مقالات

بين إعدام القاتل وإعدام المجتمع/شربل عرب

المحامي شربل كميل عرب:
تنصّ الشريعة الجزائية، أيّ قانون العقوبات، على عقوبة لكلّ فعل عرفه القانون أنّه جرم جزائي. ولهذه العقوبة شروط يبدو أنّه قد نسيها البعض ولا بدّ للتذكير بها ومنها الردع، أي يجب أن تكون العقوبة رادعة وتتناسب مع الفعل الجرمي المرتكب. فمن يشتم أحدهم لا تكفيه عقوبة مالية خفيفة، بل يجب أن تكون قاسية كي لا يعيد فعلته، وكذلك السرقة وغيرها، فقوّة ردع العقوبة أهمّ ميزانها.
أمّا اليوم، فأصبح المجرم يرتكب العديد من الأفعال وينظّم ملفّاته للإدغام، فيصبح محترفًا في الجريمة بدل أن يكون ردعه وردع غيره من التفكير بالجريمة التي هي خطر على المجتمع.
ومن هذه الجرائم، جريمة القتل العمدي، والاغتصاب للأطفال والتجسّس والعمالة لصالح العدوّ، وغيرها من الجرائم الفظيعة التي وضع لها النصّ عقوبة الاعدام. ولكن لماذا تبقى فقط في النصوص؟ ألا يجب تنفيذها؟
يجيب البعض أنّه لا يحقّ لأحد قتل نفس، ولكن هل يكفي السجن لردع المجرم الآخر ومن يفكّر بالقتل كي يفكّر مرّتين؟ لماذا تتزايد جرائم القتل وأصبح القاتل ينفّذ عملياته ببرودة أعصاب كأنّه لا يزهق الروح؟ ألا يجب أن تتناسب العقوبة مع فداحة الجرم، كما كان يفعل قانون حمورابي أيّ العين بالعين والسنّ بالسنّ، وذلك لأنّ المجتمع كان متخلّفًا وأنّ التحجّج بالحضارة يكون للمجتمعات المتحضّرة؟
أمّا في لبنان مع تزايد العصابات الطائفية وخاصة بعد وجود النازحين السوريين وزيادة نوعية الجريمة، أصبح تنفيذ عقوبة الاعدام ضرورة قصوى وفي الساحة العامة لكي تكون رادعة للمجرمين الآخرين وكي لا يكون سهلًا قتل النفس ببرودة أعصاب. وعندما يعود المجتمع للحضارة نلغي التنفيذ .
سيلوم البعض فكرة تشجيع الإعدام. ولكن ما رأيكم أن يقتل أحدهم إبنكم لسبب تافه أنّه أغرم بشقيقته مثلًا؟ أو لأنّه استدان منه مبلغًا زهيدًا دون إعادته أو لأسباب وأسباب؟
لماذا يجب علينا أن نترك هؤلاء المجرمين يفلتون من العقاب؟
إنّنا بذلك نقوم بإعدام المجتمع بأكمله، ولذلك، فإنّ عقوبة الإعدام ألف مرّة للقاتل والمغتصب والمتعامل مع العدوّ ضدّ أبناء بلده، خير بألف مرّة من تكوين مجتمع قاتل منحرف وعميل، لأنّنا بذلك نقوم بإعدام المجتمع بأكمله.
“محكمة” – الأحد في 2025/1/26

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!