أبرز الأخبارعلم وخبر

“محكمة” تنشر القصّة الكاملة لتعديل المادة الخامسة من قانون القضاء العدلي بـ”إجماع” سياسي قبل إجهاضها تشريعياً

كتب علي الموسوي:
فوجئ القضاة باستنكاف مجلس النوّاب عن المصادقة على تعديل المادة الخامسة من قانون القضاء العدلي خلال جلساته التشريعية في شهر كانون الثاني من العام 2017، على الرغم من استحواذه على رضا كلّ الأطراف السياسية بعد مروره بالآلية المتبعة والمعتمدة في لجنة الإدارة والعدل التي أشبعته درساً وتمحيصاً حتّى توصّلت إلى المضمون المناسب.
وفُهم من مصادر سياسية متابعة في حديث مع “محكمة”، بأنّ سبب التراجع عن اتخاذ خطوة المصادقة المنتظرة، يعود إلى وجود رفض سياسي علني من السلطة التنفيذية وبعض المرجعيات السياسية بتمرير مثل هذا التعديل الذي يخفّف تدريجياً من الإستباحة السياسية لتركيبة التشكيلات القضائية، وهي تعتبر ركناً أساسياً ممهّداً لقيام سلطة قضائية مستقلّة يبدو أنّها لن تبصر الاعتراف الرسمي بها لتبقى في إطار النصّ الدستوري وبعض القوانين، وبمعنى آخر إعتراف ورقي لن يصل إلى حيّز التنفيذ الفعلي.
“محكمة” تنشر القصّة الكاملة لتعديل المادة الخامسة لئلاّ يبقى هذا “الإنجاز” حبراً على ورق، فماذا في التفاصيل؟
أحدثت لجنة الإدارة والعدل النيابية “إنقلاباً” إصلاحياً صحّياً في تعديل مضمون المادة الخامسة من قانون القضاء العدلي الواردة في المرسوم الإشتراعي رقم 150/1983، والمتعلّقة بشكل خاص بالتشكيلات والمناقلات، فأطلقت يد مجلس القضاء الأعلى في تأليفها وتطريزها بما يتناسب والمصلحة القضائية وسير العمل في رحاب المحاكم باختلاف اختصاصاتها كونه الأدرى بأهل البيت الصالحين والجامدين منهم على حدّ سواء، وخفّفت من أثقال هيمنة وزير الوصاية وأنعشت إلى حدّ مقبول “الفُرْقة اللازمة” والإستقلالية المطلوبة بين السلطة السياسية وتحديداً السلطة التنفيذية، والسلطة الثالثة، والمتمثّلة بوجوب صدور هذه التشكيلات ضمن مرسوم لا يمكن لوزير العدل أن يعيقه أو يعرقله حتّى ولو اصطدم بتطلّعاته وطموحاته، لأنّها تصبح نافذة في فترة شهر من توقّف مرسوم الإحالة في أدراج ديوان وزارة العدل.
إجماع القوى السياسية
وما زاد من أهمّية هذا التعديل، أنّه مرّ في لجنة تحديث القوانين كاقتراح من النائب المحامي روبير غانم، فأشبعته درساً وتدقيقاً وملاحظات قانونية وافية، وأحالته بدورها على لجنة الإدارة والعدل التي تلقّفته وتمحصّته بكلّ مفردة وكلمة وعبارة على مدار جلسات عديدة من النقاش المستفيض وبمشاركة كلّ القوى السياسية والأحزاب والتيّارات ومشاركة القضاء ونقابتي المحامين في بيروت وطرابلس حتّى صدر بالشكل المطلوب الذي لا يكتفي بتعزيز شفافية التعاطي مع التشكيلات القضائية، وإنّما يصون فكرة وجودها وتنفيذها من دون وساطات وتدخّلات وضغوطات ومعوّقات من هنا وهناك كما حصل في مرّات سابقة كثيرة يعرفها القاصي والداني ويحفظها عن ظهر قلب.
