تعيين رؤساء محاكم التمييز “راوح مكانك”!/علي الموسوي
علي الموسوي:
قبل شهرين وتحديدًا في 21 آذار 2022، عقد مجلس القضاء الأعلى اجتماعًا بكامل هيئته واتخذ قرارًا بتعيين رؤساء غرف محاكم التمييز الشاغرة، ويومها تفرّدت “محكمة” بمقال موسّع عن هذا الأمر وتناقلته عنها وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والإلكترونية.
واستقرّ الرأي يومذاك على تعيين القضاة ماجد مزيحم وسانيا نصر ومنيف بركات وناجي عيد وأيمن عويدات وجمال الخوري وحبيب رزق الله، غير أنّ مرسوم التعيين لم يصدر بداعي أنّ الرئيس الأوّل لمحاكم التمييز القاضي سهيل عبود الذي هو رئيس مجلس القضاء لا يرأس الغرفة الأولى وبالتالي هو رئيس بالتسمية فقط ممّا يقتضي معه إعادة النظر بهذه التعيينات فيحلّ عبود مكان ناجي عيد، وإنْ كان هذا الخطأ قد سارت عليه محكمة التمييز منذ سنوات عديدة ولكن لا يمكن القياس على الباطل كما كان يتردّد بين القضاة أنفسهم فيقتضي معه تغيير هذه التعيينات ومرسومها.
وأثار خبر لتلفزيون “الجديد” وزّع اليوم التباسًا وتشويشًا في العدلية، ومفاده أنّ وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال القاضي المتقاعد هنري الخوري أحال مشروع مرسوم تعيين رؤساء أصيلين لمحاكم التمييز بطبعة منقحة من مجلس القضاء الأعلى بعد إجراء تعديلات على السابق.
وبعد تحرّي “محكمة” عن الأمر تبيّن أنّ الأمر غير صحيح، فليس هناك من تعديلات لا سطحية ولا جذرية، وقد بقيت الأسماء على حالها. ومنذ البدء كان اسم القاضي أيمن عويدات واردًا مكان زميلته القاضية رولا المصري التي كانت منتدبة لترؤس الغرفة الثانية وهي تقاعدت في 24 نيسان 2022.
وما دام الوضع قد بقي على حاله من دون تعديلات، فثمّة أسئلة مشروعة تستحقّ الطرح.
هل يوقّع وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل المرسوم الجديد القديم ولم يحصل التعديل المطلوب؟ وهل زالت أسباب الإعتراض وهي محض طائفية باعتبار أنّ ترؤس عبود للهيئة العامة لمحكمة التمييز يرفع عدد القضاة المسيحيين إلى ستّة مقابل خمسة للمسلمين كما أنّ زيادة الغرفة العاشرة في العام 2009 ومنح رئاستها لقاض ماروني يوجب إيجاد غرفة حادية عشرة وإعطاء رئاستها لقاض مسلم؟! وهل صار بالإمكان “تمرير” هذا المرسوم لتكتمل الهيئة العامة لمحكمة التمييز التي يرأسها عبود لتنظر في العالق لديها من دعاوى منها ما هو مرتبط بالمحقّق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار؟
وبحسب معلومات “محكمة” وأرشيفها، فإنّه لغاية مرسوم التشكيلات القضائية الصادر في 26 تشرين الثاني 2004 حاملًا الرقم 13653 لم تكن توجد غرفة عاشرة في محكمة التمييز ولم يكن الرئيس الأوّل لمحكمة التمييز يرأس الغرفة الأولى، فيومذاك كان الراحل القاضي طانيوس الخوري رئيسًا أوّل بموجب المرسوم رقم 9074 تاريخ 11 تشرين الثاني 2002، وكان القاضي لبيب زوين رئيسًا للغرفة الأولى.
وفي مرسوم المناقلات والتعيينات القضائية الصادر في 6 آذار 2009 بالرقم 1465 “ولدت” الغرفة العاشرة لمحكمة التمييز وأعطيت رئاستها للقاضي أنطوني عيسى الخوري وبقي الرئيس الأوّل لمحكمة التمييز القاضي غالب غانم من دون غرفة وتولّى رئاسة الغرفة الأولى القاضي الياس بو ناصيف.
وتكرّر السيناريو نفسه في مرسوم التشكيلات الصادر في الأوّل من تشرين الأوّل 2010 تحت الرقم 5079 فمكث الثلاثة غانم وبو ناصيف وعيسى الخوري في أماكنهم.
ثمّ صدر مرسوم التشكيلات الوحيد بالمعنى الشامل في عهد رئيس الجمهورية ميشال عون بتاريخ 10 تشرين الأوّل 2017 حاملًا الرقم 1570 وفيه أنّ الرئيس الأوّل التمييزي القاضي جان فهد الذي أقيل من منصبه في أيلول 2019 وحلّ مكانه القاضي سهيل عبود، وأنّ رئيس الغرفة الأولى القاضي كلود كرم، ورئيس الغرفة العاشرة القاضي روكس رزق.
