توقيف حسن يعقوب ومرافقيه بعد خطف هنيبعل القذّافي
كتبت ياسمينة العلي:
خطفت قضيّة استدراج هنيبعل القذّافي نجل الرئيس الليبي المخلوع العقيد معمّر القذافي من دمشق إلى منطقة البقاع، الأنظار في مطلع شهر كانون الأوّل 2015، بعدما حرّكت “التحقيقات الراكدة” في قضيّة اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمّد يعقوب والصحافي عبّاس بدر الدين، وأفضت إلى توقيف النائب السابق حسن يعقوب على خلفية ضلوعه في عملية خطف هنيبعل المذكور.
وفيما أكّدت مصادر المطلّعين على خفايا الخطف لـ”محكمة” أنّ هنيبعل القذّافي لا يملك معلومة واحدة عن إخفاء الصدر ورفيقيه، وأنّ ما قاله أمام الكاميرا جاء تحت وطأة التعذيب والإكراه على مدى خمسة أيّام توجّت بإجباره على قراءة بيان ورقي مكتوب، كشفت معلومات خاصة أنّ استدراجه لم يكن بهدف الإطلاع منه على كيفية حصول عملية خطف الإمام الصدر، ومجريات ما بات معروفاً في ذلك اليوم المشؤوم من 31 آب 1978، بقدر السعي إلى الاستفادة المالية.
وقد استجوب المحقّق العدلي في قضيّة إخفاء الصدر ورفيقيه القاضي زاهر حمادة الموقوف هنيبعل، وأصدر بحقّه مذكّرة توقيف وجاهية بجرم “كتم معلومات”، من دون حضور وكيلته القانونية المحامية بشرى الخليل معه، وهي قالت لـ”محكمة” إنّه لا مبرّر لهذه المذكّرة، خصوصاً وأنّه جرى توقيف المخطوف قبل معرفة الجهة الخاطفة وتوقيفها، ولذلك ادعت للوهلة الأولى ضدّ مجهول بجرم الخطف، ولمّا تكشّفت أسماء الخاطفين إدعت عليهم.
وطلبت سوريا تسليمها القذّافي كونه لاجئاً لديها وتمّ خطفه على أراضيها، وأرسلت بهذا الخصوص طلباً إلى وزارة العدل اللبنانية، غير أنّ الوزير أشرف ريفي فصل فيه من تلقاء نفسه وأعلن رفضه تلبية مضمونه، دون الرجوع إلى النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود كونه صاحب الاختصاص، ووزارة العدل ليست سوى ممرّ في هذه الحالة كما حصل ويحصل في الكثير من طلبات الإسترداد التي ترد من غير دولة.
وعن هذا التصرّف غير القانوني للوزير ريفي، قال محامون لـ”محكمة” لو أنّ مجلس النوّاب يمارس صلاحياته على أكمل وجه لاستجوب ريفي على عقدة عدم التمييز لديه بين معاداته لسوريا ومهامه الحكومية كوزير وصاية على حقيبة “السلطة القضائية”، إذ إنّه لم يفرّق بين موقفه السياسي من النظام القائم هناك، وبين واجبه بشأن طلب استرداد هنيبعل معمّر القذّافي، فردّه من تلقاء نفسه وبخطاب سياسي قضائي غير قانوني، بينما كان يفترض به رفعه إلى صاحب الاختصاص القاضي حمود للبتّ فيه سلباً أو إيجاباً.
واستدعى “فرع المعلومات” في قوى الأمن الداخلي النائب السابق حسن يعقوب للتحقيق معه بشأن ضلوعه في عملية الخطف على إثر معلومات أدلت بها فاطمة الأسد التي رتّبت اللقاء بينه وبين القذّافي، فجرى التحقيق معه وتوقيفه بناء لإشارة القاضي حمود الذي احاله على النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان حيث جرى الادعاء عليه بجناية الخطف وحجز الحرّيّة سنداً للمادة 569 من قانون العقوبات، وبناء عليه إستجوبه قاضي التحقيق بيتر جرمانوس، كما استجوب مرافقيه، وأصدر مذكّرات توقيف بحقّهم، فتمّ سوقهم إلى سجن رومية المركزي.
وتخوّفاً من إخراج القضيّة عن مسارها القانوني، إلتقت المحامية بشرى الخليل رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد الذي أبدى حرصاً شديداً على إبعاد أيّة مؤثّرات خارجية عن المعالجة القانونية.
وتناوب أربعة محقّقين عدليين على التحقيق بقضيّة الصدر وأخويه هم القضاة: طربيه رحمة، وسهيل عبد الصمد، والراحل سميح الحاج، وزاهر حمادة، فيما تناوب عشرات القضاة في المجلس العدلي على النظر في هذا الملفّ من دون نتيجة “بسبب وجود قرار سياسي بالمماطلة، إذ أنّ كلّ العالم شاهد مقتل معمّر القذّافي مباشرة على الهواء، وطلب المجلس العدلي تزويده بوثيقة وفاة من الجهات الليبية المختصة، غير أنّ هذه الوثيقة لم تصل الأراضي اللبنانية، على الرغم من مرور أكثر من أربع سنوات على مقتل القذّافي في 20 تشرين الأوّل 2011” على حدّ تعبير متابعين لحيثيات المحاكمات والتسويف الحاصل فيها.
(نشر في مجلّة “محكمة” – العدد 3 – كانون الثاني 2016).