أبحاث ودراسات

تعليق على قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية/حنين الخليلي

المحامية المتدرجة حنين رياض الخليلي:
لاقى نشر قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية في الجريدة الرسمية في العدد ١٤ منها بتاريخ ٣ نيسان ٢٠٢٥ تفاعلاً في أوساط الحقوقيين وأصحاب العلاقة، فمنهم من أيّده، ومنهم من عارضه بشدّة. ولم يلبث ان مرّت بضع ساعات وايام على نشره حتى انقسم الرأي بين مؤيد ومعارض وبين من ينادي بدستوريته ومن يدعو الى عدم التلكؤ عن الطعن به امام المجلس الدستوري لكثرة ما يعتريه من شوائب.
هذا القانون المقرّ من قبل مجلس النواب بتاريخ ١٤ و١٥ كانون الثاني ٢٠٢٣ أي منذ أكثر من سنة وثلاثة أشهر، شهد الكثير من التخبطات والاخذ والرد حتى وصل الى مرحلة النشر فالنفاذ.
فبتاريخ 2023/12/18، تمت إحالة هذا القانون الى المديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء من اجل عرضه على مجلس الوزراء وطلب نشره استنادا الى المادتين ٥٦ و٦٢ من الدستور في ظل خلو سدة رئاسة الجمهورية. وقد عُرض على طاولة مجلس الوزراء بتاريخ 2023/12/19 ليقرر الأخير الموافقة على إصداره وكالة عن رئيس الجمهورية.
غير ان مجلس الوزراء تراجع عن اصدار القانون وقرر (القرار رقم ٨) بتاريخ 2024/1/12 إعادة القانون الى مجلس النواب لإعادة النظر فيه، وصدر المرسوم رقم ١٢٨٣٥ بتاريخ 2024/1/12 القاضي برد هذا القانون الى مجلس النواب.
وبناء على مراجعة قضائية مقدمة امام مجلس شورى الدولة طعنا بمرسوم رد القانون، أصدر الأخير قرارا اعداديا رقم ١٦٠/٢٠٢٣-٢٠٢٤ بتاريخ 2024/4/4 قضى بوقف تنفيذ مرسوم رد القانون. فوجه رئيس مجلس الوزراء في حينه بتاريخ 2024/6/3 كتابا الى رئاسة مجلس النواب يشرح بموجبه مفاعيل قرار وقف التنفيذ ويطلب استرجاع القانون بنسخته الاصلية لنشره في الجريدة الرسمية.
بعد مضي أكثر من تسعة أشهر على طلب الاسترجاع، وبتاريخ 2025/3/28، أي بعد انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة العهد الأولى، اودعت الأمانة العامة لمجلس النواب النسخة الاصلية من القانون المديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء وتم نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية بتاريخ 2025/4/3.
ان المسار غير المألوف الذي عرفه هذا القانون منذ لحظة صدوره عن مجلس النواب حتى لحظة نشره يوجب بحثا في دستوريته من حيث الشكل قبل التطرق الى دستوريته من حيث المضمون والبحث في مدى عدالة احكامه بحق أصحاب العلاقة أي المالكين والمستأجرين الذين تربطهم عقود ايجار للاماكن غير السكنية المعقودة والمنتهية مدتها الاصلية قبل 1992/7/23.
أولا: في الشكل:
‌أ- في الطبيعة القانونية لمرسوم رد القوانين وصلاحية مجلس شورى الدولة للنظر فيه:
في الأساس، يقتضي أن تخضع القرارات الإدارية لرقابة القضاء، سواء بشكل إلغاء القرار أو التعويض، وذلك سندا لمبدأ المشروعية الذي يشكل جوهر الدولة الحديثة حيث سيادة القانون هي الاصل. تعدّ الاعمال الحكومية أحد أبرز الاستثناءات عن القرارات الإدارية الواقعة خارج نطاق رقابة القضاء. ان العمل الحكومي هو العمل الذي تجريه السلطة الإدارية في أحوال خاصة لا يمكن معها إخضاعه للرقابة القضائية، وهي نظرية من صنع القضاء، وأضحت مستقرة في القضاء الإداري – اللبناني والفرنسي – دونما حاجة لنص تشريعي يقررها بصورة صريحة.