إشكالية المرسوم
صحيح أنّ تعديل المادة الخامسة من المرسوم المذكور، في العام 2001 طوّر حضور مجلس القضاء الأعلى في تركيب التشكيلات وجعلها بمجرّد صدورها عنه، نهائية وملزمة، مع ما تعنيه من الناحية القانونية بأنّها مطلقة، وبالتالي يجب أن تفسّر وتطبّق على إطلاقها كما تقول القاعدة القانونية، إلاّ أنّ “المشرّع السياسي” عاد وأطلّ برأسه في فقرة أخرى معيداً ربطها بوزير العدل عن طريق وجوب أن تكون بمرسوم، لتنشأ بذلك الإشكالية، إذ إنّ المرسوم هنا يعني موافقة وزير العدل على فحوى التشكيلات لكي يوقّعها أولّاً ثمّ موافقة وتواقيع المَعْنيين من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزير المالية ووزير الدفاع بخصوص القضاة المعيّنين في القضاء العسكري(مفوّض الحكومة ومعاونوه، وقضاة التحقيق، والمستشارون المدنيون في المحكمة العسكرية الدائمة فقط دون محكمة التمييز العسكرية التي يجري انتداب قاض لترؤسها بقرار من رئيس مجلس القضاء الأعلى، وينتدب النائب العام التمييزي محامياً عاماً تمييزياً من معاونيه لكي يكون مفوّض الحكومة لديها).
إلزامية توقيع السلطة التنفيذية
وإذا لم يوقّع وزير العدل، أو رئيس الحكومة، أو رئيس الجمهورية، فإنّه يمكنه إيداع هذه التشكيلات أدراج النسيان من دون مهلة زمنية ضابطة، وقد تصل إلى حدّ تطييرها وتعطيلها ووقفها وحذفها من الوجود كما حصل مراراً في المرحلة السابقة، والشواهد في هذا الشأن كثيرة، فهي حدثت على سبيل المثال لا الحصر، في عهد وزير العدل شارل رزق الذي تعمّد في نهاية المطاف في العام 2007 “إحراقها” عبر نشرها في صحيفة “النهار” اليومية، مطلقاً عليها “رصاصة الرحمة”، ليبقى القضاء بدون تشكيلات منذ العام 2004 ولغاية العام 2009، وهي مدّة طويلة عانى منها القضاء الأمرّين في ظلّ وضع سياسي متخبّط في طول البلاد وعرضها.
كما أنّ التشكيلات القضائية لم تبصر النور خلال عهد وزير العدل النقيب شكيب قرطباوي فتجمّدت وتعطّلت لأسباب مختلفة.
وأعدّ مجلس القضاء الأعلى تشكيلات شبه شاملة في صيف العام 2016، وأرسلت إلى المعنيين لتوقيعها إلاّ أنّها تعطّلت فجأة، ثمّ جرى تسريبها عبر خدمة “الواتساب” وتناقلتها الهواتف، فوصلت إلى كلّ القضاة والمحامين والمواطنين على حدّ سواء إيذاناً بدفنها نهائياً.
إعادة التوازن منعاً للتعطيل
ولذا، كانت ثمّة ضرورة ملحّة بإجراء عملية قيصرية تعيد التوازن إلى طريقة التعامل مع أيّة تشكيلات قضائية مرتقبة، خصوصاً وأنّ مصلحة القضاء تقضي بإظهار هذه التشكيلات سنوياً، فتثبّت القاضي الكفوء والمقتدر على السير قُدُماً بمحكمته ومركزه، وترفّعه إلى منصب آخر أكثر أهمّية إذا ما حصل شغور نتيجة التقاعد والوفاة والإستقالة، وتبعد القاضي المتقاعس أو من تسوء حاله الصحيّة والمعنوية من فرط انقياده للتدخّلات من أيّة جهة أتت، وهو ما يتناقض ومبدأ إحقاق الحقّ.
قصّة ولادة التعديلات
كيف أمكن للجنة الإدارة والعدل أن تصل إلى هذه الخاتمة التي تحفظ ظهر القضاء وتعزّز وجوده وحيويته وتنعش آمال مجلسه الأعلى بأنّ ما يعقده من جلسات طويلة في رسم خريطة التشكيلات، لن يصطدم بأيّ عائق سياسي يكبحه ويجعله مجرّد موظّف في الدولة ولو من الفئة الأولى؟.