وهنا استعادة للمقال السابق يوم تفرّدت “محكمة” بنشر السبق الصحفي عن هذه التعيينات:
علمت “محكمة” أنّ مجلس القضاء الأعلى الذي عقد جلسة مطوّلة اليوم الإثنين الواقع فيه 21 آذار 2022، أصدر قرارًا بتعيين رؤساء غرف محاكم التمييز الشاغرة، محدثًا تغييرًا جذريًا وتعديلًا كبيرًا في الأسماء التي كانت مطروحة وجرى التداول بها مطوّلًا في الفترة السابقة، غير أنّ اعتراضات داخل مجلس القضاء وخارجه، أسفرت عن تغيير وتعيين آخرين، وبعضها أسماء لم تكن واردة في الوقت الراهن.
وفي معلومات خاصة بـ“محكمة”، فقد استقرّ رأي مجلس القضاء الذي التأم برئاسة القاضي سهيل عبود وحضور نائبه النائب العام التمييزي القاضي غسّان عويدات ورئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي بركان سعد والأعضاء القضاة عفيف الحكيم، وحبيب مزهر، وداني شبلي، وميراي الحداد، والياس ريشا، على تعيين القضاة ناجي عيد وماجد مزيحم وسانيا نصر وأيمن عويدات وحبيب رزق الله ومنيف بركات.
وبهذا التعيين، يكون قد جرى نقل عيد من رئاسة محكمة الاستئناف في جديدة المتن إلى رئاسة الغرفة الأولى لمحكمة التمييز ولم تكن توجد اعتراضات على هذا التعيين.
كما نقل القاضي ماجد مزيحم من رئاسة محكمة الاستئناف في الجنوب إلى رئاسة الغرفة الثامنة لمحكمة التمييز وكان من الأسماء الثابتة منذ بدء توالي الإقتراحات في العام 2021.
ونقلت القاضي سانيا نصر من رئاسة محكمة الاستئناف في جديدة المتن إلى رئاسة الغرفة الخامسة لمحكمة التمييز لتحلّ مكان القاضي جانيت حنّا التي عادت إلى رئاسة محكمة الاستئناف في بيروت.
وعيّن النائب العام الاستئنافي في البقاع القاضي منيف بركات رئيسًا للغرفة السادسة لمحكمة التمييز ليحلّ مكان القاضي رندى الكفوري التي كانت مطروحة في السابق، غير أنّ النائب العام التمييزي القاضي غسّان عويدات رفض تثبيتها بعد قرارها الخاطئ من الناحية القانونية بردّ المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري في قضيّة انفجار مرفأ بيروت.
كما حلّ رئيس محكمة الاستئناف في بيروت القاضي أيمن عويدات في رئاسة الغرفة الثانية لمحكمة التمييز بدلًا عن زميلته المنتدبة رولا المصري التي تحال على التقاعد في 24 نيسان 2022، أيّ بعد شهر تقريبًا.
ونقل الرئيس الأوّل لمحكمة الاستئناف في بيروت القاضي حبيب رزق الله إلى رئاسة الغرفة العاشرة لمحكمة التمييز.
وبذلك تصبح رئاسة غرف محاكم التمييز العشر على الشكل التالي:
الغرفة الأولى: القاضي ناجي عيد.(جديد)
الغرفة الثانية: القاضي أيمن عويدات.(جديد)
الغرفة الثالثة: القاضي سهير الحركة.
الغرفة الرابعة: القاضي عفيف الحكيم.
الغرفة الخامسة: القاضي سانيا نصر.(جديد)
الغرفة السادسة: القاضي منيف بركات.(جديد)
الغرفة السابعة: القاضي جمال الحجار.
الغرفة الثامنة: القاضي ماجد مزيحم.(جديد)
الغرفة التاسعة: جمال الخوري(ثبّتت بعد انتدابها وهي تتقاعد في 25 أيلول 2022).
الغرفة العاشرة: حبيب رزق الله.(جديد).
وبات معلومًا أنّه بهذا التعيين، صار بإمكان محاكم التمييز أن تجتمع برؤسائها ومستشاريها لانتخاب ممثّل ثان عنها بعد انتخابها بالتزكية في السنة الماضية القاضي عفيف الحكيم، ويرجّح أن يفوز القاضي ماجد مزيحم بالتزكية، فيما يبادر وزير العدل القاضي هنري الخوري إلى تعيين العضو الخامس من “حصّة الحكومة” وهي القاضي سانيا نصر.
وبهذا التعيين أيضًا، يكون عديد الهيئة العامة لمحكمة التمييز قد اكتمل، وصار بإمكانها أن تعاود العمل بشكل طبيعي والنظر في ما لديها من دعاوى مختلفة أهمّها ما هو متعلّق بالمحقّق العدلي في قضيّة انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار.
“محكمة” – الثلاثاء في 2022/5/24