كانت الأعمال الحكومية دائماً محط عدم وضوح لجهة تعريفها، فتم وضع قائمة ضيقة جداً للأعمال التي لا تقبل مراجعة الإبطال لتجاوز حد السلطة. اذ تُرك الامر للقضاء الإداري ليقوم بنفسه ومن خلال احكامه المتعاقبة بتحديد تلك الاعمال التي يعتبرها حكومية والتي لا تخضع بالتالي لرقابته. وقد تم اعتماد تصنيف ثنائي للائحة قضائية للأعمال الحكومية تتمثل بالقرارات الصادرة بإطار العلاقة بين السلطات الدستورية أولا والقرارات الصادرة في إطار العلاقات الدولية ثانيا.
وفي ما خصّ النوع الأول، فالعمل الحكومي هو العمل الذي يضع موضع التطبيق مبدأ فصل السلطات. فيندرج ضمن العمل الحكومي مجموعة الأعمال التي تقوم بها الحكومة في علاقتها بالمجلس النيابي طبقاً لأحكام الدستور(1). ومن الثابت أن مرسوم ردّ القوانين هو من أحد تلك الأعمال، وبالتالي يخرج عن إطار الرقابة القضائيّة لمجلس شورى الدولة (2).
الا أنّ مجلس شورى الدولة قد حدّ ولو بمقدار بسيط، من الحصانة المطلقة للأعمال الحكومية، إذ اعتبر انه في ما يتعلق بالمشروعية الخارجية، تتعلق مراقبة مجلس شورى الدولة في الأكثر بالتحقق من وجود العمل المطعون فيه إذ يجب تطبيق العمل الحكومي برمّته والامتناع عن مراقبة دستورية التدبير المشكو منه إلا في حال فرضية واحدة: أن يكون التدبير المشكو منه صادرا عن سلطة غير صالحة(3). وهكذا يتبين أن الرقابة لا تتعلق فقط بالمشروعية الخارجية، بل تنحصر بالمعنى الضيق جدا لهذه المشروعية، إذ يقتصر دور القضاء الإداري بالتثبت من وجود المرسوم وعدم صدوره بجلاء عن سلطة غير مختصّة.
ب‌- في مدى اعتبار مرسوم رد القوانين صادراً بجلاء عن سلطة صالحة:
ان البحث في صلاحية اصدار مرسوم رد القوانين يتطلب التدقيق في كل من المواد ٥٦ و٥٧ و٦٢ من الدستور الواردة في متنه على النحو التالي:
م ٥٦: “يصدر رئيس الجمهورية القوانين التي تمت عليها الموافقة النهائية في خلال شهر بعد إحالتها الى الحكومة ويطلب نشرها….”
م ٥٧: “لرئيس الجمهورية بعد اطلاع مجلس الوزراء حق طلب إعادة النظر في القانون مرة واحدة ضمن المهلة المحددة لإصداره ولا يجوز أن يرفض طلبه. وعندما يستعمل الرئيس حقه هذا يصبح في حل من إصدار القانون الى أن يوافق عليه المجلس بعد مناقشة أخرى في شأنه، واقراره بالغالبية المطلقة من مجموع الأعضاء الذين يؤلفون المجلس قانونا.
وفي حال انقضاء المهلة دون إصدار القانون أو إعادته يعتبر القانون نافذ حكماً ووجب نشره.”
م ٦٢: “في حال خلو سدة الرئاسة لأي علة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء.”
حيث انه يفهم من المواد أعلاه ممارسة مجلس الوزراء صلاحيات رئيس الجمهورية في حال خلو سدة رئاسة الجمهورية. ولا خلاف على شمول تلك الصلاحيات، صلاحية اصدار القوانين المناطة برئاسة الجمهورية سندا للمادة ٥٦ من الدستور. ويؤكد المجلس الدستوري ذلك بقوله: “وحيث في ما يختص بإصدار القانون فإنه يتوجب على مجلس الوزراء الانعقاد، بوكالته عن رئيس الجمهورية، وأخذ القرار بشأن إصدار القانون وفقاً للآليات الدستورية المعتمدة لعقد جلساته واتخاذ القرارات.”(4)
اما في ما خصّ صلاحية رد القوانين، فيعتبر البعض انه وعلى غرار صلاحية اصدار القوانين، يمارس مجلس الوزراء صلاحية إعادة القوانين بالوكالة عند فراغ سدة رئاسة الجمهورية. في ما يعتبر البعض الآخر ان الأخيرة تشكل صلاحية لصيقة برئيس الجمهورية مما يحول دون انتقالها الى مجلس الوزراء بالوكالة. غير ان مفهوم الصلاحيات اللصيقة ينحصر في تلك الصلاحيات التي يباشرها رئيس الجمهورية دون الحاجة للاستحصال على موافقة جهة دستورية أخرى وهي حالات محددة مثل مرسوم تسمية رئيس الحكومة او مرسوم اعتبار الحكومة مستقيلة. اما سوى ذلك، فان المرسوم الصادر عن رئيس الجمهورية يحمل في متنه إضافة الى امضاء الأخير توقيع رئيس الحكومة والوزير المختص عملا بمبادئ النظام البرلماني(5). كذلك فان الدستور نفسه لا سيّما في المادة ٦٤ منه في الفقرة الخامسة منها، يؤكد على ضرورة ان تحمل مراسيم اصدار القوانين وطلب إعادة النظر فيها التوقيع الإضافي لرئيس الحكومة: “رئيس مجلس الوزراء هو رئيس الحكومة يمثلها ويتكلم باسمها ويعتبر مسؤولا عن تنفيذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء. وهو يمارس الصلاحيات التالية:
   ٤-……..