إستئثار السلطة التنفيذية
عند ولادة المادة الخامسة ضمن المرسوم الإشتراعي رقم 150/1983 كانت تنصّ على أنّ التشكيلات القضائية تطرح عبر وزير العدل، أو مجلس القضاء الأعلى، وفي حال الإختلاف بينهما واستمرار هذا الخلاف يرفع إلى مجلس الوزراء الذي يستمع إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى ثمّ يفصل في المسألة، وهذا يعني أنّ القرار النهائي والفاصل يعود للسلطة التنفيذية التي كانت تتحكّم وتستأثر بمفاصل التشكيلات خلافاً للنصّ الدستوري القائل بأنّ المحاكم مستقلّة في أداء وظائفها، أيّ أنّها ليست مستقلّة في الملفّات المعروضة عليها وحسب، وإنّما هذه الإستقلالية تشمل القاضي أيضاً، ممّا يوجب عدم التدخّل في تشكيله ونقله من مكان إلى آخر.
معاناة قضاة
ولا يخفى على أحد أنّ كثيرين من قضاة لبنان المشبعين بالإستقلالية والأحرار، عانوا من هذه المادة عند وضعها، إذ كانوا يشعرون بأنّها مقيّدة لحركتهم ووضعت قصداً للحؤول دون خروجهم عن السطوة السياسية المتحكّمة بكلّ شيء في لبنان، ومن خرج عن التقليد المتبع بتقديم الطاعة، كان مصيره الإبعاد عن مناصب يستحقّها ويكبر بها القضاء نفسه.
التشكيلات بيد مجلس القضاء منفرداً
ثمّ كانت الخطوة المتقدّمة في عهد وزير العدل سمير الجسر في العام 2001 حيث توحّدت الإرادات تحت وطأة المطالب المتكاثرة بوجوب تعزيز إستقلالية السلطة القضائية، ولكن كيف يتحقّق هذا التعزيز، والإستقلالية في الأساس معدومة، أو نادرة الوجود، لذلك كان القرار بانتزاع سلطة اقتراح التشكيلات القضائية من وزير العدل ووضعها بيد مجلس القضاء الأعلى منفرداً، باعتبار أنّ هذا الأمر يساعد نوعاً ما في إعطاء أهل البيت المبادرة إلى إجراء تشكيلات ومناقلات ولكنْ تحت عيون وزير العدل، أيّ أنّ المجلس لم يكن مستقلاً تماماً وبالشكل المطلوب لوضعها في ظلّ وجود “ربط نزاع” مع وزير العدل إسمه المرسوم الذي يحدّد مصيرها.
وزير العدل معني بقضاء الملاحقة
وإذا كان وزير العدل يرأس قضاء الملاحقة ممثّلاً بالنيابات العامة، فلا شكّ أنّه معني بهذا الشقّ من القضاء لكي يبدي رأيه في القضاة المنوي تعيينهم في مختلف النيابات العامة، ولكنْ لا يحقّ له التدخّل في فرض نفوذه في كيفية تعيين قضاء الحكم في هذا المركز أو سواه، لأنّه لا يحقّ أساساً لوزير العدل أن يتدخّل في الملفّات والدعاوى، فكيف بمن ولّي مسألة النظر بها بعيْن العدل والإنصاف؟.
قرار مجلس القضاء نهائي وملزم
لذلك أبقت السلطة السياسية نفسها موجودة في دائرة التشكيلات القضائية بموجب التعديل الحاصل في العام 2001 للمادة الخامسة، من خلال إشراك وزير العدل فيها، إذ تحدّثت بشكل جلي على أنّها لا تصبح نافذة إلاّ بعد موافقة وزير العدل، وعند الإختلاف بين هذا الوزير ومجلس القضاء يعملان معاً في جلسة مشتركة على تفكيك نقاط الإختلاف الذي في حال استمراره يجتمع مجلس القضاء للبتّ في الأمر بصورة جذرية، فإذا توصّل إلى اتفاق نهائي يجب أن يتخذّ القرار بأكثرية سبعة أعضاء من أصل عشرة يتألّف منهم، وعندها يكون قراره نهائياً وملزماً ولا يحقّ لأحد مناقشته في ما توصّل إليه من قناعة، ولا معاودة البحث في الأمر من جديد، فعبارة “نهائي وملزم” تؤخذ على وجه الإطلاق، أيّ أنّها تشمل الجميع، وكلّ أهل السلطة التنفيذية.
