علم وخبر
حكم لقاضي “إيجارات صيدا” جورج سالم: صفة مرسل الإنذار والنزاع الجدّي وبدء سريان التسع سنوات/ناضر كسبار
ناضر كسبار(نقيب المحامين السابق في بيروت):
بحث القاضي المنفرد المدني في صيدا الناظر في دعاوى الايجارات الرئيس جورج سالم عدة نقاط قانونية تتعلق بصفة مرسل الانذار الذي اشترى المأجور بموجب عقد بيع ممسوح، فاعتبر أنّ الصفة متوفرة لدى الجهة المدعية بصفتها مشتري العقار رقم /2027/ الغازية بموجب عقد بيع رسمي بتاريخ 2007/12/11 وهو تاريخ سابق لتقديم الدعوى الحاضرة الواقع فيه 2021/10/19، وكذلك سابق لارسال الانذار بدفع البدلات الى المدعى عليه المؤرخ في 2021/7/5، وترد منازعة المدعى عليه في هذا الصدد، ويرد بالتالي الدفع بانتفاء الصفة المدلى به.
كما اعتبر الرئيس سالم ان الفقة والاجتهاد صارا على وجوب رد طلب الاسقاط من حق التمديد القانوني لعدم دفع البدلات ضمن المهلة القانونية اذا كان يوجد خلاف جدي حول مبدأ او قيمة المستحق ولم يتأخر المستأجر عن دفع ما يعتبره مستحقا بذمته حسب اعتقاده وحساباته.
أما من ناحية بدء سريان مهلة التسع سنوات والاثنتي عشرة سنة، فاعتبر ان مهلة التسع سنوات تبدأ في العام 2017، وان المحكمة ترى حسب الصياغة الواضحة للقانون رقم 2017/2، ان مدة التسع سنوات والاثني عشرة سنة تبدأ منذ تاريخ نفاذ القانون الصادر عام 2017 اي منذ تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في 2017/2/28 وليس في العام 2014، اذ لا اجتهاد في ظل النص الصريح وقد نصت المادة 15 من القانون رقم 2017/2 بوضوح على بدء سريان مهلة التسع سنوات والاثني عشرة سنة للمستفيدين منها من تاريخ نفاذ هذا القانون الاخير.
وقضى برد الدعوى.
ومما جاء في الحكم الصادر بتاريخ 2025/2/16.
بناء عليه،
حيث ان الجهة المدعية تطلب في الدعوى الراهنة الحكم بفسخ الاجارة المعقودة لمصلحة المدعى عليه فيما خص الشقة السكنية الكائنة في العقار رقم /2027/ الغازية لعلة عدم دفع البدلات بالرغم من انذاره بالدفع استنادا الى احكام الفقرة الاولى من المادة /34/ من القانون رقم 2017/2 والزامه باخلاء المأجور فورا وتسليمه شاغرا وخاليا من اي شاغل والزامه بدفع بدلات الايجار المستحقة والتي ستستحق حتى تاريخ الاخلاء الفعلي مع الفائدة القانونية.
وحيث ان الجهة المدعية عادت وتقدمت بطلب اضافي يرمي الى اعلان اعتبار التمديد القانوني لاجارة الجهة المدعى عليها قد انتهى بتاريخ 2023/12/28 سندا الى المادة /14/ من قانون الايجار الصادر في العام 2014 التي لم يطلها الابطال بقرار المجلس الدستوري ولأن القانون التعديلي رقم 2017/2 لم ينص على سريان مفعول رجعي لمفاعيله.
وحيث ان المدعى عليه من جهته يدفع بوجوب رد الدعوى شكلا لانتفاء صفة المدعي ويدلي استطرادا بوجوب رد الدعوى اساسا لعدم قانونيتها ولعدم صحتها ولعدم ثبوتها كونه سدد ما هو متوجب عليه من بدلات ضمن مهلة الشهرين القانونية بموجب عرض وايداع فعلي للبدلات المتوجبة بذمته لدى الكاتب العدل.
وحيث ان المدعى عليه يدفع بوجوب رد الطلب الاضافي لعدم القانونية باعتبار ان القانون رقم 2017/2 عدل عدد السنوات التمديدية واصبح هذا القانون واجب التطبيق وبالتالي يدلي باستفادته من التمديد القانوني لغاية انصرام مهلة التسع سنوات المنتهية في 2026/2/27.
وحيث في الشكل، ومن نحو اول، تجدر الاشارة الى ان صفة المؤجر المقصود في قوانين الايجارات تتوفر في مالك المأجور نفسه، كما هي الحالات المفترضة على العموم، كما تتوفر في كل من يملك حق ادارة المأجور، وهذه الادارة لا ترتبط وجودا وعدماً بالملكية فقط، بل تتنقل الى المنتفع والى الوريث قبل التسجيل والى المشتري بعقد عادي قبل هذا التسجيل كلما كان انتقالها متيسرا قبل اجراء هذا الانتقال في القيود العينينة، فلا يجوز بحال من الاحوال ان ينظر الى المؤجر المقصود في قوانين الايجارات بالمفهوم الحرفي لاحكام القوانين العقارية التي تحدد الملكية والتي لا تعتبر هذه الملكية حاصلة وتامة إلا بالتسجيل على الصحيفة العينية.
