بعدما أضرّت بئر كفرحونة بمصالح المزارعين: قرار وزاري بردمها فقرار آخر بالترخيص لها
كتب علي الموسوي:
خلال فترة تصريف الأعمال بعد استقالة حكومة الرئيس تمّام سلام، قام وزير الطاقة والمياه أرتيور نظريان بالترخيص باستعمال بئر إرتوازية في بلدة كفرحونة في قضاء جزين كانت مثار اعتراض من عدد كبير من الأهالي وأصحاب برك تجميع المياه القريبة والمحيطة نتيجة التسبّب بجفافها وإلحاق ضرر بمزروعاتهم وأرزاقهم، وهي البئر نفسها التي كان نظريان قبل فترة زمنية قصيرة، قد رفض الترخيص باستعمالها بعد حفرها خلافاً للأصول وعدم حيازتها المواصفات القانونية المطلوبة.
ولم يعرف كيف تراجع وزير الطاقة والمياه عن قراره السابق الصادر تحت الرقم 5828/و في 8 حزيران 2016 وفيه تأكيد منه على أنّ هذه البئر الموجودة على العقار رقم 2332 من منطقة كفرحونة العقارية “لا تخضع للتسوية .. وألحقت الضرر الفادح بمياه الينابيع المجاورة وتسبّبت بجفاف ستّة منها ممّا استلزم تقرير ردم البئر المخالفة وختمها بالشمع الأحمر”.
فإذا بقرار الوزير نفسه الصادر تحت الرقم 10/س/2016 في 26 تشرين الثاني 2016 تحت عنوان “إيصال استعمال مياه بئر غير متفجّرة على سبيل التسوية لا يتجاوز عمقها 150 متراً” يجيز لصاحب البئر استعمال المياه طوال أربع سنوات ضمن عقاره فقط، باعتبار أنّ تعميق البئر ونقل مياهها خارج العقار يلزمه رخصة قانونية، وكذلك الأمر في حال تعبئة مياه الشرب وتوزيعها.
ويأخذ المعترضون على هذه البئر أنّها اخترقت الطبقات الأرضية ممّا أدّى إلى تخفيض المستوى الجوفي للمياه وجفاف عدد من الينابيع في المحلّة، كما أنّه لم تراع فيها الشروط القانونية لجهة المسافة الفاصلة إذ إنّها تبعد عن نبع حمدون الواقع في العقار رقم 2376 الملاصق لها نحو 179 متراً، فيما يفترض أن يكون البُعْد 350 متراً عن أيّ نبع أو بئر كما هو منصوص في القرار التنظيمي رقم 118/2010، فضلاً عن أنّ هذه البئر تبعد أقلّ من ثلاثة أمتار عن مجرى ماء شتوي يغذّي نهر المشرح.
وقبل تراجع وزير الطاقة والمياه السابق عن قراره، كان صاحب البئر قد تقدّم بمراجعة أمام مجلس شورى الدولة طعناً بالقرار السابق للوزير نفسه الصادر في 8 حزيران 2016، ولم يصدر قرار نهائي فيها، فتقدّم أحد أصحاب العقارات المتضرّرة عطا الياس عبد النور بواسطة وكيله القانوني المحامي حافظ ياسين بطلب تدخّل أمام مجلس شورى الدولة طالما أنّ هذا الطلب لا يخضع لمهلة محدّدة ويجوز تقديمه في أيّ وقت حتّى صدور القرار النهائي، وهو صاحب مصلحة نتيجة تضرّره من البئر المذكورة، وانتهى فيه إلى ردّ مراجعة المستدعي صاحب البئر بالنظر لانطباق القرار الأوّل للوزير على القوانين والأنظمة التي ترعى المياه ومراعاته مبدأ المساواة وتقيّده بحدود مبدأ المشروعية وتحقّق الغاية من إصداره باستهداف المصلحة العامة وحماية الينابيع والمجاري والأنهر وأصحاب الحقوق المكتسبة على المياه.
وفي 22 كانون الأوّل 2016، قدّم عطا عبد النور مراجعة أمام الغرفة الأولى لمجلس شورى الدولة طعناً بقرار الوزير نظريان الذي أجاز استعمال مياه البئر، مع طلب وقف تنفيذ.
وتبقى الكلمة الفاصلة لمجلس شورى الدولة للبتّ في هذا النزاع بما يضمن صون الحقوق كافة.
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 13 – كانون الثاني 2017).