   ٥- يوقع مرسوم الدعوة الى فتح دورة استثنائية ومراسيم إصدار القوانين وطلب إعادة النظر فيها.”
بالتالي، لا بدّ ان يحمل مرسوم رد القوانين توقيع رئيس الحكومة سندا لأحكام الدستور مما ينفي عن صلاحية اصدار مراسيم رد القوانين صفة الصلاحية اللصيقة او المنفردة لرئاسة الجمهورية. ومع العلم انه لا اجتهاد في معرض النص الدستوري الصريح، لكن زيادة في التأكيد، فان ما يستقيم مع المنطق الدستوري السليم ان من يمتلك صلاحية الإصدار يمتلك صلاحية الرد. والقول بغير ذلك يعني اننا نتجه نحو الاخلال بمبدأ التوازن ما بين السلطات وتمكين مجلس النواب من إقرار قوانين وفرضها على السلطة التنفيذية مباشرة من دون إمكانية طلب إعادة النظر بها.
ج‌- في الخلل في التعاون ما بين السلطات الدستورية:
راسل رئيس مجلس الوزراء في حينه بتاريخ 2024/6/3 رئاسة مجلس النواب منطلقا من مفاعيل قرار وقف تنفيذ مرسوم رد القوانين وما يترتب عليه من نتائج طالبا استرجاع القانون بنسخته الاصلية الموقعة لنشره في الجريدة الرسمية وفقا لما تفرضه الأصول. غير ان الأمانة العامة لمجلس النواب لم تستجب حتى تاريخ 2025/3/28 أي بعد انقضاء أكثر من تسعة أشهر على طلب الاسترجاع، مما من شأنه ان يطرح التساؤل عن مبدأ التعاون ما بين السلطات الدستورية الذي توجبه طبيعة النظام البرلماني المعمول به في لبنان.
ويحاول القانون المنشور في متن مقدمته تبرير هذا الخلل بمبدأ التعاون بالتالي: “لا يمكن توقيع تلك القوانين من قبل رئيس مجلس الوزراء سابق (بصفته ممثلا لمجلس الوزراء الذي كان يمارس وقتها صلاحية رئيس الجمهورية وكالة) لا يملك راهنا أي صلاحية دستورية بهذا الشأن بعد تشكيل حكومة جديدة…”.
 وواقع الحال ان مجلس النواب لم يودع النسخة الاصلية المديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء الا عقب انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، ذلك في ظل عدم قدرة الحكومة السابقة على نشره بدون وجود نسخة اصلية منه في حوزتها إزاء اصدار مرسوم رده ووقف تنفيذه من الشورى لاحقا. فوقف تنفيذ مرسوم رد قانون الايجارات يعني أن مجلس النواب لم يعد يحق له إعادة المناقشة والتصويت على هذا القانون الذي بات خارج البرلمان(6) مما يوجب نشره بنسخته الاصلية دون تعديل. والحقيقة ان الواقعة الأخيرة هي نفسها لم يستجد فيها أي معطيات، أي ان مجلس النواب نفسه الذي امتنع عن إعادة القانون مجلس الوزراء هو نفسه من عاد واودعه إياه في ظل نفاذ قرار الشورى بوقف تنفيذ مرسوم الرد وعدم صدور قرار نهائي بشأنه. فما هو المبرر القانوني الذي حال دون التجاوب مع الحكومة السابقة في طلبها استرجاع القانون؟ علما ان مبدأ فصل السلطات يمنع التدخل بأعمال السلطة القضائية، وإصدار هذا القانون ونشره يعني رفع يد القضاء عن ملف عالق امامه اذ ان الدعوى قد باتت بدون موضوع.
