النص الكامل لقرار القاضي نقولا منصور عن الفساد في أمانة السجل العقاري في جبيل وكسروان
أصدر قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور قراره الظني في ملفّ الفساد في أمانة السجل العقاري في جبيل وفي كسروان حيث ارتكبت جرائم إساءة الأمانة والإهمال الوظيفي والرشوة وتبين أن معقب المعاملات ر.ا. كان يستغل ثقة الموظفين ويحتفظ بالمعاملات المسلمة إليه خلافًا للأصول مقابل أموال يسددها لهم ومنحهم منافع لتسريع إنجاز معاملاته.
وكشف القاضي منصور في متن قراره أن هناك جرائم أخرى ارتكبت من قبل بعض الموظفين على ما أفاد معقبو المعاملات وموظفون آخرون وترك للنيابة العامة الاستئنافية اتخاذ ما تراه مناسبًا بشأنها لجهة تحريك دعوى الحق العام بمحضر مستقل.
وفي وقائع القرار أنّ دورية من مخابرات الجيش اللبناني أوقفت ر.ا. بتاريخ 27 آذار 2019 لحيازته ونقله ملفات عقارية بطريقة غير مشروعة بلغ عددها 38 ملفًا منها ما هو منجز بشكل كامل ومنها ما هو قيد الانجاز وبعض الملفات تعود لمدة طويلة سبقت توقيفه.
وخلال التحقيق مع هذا الموقوف، إعترف بأنّ حيازته لبعض الملفات تجاوزت الخمس سنوات وقد تكون لأشخاص غادروا لبنان، وملفات أخرى تستوجب زيادة الرسم وينتظر صاحب العلاقة لتأمين المبلغ، وبأنّه يعمل في هذا المجال منذ 35 عامًا وأنه كان ينقل ملفات إلى منزل أمين السجل العقاري م.م.، وأنه موثوق من الموظفين ما يحملهم على تسليمه الملفات، وأنه كان ينقل ملفات بين جبيل وجونيه ويسدد الأموال لموظفي العقارية في جبيل بمعدل 20 الف ليرة عن كل معاملة للموظف. كما أنّه يسدد مبلغ مائتي دولار أميركي للموظف ا.ر. مقابل الإستحصال على القيمة التأجيرية للعقار، ثم يسدد بين 50 و100 دولار لرئيسة المكتب، وأن أمين السجل العقاري كان يتقاضى منه بين 300 و400 ، كما أنه كان يسدد بين 100 و200 دولار لموظفي ضريبة الدخل في المالية بحسب العجلة، وأن عددًا من السماسرة يتعاطون بالطريقة نفسها مع الموظفين.
وبالتحقيق مع رئيسة المكتب العقاري في جبيل ف.ش. التي كلفت في العام 2017 بمهام رئيسة مكتب عقاري في كسروان وتتبع تسلسليا لأمين السجل العقاري ر.ح. وأمين السجل ل.ح. وانها تعرفت إلى ر.ا. في العام 2014 وهو محط ثقة لديها ويحمل بطاقة معقب معاملات وكانت مكلفة بمفردها بنقل الملفات بين كسروان وجبيل وانها طلبت تزويد المكتب بموظف يكلف بنقل الملفات دون أن يستجاب لطلبها، وأن المعاملات المنجزة التي ضبطت مع ر.ا. كان يفترض تسليمها إلى موظف آخر في المستودع وتجهل سبب بقائها مع ر.ا. وان أمينة السجل العقاري ل.ح. حذرتها من تسليم اي معاملة الى معقب معاملات تحت طائلة المسؤولية الشخصية وان هذه الأخيرة طلبت منها في بعض لأحيان ارسال معاملات بدلا عن ضائع مع ر.ا.، وأنكرت تقاضيها أموالا من هذا الأخير الذي اعلمها أنه معتاد على نقل الملفات بين الدائرتين.
وبالتحقيق مع المدعى عليه ع.ع. أفاد أنه كان يسلم ر.ا. ملفات بناء على أمر من ل.ح. من دون وجود دفتر ذمة، ومن دون أن يكون عارفا بأنه يحتفظ بها، وأن يرسل الملفات إلى جبيل عبر القلم الذي ترأسه زوجته المدعى عليها ل.م.