حنكة سياسية
وما لبثت “الحنكة السياسية اللبنانية” أن تدخّلت في النصّ بإعادة إحياء نفسها وإيجاد مكان لها في قلب التشكيلات القضائية من خلال النصّ في السطر الثامن من الفقرة باء من المادة الخامسة، على صدورها بمرسوم يتخذّ بناء على اقتراح وزير العدل، وهذا لا يحتاج إلى عناء تفسير، فإمّا الأخذ بالإقتراح، وإمّا لا، وقد حمل النصّ أيضاً تناقضاً في مضمونه وفي الأسباب الموجبة، فما دام أنّه لا يحقّ لوزير العدل تعطيل هذه التشكيلات، فكيف يحقّ له إعادة النظر فيها؟.
فشل رزق ونجاح نجّار
وهذا يعني أنّ الصيغة اللغوية لم تكن تحقّق الهدف الذي كان المشترع يريده، وأثبتت التجربة إمكانية عدم التوصّل إلى تشكيلات سليمة إذ إنّها جمّدت، كما أسلفنا القول آنفاً، إبّان مرحلة الوزير شارل رزق في عهد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة ورئيس الجمهورية إميل لحود، أيّ في عزّ احتدام الكباش السياسي في لبنان، بينما سارت الأمور على ما يرام عند تولّي البروفسور إبراهيم نجّار حقيبة وزارة العدل وعمل بجدّيّة وشكل صحيح بإجماع أعضاء مجلس القضاء الأعلى آنذاك، فصدر مرسومان للتشكيلات القضائية في عهده مستفيداً من الهدوء السياسي تحت مظلّة “إتفاق الدوحة” الذي أتى بالعماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية ، الأوّل حمل الرقم 1465 في 6 آذار 2009، والثاني حمل الرقم 5079 في الأوّل من تشرين الأوّل 2010.
ميقاتي والصفدي يفشلان قرطباوي
ولم يكتب لتجربة وزير العدل النقيب شكيب قرطباوي النجاح في تمرير تشكيلات قضائية كانت مأمولة، فتوقّفت مرّتين بسبب اعتراض رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ثمّ وزير المال محمّد الصفدي لتوأد في مهدها. واستعيض عن تشكيلات واسعة وشاملة في عهد الوزير اللواء المتقاعد أشرف ريفي بمناقلات جزئية وانتدابات بعضها أرهق كاهل القضاء.
تغيير نصّار وعضوم
وما التعديل الجديد للمادة الخامسة سوى صيغة جديدة تترجم الصيغة الموجودة وغير المعمول بها، بعدما تبيّن بحكم التجارب، أنّ حجّة عدم التوازن بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية ساقطة وواهية، إذ إنّه بمقدور السلطة السياسية تغيير أشخاص القضاة في المراكز المنوط بها تعيينهم فيها، كما حصل مع رئيس مجلس القضاء الأعلى أمين نصّار في العام 1990، والنائب العام التمييزي القاضي والوزير عدنان عضوم في العام 2005.
حاجة وليس ترفاً
كما أنّ “استفراد” مجلس القضاء الأعلى بتحديد مراكز القضاة ليس ترفاً، فهو حاجة ملحّة تقتضيها مصلحة القضاء أولّاً وأخيراً. وجاء النصّ الجديد ليفعّل نصّاً موجوداً منذ ستّة عشر عاماً مع تعديل طفيف بخصوص اتخاذ مجلس القضاء قراره بأكثرية ثمانية أعضاء بعدما كان سبعة فقط.
ملاحظتان
وأكثر ممّا تقدّم فإنّ أهمية التعديل المستحدث تكمن في الملاحظتين التاليتين:
أولّاً: صار بإمكان القضاة أن يعرفوا مراكزهم الجديدة في أوّل العطلة القضائية، مع ما يعنيه ذلك من تحريك للعمل بشكل منتظم وفعّال، ومن دون معوّقات.
ثانياً: صدر التعديل لدى لجنة الإدارة والعدل بإجماع الكتل النيابية، وما تمثّل من قوى وأحزاب وتيّارات سياسية ممثّلة بأغلبيتها في مجلس الوزراء.
