحف ومواقع إلكترونية على أنّه بطل لبنان في الألعاب القتالية والدفاع الذاتي.
وملخّص حكاية هذا العميل أنّه قام بمسعى ذاتي لتجنيد نفسه لمصلحة جهاز “الموساد” الإسرائيلي من دون أن يكلّف هذا الأخير نفسه عناء التواصل معه، أيّ أنّه سار بقدميه إلى وحل العمالة، وهذا التصرّف لا يخرجه بطبيعة الحال، من دائرة الإفلات من العقاب حتّى ولو تمّ إخلاء سبيله ليوم أو يومين أو أسبوع وهو عاد وأوقف ولم يهرب خارج لبنان.
وجلّ ما خطّط له طانيوس أنّه حاول التواصل مع الإسرائيليين في 19 آذار 2021 من خلال إيصال رسالة كتبها باللغة الإنكليزية عبر بريد إلكتروني ضمّنها كلامًا عن “فساد الحكومة اللبنانية” و”سيطرة حزب الله على لبنان”، وهو كلام عمومي تحفل به وسائل التواصل الإجتماعي وشاشات التلفزيونات يوميًا.
وعرض طانيوس خدماته في تزويد الإسرائيليين بمعلومات عن حزب الله من دون أن ينجح، وكرّر تجربته ثانية وتوسّل العمالة سبيل حياة ولم يلق جوابًا، فأيقن أنّ تجارته خاسرة فقام عندئذٍ بمسح الرسائل لتنتهي الحكاية هنا من دون تقديم معلومات و”لعدم اقتناعه بها” كما يورد القاضي الموسوي في قراره الاتهامي نتيجة الإستجواب الإستنطاقي أمامه.
وما يعزّز القول إنّ طانيوس ليس عميلًا كبيرًا مقارنة بعملاء آخرين حوكموا وجاهيًا وغيابيًا، أنّه سافر مرارًا إلى خارج لبنان لتمثيله في بطولات في رياضة الفنون القتالية وحقّق ألقابًا عديدة ولم يثبت لدى “شعبة المعلومات” أنّه تواصل مع أيّ ضابط أو مخبر أو شخص له صلة بجهاز “الموساد” الإسرائيلي ولم يكن هناك ما يمنعه من القيام بهذا الدور ما دام أنّه خارج لبنان وبعيد عن عيون الأمن اللبناني الرسمي، ولو أنّه فعل لذكرت هذه الشعبة هذا الأمر في تحقيقاتها الأوّلية.
وبطبيعة الحال، فإنّ فعلة طانيوس يجب ألّا تمرّ من دون عقوبة وعقاب، ولذلك توافق القاضي الموسوي مع مطالعة النيابة العامة العسكرية واتهمه بجناية إجراء اتصال مع العدوّ الإسرائيلي.
“محكمة” تتفرّد بنشر النصّ الكامل للقرار الاتهامي الصادر اليوم الأربعاء الواقع فيه 19 أيّار 2021 عن القاضي علي الموسوي الذي يتشرّف القضاء اللبناني بوجوده فيه:
نحن قاضي التحقيق العسكري،
لدى الإطلاع،
وبعد الإطلاع على ورقة الطلب عدد 2021/6397 تاريخ 2021/5/6 والأوراق كافة وعلى المطالعة بالأساس تاريخ 2021/5/19 تبيّن أنّه أسند إلى المدعى عليه:
1- مارك شربل طانيوس- والدته كارولين- تولّد 1989 لبناني أجيز بإشارة النيابة العامة التمييزية بتاريخ 2021/4/26 وتخليته بسند إقامة بتاريخ 2021/5/12، وأوقف من قبل محكمة التمييز العسكرية بتاريخ 2021/5/17.
2- كلّ من يظهره التحقيق.
بأنّه في الأراضي اللبنانية وبتاريخ لم يمرّ عليه الزمن (2021/3/19) أقدم على محاولة التعامل والتواصل مع العدوّ الإسرائيلي، كما أقدم على نقل وحيازة بندقية حربية وسكاكين وعتاد عسكري دون ترخيص.
الجرائم المنصوص عليها في المواد 278عقوبات والمادتين 72 و 73 أسلحة وذخائر.
