تأثير الذكاء الإصطناعي على مهنة المحاماة: بين الفرص والتحدّيات/ راشد شاتيلا
راشد خضر كمال شاتيلا:
في ظل التطور السريع للتكنولوجيا، أصبح الذكاء الاصطناعي (AI) جزءاً لا يتجزأ من العديد من المجالات، بما في ذلك مهنة المحاماة.
تعتمد التقنيات الحديثة على الذكاء الإصطناعي لتحسين كفاءة العمل وتقليل التكاليف، إلّا أنّ هذا التقدّم التكنولوجي يرافقه تحدّيات عديدة تتعلّق بالأخلاقيات، والخصوصية، وفقدان الوظائف. في هذا المقال، سنستعرض إيجابيات وسلبيات الذكاء الاصطناعي في مهنة المحاماة.
• إيجابيات الذكاء الإصطناعي في مهنة المحاماة
1- تحليل البيانات والبحوث القانوني:
يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من البيانات بسرعة ودقة، مما يساعد المحامين في البحث القانوني واكتشاف السوابق القضائية ذات الصلة. هذه القدرة على تحليل البيانات الكبيرة تتيح للمحامين الوصول إلى معلومات مفيدة بسرعة فائقة، مما يوفر وقتهم ويزيد من فعالية عملهم.
2- أتمتة المهام الروتينية:
يمكن للذكاء الاصطناعي التعامل مع المهام الروتينية مثل تحرير العقود، والتحقق من الوثائق، وإعداد المستندات القانونية. بفضل الأتمتة، يمكن للمحامين التركيز على المهام الأكثر تعقيداً وإبداعاً، ممّا يعزّز إنتاجيتهم ويتيح لهم تقديم خدمة أفضل لعملائهم.
3- زيادة الكفاءة وتقليل التكاليف:
يمكن للتقنيات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي أن تقلّل من التكاليف المرتبطة بالخدمات القانونية من خلال تحسين الكفاءة وتقليل الحاجة إلى العمل اليدوي. هذا يعني أنّه يمكن تقديم الخدمات القانونية بتكلفة أقلّ، ممّا يجعلها أكثر إتاحة للأشخاص ذوي الدخل المحدود.
4- تحسين الدقة وتقليل الأخطاء:
يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي تحسين دقّة العمل القانوني من خلال تقليل الأخطاء البشرية في تحرير المستندات وتحليل القضايا. هذا يسهم في تعزيز الثقة بين العملاء والمحامين ويقلّل من المخاطر القانونية.
5- إتاحة العدالة للجميع:
بفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن تقديم الخدمات القانونية بكلفة أقلّ، ممّا يجعل العدالة أكثر إتاحة للأشخاص الذين قد لا يكون لديهم القدرة على تحمّل تكاليف الخدمات القانونية التقليدية. هذا يعزّز من مبدأ العدالة الاجتماعية ويحقّق التوازن في الوصول إلى الخدمات القانونية.
• سلبيات الذكاء الاصطناعي في مهنة المحاماة
1- فقدان الوظائف:
قد يؤدّي استخدام الذكاء الاصطناعي إلى تقليل الحاجة إلى عدد كبير من المحامين وموظّفي الدعم، ممّا يسبّب فقدان وظائف كثيرة في القطاع القانوني. هذه المشكلة تحتاج إلى دراسة دقيقة وسياسات تدعم إعادة تدريب الموظّفين للتكيف مع التغيرات التكنولوجية.
2- قضايا الخصوصية والأمان:
قد يؤدّي استخدام الذكاء الاصطناعي إلى مخاطر تتعلّق بالخصوصية والأمان، خاصة في حالة اختراق الأنظمة أو سوء استخدام البيانات. من المهم أن تتبنّى الشركات القانونية سياسات صارمة لحماية البيانات وضمان استخدام آمن للتكنولوجيا.
3- التحدّيات الأخلاقية:
تطرح تقنيات الذكاء الإصطناعي أسئلة أخلاقية حول المساءلة والشفافية في القرارات التي تتخذها الأنظمة الذكية. ينبغي على المحامين التفكير في القضايا الأخلاقية وضمان أن تكون قراراتهم متوافقة مع المعايير القانونية والأخلاقية.
4- نقص الفهم البشري:
بالرغم من قدرات الذكاء الإصطناعي المتقدّمة، إلّا أنّه يفتقر إلى الفهم العاطفي والتعاطف البشري الضروري في بعض القضايا القانونية. التفاعل الإنساني ضروري في بعض الحالات للتوصّل إلى حلول عادلة ومناسبة.
5- الإعتماد الزائد على التكنولوجيا:
يمكن أن يؤدّي الإعتماد المفرط على الذكاء الإصطناعي إلى إهمال المحامين لتطوير مهاراتهم الشخصية والتفكير النقدي. من المهمّ تحقيق توازن بين استخدام التكنولوجيا وتنمية المهارات البشرية لضمان تقديم خدمات قانونية متميّزة.
خاتمة
يمكن القول إنّ الذكاء الإصطناعي يقدّم فرصًا هائلة لتحسين الكفاءة والدقّة في العمل القانوني، لكنّه يأتي أيضًا مع تحدّيات تتعلّق بالأخلاقيات والخصوصية والأمان. من المهمّ أن يعمل المحامون والشركات القانونية على تحقيق توازن بين استخدام التكنولوجيا والحفاظ على القيم الإنسانية الأساسية في ممارسة القانون.
“محكمة” – الأحد في 2024/8/4