تصوير الأصل المزوّر وإرسال الصور للمصادقة عليها واعتبار الفعل جنحة/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
إعتبرت محكمة الجنايات في لبنان الجنوبي والتي كانت مؤلّفة من القضاة الرئيس الأوّل سعيد ميرزا والمستشارين حافظ العيد ومحمّد بدران أنّ التزوير قد حصل في أصل وثائق الولادة بعد تنظيمها من قبل المختار واحتفاظ المتهمّين بها، وأنّ إقدام المتهمّين على ذلك ثمّ قيامهما بتصوير الأصل المزوّر وإرسال الصور للمصادقة عليها بأنّه طبق الأصل عن تلك المحفوظة لدى دائرة النفوس – مع أنّ الأصل غير محفوظ – أنّ من شأن ذلك الإبقاء على وصف الشهادة الصادرة عن المختار منطبقاً على أصل تلك الوثائق. وأنّ فعلهما يؤلّف جنحة المادة 466 عقوبات خصوصاً وأنّهما لم يرتكبا التزوير في أصل تلك الوثائق أو يشاركا أو يساهما في حصوله.وقضت المحكمة بحبسهما لمدّة سنتين.
وممّا جاء في القرار الصادر بالصورة الغيابية بتاريخ 2001/11/29:
في القانون:
حيث إنّ وثيقة الولادة تنظّم قانوناً من قبل المختار بناء على المعلومات التي يعطيها صاحب العلاقة بإفادة طبيب أو قابلة أو بمعرفته الشخصية لكي تقدم إلى السلطة العامة – أيّ دائرة النفوس – ليستحيلها وفقاً لما نصّ عليه قانون المختارين الصادر في 1947/11/27 لا سيّما البند الرابع من المادة 26 منه.
وحيث إنّ المختار هو ممن يمارسون وظيفة عامة من نوع خاص، وعلى هذا الأساس فإنّ الوثائق التي تنظّم من قبله هي عبارة عن شهادات نصّت عليها المادة 466 عقوبات.
وحيث إنّ نصّ المادة 453 عقوبات الذي حدّد مفهوم التزوير في الوقائع والبيانات التي يثبتها صكّ أو مخطوط يشكّل مستنداً، إلاّ أنّ المشترع عاد وفرّق بين حالات من التزوير أخضعها لعقوبات جنحية، ومنها من يدخل في نصّ المادة 466 عقوبات.
وحيث إنّ ما جاء في نصّ المادة 466 عقوبات هو نصّ خاص بالنسبة لما تضمّنه النصّ العام الوارد في المادة 453 عقوبات والتي أعطت تحديداً عاماً للتزوير.
وحيث إنّه بمقتضى نصّ المادة 181 عقوبات فقرتها الثانية تقتضي تطبيق النصّ الخاص إذا انطبق على الفعل نصّ خاص ونصّ عام.
وحيث إنّ الدعوى العامة حرّكت بالإستناد إلى صور فوتوكوبي لثلاث وثائق ولادة نظمها مختار بلدة الخرايب الشاهد محمّد.
وحيث إنّ أصل وثائق الولادة لم يبرز، إلاّ أنّ التزوير المرتكب في ذلك الأصل – بإضافة ختم منسوب إلى دائرة نفوس لبنان الجنوبي وبإضافة رقم التنفيذ وتاريخ التنفيذ – قد حصل قبل تقديم أصل الوثائق إلى دائرة النفوس لتسجيلها أصولاً ثمّ جرى تصوير أصل وثائق الولادة مع الإضافات المذكورة وقدّمت الصور إلى دائرة النفوس للمصادقة عليها بأنّها طبق الأصل عن أصل الوثائق المحفوظة لدى الدائرة فتبيّن بأن لا أساس لها في سجّلات الدائرة.
وحيث يكون التزوير – والحالة ما ذكر – قد حصل في أصل وثائق الولادة بعد تنظيمها من قبل المختار واحتفاظ المتهمّين ع. وف. بها، وعليه، يبقى أصل الوثائق منطبقاً على عبارة “الشهادات” التي يصدرها المختار طالما لم تقدم إلى السلطة العامة لتسجيلها من قبل الموظّف الرسمي وإعطائها المفاعيل القانونية بعد تسجيلها وحفظها.
وحيث سيقول من أقوال الشاهدة خ. والدة المدعى عليها ف. وح. المدعى عليه ع.ا. ومن أقوال المدعى عليه ا. بأنّ صهره ع. ا. وشقيقته ف. أرسلا صور ووثائق الولادة من السعودية حيث يقيمان للمصادقة عليها كما يستدلّ من أقوال مختار بدلة الخرايب الشاهد م. بأنّه نظّم أصل وثائق الولادة بناء على طلب ف. وبحضور زوجها وبأنّهما استلما أصل الوثائق منه ثمّ سافرا مع أولادهما إلى السعودية.
وحيث يبنى على ما تقدّم أنّ المدعى عليهما ع. وزوجته ف. أنّهما من ارتكب التزوير في أصل تلك الوثائق ثمّ قاما بتصديرها وأرسلا صور الفوتوكوبي للمصادقة عليها بأنّها طبق الأصل عن الوثائق المحفوظة لدى دوائر النفوس علماً بأنّ أصل تلك الوثائق لم يقدم إلى دوائر النفوس.