وبنتيجة التحقيق:
أوّلًا: في الوقائع:
تبيّن أنّه بموجب محضر شعبة المعلومات عدد 302/566 تاريخ 2021/4/26 إستدعت الشعبة المذكورة المدعى عليه مارك طانيوس الذي حضر وأدلى أنّه باشر في العام 2005 التدريب في رياضة الدفاع الذاتي وحصل بعد عدّة سنوات على ميداليات بعد فوزه بعدّة بطولات، كما تلقى عدّة دورات تدريبية في عدّة دول، وأنّه في العام 2018 تلقّى دروسًا في نادي SPINNING”” في عين سعادة للرماية، وأنّه في أواخر العام 2019 قام بإجراء بحث عبر “غوغل” عن كيفية التواصل مع جهاز الاستخبارات الإسرائيلية وقام بإرسال رسالة نصّية باللغة الإنكليزية إلى البريد الإلكتروني الإسرائيلي مفادها:
(مرحبا أنا مواطن لبناني كنت أحاول الاتصال بكم منذ فترة لكن لا أريد ان أخاطر بتعرضّي للإعتقال بالنسبة لموضوع فساد الحكومة اللبنانية وأنّ حزب الله لا يزال مسيطرًا على لبنان وأنّه يرغب العمل معهم في جمع المعلومات عن حزب الله وجعل لبنان آمنًا منه).
وبعد ستّة أيّام ورده جواب “احكي وما تخافش”. وطلبوا منه الإستمرار بالتواصل، وبعد مرور أسبوع أرسل المدعى عليه رسالة ثانية مفادها أنّه يعتذر عن التأخّر بالردّ وأنّه على استعداد لتزويدهم بأيّة معلومات يطلبونها عن حزب الله ولبنان، وانتظر المدعى عليه مارك طانيوس عدّة أيّام لكنّه لم يرده أيّ جواب فقام بمسح الرسائل.
وتبيّن أنّه لدى تفتيش منزل المدعى عليه المذكور عثر بداخله على أسلحة حربية وغير حربية وسكاكين وعتاد عسكري دون ترخيص.
وبالإستناد إلى برقية التحرّيات تبيّن عدم وجود ملاحقات عدلية أو قضائية بحقّ المدعى عليه مارك شربل طانيوس.
وبالتحقيق الإستنطاقي أنكر المدعى عليه مارك طانيوس ما أسند إليه موضحًا أنّه قام بمسح هذه الرسائل لعدم حاجته إليها وعدم اقتناعه بها كونه يمثّل لبنان بمختلف الألعاب القتالية، مضيفًا بأنّه سافر إلى عدّة دول ولم يتواصل مع أيّ شخص إسرائيلي وأنّه لم يسبق أن قام بأيّ زيارة لأيّ منطقة خاصة بحزب الله، ولا يوجد أيّ تواصل بينه وبين أحد الأشخاص يقيم في هذه المناطق، مع العلم أنّه يقيم في منطقة قرنة شهوان وكرّر أقواله السابقة،
تأيّدت هذه الوقائع:
بالإدعاء، والتحقيق الأوّلي والاستنطاقي، بمدلول أقوال المدعى عليه وبجلسة التحقيق.
ثانيًا: في القانون:
حيث إنّ فعل المدعى عليه مارك طانيوس المتمثّل بإجراء اتصال مع العدوّ الإسرائيلي وتبادله الرسائل الإلكترونية مع العدوّ وإعلانه الإستعداد للتجنّد لمصلحته يشكّل الجناية المنصوص عليها في المادة 278 عقوبات وأنّ فعله لجهة حيازة ونقل أسلحة حربية وغير حربية وعتاد عسكري بدون ترخيص ينطبق على نصّ المادتين 72- 73 أسلحة.
لذلك
نقرّر وفقًا للمطالعة:
1- إتهام المدعى عليه مارك شربل طانيوس بجناية المادة 278 عقوبات وتسطير مذكّرة إلقاء قبض بحقّه.
2- الظنّ بالمدعى عليه مارك طانيوس بجنحة المادتين 72 و73 أسلحة واتباعها بالجناية للتلازم.
3- إيجاب محاكمته أمام المحكمة العسكرية الدائمة وتدريكه الرسوم والمصاريف.
قرارًا صدر بتاريخ 2021/5/19.
“محكمة” – الأربعاء في 2021/5/19
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً على أيّ شخص، طبيعيًا كان أم معنويًا وخصوصًا الإعلامية منها، نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، كما يمنع نشر وتبادل أيّ خبر بطريقة الـ”screenshot” ما لم يرفق باسم “محكمة” والإشارة إليها كمصدر، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.