النقيب بسام الداية من رعيل الكبار في القانون/ناضر كسبار

النقيب ناضر كسبار*:
من طرابلس الفيحاء إلى جامعة القديس يوسف في بيروت، حيث نال شهادة الحقوق، وانتسب إلى نقابة المحامين في طرابلس.
النقيب بسام الداية صورة لامعة، وكتلة من العلم والثقافة واللياقة واللباقة، وحسن التصرف، والتهذيب، والمناقبية. دبلوماسي وواقعي حتى العظم.
في المحاماة، كان مثال المحامي الملتزم برسالتها وبقيمها السامية. أعطاها من طموحه وعلمه ورصانته واستقامته وانكبابه على الدرس والتمحيص. فهو من رعيل Dalloz ، Sirey، Semaine Juridique La. ومن رعيل فابيا وصفا وطبّاع وتيان. وليس من رعيل الـ ” ألو”.
فيا أسفي، ويا حزني، ويا لوعتي من فقدان كبارنا الذين يرحلون الواحد تلو الآخر. ويا خوفي من فقدان هذه الهامات وهذه القامات من أشجار الأرز، لتحل محلها شجيرات ضعيفة لا تقوى على مجابهة ما نواجهه من رياح الهدر والسرقة والفساد ونحر القانون. ففي هذا الزمن الرديء، قتلوا كل شيء، واستباحوا كل شيء، وأصبح القانون استثناء. فهل يعيش مجتمع من دون قانون، ووطن من دون نظام؟

النقيب بسام الداية، كان شريكاً معنا في رحلة الحياة الصعبة. من طلته البهية، إلى ابتسامته الملائكية، إلى تصرفاته البتولية، إلى مبادئه المناقبية، تحس فيه شيئاً من روح الله. لقد رحل الوجه الباسم الناضح طيبة ولهفة للتفاني وخدمة الناس. كأنه رحيل الحياة. رحل وأقفل وراءه الباب على الزمن الجميل.
ألم يكن الشاعر على حق حين قال:
يا سائس الخيل قم للخيل وانحرها
ما حاجة الخيل والفرسان قد ماتوا
إن مكارم أخلاق النقيب بسام الدايّه سوف ترافق أجيالنا، وكأن الإمام الشافعي كان يقصده حين قال:
كم مات قوم وما ماتت مكارمهم
وعاش قوم وهم في الناس أحياء
نعم، ان النقيب بسام من قماشة اهل الخلق الرفيع في زمن سقوط القيم، وحافظ الود والصداقات.
أيها النقيب العزيز. لقد غبت بالجسد فقط. فالبحارة الكبار لا يموتون. إنهم فقط لا يرجعون. نتمنى أن تلاقي حيث أنت ما لم تلاقيه على الأرض من سلام ووئام. فأنت شجرة الأرز في سماء الأزل. “Un cédre dans le ciel de l’éténité”.”
* ألقى نقيب المحامين في بيروت ناضر كسبار هذه الكلمة خلال حفل تأبين نقيب المحامين الأسبق في طرابلس الراحل بسام الداية والذي أقيم في طرابلس، في حضور حشد كبير من الشخصيات السياسية والقضائية والنقابية والمهنية.
“محكمة” – الجمعة في 2023/2/3