وبالتحقيق مع المدعى عليها ل.م.، أفادت بأنها رئيسة قلم أمانة السجل العقاري في جبيل ولكن مركز عملها في سرايا جونيه، وانها تعرف ر.ا. وأنه بعد استلام ف.ش. لرئاسة المكتب في جبيل بدأت ترسل الملفات مع ر.ا. وأنه وفقا للقانون لا يجوز تسليم ر.ا أية معاملة.
وبالتحقيق مع المدعى عليها ف.ب. أفادت أن وظيفتها محرر في امانة السجل في جبيل وان علاقتها كانت مع المسؤولة عنها ل.م. ومهمتها تسجيل المعاملات على الصحيفة العينية للعقار واصدار افادات عقارية. وانه لا يمكن مراقبة الملفات في حال لم تتم اعادتها.
وبالتحقيق مع امينة السجل المعاون في دائرة جبيل س.خ. أفادت أن مركز عملها في جونيه وأن دورها يأتي بعد قرار أمينة السجل والتسجيل في القلم، وتتحقق من المعاملات وصحة تنفيذها في مكاتب الموظفين وتسددها ورقيا وتحيلها على معاونتها ج.ن. لتسجلها إلكترونيًا. وأضافت أنها على معرفة بالمدعى عليه ر.ا. وتنظر ببعض المعاملات التي ينقلها إليها هذا الأخير وتستلم المعاملات وتسلمها بناء على تسجيلها على دفتر الذمة، إلا أنه بعد استلام ل.ح. أمانة السجل طلبت إلغاء الدفتر كون وظيفتها داخلية.
وبالتحقيق مع المدعى عليه و.ب. أجاب بأن أغلبية المعاملات التي وجدت مع ر.ا. هي عقود إحتياطية كان يجب أن تسلم له كونه يشغل موقع أمين مستودع في أمانة السجل العقاري في جبيل منذ العام 2014، وأنه يجهل سبب تسليمها لهذا الأخير ر.ا. وأن المعاملة المنجزة بالكامل يجب أن تكون في الأرشيف ولا يمكن إخراجها إلا بقرار من أمينة السجل.
وبالتحقيق مع المدعى عليها ا.ق. أفادت بأن وظيفتها الأصلية محررة في الدوائر العقارية وكانت تقوم بتسجيل العقود التي تردها من القلم على الصحيفة ثم يسجلها المعاون على الحاسوب ولكن بسبب النقص بالموظفين كانت هي تسجل العقود على الحاسوب، وانها كانت تسجل المعاملة إلى صاحب العلاقة بطلب شفهي أو خطي من أمين السجل العقاري ولكن بشكل غير رسمي، وأن المعاملات المسلمة الى أصحابها لا تسجل على دفتر الذمة، وأنها تجهل كيف وصل عدد من المعاملات الى يد السمسار العقاري ر.ا. علما أن بينها معاملات منجزة وأخرى غير منجزة، وأن بعض العقود غير المنجزة كانت تطلبها أمينة السجل وكانت تجهل مصيرها بعدما تسلمها إلى امينة السجل، ولا يمكنها إحصاء كل المعاملات والتثبت من إعادتها وكان يتوجب تسجيلها على دفتر الذمة وقد طلبت ذلك غير أن أمينة السجل لم تستجب لطلبها. وأضافت أن بعض المعاملات كانت تسلم الى س.خ. لتوقعها في مكتبها، وأن امينة السجل طلبت منها أن ترسل إلى مكتبها المعاملات مع معقبي المعاملات.
وبالتحقيق مع المدعى عليها ت.غ. أفادت أن وظيفتها محررة في أمانة السجل العقاري في جبيل وأنها على معرفة بالمدعي عليه ر.ا. وانها تسجل العقود التي تردها من ر.ش. على الصحيفة العينية للعقارات ثم تسلمها إلى الموظف لكي يسجلها على الحاسوب وتنتظر توقيعها من امين السجل المعاون س.ح. وإذا كان صاحب العلاقة أو المعقب مستعجلا فيطلبها من أمين السجل المعاون الذي يرسل الموظف ا.ع. لنقلها دون أن يوقع على أي دفتر، كما أن س.ح. كان ينتقل شخصيا اذا كانت المعاملة كبيرة. وأضافت أن بعض المعاملات التي ضبطت مع ر.ا. كانت قد سلمتها على الدفتر إلى ف.ش. التي استلمت ووقعت وكذلك ر.ا. الذي استلم الدفتر منها لإيصاله إلى رئيسة المكتب وأنه وقع عند ف.ش. وليس عندها، وأنه لا يمكن أن يصل ملف منجز بالكامل إلى ر.ا. مع سند التمليك الا من قبل و.ب. كونها تسلمه المعاملات المنجزة على دفتر الذمة.
