تعبئة عامة أم حالة طوارئ؟/ جهاد اسماعيل
كتب جهاد اسماعيل:
يطلق البعض، من سياسيين وصحافيين وحقوقيين، حملة إعلامية، يطالب فيها الحكومة بضرورة إعلان حالة الطوارئ من أجل مكافحة وباء “كورونا”، ظنّاً منهم أنّ التعبئة العامة لم تفلح في كبح جماح هذا الوباء، وأنّ على الحكومة، أن تعلن، دون إبطاء، إجراءات قاسية ولو طالت الحرّيات العامة والفردية.
لكن، برأينا، أنّ المطالبة بمرسوم إعلان حالة الطوارئ، في هذه الظروف، غير مجدية، للأسباب التالية:
– يتخذ مرسوم إعلان الطوارئ طابعاً أمنياً وعسكرياً من شأنه أن يؤدّي إلى تعليق الحياة العامة، وشلل أيّ نشاط يخرج عن دائرة العمل العسكري والأمني، في حين أنّ المطلوب، في هذه المرحلة، رفع مستوى جهوزية كلّ القطاعات الحيوية، عامة أو خاصة، وإشراكها في مسؤولية إجهاض انتشار الوباء كما يحصل حالياً، حيث يشترك المجتمع المدني مع المؤسّسات العامة والبلديات وسائر المرافق العامة، وفق خطة جرى إعدادها منذ أيّام، وأنّ من شأن مرسوم “الطوارئ” أن يطيحها، بسبب مقتضيات ومضامين “حالة الطوارئ”، لأنّ الصلاحيات، والحال هذه، تنتقل كلياً إلى السلطة العسكرية العليا.
– تستوجب “حالة الطوارئ”، وفق اللحاظ القانوني، إجراءات أمنية وعسكرية مشدّدة ، تطال الحرّيات الشخصية والعامة، على اعتبار أنّ المشترع، عند إقرار المرسوم الاشتراعي رقم 67/52 الموجب لحالة الطوارئ، افترض ظرفاً أمنياً إستثنائياً، ولم يكن في حسبانه، أنّ الكوارث، مهما كانت طبيعتها، توجب مفعولاً خاصاً، تحتاج، بموجبه، إمكانات لا نجدها في السلطة العسكرية وحدها، لأنّ المطلوب رفع حالة التأهّب، كلّياً أو جزئياً، عبر وضع كلّ القطاعات العامة والخاصة في خدمة عملية “المواجهة”، في قطاع من القطاعات، وهذا ما يؤمّنه المقتضى العام للمادة الثانية من قانون الدفاع الوطني، أيّ بمرسوم “التعبئة العامة” لا الطوارئ وغيرها.
– إذا كان عامل “حظر التجوّل العام” هو الوازع أو السبب الحقيقي الذي يقف خلف المطالبة بإعلان حالة الطوارئ، فإنّ المرسوم الاشتراعي رقم 67/52 الموجب لإعلان حالة الطوارئ، لا يجيز هذا الحظر على إطلاقه، بل يجيز للسلطة العسكرية، بحسب المادة 3 من المرسوم نفسه، منع تجوّل الأشخاص والسيّارات في الأماكن، وفي الأوقات التي تحدّدها السلطة العسكرية، أيّ أنّ هذا الحظر هو محدود النطاق لا شامل، وهذا ما كان قد لحظته الحكومة في قرارها، عند إعلان التعبئة العامة، وأشار إليه، صراحة، رئيس الحكومة في مؤتمره الصحفي الأخير.
“محكمة” – الثلاثاء في 2020/3/24