أبرز الأخبارمقالات

تطبيق القانون الذي جرى استرداد المأجور في ظله وتأخر البلدية في منح الرخصة لا يعدّ عذراً/ناضر كسبار

المحامي ناضر كسبار:
بحثت محكمة الاستئناف المدنية في بيروت، والمؤلّفة من القضاة الرئيس أيمن عويدات والمستشارين حسام عطالله وكارلا معماري، مسألة مدى توجّب التعويض الاضافي بعد استرداد المأجور من قبل المالك، فاعتبرت أنّ الحقّ بالتعويض الإضافي يبقى خاضعاً للقانون رقم 160/92 الذي جرى الاسترداد في ظلّه، وبالتالي تطبيق أحكامه لاسيّما لجهة شرط مباشرة البناء ضمن مهلة السنة.
كما اعتبرت المحكمة أنّ إدلاء المستأنف بأنّ التأخير في الاستحصال على رخصة البناء هو عذر مشروع يبرّر تأخّرها في المباشرة بالبناء هو في غير موقعه القانوني، فقد استقرّ الاجتهاد على أنّ تأخّر البلدية في منح الرخصة لا يعدّ عذراً للتخلّص من التعويض إذ على المالك أن يحتاط للأمر وأن يطلب الرخصة في الوقت المناسب، لاسيّما وأنّه ثبت أنّها تأخّرت في تقديم طلب الترخيص لأكثر من سنة.
وقضت بتصديق الحكم المستأنف.
وممّا جاء في القرار الصادر بتاريخ 2018/2/8
ثانياً: في الأساس
حيث ان الجهة المستأنفة تدلي بوجوب فسخ الحكم المستأنف لمخالفته نص المادة 33 من قانون الايجارات الجديد الواجب التطبيق في الحالة الراهنة، الذي اصبح نافذاً حكماً بتاريخ 2014/12/28 والذي اعطى للمالك مهلة ثمانية عشر شهراً للشروع في الهدم من تاريخ إخلاء آخر مستأجر تحت طائلة ترتب التعويض الاضافي، دون تطبيق احكام القانون 92/160، ولانه يقتضي الاخذ بالمدة القانونية الممتدة بين تاريخ اخلاء آخر مستأجر للمأجور المسترد للهدم وبين تاريخ تقديم استحضار الدعوى في البداية والحكم على هذا الاساس، ولانه بمطلق الاحوال، لم تنقض لا مهلة الثمانية عشر شهراً ولا مهلة السنة المنصوص عليهما في القانونين المذكورين اعلاه بين تاريخ إخلاء آخر مستأجر وتاريخ تقديم الدعوى بدايةً، ولان المسوغ الشرعي الذي يبرر التأخير ثابت في الملف الحاضر، ولان سوء نية المستأنف عليهم لكسب الربح غير المشروع ثابت، ولان حسن نية المستأنفة وجديتها ثابتان في المعاملات الرسمية والاجراءات التي اتخذتها لمباشرة عملية الهدم والبناء،
وحيث ان الجهة المستأنف عليها تدلي بوجوب تصديق الحكم المستأنف لان القانون الواجب التطبيق لتحديد التعويض الاضافي وشروطه هو القانون الذي جرى الاسترداد في ظله اي القانون 92/160، ولانه، في حال طبق قانون الايجارات الجديد، ان المستأنفة تجاوزت مهلة الثمانية عشر شهراً لاعادة البناء بحسب تقارير الخبراء قاسم والخازن، ولانه ليس من الجائز التعويل على تاريخ اخلاء السيد ضو لاحتساب المهلة كونه كان يشغل المأجور بموجب عقد ايجار حر خاضع لحرية التعاقد وغير خاضع للتمديد القانوني، ولان العرقلات الناتجة عن افعال المستأجرين وبطء سير المعاملات الادارية لا تشكل، على فرض صحتها، عذراً مشروعاً يبرر التأخير، ولان عدم الاستحصال على رخصة البناء ضمن المهلة لا يدخل ضمن مفهوم المسوغ الشرعي، ولان الهدم لا يدخل في مفهوم مباشرة اعمال البناء، ولان ادلاء الجهة المستأنفة بحصول عرقلة من قبل الجهة المستأنف عليها غير صحيح،
