حقّ الحبس ومدى صلاحية قاضي العجلة تسليم المستندات لقاء كفالة مصرفية/ناضر كسبار
المحامي ناضر كسبار:
إعتبر قاضي الأمور المستعجلة في المتن الرئيس السيّد محمّد وسام المرتضى أنّه إذا كان يخرج عن سلطان هذا المرجع أمر التمحيص والتدقيق والتثبّت من مدى توفّر شروط حقّ الحبس DROIT DE RETENTION فيبقى من واجبه التثبّت من مدى ممارسة هذا الحقّ في موقعه الملائم منزّهاً عن التجاوز أو التعسف.
كما اعتبر الرئيس المرتضى أنّ قيام المدعى عليه بالإمتناع عن تسليم سندات عائدة إلى بناءين نتيجة النزاع الدائر بينه وبين المدعي حول مقدار تلك البدلات المتوجّبة، ينطوي على تعسف ناضج بالكيدية.
وقضى بإلزام المدعى عليه تسليم سندات الملكية تحت طائلة غرامة إكراهية بعد تقديم كفالة مصرفية من قبل المدعي ضمانة لحقوق المدعى عليه وبتضمين الفريقين مناصفةً في ما بينهما النفقات.
وممّا جاء في الحكم الصادر بتاريخ 2003/4/30:
بناء عليه،
حيث من البين غير المنازع فيه أنّ الفريقين كانا قد اتفقا في ما بينهما على أن يضطلع المدعى عليه بعملية إفراز لعقار عائد إلى المدعي مقابل مبلغ أربعة آلاف د.أ. كبدل أتعاب، وأنّ خلافاً عاد فنشب بينهما يأتي عن مطالبة المدعى عليه ببدلات إضافية مقابل أعمال استجدّت في سياق السير بالمعاملة، وأنّ المدعي رفض التماشي مع هذه المطالبة وأصرّ على وجوب تسليم سندات الملكية، وأنّ المدعى عليه لم يسلّم من تلك السندات إلاّ تلك العائدة إلى البلوك C رافضاً تسليم تلك العائدة إلى البلوكين AوB متذرّعاً بحقّه بحبس هذه السندات طالما لم يقم الأوّل بايفائه حقوقه.
وحيث ينطوي النزاع الحاضر على تظلّم من المدعي من موقف المدعى عليه الرافض لتسليم تلك السندات.
وحيث يصرّ هذا الأخير على مشروعية موقفه مشيراً إلى أنّه يستند في ذلك على ما توليه إيّاه المادة 677/272 من قانون م.ع. من حقّ بحبس تلك السندات ريثما تصله حقوقه.
وحيث وإنْ كان يخرج عن سلطان هذا المرجع، وفقاً لما هو مرسوم له من اختصاص، أمر التمحيص والتدقيق والتثبّت من مدى توافر شروط حقّ الحبس المتذرّع به، باعتبار أنّ هذا الأمر يشكّل تصدّياً للأساس لا يمكنه إليه سبيلاً، إلاّ أنّه يبقى له، بل من الواجب عليه، التثبّت من مدى وقوع ممارسة هذا الحقّ، على فرض استجماعه لشروطه واستيفائه لمفترضات أعماله، في موقعها الملائم منزّهة عن التجاوز أو التعسف.
وحيث من المعلوم أنّ التمتّع بحقّ من الحقوق المكرّسة قانوناً، بما في ذلك حقّ الحبس المتذرّع به، مقيّد بحسن استعماله، وموهون بضرورة استاقه مع الغاية التي منح من أجلها، ومشروط بممارسته وفقاً لمبادئ أخلاقية التعامل وبما يتفق مع الغاية الإجتماعية والإقتصادية التي منح من أجلها وعلى نحو متصف بالترفّع عن التعسف والكيدية.
وحيث سلّم الفريقان أنّهما وقبل عرض النزاع علينا كانا قد توصّلا إلى تسوية في ما بينهما فحواها قيام المدعي بدفع مبلغ ألفين وخمسمئة د.أ. إلى المدعى عليه مقابل إنهاء الخلاف مع هذا الأخير واستلام السندات منه.
وحيث ثابت أنّ هذه التسوية لم تترجم واقعاً وكلّ من الفريقين ينسب إلى الآخر أمر التسبّب بتعطيلها.
وحيث انطلاقاً من مضمون هذه التسوية، وعطفاً على ما أدلى به المدعى عليه في مذكّرته، يتبدّى للمحكمة جلياً أنّ مجمل ما قد يكون متوجّباً لهذا الأخير في ذمّة المدعي من بدلات أتعاب، لا يتجاوز في أقصى الحدود مبلغ الثلاثة آلاف د.أ.
وحيث صارخ بالوضوح أنّ قيام المدعى عليه بالإمتناع عن تسليم سندات عائدة إلى بنّائين نتيجة للنزاع الدائر بينه وبين المدعي حول مقدار تلك الأتعاب المتوجّبة، ينطوي على تعسف ناضج بالكيدية على نحو يشكّل خروجاً على القواعد المنوّه بها آنفاً.
وحيث إنّ هذا التعسف في استعمال الحقّ، الحاصل خروجاً على تلك القواعد، يدخل بحسب ما تراه المحكمة، في باب التعدّي الواضح على حقوق المدعي، ما تكون معه مختصة للتدخّل من أجل وضع حدّ لهذا التعدّي بالإستناد إلى أحكام الفقرة الثانية من المادة 579 من قانون أ.م.م.
وحيث تأسيساً على ما تقدّم، ووضعاً للأمور في نصابها السليم، ورفعاً للتعدّي المذكور، وحفاظاً على حقوق الفريقين مجتمعين، ترى المحكمة إلزام المدعى عليه بتسليم المدعي جميع سندات التمليك العائدة إلى البلوكين المذكورين على أن يقوم المدعي بالمقابل بتقديم كفالة مصرفية بقيمة ثلاثة آلاف د.أ. تضمن حقوق المدعى عليه تظلّ نافذة ريثما يفصل المرجع القضائي المختص بمقدار ما هو متوجّب لهذ الأخير من بدل الأتعاب.
وحيث، عملاً بالمادة 589 من قانون أ.م.م. وضماناً للتنفيذ، ترى إلزام المدعى عليه بغرامة إكراهية قدرها مليون ل.ل. عن كلّ يوم تأخير.
وحيث، في ضوء التعليل السابق والنتيجة المنتهى إليها، لم يعد ثمّة داع للبحث في سائر ما زاد أو خالف من مطالب وأسباب، أو لمزيد من البحث.
لذلك
يحكم:
1- إلزام المدعى عليه السيّد س. بتسليم المدعى السيّد ج. جميع سندات الملكية العائدة إلى “البلوكين” AوB القائمين في العقار رقم 5576 عاليه، ضمن مهلة يوم واحد، من تاريخ إبلاغه نسخة عن هذا الحكم، وتحت طائلة غرامة إكراهية قدرها مليون ل.ل. عن كلّ يوم تأخير.
2- بتعليق نفاذ ذلك على قيام المدعي بتقديم كفالة مصرفية بقيمة ثلاثة آلاف د.ا. ضمانة لحقوق المدعى عليه على النحو المذكور في متن هذا الحكم.
3- بتضمين الفريقين مناصفة في ما بينهما النفقات كافة، وبردّ كلّ ما زاد أو خالف.
حكماً معجّل التنفيذ صدر وأفهم علناً في جديدة المتن بتاريخ 2003/4/30.
“محكمة” – الأحد في 2020/9/20