وأكد السماسرة العقاريون خلال سماعهم أنهم سددوا رشاوى لموظفي السجل العقاري في جبيل وكسروان لتسهيل أمور معاملاتهم وتسريعها ومن بينهم ا.م.، وأن من بين الذين يتقاضون الرشوة الموظفون المسؤولون عن تنظيم القيمة التأجيرية وتتراوح القيمة بين 200 و300 دولار عن كل قيمة تأجيرية.
وجرى الاستماع إلى إفادة أمينة السجل العقاري في جبيل ل.ح. التي أكدت انها اتخذت عقوبة بحق ر.ا. وسحبت البطاقة منه مؤقتًا، وأن العقود التي ضبطت مع ر.ا. مقسمة إلى مجموعات منها ما يعود إلى دائرة كسروان ولا علاقة لها بها ومنها ما هو مسجل في السجل اليومي ولم يرد إلى الامانة لأن الاسم غير مسدد بعد، وأنه كان يفترض أن تكون هذه المعاملات مع رئيسة المكتب ف.ش. إلى حين إبراز إيصال التسديد ومنها عقود مسجلة في اليومي ومسدد رسمها ولم ترد إلى الامانة بحجة وجود نواقص، ومنها عقود مقرر حفظها في المستودع إما لأنها منجزة بالكامل وإما بانتظار عودة المعاملة الفنية من المساحة، ومنها معاملات سجلت احتياطيًا على الصحائف وكان يجب اعادتها إلى رئيس المكتب إلى حين حضور أصحاب العلاقة واستكمال النواقص لدى رئيسة المكتب، ومنها طلبات إدارية طلب بدل عن ضائع. وأضافت انها لا تستلم المعاملات من رئيسة المكتب بل ان من يستلمها هي ل.م. وأن على المدعى عليها ف.ش. أن تنقل المعاملات شخصيا بين جبيل وكسروان وأن ف.ش. ارتكبت مخالفات وكذلك م.ا.ت. وع.ع. وأن بعض المعاملات الموجودة بحوزة ر.ا. سحبت من أمام الموظفة س.خ. وأن على الموظف الموجود في جونيه أن يعيد الملف مع ل.م. على أساس دفتر الذمة وأن يكون الموظفون المكلفون بالتسجيل قد سلموها إلى ر.ا. من دون اعادتها إلى ل.م. وأنه بحسب القانون يتوجب على رئيس المكتب أن ينقل شخصيا الملفات وأن هناك غير ر.ا. استلم وانه لا يمكن لأمين السجل أن يمسك دفتر ذمة بالذات وانها صادرت عددا من الملفات من يد معقبي المعاملات ونظمت محاضر فيها.
كما جرى الاستماع إلى أمين السجل العقاري في جونيه ر.ح. فأفاد بأنه كلف الموظف س.ح. بنقل الملفات بين جبيل وكسروان علما أنه من اختصاص رئيس المكتب. وعن المضبوطات قال إن هناك 54 ملفا لما بعد العام 2017، و12 ملفا تعود إلى ما قبل هذا التاريخ. وبحسب تحليله فإنّ العقود التي بحوزة ر.ا. سحبت من مستودع أمانة السجل إذا كانت نهائية ومن رئيسة المكتب العقاري إذا كانت غير منجزة بتقصير من الأخيرة.
وخلص القاضي منصور في قراره إلى الظن بالمدعى عليهم ف.ش.، ر.ا.، ت.غ.، ع.ع.، ل.م.، ف.ب.، س.خ.، و.ب.،إ.ق. بجنح الإهمال الوظيفي، وإساءة الأمانة، وأحالهم على المحاكمة أمام القاضي المنفرد الجزائي في كسروان مع تدريكهم الرسوم والنفقات.
“محكمة” – الخميس في 2024/4/18