وقد ترأس هذه اللجنة النائب روبير غانم( مستقلّ من قوى 14 آذار)، وتألّفت من مقرّرها النائب المحامي نوّار الساحلي(حزب الله)، وأعضائها النوّاب: هاني قبيسي(حركة أمل)، المحامي نعمة الله أبي نصر(تكتّل التغيير والإصلاح)، نوّاف الموسوي(حزب الله)، المحامي غسّان مخيبر(تكتّل التغيير والإصلاح)، عماد الحوت(الجماعة الإسلامية)، المحامي سيرج طور سركيسيان(تيّار المستقبل)، المحامي نديم الجميّل( حزب الكتائب)، علي عمّار(حزب الله)، حكمت ديب(تكتّل التغيير والإصلاح)، إيلي عون(تكتّل التغيير والإصلاح). وحضر جلسة التتويج النهائية المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود، وأمين سرّ مجلس القضاء الأعلى القاضي محمّد وسام مرتضى الذي أظهر اندفاعاً كبيراً للوصول إلى هذا التعديل المطلوب ليقينه بأنّه يخدم القضاء والعدالة، وتمثّلت نقابة المحامين في بيروت بعضو مجلسها السابق سميح بشرّاوي.
ويدلّ هذا الإجماع السياسي على توافق علني على ضرورة إطلاق يد القضاء على مستوى التشكيلات في وضع القضاة المنتجين و”الشغّيلة” في المكان المناسب.
الأسباب الموجبة لتعديلات العام 2001
الأسباب الموجبة للتعديل الذي أدخله المشترع على المادة الخامسة من المرسوم الاشتراعي رقم 150 في العام 2001:
إنّ التعديلات المرفقة لبعض نصوص قانون القضاء العدلي تهدف إلى تعزيز استقلالية السلطة القضائية وتحصينها عن طريق:
1- إنفاذ ما ورد في وثيقة الوفاق الوطني لجهة انتخاب عدد معيّن من أعضاء مجلس القضاء الأعلى، وذلك تدعيماً لاستقلال القضاء.
2- إعطاء مجلس القضاء الأعلى وحده، صلاحية اقتراح التشكيلات والمناقلات القضائية، وبالتالي إلغاء النصّ الذي كان يعطي وزير العدل مثل هذه الصلاحية. وفي حال وجود تباين في وجهات النظر بين وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى، إعطاء الكلمة الفصل لهذا الأخير بقرار يتخذه بأكثرية موصوفة.
3- إعطاء مجلس القضاء الأعلى حقّ الموافقة على توزيع الأعمال بين المحاكم( الغرف والأقسام) وعدم الاكتفاء باستشارة هذا الأخير.
4- وضع الآلية التي تسمح لمجلس القضاء الأعلى بإعلان عدم أهلية قاض أصيل.
5- تعزيز صلاحيات هيئة التفتيش القضائي في ممارسة الرقابة على أعمال القضاة والموظّفين العاملين في المحاكم.
إنّ الحكومة، إذ تتقدّم من مجلسكم الكريم بمشروع القانون المرفق، ترجو إقراره.
الأسباب الموجبة لتعديلات العام 2016
إنّ المشترع في التعديلات التي أدخلها في العام 2001 على قانون القضاء العدلي، وعلى المادة الخامسة من هذا القانون تحديداً، إرتأى، عن صواب، أن تكون لمجلس القضاء الأعلى الكلمة الفصل والنهائية في موضوع تشكيلات القضاة ومناقلاتهم، إلاّ أنّ صيغة النصّ، كما جرى إقرارها في ذلك الحين، إنطوت على هامش يمكن توسّله سبيلاً لتجميد تلك التشكيلات، وبالتالي لتعطيل ما توخّاه المشترع، إذ وبعد أن ورد في ذلك النصّ أنّ مجلس القضاء يبتّ في الخلاف مع وزير العدل بشأن التشكيلات بقرار بأكثرية سبعة أعضاء، وأنّ قراره في هذا الشأن يكون نهائياً وملزماً، ورد فيه أنّ التشكيلات تصدر بمرسوم بناء على اقتراح وزير العدل.
والتعديل المقترح بالنسبة لآلية إصدار التشكيلات القضائية يتضمّن إضافة فقرة على ذلك النصّ ناطقة:” وفي جميع الأحوال تعتبر التشكيلات نافذة ويبدأ العمل بموجبها، إذا لم تصدر بمرسوم ضمن شهر من تاريخ ورود مشروع التشكيلات إلى ديوان وزارة العدل” وذلك بهدف تفعيل عبارة “نهائياً وملزماً” الواردة في النصّ الحالي، وترجمتها من ثمّ ترجمةً عملية على أرض الواقع، كلّ ذلك إنسجاماً مع إرادة المشترع وتوجّهه الراسخين منذ العام 2001 والمبيّنين آنفاً، على نحو يضمن حسن سير المرفق القضائي وانتظام العمل فيه ويجنّبه مواقف مشابهة لتلك التي حالت لعدّة مرّات، في الفترة الأخيرة، دون صدور التشكيلات والمناقلات.