وحيث إنّ إقدام المدعى عليهما ع.ا. وف. على ارتكاب التزوير في أصل وثائق الولادة العائدة لبناتهما الثلاث بعد تنظيمها من قبل المختار وقبل أن تقدّم إلى دائرة النفوس لتسجيلها وحفظها، ثمّ قيامهما بتصوير الأصل المزوّر وإرسال الصور للمصادقة عليها بأن طبّق عن تلك المحفوظة لدى دائرة النفوس – مع أنّ الأصل غير محفوظ – فإنّ من شأن ذلك الإبقاء على وصف “الشهادة” الصادرة عن المختار منطبقاً على أصل تلك الوثائق، وبالتالي يكون فعلهما لهذه الجهة مؤلّفاً لجنحة المادة 466 عقوبات.
وحيث لم ينهض من التحقيقات المجراة أنّ المدعى عليهما ا. وم. أو أحدهما، من قام بارتكاب التزوير في أصل تلك الوثائق أو شارك في ارتكابه أو ساهم بأيّ شكل من الأشكال في حصوله.
وحيث يستدلّ من أقوال المدعى عليه ا. وبالمقارنة مع أقوال والدته خ. ومع أقوال المختار م. أنّه كان عالماً بواقعة استعمال صهره ع.ا. وشقيقته ف. أصل وثائق الولادة وعلى الإحتفاظ بها منذ عام 1993، وبأنّ صهره لم يقم بتسجيل بناته الثلاث على خانته لدى سفارة دولة البحرين في لبنان، وأنّه أيّ المدعى عليه ا. ورغم علمه بكلّ تلك الأمور قام باستعمال المزوّر وعرضه على وزارة الخارجية للمصادقة عليه فلم يوفّق، بعدها عمد إلى الإستعانة بالمدعى عليه م. طالباً آلية المصادقة على المزوّر لدى دائرة النفوس في صيدا.
وحيث إنّ فعل المدعى عليه ا. وعلى الشكل المبسوط، يؤلّف جنحة المادة 466 عقوبات معطوفة على المادة 454 منه.
وحيث لم ينهض من التحقيقات المجراة أدلّة كافية على أنّ المتهم م. كان عالماً بواقعة تنظيم أصل وثائق الولادة ولا بواقعة صحّة ولادة البنات الثلاث في لبنان، ولا بالهدف الذي يرمي إليه ا. من وراء المصادقة على صور وثائق الولادة، كما لم ينهض من التحقيق أنّه كان يحاول إجراء المصادقة لقاء أجر بل كان يؤدّي خدمة إلى ا. كونه ربّ عمل شقيق زوجته، وهو لم يركن إلى القرار بعدما علم من ا.ا. بأنّ صور الوثائق مزوّرة، وذهب بنفسه إلى مكتب رئيس الدائرة مستطلعاً الأمر، ويقتضي تبعاً لما تقدّم إعلان براءته ممّا أسند إليه.
وحيث إنّ المحكمة، وبالنظر لوضع المدعى عليه ا. ولظروف القضيّة ترى منحه الأسباب التخفيفية المنصوص عنها في المادة 254 عقوبات.
لذلك
وبعد سماع مطالعة ممثّل النيابة العامة
وسنداً لأحكام المواد 272 و 273 و 274 و285 و280 و286 أصول جزائية.
تحكم المحكمة بالإجماع:
1- بعدم تجريم المتهمين ع.ا. وف. بما أسند إليهما بمقتضى المواد 459/457 و454 عقوبات معطوفتين على المادتين 213 و 201 عقوبات لعدم توفّر عناصرها بحقّهما، وإدانتهما بمقتضى جنحة المادة 466 عقوبات وحبس كلّ منهما لمدّة سنتين.
2- بعدم تجريم المتهم ا. المبيّنة كامل هويّته أعلاه بما أسند إليه بمقتضى المواد 459/457 و454 عقوبات معطوفتين على المادتين 213 و201 عقوبات لعدم توفر عناصرها بحقّه، وإدانته بمقتضى جنحة المادة 466 معطوفة على المادة 454 عقوبات وحبسه لمدّة سنة واحدة، وتخفيضها تخفيفاً وسنداً لأحكام المادة 254 عقوبات إلى عقوبة الحبس لمدّة ثلاثة أشهر وعلى أن تحسب له مدّة توقيفه الإحتياطي.
3- بعدم تجريم المتهم م. المبيّنة هويّته أعلاه بما أسند إليه بمقتضى المواد 459/457 و 454 عقوبات معطوفة على المادتين 213 و201 عقوبات لعدم توفّر عناصرها بحقّه، وعدم إدانته بمقتضى جنحة المادة 466 معطوفة على المادة 454 عقوبات لعدم كفاية الأدلّة بحقّه وإعلان براءته وإطلاق سراحه فوراً إنْ لم يكن موقوفاً لداع آخر واسترداد مذكّرة إلقاء القبض المنفّذة بحقّه.
4- بتضمين المحكوم عليهم الرسوم القانونية والنفقات القضائية
حكماً وجاهياً بحقّ ا. وم. وغيابياً بحقّ ع.ا. وف.
أصدر وأفهم علناً بحضور ممثّل النيابة العامة الاستئنافية بتاريخ 2001/11/29.
“محكمة” – الخميس في 2020/8/26