الهجرة واللجوء والنزوح من وجهة نظر القانون الدولي/سلام عبد الصمد
إعداد المحامي الدكتور سلام عبد الصّمد:
تعريف الهجرة:
الهجرة هي المغادرة النهائية للفرد من أراضي دولته إلى أراضي دولة أخرى. طبعًا الأسباب تختلف من شخص لآخر. على سبيل المثال، نلاحظ في مجتمعنا اليوم (المجتمع اللبناني) أنّ الغالبية تهاجر بحثًا عن فرص عمل، وتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي.
فالهجرة عمل قانوني وحقّ يمكن للجميع ممارسته طالما أنّ الشخص ملزم بقوانين الدولة التي تحدّدها لدخول أيّ شخص أجنبي.
المهاجر هو أيضًا الشخص الذي يقدّم تأشيرة من سفارة الدولة المحتملة من أجل الحصول على تأشيرة هجرة للسفر إلى تلك الدولة. الهجرة هي عملية تسوية تتمّ من خلال السفارات والقنصليات. من خلال الهجرة، تهدف البلدان إلى توفير العمالة الماهرة وجذب العقول.
تختلف طرق الهجرة من بلد إلى آخر، لكنّها في المجمل تتمّ عن طريق الملفّات في ظلّ ظروف معيّنة مثل إتقان لغة الدولة، والحصول على شهادات الخبرة في المهنة المطلوبة للهجرة، والتعبير عن رغبة الشخص في الهجرة.
تعريف اللجوء:
اللجوء هو وضع قانوني للحماية، يمنح للشخص الذي غادر وطنه خوفًا من الاضطهاد أو الدمار أو القتل بسبب مواقفه السياسية أو آرائه أو دينه أو عرقه.
يمكن أيضًا فرض حقّ اللجوء على الأشخاص نتيجة حرب أهلية أو غزو عسكري. وهذا يعني أنّه في حالة اللجوء، يغادر الشخص بلده قسرًا على عكس المهاجر الذي يتركه راضيًا.
يعتبر الشخص طالب لجوء قانونيًا عند دخوله إلى بلد ما، ويقدّم طلبًا رسميًا للجوء حتّى تتمّ الموافقة على الطلب. وبعد ذلك يتمّ الاعتراف به كلاجئ، ويحصل على الحماية والعمل والرعاية بجميع أشكالها داخل الدولة.
تمّ تنظيم حقّ اللجوء بموجب القوانين الوطنية والاتفاقيات والمواثيق الدولية.
نصّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 على منح حقّ اللجوء والتزامات الدول التي تمنح الحماية للاجئين.
كما نصّت اتفاقية جنيف على حقّ اللجوء ووضع اللاجئ. كما نصّ الإعلان العالمي على حقّ كلّ فرد في حرّية التنقّل والإقامة في بلده أو بلد آخر، وينصّ على الحقّ في الحماية واللجوء في حالة تعرّضه للضغط.
الفروق الجوهرية بين الهجرة واللجوء:
يتلقّى اللاجئ مساعدة مادية ومعنوية، وتُوفّر له الدولة الحماية وسبل العيش من سكن طعام وشراب ونحو ذلك. على عكس المهاجر، يجب عليه دفع ضرائبه ورسومه وجميع التكاليف التي يتحمّلها بقدر ما يتحمّله أيّ مواطن في البلد.
متى ينتهي الفرق بين اللجوء والهجرة؟
عند الحصول على الجنسية، ينتهي الاختلاف بين اللاجئ والمهاجر، ويصبح الإثنان مواطنيْن رسميًا في هذا البلد.
الفروق الجوهرية بين النزوح واللجوء Difference between the asylum and the displacement
إلى جانب الخلط غير المبرّر بين الهجرة واللجوء، هناك التباس قائم حاليًا وتحديدًا على الساحة اللبنانية ما بين اللجوء والنزوح، خاصةً في موضوع السوريين الموجودين في لبنان.
في الواقع، إذا وضعنا روابط التاريخ والجغرافيا التي تجمع الشعبين اللبناني والسوري جانبًا، وتكلّمنا بلغة القانون، فإنّ السوري في لبنان ليس نازحًا بل لاجئ تنطبق عليه الاتفاقيات الدولية الخاصّة باللجوء، كما والمراسيم والتعاميم الصادرة عن السلطات اللبنانية، في ظلّ غياب أيّ تشريع يُنظّم، وبكلّ أسف، مسألة اللجوء في لبنان.
وعليه، فإنّ النظام القانوني للجوء يختلف تمامًا عن النزوح. حيث إنّ صفة النازح تُطلق عادةً على من انتقل من منطقة لأُخرى داخل الدولة عينها، وخاصةً من الأرياف للمدن، طلبًا للإسترزاق، والتعليم، والإستشفاء وخلافه. وبالتالي، إذا كان من الممكن مطالبة اللاجئ بمغادرة البلد الذي لجأ إليه من أجل العودة إلى بلده، فهذا لا ينطبق على النازح، فهو مواطن مثل غيره من المواطنين، بينما اللاجئ السوري له الحقّ الكامل في العودة إلى بلده إذا شعر أنّه آمن.
فالنازح لا يستفيد بطبيعة الحال من أيّة حماية دولية، كما لا يخضع للمعاملة الخاصة باللاجئ. وإذا كان من الممكن الطلب من الأخير ترك الدولة التي لجأ إليها من أجل العودة إلى بلاده، فإنّ هذا الأمر لا ينطبق على النازح، فهو مواطن شأنه شأن باقي المواطنين.
“محكمة” – الأربعاء في 2022/7/6