تطبيق قانون تمويل “السلسلة” بالنسبة للمؤسّسات الخاضعة لقانون العمل.. الضمان الإجتماعي مثالاً
بقلم صادق علوية*:
إنّ الدراسة القانونية حول مدى خضوع المؤسّسات العامة والمصالح المستقلّة الخاضعة لقانون العمل لقانون سلسلة الرتب والرواتب تعني أمرين أوّلاً شرح نطاق قانون سلسلة الرتب والرواتب في ما يعني هذه المؤسّسات من جهة، وشرح طبيعة هذه المؤسّسات من جهة أخرى.
لذلك، وعطفاً على قانون سلسلة الرتب والرواتب القانون رقم 46 تاريخ 21/8/2017 المنشور في الجريدة الرسمية العدد 37 تاريخ 21/8/2017 تحت عنوان:”قانون رفع الحدّ الأدنى للرواتب والأجور وإعطاء زيادة غلاء المعيشة للموظّفين والمتعاقدين والأجراء في الإدارات العامة وفي الجامعة اللبنانية والبلديات واتحادات البلديات والمؤسّسات العامة غير الخاضعة لقانون العمل وتحويل رواتب الملاك الإداري العام وأفراد الهيئة التعليمية في وزارة التربية والتعليم العالي والأسلاك العسكرية”.
وعطفاً على المادة 17 من هذا القانون التي تنصّ على:”مع الأخذ بالإعتبار الزيادات التي حصلت سابقاً تحدّد بمراسيم تتخذّ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح رئيس مجلس الوزراء ووزيري المالية والوصاية أصول تطبيق أحكام هذا القانون على المؤسّسات العامة الخاضعة لقانون العمل ومراكز الخدمات الإجتماعية المنبثقة عن وزارة الشؤون الإجتماعية وذلك بعد حسم الزيادات المدفوعة إعتباراً من تاريخ ١-٥-٢٠٠٨.
أمّا المؤسّسات العامة والمصالح المستقلّة التي لا تستلزم إستصدار مرسوم لتعديل سلسلة الرتب والرواتب الخاصة بكلّ منها فيتمّ تعديلها بموجب قرارات تصدر وفقاً للأصول المحدّدة في قوانينها وأنظمتها الخاصة، بما يتوافق مع الأحكام والجداول الواردة في هذا القانون .
لذلك يتبدّى لنا بدايةً أنّ المادة 17 تشمل نوعين من المؤسّسات العامة والمصالح المستقلّة الخاضعة لقانون العمل وهي المؤسّسات العامة الخاضعة لقانون العمل والخاضعة أيضاً للنظام العام للمؤسّسات أيّ المرسوم 4517 /1972 وهي التي تستلزم إستصدار مرسوم لتعديل سلاسلها وهي المشمولة بالفقرة الأولى من المادة 17 من هذا القانون والمؤسّسات العامة الخاضعة لقانون العمل وإنّما غير الخاضعة لأحكام المرسوم 4517/1972 ومنها الضمان الإجتماعي وغيرها وهي المشمولة بالفقرة الثانية من المادة 17 هذا القانون.
ومن جهة أخرى وأكثر وضوحاً يتبيّن لنا أنّ المؤسّسات العامة الخاضعة لقانون العمل والتي تخضع للنظام العام المؤسّسات العامة تحتاج لتعديل سلسلتها إلى استصدار مرسوم، وهو ما أشار إليه القانون الراهن في المادة 17 فقرة أولى، عندما نصّ على أنّ السلاسل تعدّل بمرسوم ..، وهو تنفيذ للمادة 22 من المرسوم 4517 المشار إليه التي تنصّ على ما يلي:
المادة 22- أ- تخضع لتصديق سلطة الوصاية مقرّرات مجلس الإدارة المتعلّقة بالمواضيع التالية: نظام المستخدمين، نظام الأجراء، النظام الداخلي.ب- تحدّد ملاكات المؤسّسات العامة، وشروط تعيين المستخدمين فيها وسلسلة فئاتهم ورتبهم ورواتبهم بما في ذلك مدير عام أو مدير المؤسّسة بمرسوم يتخذّ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الوصاية وبعد استطلاع رأي مجلس الخدمة المدنية وتعدّل بالطريقة نفسها.
