تضامن المرأة مع ذاتها بشأن حضانة أطفالها/ندى خليفة
المحامية ندى خليفة:
تنطلق كافة الطوائف من سنّ محدّدة لاعتبار أنّه ثمّة فترة زمنية مـن عمر الطفل/ة مخصّص لحضانة الأمّ وفتـرة مـن عمره/ها مخصّصة لحضانـة الأب، وهـذا يشكّل خطرًا على حقوق الأطفال فـي الحضانة، إذ إنّ مصلحتهم ليست مادة يتمّ تقسـيمها بيـن الوالدين، وإنّمـا هـي حقوق لهم وواجبات علـى الوالديـن.
وبالتالي، فـإنّ المنازعة بين الوالدين لا تكون لبحث حقوق لأيّ منهما علـى حسـاب حـقّ أولادهما وإنّمـا لبحـث الواجبات الأفضل علـى أيّ منهما لتحقيق مصلحة أولادهما.
ومن هذا المنطلق يجب أن تبقى الحضانة مشـتركة حتّى لو تـمّ انفصال الوالدين، إذ إنّ الانفصال يبرّر فقط تحديد الإقامة الرئيسـية للطفل/ة.
وطالما أنّ الرعايـة هي جزء مـن الحضانة وأنّ حنان الأمّ واهتمامها بأطفالها مسألة تمتزج فيها مشاعر الحنان والتضحيـة مما هـو مرتبط أصلاً بطبيعـة الأمّ وذلك يعود إلى تبرير أن تكون الإقامة الرئيسية للطفل/ة لدى الأمّ لنيل هذه الرعاية وهذه المشاعر التي لا يمكن تعويضه إيّاها من أيّ امـرأة أخـرى.
وذلك بالطبع مما لا يمنع الأب من المشاركة فـي حضانـة أولاده لناحية تربيتهم، لا بل من واجب الوالد رؤية أولاده واصطحابهم بصورة دورية والإطلاع على سير تربيتهم في أيّ وقت مع الأخذ بعين الإعتبار حاجات الطفل في أوقات معيّنة تتعلّق بالدراسة والنوم وسواها، وهذه الأوقات لا يمكن تقديرها لأنّهـا ليست أوقاتـًا منتظمة ودورية، ممـّا يجعل واجب الحضانـة خاضعـًا لتقدير الوالدين ومسـؤوليتهما، وليس لتحديـد حصري وجامد من قبل أيّ مرجعية أخرى، فعليهما ولو قرّرا الانفصال، وضع نصب أعينهما مصلحة أطفالهما فوق كـلّ اعتبار.
وإذا كان من المستحيل فـي غالب الأحيان على الأب والأمّ بسبب النزاعات القائمة بينهما التوافق على مسألة الحضانة،
وإذا كـان من المتعذّر تحقيق هذه المقاربة لواجب الوالدين ومصلحة الأولاد ضمن قوانين الأحوال الشخصية أو كـان الأمر يحتاج إلـى وقت طويل لتغيير هذه القوانين إنطلاقـًا من مصلحـة الطفل ومبدأ تغييـر الأحكام بتغييـر الأزمان،
فليس مـا يمنع من تحقيق هذا الهدف من الناحية الأدبية الذاتية وهو أمر متعلـّق بالنساء أنفسهنّ، إذ إنّ المطلوب منهنّ الإمتناع عن مساعدة كـلّ من يعتدي على حضانة الأمّ فـي تأمين حضانـة بديلة له عنها.
وهذا ينطبق على الجدّات والعمّات والخالات والأخوات وسواهنّ ممّا قد يشكّل تشـجيعًا للرجال بانتـزاع أولادهم من أحضان أمهّاتهم رغم أنّهم يعرفون تمام المعرفة أنّه لا يمكنهم تأمين وسائل الحضانة للأطفال على مختلف أنواعها ولكنّهم يأملون ويتكلّون على مساعدة أقاربهم من النساء اللواتي أشرنا إلى بعضهنّ أعلاه.
وعليه تصبح المسألة ذات شـقّين، الأوّل يتعلّق بالتشريعات القانونية، والثاني يتعلّق بالتضامن في ما بيـن النساء ومناصرة بعضهنّ لبعض، وهذا هو الشقّ الأهمّ من الناحية الزمنية، إذ يمكن إنفاذه فورًا وهو سوف يعطي نتيجة مذهلة تدفع الرجال للعدول عن انتزاع الأطفال من أمهّاتهم كونهم سوف يجدون أنفسهم عاجزين عن القيام بحضانتهم في ضوء امتناع أقاربهم من النساء على المسـاعدة فـي ذلك،
من هنا ضرورة تضامن النساء فـي مواجهة الرجال بالحقيقة التي يعلمونهـا جيّـدًا وهي أهمّية حضانة أولادهم من زوجاتهم اللواتي يتنازلن عن أيّ حقّ لهنّ في سـبيل هذه الحضانة ممـّا يدفع الرجال لاسـتعمال كامل الوسائل لحرمان الزوجة (الأمّ) منهـا فقط لتصفيـة حساباتهم معهـا على حساب مصلحة أولادهم.
فالزوجـة لا تمانع أبدًا حضانة أولادها من الزوج لو كـان فعلًا قادرًا على ذلك، إنّما ما تمانعه هو إحلال أيّ امرأة بديلة عنها من قبل الزوج وهي تعلم جيّـدًا كما يعلم زوجها أنّ الحلول العاطفي محلّ عاطفة الأمّ هو من سابع المستحيلات.
وبالتالي وللحفاظ على حقوق الأطفال ومصلحتهم ليس أفضل من تضامن النساء في ما بينهنّ لفعل ذلك.
“محكمة” – الخميس في 2021/3/4