النقيب المراد: طارق زيادة نصاعة القيم
نعى نقيب المحامين في طرابلس والشمال محمّد المراد، نائب رئيس المجلس الدستوري السابق القاضي طارق زيادة، قائلاً:”عام 1988، كنت وكثير من زملاء السنة الرابعة في كلّية الحقوق، نشعر بٍحماسٍة فائقة وإصرارٍ شديد على حضور دروس الأستاذ القاضي طارق زيادة، وكنا في نهاية كلّ محاضرة نستزيده شرحًا لإدراكِنا أنّنا أمام عالمٍ محلّقٍ في علمه، وفقيهٍ متمرّسٍ في تجربته، ومحاضرٍ لبقٍ ينسابُ القانون على لسانه دفّاقًا نقيًّا كانسياب الينابيع في غرَّةِ الربيع.
وحين دخلنا عالم المحاماة، إزدادت معرفتنا بالقاضي ذي الحضور المضيء، علمًا ونزاهةً وتواضعًا واستقامة واجتهادًا؛ وعرفْنا أنّه انتقل من نقابة المحامين في طرابلس إلى عدالة القضاء في كلّ لبنان، راسمًا لنفسه خطًّا مستقيمَ الصعود، معتمدًا في مسيرته على نصاعة القيم، وموائمًا في أحكامه بين الحقّ والعدل، أو بين النصّ اليابس والفضيلة الخضراء، متحصِّنًا دائمًا بالإنسانية والتجرّد والثقافة الواسعة
من محاكم الدرجة الأولى حتّى رئاسة غرفة في محكمة التمييز المدنية ثمّ رئاسة التفتيش القضائي، فنيابة رئاسة المجلس الدستوري، بقي الرئيس زيادة دائم العطاء أبي النفس، متحصنًا بموجب التحفّظ ساهرًا على العدالة ألّا تُضامَ.
أيّها القاضي العادل الشريف، تفتقدك طرابلس ولبنان والعروبةُ والإنسانية، برحيلك ينطفئُ عالم من الضياء، حتّى ليصحُّ أن نردِّدَ مع بدويِّ الجبل:
خيَّمَتْ وحشة الفراغِ على الأحياءِ فالقبرُ وحدهُ المأهول.
على روحك الرحمة، ولأهلك وللقضاء وللمحاماة العزاء.”
“محكمة” – الثلاثاء في 2020/11/3