تداعيات إبطال قانون الضرائب على مسار قانون السلسلة
كتب جهاد إسماعيل:
أصدر المجلس الدستوري قراراً بإبطال القانون رقم 45، الذي ينصّ على تعديل واستحداث بعض المواد القانونية الضريبية، لعلّة مخالفته الأصول الدستورية(طريقة التصويت في المجلس النيابي) ، والأحكام الدستورية(غياب الموازنة، وتقويض مبدأ المساواة)، وعلى أثره تداعى وزير المالية علي حسن خليل إلى إجراء المشاورات والإتصالات مع رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس المجلس النيابي نبيه بري من أجل إيجاد حلّ حقوقي وسياسي لهذه المعضلة، بعد أن تأكّدت صعوبات هذا الملفّ على الخزينة العامة، باعتبار أنّ الدولة بلا موازنة، وبلا رؤية مالية واضحة، ولا يسعها أن تؤمّن مصادر السلسلة بسهولة.
غير أنّ صعوبة إيجاد المصادر المالية في أقرب وقت ممكن، لا تنسحب على مصير السلسلة من الناحية الحقوقية، لأنّ قانون سلسلة الرتب والرواتب أصبح نافذاً، بحكم الإصدار والنشر بوجه مستقلّ، وعدم تطبيقه بذرائع مختلفة، يحمّل الدولة مسؤولية مخالفتها الفاضحة للقانون، لا سيّما وأنّ أحكامه تطال الحقوق المكتسبة للأفراد التي يؤول عدم إحترامها إلى الإنتقاص من شرعية وهيبة الدولة أمام مواطنيها.
إلاّ أنّ هذا المنحى النظري، لا يخفي الصعوبات العملية من جرّاء إيقاف المصدر الحيوي للقيم المالية، بعد أن ترتّبت الأثار القانونية لمصلحة المستفيدين، وهذا ما يضع الدولة أمام إحتمالات عدة:
الأوّل: يتمثّل في امتثالها إلى القانون وتطبيق السلسلة، من خلال الذهاب إلى عقد القروض العامة، إلى حين تأمين مصادر مالية أخرى عبر الحكومة والبرلمان، وهذا ما سيفرض على الدولة اللبنانية أعباء مالية إضافية، علاوة على أنّ الغاية المبدئية والعرفية من القرض تكمن في أنّه وسيلة لتمويل مشاريع إستثمارية أو خطط تنموية، ما قد يدفع معظم الدول أو المنظّمات الدولية إلى الإقلاع عن فكرة الإقراض بسبب خصوصيته وظروفه.
الثاني: الإبقاء على السلسلة، وفتح الإعتمادات اللازمة لتنفيذ أحكام القانون من خلال موازنة 2017 التي تؤمّن وفراً مالياً يتعدّى 1000 مليار كما يؤكّد النائب إبراهيم كنعان، حينها يمكن سداد تكلفة السلسلة باستحداث قانون ضريبي آخر، لأنّ العيب المشكو منه، وفق قرار المجلس الدستوري، هو فرض ضريبة بلا موازنة.
الثالث: إلغاء قانون السلسلة باقتراح قانون معجّل مكرّر، يلغي بموجبه قانون سلسلة الرتب والرواتب، ويعطي بالتالي لمعظم الكتل النيابية ذريعة للتهرّب من مسؤولياتها، رغم عدم صوابية هذا المسار على التشريع وهيبة الدولة لجهة تقاعسها عن مسؤولياتها والتفافها على النصوص القانونية ، ما قد يدخل القوى السياسية في صراع سياسي وشعبوي قبيل موسم الانتخابات النيابية، ويشرّع التساؤلات أكثر فأكثر عن مصير ومآل الوعود الحكومية والإصلاحية.
لذلك، وبمعزل عن الأحكام التي كان يرتّبها هذا القانون المطعون به على الفقراء بشكل خاص، وعن الجرأة التي وصل إليها المجلس الدستوري بعد تجارب مريرة، فهل أفلح “الدستوري” في جرأته الاستثنائية عندما أبطل قانوناً ولد ولادة قيصرية؟ أم أنّه سيشكّل مادة للمزايدات من هنا أو هناك، ووسيلة للتخلّص من عبء السلسلة ومسؤولياتها رغم انتفاء العلاقة العضوية بين السلسلة ومواردها الضريبية؟
“محكمة” – السبت في 23/09/2017.