جنوب افريقيا تلاحق قضائيًا آخر نظام عنصري/فؤاد مطر
المحامي فؤاد مطر:
إنّ العلاقات بين نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا والولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية كانت قوية. وبالرغم من ذلك، فقد فرضت هذه الدول في النهاية عقوبات على هذا النظام وتحديدًا في العام 1986.
وبالرغم من التشابه بين الابارتهايد ونظام الفصل العنصري الاسرائيلي، فإنّ الدول الغربية والولايات المتحدة ما زالت عند موقفها باعتبار معاداة الصهيونية معاداة للسامية، وأنّ كلّ من حكومات بريطانيا وفرنسا وكندا وألمانيا واستراليا وحكومات الولايات المتحدة المتعاقبة والكونغرس يجرّمون حركة مقاطعة الكيان الاسرائيلي ويعدونها معادية للسامية.
في المقابل، عقد مؤتمر ديربان في جنوب افريقيا عام ٢٠٠١ الذي أعلن عن ضرورة إطلاق حركة مقاطعة عالمية ضد آخر نظام ابارتهايد. ونشطت المنظمة العربية لحقوق الإنسان بدورها في التحضير له وطالبت بعزل الكيان الاسرائيلي دوليًا وتدرجت مطالبها بالممثلة بين الارباتهايد واسرائيل، وطالبت أيضًا بإعادة المماثلة بين الصهيونية والعنصرية وفق ما سبق أن صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ١٩٧٥ بالقرار رقم ٣٣٧٩ الذي نص على أن “الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري” وهو القرار الوحيد الذي تم إلغاؤه لاحقًا.
وفي العام ٢٠٠١، أعلن المجتمع المدني في جنوب افريقيا من قبل ثلاثة آلاف منظمة عن تشكيل حركة عالمية لمقاطعة اسرائيل على غرار تجربة جنوب افريقيا.
ونشرت جريدة الغارديان البريطانية مقالة للقس ديسموند توتو من جنوب افريقيا عام ٢٠٠٢ بعنوان “الابارتهايد في الأرض المقدسة”.
إن المماهاة بين الابارتهايد ونظام الفصل العنصري الاسرائيلي وسياسة القمع والترانسفير – الترحيل- وما اعتبرته محكمة العدل الدولية عام ٢٠٠٤ في قرارها بأن قيام اسرائيل ببناء الجدار على الأراضي الفلسطينية المحتلة عمل غير مشروع ومخالف للقوانين الدولية، وهذا لم يثن الدول الداعمة للكيان الغاصب. وقد اعترضت منظمة حقوق الإنسان ” هيومان رايتس ووتش” على المماثلة بين الصهيونية والعنصرية تماشيًا مع موقف الدول الداعمة للكيان الصهيوني.
مؤخرًا، وفي تطوّر مفاجئ بمسار الحرب على غزة تقدّمت جنوب افريقيا بدعوى أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي ضد اسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية.
إن نظام محكمة العدل الدولية له ولاية قضائية عالمية وتعد هذه القرارات ملزمة ونهائية.
لقد تم تحديد موعد جلستها في ١١و١٢ من الشهر الأوّل من هذا العام 2024.
أمام ما ستؤول إليه الأمور نطرح عدة اسئلة:
هل تتخذ محكمة العدل الدولية قرارات تاريخية؟
هل سيتم التقيد بقرارات محكمة العدل الدولية؟
هل ان قراراتها ستنسجم مع مناهضة الاحتلال والتمييز العنصري والابارتهايد والتطهير العرقي؟
هل سيتم محاسبة الاحتلال على تنفيذ الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين بقطاع غزة؟
هل سيتم إيقاف الحرب والسماح بعودة النازحين وتعويضهم، أم أنّ مؤسسات المجتمع الدولي ستبقى عاجزة عن تطبيق القانون الدولي الإنساني أمام اخر نظام فصل عنصري في العالم مما سيؤدي إلى إسدال ستار منظومة الأمم المتحدة مثل سابقتها عصبة الأمم؟
بعد حرب غزة ليس كما قبلها.
“محكمة” – السبت في 2024/1/6