حبيب أبو شهلا وحكمة معّاز كفرتبنيت/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
بحكم تدرّج الوزير السابق الشيخ إدمون كسبار في مكتب والده، كان متضلعًا في الفقه الإسلامي. وكان يروي أنّه في أحد اجتماعات القانونيين العرب، وكان هو يترأس وفد لبنان بكونه نقيبًا للمحامين، إعتقد جميع الحاضرين أنّ هذا المحاضر في أصول الشريعة هو مسلم حتمًا، وهو شيخ لا بحكم لقب لبناني موروث، بل بحكم كونه فقيهًا مسلمًا.ولذلك يروي، طلب منه أن يقرأ الفاتحة على ضريح الجندي المجهول في البلد المضيف باسم المجتمعين، ففعل.
* * *
ماذا يحصل إذا نام الراعي؟
يروى أنّ الشيخ بشارة الخوري، رئيس الجمهورية اللبنانية الأسبق قام سنة 1945 بجولة تفقدية إلى جنوب لبنان في موكب كبير من رجال ذلك العهد كان بينهم الأستاذ حبيب أبو شهلا.
بين كفرتبنيت ومرجعيون توقّف موكب الرئاسة قليلًا لسبب من الأسباب وصودف وجود معاز مع قطيع من الماعز إلى جانب الطريق، فسأله الأستاذ أبو شهلا “إذا أتيح لك أن تقابل رئيس الجمهورية، فماذا تقول له”؟
ولم يكن المعّاز بالطبع يعرف أنّه كان فعلًا في حضرة رئيس الجمهورية، فحكّ جبينه وقال:”أقول له قويلة جدّي:
إن جاعت المعزى
بيشحّ الحليب
وإن نام الراعي
بيرعاها الديب”
وكان أبو شهلا كلّما روى هذه الحادثة يقول: سمعنا في جولتنا الجنوبية عشرات الخطابات والأقوال الوطنية، لكنّ حكمة معّاز “كفرتبنيت” كانت أبلغها جميعًا.
** *
سجلّي عقار
المعروف عن المحامي المرحوم جوزيف الأخطل الخوري أنّه يتحلّى بروح النكتة الدائمة، فهو كلّما كان في مناسبة اجتماعية يحوم حوله عدد كبير من الأصدقاء.
في إحدى المناسبات حيث أخبر عشرات الطرائف وألقى عدّة قصائد شعرية قلت له إنّني سوف أحضر آلة تسجيل وأسجّل له حديثه فقال فورًا:
– سجّلي شي عقار على اسمي بيكون أفضل.
وعندما سمع النقيب ريمون عيد ما قاله المحامي الخوري، أردف قائلًا إنّ أحدهم حضر إلى مكتب أحد المحامين لشكره على ربح دعواه قائلًا له:
– بعتذر عن عدم تمكّني من شكرك لأنّني لا أجيد اللغة العربية.
فأجابه المحامي فورًا:”يا ابني بيهمّني الصرف مش النحو” (أيّ الأتعاب).
* **
جان عبيد السياسي النبيل
فارس شمالي صلب من الفوارس الأشداء…يترجل.
النائب والوزير جان عبيد لم يكن إنسانًا عاديًا. بل هو كتلة من العلم والثقافة العميقة والمتشبّعة واللياقة واللباقة وحسن التصرّف. دبلوماسي وواقعي حتّى العظم. كفوء ذو خبرة واسعة وبُعْد نظر قلّ نظيره.
كانت تربطه علاقات ألفة ومودّة مع جميع السياسيين، وخصوصًا، في وقتنا الحاضر، مع الرئيس بري والوزير جنبلاط. كما كان على صداقة مع سياسيي الزمن الجميل ومن بينهم معالي النقيب رشيد درباس وكان يقول لي حرفيًا: هذا الرجل يشرقط ذكاء، والنائب أوغست باخوس، أبو قيصر، الذي كان على تواصل دائم معه. ومن هنا معرفتي الوثيقة به وبمواقفه وبآرائه التي كنت أتشبّع منها لدى زيارته في مكتبه في سنّ الفيل.
سياسي نبيل، راق، تميّز بالتعقّل وسعة الإطلاع وعمق المعرفة والنخوة ودماثة الأخلاق. وكان كما كنت أقول له: Le catalyseur . فهو السياسي الجامع غير المفرّق وصلة الوصل بين السياسيين.
الله يرحمه ويغفر له وتكون نفسه في السماء. المسيح قام.
“محكمة” – الإثنين في 2021/2/15