الهبة العقارية موجودة لبناء عدلية عاليه.. والدولة تتباطأ
كتبت ياسمينة العلي:
قد تجد من يتبرّع بسيّارة أو درّاجة لمصلحة وزارة أو مؤسّسة أمنية على غرار ما تزخر به الجريدة الرسمية في أعدادها الأسبوعية، ولكنّك لن تعثر إلاّ بشقّ النفس وبصعوبة بالغة على من يقدّم عقاراً كبيراً للدولة لكي تستفيد منه وتشيد عليه مبنى جديداً لقصر العدل، وذلك خدمة لأهل العدل من قضاة ومحامين وحقوقيين ومتقاضين، وتخليداً لكبار تركوا بصمات واضحة في مسيرة العلم والإنسانية، وفي تاريخ القانون.
وهذا ما أقدم عليه وبنيّة خير صافية، المحامي حافظ جابر وإخوته الذين ورثوا قطعة أرض من والدهم أوّل محام في مدينة عاليه الراحل أنيس جابر، وذلك من أجل بناء قصر عدل في مسقط رأسهم مدينة عاليه، غير أنّ الدولة اللبنانية ممثّلة بوزارة العدل لم تبادر إلى الإستفادة من هذه الهبة العقارية، بل لا تزال تثابر على التعاطي معها بكثير من اللامبالاة والإهمال، من دون أن يُفْهم سرّ هذا التصرّف، على الرغم من أنّ قضاء عاليه برمّته بما فيه من مدن وقرى، بحاجة ماسة إلى عدلية جديدة تليق بالقضاة والمحامين، والفرصة سانحة فلماذا إهمالها بهذه الطريقة الغريبة؟.
وقبل عام أثارت “محكمة” مسألة هذه الهبة العقارية وتلكوء الدولة في تلقّفها بالشكل الصحيح قبل فوات الأوان، غير أنّ أحداً من المسؤولين لم يتحرّك، وذلك بسبب انشغالهم في تأمين الكهرباء والماء للمواطنين على مدار الساعات الأربع والعشرين، وفي اجتراح المعجزات لرفع النفايات عن الطرقات، ومع هذا كلّه، واظب المحامي حافظ جابر وإخوته على الدفع باتجاه الاستفادة من هذه الهبة، من دون أن يلقوا آذاناً صاغية من المعنيين في وزارة العدل التي يفترض بها أن تنشط في سبيل بناء عدلية جديدة في عاليه.
وللتذكير فقط، فقد تمّ قبول هذه الهبة العقارية بموجب المرسوم رقم 5011 المنشور في العدد 43 من الجريدة الرسمية الصادر في 16 أيلول من العام 2010، وهي هبة مشروطة بوجوب الإنتهاء من بناء قصر العدل في عاليه في مهلة خمس سنوات. ومرّت هذه المدة الزمنية من دون نتيجة إيجابية تذكر، ومن دون أن تتضح الأسباب الموجبة للتعاطي السلبي، وكان بإمكان الواهبين إستعادة الأرض التي يبلغ ثمنها مئات آلاف الدولارات، لكنّهم قاموا بتجديد تقديمها مدّة خمس سنوات إضافية تنتهي في 16 أيلول من العام 2020، والوقت يمرّ سريعاً ولغاية اليوم لا يوجد في العقار سوى حجر الأساس وحيداً يتيماً في الأرض، وهو وضع في احتفال حاشد في 6 كانون الأوّل من العام 2013، فهل من يقرأ ويسمع ويعرف مكمن مصلحة الوطن والناس، ويبادر إلى متابعة فعل الخير، أم أنّ الدولة اللبنانية معتادة على خسارة المبادرات الطيّبة؟!.
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 11 – تشرين الثاني 2016).