النصّ الحالي للمادة الخامسة
المادة 5: بالإضافة إلى المقرّرات التي يتخذّها مجلس القضاء الأعلى والآراء التي يبديها في الحالات المنصوص عليها في القانون والأنظمة تناط به الصلاحيات التالية:
• وضع مشروع المناقلات والإلحاقات والانتدابات القضائية الفردية أو الجماعية، وعرضه على وزير العدل للموافقة عليه.
• لا تصبح التشكيلات نافذة إلاّ بعد موافقة وزير العدل.
– عند حصول اختلاف في وجهات النظر بين وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى، تعقد جلسة مشتركة بينهما للنظر في النقاط المختلف عليها.
– إذا استمرّ الخلاف، ينظر مجلس القضاء الأعلى مجدّداً في الأمر للبتّ فيه، ويتخذّ قراره بأكثرية سبعة أعضاء، ويكون قراره في هذا الشأن نهائياً وملزماً.
– تصدر التشكيلات القضائية وفقاً للبنود السابقة بمرسوم يتخذّ بناء على اقتراح وزير العدل.
– مع مراعاة أحكام تعيين القضاة الذين تلحظ القوانين النافذة تعيينهم بمرسوم يتخذّ في مجلس الوزراء، لا يُرقّى ولا ينقل أيّ من أعضاء مجلس القضاء الأعلى طوال مدّة ولايته.
مآل التعديلات الجديدة للمادة الخامسة
المادة 5: بالإضافة إلى المقرّرات التي يتخذّها مجلس القضاء الأعلى والآراء التي يبديها في الحالات المنصوص عليها في القانون والأنظمة تناط به الصلاحيات التالية:
• وضع مشروع المناقلات والإلحاقات والانتدابات الفردية أو الجماعية بما فيها تعيين القضاة العالميين لدى المحاكم العسكرية سنداً إلى معايير موضوعية واضحة تأخذ بعين الإعتبار المناقبية والإنتاجية كمّاً ونوعاً والأقدمية، والمداورة الإلزامية ما أمكن، وعرضه على وزير العدل للموافقة عليه.
• تصبح التشكيلات نهائية وملزمة بعد موافقة وزير العدل عليها وتصدر بمرسوم على أساسها بناء لاقتراح وزير العدل خلال مهلة شهر.
في حال انقضاء المهلة دون صدور المرسوم يُعْمَل بها مع ما تنتجه من مفاعيل إلى حين صدور المرسوم.
عند حصول اختلاف في وجهات النظر بين وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى، تعقد جلسة مشتركة بينهما للنظر في النقاط المختلف عليها.
إذا انقضت مهلة شهر دون عقد جلسة مشتركة، يُعْتَبر الاختلاف قائماً ومستمرّاً ضمناً.
في حال استمرار الخلاف، ينظر مجلس القضاء الأعلى مجدّداً في الأمر للبتّ فيه خلال مهلة خمسة عشر يوماً تلي المهلة الأولى ويتخذّ قراره بأكثرة ثلاثة أرباع أعضائه ويكون قراره في هذا الشأن نهائياً وملزماً وتصدر التشكيلات على أساس مرسوم يتخذّ بناء على اقتراح وزير العدل.
إذا انقضت مهلة شهر على إيداع مشروع التشكيلات النهائي والمُلْزم ديوان وزارة العدل دون إصداره بمرسوم، يُعْمل بهذه التشكيلات مع ما تنتجه من مفاعيل إلى حين صدور المرسوم وفقاً للبنود السابقة.
مع مراعاة أحكام تعيين القضاة الذين تلحظ القوانين النافذة تعيينهم بمرسوم يتخذّ في مجلس الوزراء، لا يُرقّى ولا ينقل أيّ من أعضاء مجلس القضاء الأعلى طوال مدّة ولايته.
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 16 – نيسان 2017).

*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يرجى الإكتفاء بنسخ جزء من الخبر وبما لا يزيد عن 20% من مضمونه، مع ضرورة ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!