ثانياً: في المضمون:
‌أ- في احتساب بدل المثل:
تنص المادة الرابعة من القانون على انه يُحتسب بدل المثل على أساس ٨٪ من القيمة البيعيّة للمأجور في حالته الحاضرة فيما لو كان خاليا. وبالعودة الى فحوى مرسوم الرد الموقف تنفيذه يتبين ان القانون لم يستند الى أي دراسة فعليّة تتعلق بالعقود المشمولة بأحكامه وتأخذ بعين الاعتبار مؤشرات غلاء المعيشة ومؤشرات التضخم المطابقة للمواصفات العالمية لتحديد نسبة الزيادات، وقد خلى من أي معطيات تبيّن تداعياته وتأثيرات تطبيقه على النشاط الاقتصادي والأوضاع الاجتماعية في البلاد(7). ويوضح مرسوم الرد انه من شأن تطبيق هذا القانون أن ينهي عقود الإيجار لأكثر من 300 مدرسة رسميّة، الأمر الذي قد يرتّب تداعيات سلبيّة على عدد كبير من التلاميذ. فاستمرارية عقود الإيجار التي تستفيد منها الدولة وإداراتها العامة مهددة في ظل هذا القانون والنسب التي حددها مما يهدد حتما مبدأ استمرارية المرافق العامة.
‌ب- في إعطاء المالك الحق منفرداً بتحديد مصير العلاقة التعاقدية:
 يحدد القانون نوعين من المدد لتحرير العقود: إما أربع سنوات من تاريخ نفاذ القانون، في حال طالب المالك بزيادة تدريجية على بدل الإيجار المحدد في القانون، أو سنتان فقط إذا تنازل المالك عن حقه في تلك الزيادات. ويعتبر التنازل ضمناً في حال لم يقدم المالك أي طلب لتحديد بدل المثل. بحيث أنه وبموجب المادة الخامسة من القانون يعود للمؤجر وحده حق المبادرة بإرسال كتاب دعوة للتفاوض الى المستأجر، وفي حال امتنع عن ذلك، يكون المؤجر وبإراداته المنفردة قد قرر مصير العلاقة التعاقدية بانتهاء الاجارة بعد مضي مهلة السنتين.
وتؤكد المادة ٨ من القانون في الفقرة الأخيرة منها انه مع نهاية مدة التمديد القانوني المحددة في المادة ٣ (سواء مدة السنتين أو مدة ٤ سنوات) يصبح المستأجر شاغلا للمأجور دون مسوّغ شرعي و”يجوز طرده” من المأجور بقرار من قاضي الأمور المستعجلة. مما من شأنه ان يثير التساؤل حول مدى أخذ القانون بعين الاعتبار حق المستأجر في الحفاظ على المأجور لحاجات نشاطه الاقتصادي، وخاصة في الحالات التي يشكل فيها موقع المأجور عنصرا من عناصر مؤسسته التجارية.
‌ج- في تاريخ نفاذ القانون وبدء سريان المهل:
تنص المادة ٥٦ من الدستور على أن رئيس الجمهورية يصدر القوانين خلال شهر بعد إحالتها إلى الحكومة، وتضيف المادة ٥٧ من الدستور انه في حال انقضاء هذه المهلة دون إصدار القانون أو اعادته يعتبر القانون نافذا حكما ووجب نشره. يعني ذلك أن القانون يصبح نافذا حكما وتقوم الجريدة الرسمية في المبدأ بنشره من تلقاء نفسها بعد انصرام مهلة الإصدار دون إصدار القانون أو اعادته إلى مجلس النواب.
وحيث ان تاريخ الإحالة الأساسي من البرلمان كان في 2023/12/18، مما يعني بدء سريان مهلة الشهر الدستورية للإصدار. غير ان المهلة انقطعت مع صدور مرسوم رد القانون بتاريخ 2024/1/12. ثم عادت المهلة للسريان مع صدور قرار وقف التنفيذ بتاريخ 2024/4/4 . مما يعني انقضاء مهلة الشهر وهو الامر الذي اشارت اليه مقدمة القانون: “ولم يصدر ضمن مهلة الشهر الدستورية للأسباب المشروحة آنفا”.
تنطلق مقدمة القانون من المادة ٥٧ من الدستور للتأكيد على النفاذ الحكمي للقانون، غير ان النظام القانوني القائم في لبنان يشترط نشر القانون لنفاذه(8). فانقسم الرأي من جهة بين من يفسر النفاذ الحكمي بانقضاء مهلة الشهر الدستورية وبالتالي المفعول الرجعي للنص(9) وبالتالي حسم المدة المنصرمة من مهلة تحرير العقود المحددة في هذا القانون. ومن جهة أخرى الى من يستند الى المادة الأخيرة من القانون التي نصت على انه يعمل به فور نشره في الجريدة الرسمية.
