قراءة قانونية لوزارة العمل في مسألة تحديد صاحب العمل لإدارة أهراءات مرفأ بيروت
صدر عن وزارة العمل الآتي:
“بناء على كتاب نقابة عمال ومستخدمي اهراءات مرفأ بيروت، الذي تطلب بموجبه تحديد صاحب العمل لإدارة اهراءات مرفأ بيروت وبيان ما إذا كان صاحب العمل هو الدولة. أجاب وزير العمل مصطفى بيرم بما يأتي:
إنّ مجلس شورى الدولة اللبناني قد سبق له أن عالج هذه المسألة في أكثر من اجتهاد نستعرض خلاصتها، وهي ملزمة للإدارة اللبنانية لكون هذه الجهة القضائية منوطًا بها بيان حكم القانون في المنازعات المطروحة ولأحكامها طبيعة اجتهادية تطبّق في حالاتٍ مشابهة (هيئة التشريع والاستشارات الرأي رقم 2022/195 تاريخ 2022/3/10.
وحيث إنّ مجلس شورى الدولة في أكثر من قرار قد ثبّت الحيثيات الآتية:
“أنّه بتاريخ 1990/12/31 إنتهى أجل عقد الامتياز الذي كان يربط شركة ادارة واستثمار مرفأ بيروت بالدولة لادارة واستثمار اهراءات الحبوب في مرفأ بيروت لحساب المديرية العامة للحبوب والشمندر السكري، وأنه يتحصل من بناءات القرار الرقم 50/ح.ش الصادر عن وزير الاقتصاد والتجارة بتاريخ 1991/8/13 ومن المادة الأولى منه أنّ”جميع المستخدمين الموجودين في ملاك الأهراء بتاريخ 1990/12/31 معيّنون من قبل شركة ادارة واستثمار مرفأ بيروت بصفتهم من مستخدميها ويخضعون لأنظمتها وللأصول المالية والادارية المتبعة لديها “وأنّه عملا بمبدأ ضرورة استمرارية المرفق العام يستمرّ مستخدمو الأهراء في عملهم وفاقًا للأنظمة المالية والاداريــة التي كانت متبعة في ظلّ إدارة شركة ادارة واستثمار مرفأ بيروت لحين بتّ وضعهم.
وأنّ وزير الاقتصاد والتجارة أفاد في مطالعته المؤرّخة في 2017/11/24 “بأنّ القرار الرقم 50/ح.ش الصادر عن وزير الاقتصاد والتجارة بتاريخ 1991/8/13 ما زال ساري المفعول حتّى تاريخه ولم يطرأ أيّ تعديل على طبيعة وعمل الأهراء وعلى أنظمة العاملين فيه.”وأنّه إذا كانت الدولة لم تحدّد حتّى تاريخه الطبيعة القانونية لهذا المرفق ، ولم تستصدر النصوص القانونية اللازمة لطريقة إدارته بحيث تصبح إدارة عامة أو مؤسّسة عامة أو اعتماد أيّ من الصيغ أو الطرق القانونية في إدارة المرافق العامة، بل لا يزال هذا المرفق يدار وفقًا للطريقة والقواعد التي كانت متبعة من شركة إدارة واستثمار مرفأ بيروت مع تغيير في ربّ العمل من خلال حلول الدولة محل هذه الشركة.
وأنّ العاملين في ادارة الاهراء لا يعتبرون اذن، على تعدّد صفات أو اختلاف طرق استخدامهم موظّفين أو مستخدمين عامين، ولا سيّما أنّهم لا يخضعون للأنظمة الوظيفية العامـة ، بل يخضعون في عملهم للأنظمة المالية والادارية التي كانت متبعة في ظلّ ادارة شركة واستثمار مرفأ بيروت.(م.ش. قرار رقم 250 / 2019-2020 تاريـــخ 2020/1/9 الدكتور بشارة الاسمر/ الدولة⸵ م.ش. قرار رقم 387/2017-2018 تاريــخ 2018/2/6 جو زغيب/ الدولة⸵ م.ش. قرار رقم 389 /2017-2018 تاريــخ 2018/2/6 أنطوني اللبكي/ الدولة. م.ش. قرار رقم 388 /2017-2018 تاريــخ 2018/2/6 طارق الحداد/ الدولة⸵ م.ش. قرار رقم 391 /2017-2018 تاريــخ 2018/2/6 مكرم سكريه/ الدولة⸵ م.ش. قرار رقم 390 /2017-2018 تاريــخ 2018/2/6 موسى الخوري/الدولة).
