اليد اليمنى والقسم أمام المراجع المختصّة/جمال الحلو
القاضي والمحامي جمال الحلو:
يتبادر إلى الذهن السؤال الآتي: ما هو سبب رفع اليد اليمنى في حال القسم أمام المحكمة؟ ولماذا لا ترفع اليد اليسرى؟
السؤال جميل جدًّا، فهذه العادة ليست من العادات الدينيّة كما يظنّ البعض، ولها قصّة مثيرة.
فقد كانت أوروبا في العصور الوسطى تعيش في زمن الإقطاع، والجهل المطبق، وعهود الظلام.
وكانت العادة عندهم إذا دخل أحدهم السجن بتهمة معيّنة يتمّ وشم يده اليمنى، ليعرف الجميع أنّه من أصحاب السوابق الجرميّة.
وعليه، فعندما كان يُدعى الشخص للإدلاء بشهادته، تطلب منه المحكمة أن يرفع يده اليمنى حتّى يتبيّن لها أنّ يده ليست موشومة (أي أنّه ليس من أصحاب السوابق). وبالتالي يحلف اليمين القانونيّة كي تُسمع شهادته ويُقرَّر ما إذا كانت مقبولة أم لا عند إصدار الحكم. وظلّت هذه العادة متّبعة “لجهة رفع اليد اليمنى عند القسم” حتّى يومنا هذا.
حبّذا لو طبّقنا هذه العادة على عدد من السياسيّين الفاسدين فيتمّ وشم أيديهم بدلًا من تطعيمهم، بحيث يتمّ التعرّف إليهم عند إقدامهم على سرقة موارد الدولة والشعب ومقدّراتهما. وبالتالي يكون الوشم كدمغة واضحة لتبيان الصالح من الطالح.
ولكن في زمننا الحالي، وبسبب انعدام عادة الوشم، أصبح القسم عند السياسيّين أسهل من شربة الماء ويطبّق عليهم المثل الشعبيّ العاميّ: “قالولو للحرامي احلف، قلهم إجا الفرج”!
“محكمة” – الأحد في 2021/7/18