وحيث انه يقتضي، بادىء ذي بدء، تحديد القانون الواجب التطبيق للحكم بالتعويض الاضافي في ظل تعاقب قوانين الايجارات الاستثنائية في الزمان توصلاً الى البحث في مدى توافر شروطه،
وحيث إن حق المستأجر بالتعويض الاضافي المكرس في القوانين الاستثنائية هو حق ينشأ بتاريخ انبرام الحكم القاضي باسترداد المأجور للهدم، معلقاً على شرط عدم مباشرة المالك المسترد بأعمال البناء ضمن مهلة محددة، فيكون خاضعاً للقانون النافذ بتاريخ نشوته والذي جرى الاسترداد على اساسه،
وحيث إنه، بالعودة الى الحالة الحاضرة، يتبين انه بتاريخ 2012/12/29 صدر حكم عن القاضي المنفرد قضى بالترخيص للمالكة باسترداد المأجور للهدم، وانه بتاريخ 2014/2/17 صدر قرار عن محكمة الاستئناف صدقت فيه الحكم الابتدائي القاضي بالاسترداد، وقد استند القراران المذكوران الى القانون 92/160 للحكم بهذا الاسترداد، فيكون الحق بالتعويض الاضافي خاضعاً للقانون 92/160 الذي جرى الاسترداد في ظله فيقتضي بالتالي تطبيق احكامه لاسيما لجهة شرط مباشرة البناء ضمن مهلة السنة المنصوص عليه في المادة 9 فقرة 2 منه،
وحيث إن تاريخ انطلاق هذه المهلة هو تاريخ اخلاء آخر مستأجر، وفقاً لصراحة نص المادة 9، سواء اكانت اجارته خاضعة للقوانين الاستثنائية ام لحرية التعاقد،
وحيث إن تقديم دعوى المطالبة بالتعويض الاضافي قبل انقضاء المهلة المنصوص عليها في القانون لا تأثير له على الدعوى وعلى الحكم بالتعويض الاضافي في ما اذا تحقق الشرط الذي علق عليه هذا التعويض، وهو انقضاء المهلة دون المباشرة بالبناء، خلال سير الدعوى،
وحيث إن ما يعتد به، وفقاً لحرفية نص المادة 9 فقرة 2 من القانون 92/160، هو تاريح المباشرة بالبناء دون الاعتداد بتاريخ الهدم، فلا يجوز التوسع في تفسير النصوص الاستثنائية،
وحيث إنه يقتضي، بعد استعراض المبادىء القانونية الراعية للحل، تطبيقها على معطيات الملف الراهن، فيتبين ان آخر مستأجر اخلى البناء المسترد هو السيد الياس الذي وقع على تعهد بتاريخ 2015/1/14 صدق لدى الكاتب العدل في التاريخ ذاته، تعهد فيه بأن يخلي المأجور الذي يشغله في العقار رقم 252 الاشرفية خلال مهلة شهرين من تاريخ التوقيع على هذا التعهد، ولم ينازع الفرقاء بتاريخ حصول هذا الاخلاء، فيقتضي بالتالي اعتماد تاريخ 2015/3/14 كتاريخ لاخلاء آخر مستأجر وكمنطلق لمهلة السنة المحددة للمباشرة بالبناء، سواء اكان هذا المستأجر خاضع للتمديد القانوني ام لحرية التعاقد،
وحيث انه تجدر الاشارة الى انه يتعين على طالبي الاسترداد، لاسيما منهم الشركات العقارية التي تتعاطى اعمال البناء او المنشأة خصيصاً للقيام بتلك الاعمال، ان يتوقعوا، بالنظر لخبرتهم في هذا الموضوع، العراقيل والعقبات الادارية وغير الادارية التي قد تعترضهم في عملية هدم البناء ومن ثم اعادة بنائه، وان يحتاطوا بالتالي لامكانية بطء المعاملات من خلال المباشرة بالاجراءات اللازمة ضمن المهل المعقولة وحتى فور تقديم دعاوى الاسترداد وصدور الاحكام بشأنها،