وهناك مؤسّسات عامة خاضعة لقانون العمل، إنّما غير خاضعة للنظام العام للمؤسّسات العامة، ومنها الضمان الإجتماعي والمرفأ و”أوجيرو” التي هي مؤسّسات عامة ومصالح مستقلّة، إنّما غير خاضعة للمرسوم 4517 بصريح نصّ قانون الضمان الإجتماعي (بالنسبة للضمان الإجتماعي مثلاً) الذي استثناه المشرّع من الخضوع للمرسوم المذكور في نصّ قانون الضمان، ولكنّ المشرّع أخضع هذين النوعين من المؤسّسات العامة والمصالح المستقلّة لوجوب تعديل سلاسلها وفقاً للمادة 17 كما بينّا آنفاً، خاصةً وأنّ الإستقلال الإداري والمالي الذي تتمتّع به المؤسّسات العامة والمصالح المستقلّة الخاضعة لقانون العمل لا يزيل عنها الصفة الإدارية الرسمية العامة، بل يجعلها من المؤسّسات العامة التي ليست في الواقع إلاّ إدارات فصلت عن مصالح الدولة لتعطيها إستقلالاً إدارياً ملحوظاً خارج الدولة، وتمنح الشخصية المعنوية تأميناً لهذا الإستقلال، فيكون لها ميزانية خاصة وممتلكات مستقلّة وحقّ التقاضي لدى المحاكم، أضف إلى أنّ المؤسّسة العامة والمصلحة المستقلّة الخاضعة لقانون العمل هي من أشخاص القانون العام، وليست شخصاً من أشخاص الحقّ الخاص وتشمل أشخاص القانون العام المستقلّين عن الدولة والبلديات، كما وتعتبر مؤسّسات عامة، المؤسّسات العامة التي تتولّى مرفقاً عاماً أيّاً كان هذا المرفق، وتتمتّع بالشخصية المعنوية والإستقلالين المالي والإداري، سواء أكانت مؤسّسات عامة خاضعة للمرسوم رقم 4517 الصادر في 13/12/1972 أيّ النظام العام للمؤسّسات العامة، أم غير خاضعة له، ولا يمكن إعتبارها قطاعاً خاصاً أو شركات خاصة تعيش بمعزل عن الواقع والقانون العام الذي تعيش في محيطه وتعمل وفق أحكامه.
ومن جهة أخيرة، فإنّ المشرّع أخذ هذا الأمر بعين الإعتبار بأنّ لبعض المؤسّسات أنظمة وقوانين خاصة، فاستعمل في المادة 17 من القانون 46/2017 عبارة:”وفقاً للأصول المحدّدة في قوانينها وأنظمتها الخاصة”، وبالتالي، فإنّ النصّ الذي يطبّق على الضمان الإجتماعي لجهة تعديل سلسلة الرتب والرواتب هو نصّ الفقرة الثانية من المادة 17 التي تنصّ على: المادة 17:.. أمّا المؤسسات العامة والمصالح المستقلّة التي لا تستلزم استصدار مرسوم لتعديل سلسلة الرتب والرواتب الخاصة بكلّ منها، فيتمّ تعديلها بموجب قرارات تصدر وفقاً للأصول المحدّدة في قوانينها وأنظمتها الخاصة، بما يتوافق مع الأحكام والجداول الواردة في هذا القانون.
ثانياً: في شرح المادة 17 من قانون سلسلة الرتب والرواتب في ما يتعلّق بالضمان الإجتماعي:
تقتضي الإشارة بدايةً إلى أنّ النصّ الذي يطبّق على الضمان الإجتماعي لجهة تعديل سلسلة الرتب والرواتب هو نصّ الفقرة الثانية من المادة 17 التي تنصّ على: أمّا المؤسسات العامة والمصالح المستقلّة التي لا تستلزم استصدار مرسوم لتعديل سلسلة الرتب والرواتب الخاصة بكلّ منها، فيتمّ تعديلها بموجب قرارات تصدر وفقاً للأصول المحدّدة في قوانينها وأنظمتها الخاصة، بما يتوافق مع الأحكام والجداول الواردة في هذا القانون.
ويتبدّى لنا من هذا النصّ المبادئ التالية لتعديل سلسلة الرتب والرواتب:
• إستعمل النصّ عبارة “فيتمّ تعديلها”، أيّ أنّه يقتضي لزاماً تعديل سلسلة الرتب ما يجعل من القانون قانوناً آمراً لهذه الجهة.
• أن يتمّ التعديل وفقاً للأصول المحدّدة في قوانين الضمان وأنظمته الخاصة المعمول بها أيّ بموجب قرار يصدر عن مجلس الإدارة يستلزم مصادقة سلطة الوصاية عملاً بالمادة 3 من قانون الضمان لا سيّما فقرته الثانية / أ – المعدّلة وفقاً للقانون رقم 12/87 تاريخ 24/4/1978 التي تنصّ على أنّ هذه الأعمال من الأعمال المشمولة بصلاحيات مجلس إدارة الصندوق والتي تستلزم مصادقة سلطة الوصاية، على أن يعدّ ويرفع مشروع القرار المدير العام وفقاً للمادة 5 الفقرة 3 التي تنصّ على أنّ المدير العام يعدّ ويرفع مشاريع القرارات.
• أن يتمّ تعديل سلسلة الرتب والرواتب بما يتوافق مع الأحكام والجداول الواردة في هذا القانون وبالعودة إلى عبارة يتوافق، فإنّ عبارة التوافق compatible تعني التكيّف والتآلف مع هذه الجداول، أيّ أن تحافظ سلسلة الرتب والرواتب في الضمان الإجتماعي على ما تتمتّع به من خصوصية وتميّز، وإنّما تتوافق مع هذه الجداول بما لا يغيّر من هذه الخصوصية بشكل يتمّ تعديل السلسلة في الضمان باعتماد الأسس والمعايير التي لا تتعارض بين كلّ من السلسلة والجداول لا سيّما لجهة الحفاظ على الحقوق المكتسبة لكلّ من المقاس والمقاس عليه (المقاس هو السلسلة المقاس عليه هو الجداول).
*نائب رئيس اتحاد النقابات العمالية للمصالح المستقلّة والمؤسّسات العامة، ورئيس مصلحة القضايا في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي.
“محكمة” – السبت في 09/09/2017.