ختاماً، من البيّن ان قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية محاط بوقائع دستورية غير مسبوقة في لبنان منذ لحظة إحالته الأولى من مجلس النواب حتى لحظة نشره في الجريدة الرسمية. ومما لا شكّ فيه ان العدالة تكون برفع الظلم عن المظلوم وليس بنقلها لآخر يتحمل وزرها، فالإجحاف الذي جاء به هذا القانون بحق المستأجرين لا يمكن ان يكون الطريق الأوحد لرفع الظلم عن المالكين. فالقانون في جوهره هو علم الهندسة الاجتماعية ولا بدّ ان يراعي الواقع الاقتصادي والمعيشي الراهن في البلاد.
ومن الملاحظات في هذا الإطار:
– أولاً، تحديد بدل المثل والزيادات بطريقة أكثر عدالة للفريقين تستند الى معطيات علمية ودراسات تفصيلية تبيّن تداعياتها وتأثيرات تطبيقها على النشاط الاقتصادي والأوضاع الاجتماعية في البلاد.
– ثانياً، الاخذ بعين الاعتبار طبيعة عمل المستأجر الذي يشغل به المأجور، فلا بد من التفرقة ما بين المؤسسات التجارية التي يشكل فيها الموقع عنصرا من عناصرها وسواها من المؤسسات مثلا.
– ثالثاً، إعطاء المستأجر الحق في المبادرة بالتفاوض في حال رغب بالتمديد لمدة ٤ سنوات بدلا من تركه رهن إرادة المالك وحده في اختيار مهلة التمديد. بحيث لا يتعسف الأخير باستعمال حقه في الخيار. فاذا ما كان ثمّة تعسف من قبل المالك بإصراره على “طرد المستأجر”، يقتضي تمكين المستأجر من مراجعة القضاء لرفع هذا التعسف.
 من هنا تعددت الأسباب التي يكون ازاءها الباب مفتوحا للطعن بالقانون امام المجلس الدستوري ذلك مع ترقب القرار الذي سيصدر عن مجلس شورى الدولة بشأن مرسوم الرد وما قد ينطوي عليه من احتمالات ونتائج متعددة.
مصادر ومراجع:
1. الدولة اللبنانية / مرعي، مجلس شورى الدولة، قرار رقم ٧٤، تاريخ 1995/11/16.
2. رأي قانوني في قرار وقف تنفيذ مرسوم ردّ قانون الإيجارات، صحيفة النهار، ٦/٤/٢٠٢٤
https://www.annahar.com/arabic/section/76-سياسة/313917/رأي-قانوني-عن-وقف-تنفيذ-مرسوم-رد-قانون-الإيجارات
3. الدولة اللبنانية / افرام، مجلس شورى الدولة، قرار رقم ١٨٩، تاريخ 1995/1/3.
4. قرار المجلس الدستوري رقم ٦ تاريخ 2023/5/30 المتعلق بالطعن بقانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية.
5. وسام اللحام، الشورى يوقف تنفيذ إعادة قانونيْ المدارس الخاصة: “ليس للحكومة أن تعيد القوانين للبرلمان”، المفكرة القانونية، 2024/6/1 https://legal-agenda.com/الشورى-يوقف-تنفيذ-إعادة-قانونيْ-المدا/
6. وسام اللحام، ماذا عن تداعيات وقف مرسوم ردّ قانون الإيجارات غير السكنية؟ إذكاء النزاعات الاجتماعية بدل حلّها، المفكرة القانونية، 2024/4/9 https://legal-agenda.com/ماذا-عن-تداعيات-وقف-مراسيم-ردّ-القواني/
7. المرسوم رقم ١٢٨٣٥ بتاريخ 2024/1/12.
8. م ١/ المرسوم الاشتراعي رقم ٩ تاريخ 1939/11/21 :” ان القوانين والمراسيم تصبح من الان فصاعدا مرعية الاجراء في جميع انحاء الجمهورية اللبنانية في اليوم الثامن الذي يلي نشرها في الجريدة الرسمية ما لم يكن هناك نص مخالف….”
9. زخور: مقدمة قانون الايجاران ونفاذه ونشره باطل دستوريا ويتوجب إعادة الصلاحيات الى رئيس الجمهورية، مجلة محكمة، 2025/4/7  https://mahkama.net/زخور-مقدمة-قانون-الايجارات-ونفاذه-ونش/
“محكمة” – الجمعة في 2025/4/11

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!