وأن اجتهاداً سابقاً لمجلس شورى الدولة كان أكثر وضوحاً في بيان أنه:”بموجب هذا الحق الخاص ولا سيما احكام قانون العمل اللبناني في المادة 60 منه ” اذا طرأ تغيير في حالة رب العمل ….. فإنّ جميع عقود العمل التي تكون جارية يوم حدوث التغيير تبقى قائمة بين رب العمل الجديد وأجراء المؤسّسة ..، وأنّه في ظلّ سكوت العقد وانتفاء نص قانوني مخالف يرعى تسهيل الانتقال الى النظام الاستثماري الجديد وعملًا بمبدأ استمرارية المرفق العام والنصوص المتقدم بيانها، فإنّ الدولة حلّت محلّ صاحبة الامتياز شركة ادارة واستثمار مــرفأ بيروت وخلفتها في جميع الحقوق والموجبات والتعهّدات والعقود الجارية مع الغير ولا سيّما في العقد الجماعي الذي كان نافذًا بتاريخ 1990/12/31 والموقّع بين الشركة المذكورة ونقابة عمال اهراءات الحبوب التي تعتبر شخصًا ثالثًا من الغير بالنسبة إلى عقدي الامتياز والتلزيم بالتراضي المشار إليهما.
وحيث إنّ شركة ادارة واستثمار مرفأ بيروت، والتي كانت تتولّى ادارة واستثمار الأهراء قد انتهى امتيازها بتاريخ 13/ آب / 1991 ، وتولّى وزير الاقتصاد والتجارة منذ ذلك الوقت الاشراف المباشر على الاهراء ، دون أيّ تعديل أو تغيير في الوضع القانوني أو في الطبيعة القانونية لهذا المرفق الذي بقي خاضعًا سواء في تكوينه أو طريقة استثماره أو في أنظمته للقانون الخاص وللوسائل المتبعة في إدارة المشاريع الخاصة( م.ش. قرار رقم 104 /2001-2002 تاريخ 2001/11/6، جان ايلي توما/الدولة، م.ق.إ. العدد 17، ص 117).
ونختم ببيان أن الإدارة كثيراً ما تلجأ إلى إنشاء جهاز إداري خاص (AD-HOC) خارج ملاكها لا يتمتّع بشخصية معنوية ومستقل عن الوزارة، وإنّما يحظى ببعض الخصوصية المالية والتنظيمية، وأنّ هذه المرافق العامة الصناعية والتجارية تخضع بطبيعتها لنظام قانوني مزدوج حيث تحكمها مجموعة من قواعد القانون العام ومجموعة من القانون الخاص. فهي تخضع من حيث إنشاؤها وتعديلها وإلغاؤها وتنظيمها لأحكام القانون العام في حين أنّها تخضع من حيث نشاطها وسير عملها وعلاقتها مع العاملين لديها والمنتفعين منها لأحكام القانون الخاص (م.ش. قرار رقم 661/2020-2021 تاريخ 2021/6/22 نقابة موظّفي وعمّال مصفاة طرابلس للبترول/ الدولة- وزارة الطاقة والمياه- هيئة منشآت النفط في طرابلس والزهراني).
وهذا ما تمّ تطبيقه على إدارة استثمار مرفأ بيروت حيث قضى الاجتهاد أن الدولة- وزارة الأشغال العامة والنقل- لجنة إدارة مرفأ بيروت تشكل كياناً قانونياً واحداً (م.ش. قرار رقم : 425 / 2020-2021 تاريـخ 2021/5/5 شركة ار. سي. جي لبنان/ الدولة- وزارة الأشغال العامة والنقل- إدارة واستثمار مرفأ بيروت). وما ينطبق على إدارة مرفأ بيروت يطبّق على اهراءات الحبوب التي تشكّل ووزارة الاقتصاد- الدولة اللبنانية كياناً واحداً.
بناء على ما تقدّم نخلص في هذه الدراسة إلى ما يأتي:
1- إن صاحب العمل في إدارة واستثمار اهراءات الحبوب في مرفأ بيروت هي الدولة اللبنانية- وزارة الاقتصاد والتجارة.
2- إنّ هذه الإدارة هي مرفق عام تخضع لقواعد مزدوجة، فهي تخضع من حيث إنشاؤها وتعديلها وإلغاؤها وتنظيمها لأحكام القانون العام، في حين أنّها تخضع من حيث نشاطها وسير عملها وعلاقتها مع العاملين لأحكام القانون الخاص.
3- إنّ العاملين في هذه الإدارة هم من الأجراء الخاضعين لقانون العمل اللبناني ولعقد العمل الجماعي”.
“محكمة” – الأربعاء في 2022/4/27