وحيث انه تبعاً لذلك، فإنه يفترض على طالب الاسترداد الاسراع في السير بإجراءات الهدم تجنباً من التأخر في اعمال البناء، وبالتالي فإنه اذا كان تسديد المستحقات للبلدية ومؤسسة الكهرباء ومصلحة المياه من الخطوات الضرورية للاستحصال الى الترخيص بالهدم، فإنه كان يتعين على طالبة الاسترداد الاسراع في تسديدها بدلا من انتظار اشهر عديد لدفعها، بصرف النظر عن موقف المستأجرين او امتناعهم عن تسديد متوجباتهم، كونها صاحبة المصلحة والفريق الاكثر عجلة لاتمام المعاملات ضمن المهل القانونية المحددة لها، بحيث انه لا تندرج العراقيل الصادرة عن المستأجرين، على فرض ثبوتها، ضمن مفهوم المسوغ الشرعي،
وحيث إنه، وفقاً لادلاءات المستأنفة، يتبين انه خلال السنة المحددة قانوناً لها للمباشرة بأعمال البناء استحصلت على موافقة وزارة الثقافة على عملية الهدم وذلك بتاريخ 2014/5/7 ، كما تقدمت بتاريخ 2014/7/14 بطلب تصريح هدم البناء من نقابة المهندسين، واستحصلت بتاريخ 2015/3/18 على علم عن الاشغال والشغور، وتقدمت بطلب الاستحصال على رخصة البناء بتاريخ 2016/6/27 اي بعد إنقضاء اكثر من سنة على اخلاء آخر مستأجر للعقار، دون ان تباشر بالبناء قبل هذا التاريخ فتكون قد تجاوزت المهلة المحددة في القانون للمباشرة بالبناء وفقاً للمعطيات الواردة في المف،
وحيث ان ادلاء الجهة المستأنفة بأن التأخير في الاستحصال على رخصة البناء هو عذر مشروع يبرر تأخرها في المباشرة بالبناء هو في غير موقعه القانوني، فقد استقر الاجتهاد على ان تأخر البلدية في منح الرخصة لا يعد عذراً للتخلص من التعويض اذ على المالك ان يحتاط للامر وان يطلب الرخصة في الوقت المناسب، لاسيما وانه ثبت انها تأخرت في تقديم طلب الترخيص لاكثر من سنة وفق ما صار بيانه اعلاه،
(يراجع مثلاً: -استئناف بيروت بتاريخ 1973/3/16 -حاتم الجزء 137 صفحة 3،
-عفيف شمس الدين، قانون الايجارات بين الاصل والتعديل، القانون رقم 92/160 المعدل-ص.74 )،
وحيث إن ادلاء الجهة المستأنفة بأن الافعال التي اقدم عليها المستأجرون، لاسيما تمنعهم عن دفع المتوجبات القانونية، قد ساهمت في هذا التأخير هي في غير موقعها القانوني، فكان على الجهة المستأنفة ان تتوقع التأخير وتتتخذ الاحتياطات اللازمة للاسراع في المعاملات، فترد ادلاءاتها لهذه الجهة،
وحيث يقتضي تبعاً لما تقدم رد الاستئناف اساساً وتصديق الحكم المستأنف،
وحيث بنتيجة الحل المساق، تغدو سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة مستوجبة الرد إما لكونها لاقت رداً ضمنياً او لعدم تأثيرها على النزاع، بما في ذلك طلب العطل الضرر لعدم توافر شروط الحكم به،
لذلك
تقرّر بالإجماع:
1- قبول الاستئناف شكلاً.
2- رد الاستئناف أساساً، وتصديق الحكم المستأنف.
3- رد طلب العطل والضرر.
4- رد سائر الاسباب او المطالب الزائدة او المخالفة.
5- مصادرة التأمين الاستئنافي، وتضمين المستأنفة الرسوم والنفقت القانونية.
قراراً صدر وأفهم علناً في بيروت بتاريخ 2018/2/8.
“محكمة” – الإثنين في 2018/03/12

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!