بطلان عملية تبليغ الإنذار المرسل إلى الدولة/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
إعتبر القاضي المنفرد المدني في بيروت الناظر في قضايا الإيجارات الرئيس داني شرابيه أنّ الشخص المؤهّل لتبلّغ الإنذار بالدفع هو الوزير الذي يمثّل وزارته أو من يفوّضه ببعض الصلاحيات ممّا يؤدّي إلى اعتبار الإنذار مبلّغاً من شخص غير ذي صفة إذا حصل أن تبلّغه موظّف غير مفوّض.
كما اعتبر الرئيس شرابيه أن لا تأثير لعلم المدعى عليها المستأجرة بالإنذار لأنّ هذا العلم لا يغني عن احترام الشكليات، وقضى بردّ الدعوى. ممّا جاء في الحكم الصادر بتاريخ 2002/2/26
بناء عليه،
حيث إنّ الجهة المدعية تطلب إسقاط حقّ المدعى عليها من التمديد القانوني عملاً بالمادة 14 من القانون رقم 92/160 المعدّل المعطوفة على الفقرة (أ) من المادة العاشرة من القانون نفسه.
وحيث إنّ المدعى عليها تدلي من ناحية أولى بوجوب ردّ الدعوى شكلاً باعتبار أنّها تأسّست خلال فترة الفراغ التشريعي وبعد انتهاء مفعول القانون رقم 92/160.
وحيث ولئن كانت الدعوى الحاضرة قد تأسّست خلال فترة الفراغ التشريعي التي سبقت صدور القانون رقم 2721 تاريخ 98/11/5 الذي مدّد أحكام القانون رقم 92/160 لغاية 98/1/1، إلاّ أنّ مجرّد صدور قانون التمديد المومأ إليه يكفي للقول بوجوب اخضاع الدعوى الراهنة إلى أحكامه وذلك بالإستناد إلى المفعول الرجعي الذي كرّسه القانون المذكور.
وحيث يقتضي على ضوء ما تقدّم ردّ إدلاءات المدعى عليها لهذه الناحية.
وحيث إنّ المدعى عليها تدلي من ناحية ثانية بوجوب ردّ الدعوى أساساً نظراً لبطلان الإنذار المرسل إليها والذي تمّ استلامه من قبل شخص هو غير ذي صفة لتبلّغ الإنذارات بالدفع.
وحيث إنّ المشترع لم يحدّد أصولا خاصة يقتضي اعتمادها بالنسبة إلى تبليغ الإنذار بالدفع المتعلّق بالمأجور غير السكني بحيث يتضح أنّ المادة 14 من القانون رقم 92/160 قد تبنّت بالكامل حالات الإسقاط المنصوص عنها في الفقرات (أ) و (ب) و (ج) و (ز) و (و) من المادة العاشرة من القانون نفسه ودون الإثبات على ذكر أيّ استثناء يميّز التبليغ المتعلّق بالمأجور السكني عن التبليغ الحاصل بالنسبة للمأجور غير السكني.
وحيث إنّ اتصاف قانون الإيجارات بالطابع الإستثنائي إنّما يحتّم على المحاكم اعتماد مبدأ التفسير الضيّق والحرفي للنصّ الأمر الذي يستوجب الإسترشاد بنصّ الفقرة (أ) من المادة العاشرة المذكورة توصّلاً إلى التدقيق في مدى صحّة التبليغ الحاصل بالنسبة إلى المأجور غير السكني.
وحيث إنّ الفقرة (أ) موضوع البحث قد اشترطت للقول بتحقّق جزاء الإسقاط من حقّ التمديد لعلّة عدم الدفع أن يكون التبليغ قد حصل بواسطة المستأجر نفسه أو بواسطة أحد أفراد عائلته الراشدين المقيمين معه.
وحيث إنّ المستأجر في الحالة الراهنة هو الدولة اللبنانية ووزارة التربية الوطنية بشكل خاص، الأمر الذي يستتبع القول بأنّ الشخص المؤهّل لتبلّغ الإنذار بالدفع هو الوزير نفسه باعتبار أنّ الأخير هو الذي يمثّل وزارته.
وحيث من مراجعة المرسوم الاشتراعي رقم 111 الصادر بتاريخ 1959/6/12 والمتعلّق بتنظيم الإدارات العامة يتضح أنّ المرسوم المشار إليه قد أجاز للوزير أن يفوّض إلى المدير العام أو أحد رؤساء الوحدات الإدارية المرتبطين به مباشرة بعض صلاحياته باستثناء الصلاحيات التي خصّه بها الدستور.(يراجع البند الخامس من المادة السابعة من المرسوم المذكور).
وحيث بالعودة إلى صورة المذكرة الإدارية رقم 92/ م/97 والصادرة عن وزير التربية بتاريخ 97/9/29 والمبرزة في الملفّ من قبل الجهة المدعية يتضح أنّ الشخص الذي فوّضه الوزير من أجل استلام البطاقات البريدية المكشوفة والإنذارات ومذكّرات ربط النزاع التي ترد باسم وزير التربية الوطنية والشباب والرياضة هو السيّد أ. بصفته رئيس دائرة القضايا بالتكليف.
وحيث بالعودة إلى محضر تبليغ الإنذار موضوع النزاع يتضح أنّ السيّد ي. هو الذي تبلّغ الإنذار المذكور بصفته رئيس المصلحة الإدارية المشترك مع العلم أنّ التبليغ قد حصل بتاريخ 97/12/2 أيّ خلال الفترة الزمنية التي كانت فيها المذكّرة الإدارية المشار إليها أعلاه قد صدرت عن وزير التربية والتي حدّدت على نحو حصري المرجع الصالح لتبلّغ الإنذارات.
وحيث يتحصّل ممّا تقدّم أنّ تبليغ الإنذار موضوع هذه الدعوى قد حصل بواسطة شخص هو غير ذي صفة، الأمر الذي أفقد الإنذار أثره القانوني المطلوب.
وحيث لا يردّ على ما تقدّم بالقول إنّ المدعي عليها قد علمت بالإنذار وذلك على نحو ما يتبيّن من المراسلات الخطيّة الصادرة عنها والتي تؤكّد استلامها للإنذار واطلاعها على مضمونه، فالمعوّل عليه في قضايا الايجارات هو “التبليغ” بمفهومه القانوني المحدّد بمقتضى الفقرة (أ) موضوع النقاش، وبالتالي فإنّ علم المستأجر بالإنذار لا يغني عن احترام الشكليات الواجب توافرها كشرط جوهري للقول بتحقّق جزاء الإسقاط من حقّ التمديد بهذا الإتجاه.
– استئناف بيروت، الغرفة الخامسة تاريخ 92/2/18 المصنّف في قضايا الإيجارات للرئيس شمس الدين الجزء الرابع 2001، ص 204 رقم 11
وحيث يقتضي تأسيساً على كلّ ما تقدّم ردّ الدعوى
وحيث إنّه لم يعد من حاجة لبحث كلّ ما زاد أو خالف بما في ذلك طلب العطل والضرر عن المحاكمة غير المتوفّرة شروطه.
“محكمة” – الأحد في 2020/11/22