حالة اليأس المبرّرة/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
حالة اليأس الشديد التي تصيب الشعب اللبناني مبرّرة. إذ قليلاً ما نجد دولة “مديونة” بمبالغ ضخمة من الدولارات، لا تملك سلطتها رؤية واضحة لمسار الأمور وعلى طريقة “سارحة والربّ راعيها”.
دولة تضمّ الطوائف والأحزاب والتيّارات والجمعيات المتعدّدة، وكلّ فئة “فاتحة على حسابها”. فإذا تكلّمت بالمنطق في أيّ موضوع يجري تحريك العصبية الطائفية والمذهبية والحزبية…الخ. ويعود كلّ واحد إلى طبعه. أليس المثل الشهير “الطبع يغلب التطبّع” على حقّ؟ وأساس هذا المثل أنّ وزيراً في مملكة كان يردّد دائماً أمام الملك هذا المثل. إلاّ أنّ الملك أصرّ على أنّه غير صحيح، وقام بتدريب الهررة على حمل “الشمعدان” بشكل مدروس. إلاّ أنّ الوزير حمل في “كمّ” ثوبه فأرة. وفي الاحتفال أخرجها، فرمت الهررة “الشماعدين” ولحقت بالفأرة. فقال الملك للوزير صدقت: “الطبع يغلب التطبّع”.
ولا ينقص الشعب اللبناني – للأسف – شيء من التبجّح. ولا ننسى عبارة “إعرف حالك مع مين عم تحكي” التي يستعملها بشكل دائم. كما لا ننسى كيف ينتقد، لا بل يشتم زعيمه ليلاً نهاراً، ثمّ وقبل الانتخابات بعدّة أيّام وأحياناً بعدّة أسابيع، يتمشّى في الدار أو في حديقة القصر وكأنّه قيصر زمانه، ويسأل الحاضرين إذا كانوا يريدون أيّ خدمة أو طلب على أساس أنّه “القصّة كلها”. ويذهب يوم الأحد إلى الانتخابات وينتخب الشخص ذاته. وفي طريق العودة ينتقده أو يشتمه، ويبقى الأمر كذلك حتّى موعد الانتخابات المقبل. وهكذا دواليك.
غداً يوم تنتهي الكورونا، سوف تعود الشعوب في دول العالم إلى حياتها الطبيعية. أمّا في لبنان فماذا ننتظر؟ المزيد من الفقر والبطالة والغلاء الفاحش والديون والاستدانة والمشاريع الفارغة غير المنتجة، والمظاهرات التي تشتعل وتخمد، ويتخلّلها للأسف تكسير وحرائق وخلع غير مبرّرة ومشبوهة خصوصاً على المؤسّسات والمصارف.
هل حالة اليأس لدى الشعب اللبناني مبرّرة؟. نعم مبرّرة. هل يستطيع الخروج منها؟ أشكّ في ذلك طالما أنّه ليس في وارد تغيير العقلية التي تربّى عليها ولا يزال يصرّ على الإستمرار فيها. ما هو الحلّ إذاً؟. الحلّ عند الله.
“محكمة” – الإثنين في 2020/5/4