(يراجع: استئناف بيروت المدنية، الغرفة الخامسة، تاريخ 18 اذار 1999، د. عفيف شمس الدين المصنف في قضايا الايجارات، الجزء الرابع، 2001، ص 369 وما يليها)
وحيث من نحو ثان، تجدر الاشارة الى ان دعوى الاسقاط من حق التمديد تعد من اعمال الحفظ لانها تهدف الى استعادة حق الانتفاع بالماجور الذي انتقل الى المستأجر بفعل عقد الايجار.
(يراجع: استنئاف جبل لبنان، الغرفة الثامنة المدنية، رقم 35 تاريخ 1994/4/11 العدل 1994 عدد 1 ص 200)
وحيث يتبين من الاطلاع على المستندات المبررة في الملف لاسيما الافادة العقارية العائدة للعقار رقم /2027/ من منطقة الغازية العقارية ان العقار مسجل على اسم ع. وبموجب عقد بيع ممسوح منظم بتاريخ 2007/12/11 اشترى المدعي ح. /2400/ سهم في العقار المذكور.
وحيث تكون بالتالي الصفة متوفرة لدى الجهة المدعية بصفتها مشتري العقار رقم /2027/ الغازية بموجب عقد بيع رسمي بتاريخ 2007/12/11 وهو تاريخ سابق لتقديم الدعوى الحاضرة الواقع فيه 2021/10/19 وكذلك سابق لارسال الانذار بدفع البدلات الى المدعى عليه المؤرخ في 2021/7/5، وترد منازعة المدعى عليه في هذا الصدد، ويرد بالتالي الدفع بانتفاء الصفة المدلى به.
وحيث في الاساس، ومن جهة اولى، تطلب الجهة المدعية الحكم بفسخ الاجارة المعقودة لمصلحة المدعى عليه والزامه باخلاء المأجور موضوع الدعوى لعدم دفع بدلات الايجار بالرغم من انذاره بوجوب الدفع والزامه بدفع البدلات المستحقة والتي ستستحق لغاية الاخلاء الفعلي مع الفائدة القانونية كما تطلب من جهة ثانية، اعتبار الاجارة منتهية لانصرام مهلة التسع سنوات في 2023/12/28 سنداً الى المادة /14/ من قانون الايجار الصادر في العام 2014.
وحيث من جهة اولى، فيما خص طلب الحكم بفسخ عقد الايجار والالزام باخلاء المأجور لعلة عدم دفع البدلات تسند الجهة المدعية مطلبها الى احكام الفقرة الاولى من المادة /34/ من قانون الايجار رقم 2017/2.
وحيث بمقتضى احكام الفقرة أ من المادة /34/ من قانون الايجار الجديد يسقط الحق بالتمديد اذا لم يدفع المستاجر ما استحق عليه من بدل الاجارة وذلك خلال شهرين من تبلغه بنفسه او بواسطة احد افراد عائلته الراشدين المقيمين معه انذارا موجها بموجب بطاقة مكشوفة مع اشعار بالاستلام.
وحيث يتبين للمحكمة بالعودة الى معطيات الملف والى المستندات المبرزة في الملف الراهن لاسيما افادة البلدية وما ورد في لوائح الفريقين المتنازعين ان المدعى عليه يشغل شقة سكنية كائنة في العقار رقم /2027/ الغازية بالاستناد الى علاقة تأجيرية خاضعة للتمديد القانوني.
وحيث يتبين ايضا ان الجهة المدعية انذرت بتاريخ 2021/7/5 بموجب بطاقة مكشوفة مع اشعار بالاستلام المدعى عليه بوجوب دفع بدلات الايجار المستحقة على المأجور والمترتبة بذمته منذ شهر ايلول 2019 حتى شهر حزيران 2021 والبالغ مجموعها ثلاثة ملايين ليرة لبنانية على اساس ان بدل الايجار الشهري يبلغ /150000/ مئة وخمسين الف ليرة لبنانية وان المدعى عليه تبلغ الانذار المذكور بتاريخ 2021/7/28 كما هو ثابت في اشعار التبليغ المرفق بالاستحضار.
وحيث ان المدعى عليه عرض واودع بتاريخ 2021/9/16 اي ضمن مهلة الشهرين القانونية للانذار لدى الكاتب العدل في صيدا مبلغ /1200000/ مليون ومئتي الف ليرة لبنانية يمثل البدلات من شهر ايلول 2019 ولغاية تاريخ العرض والايداع الفعلي محتسبة على اساس ان بدل الايجار الشهري يبلغ /50000/ خمسين الف ليرة لبنانية وليس /150000/ليرة لبنانية كما يطالب المدعي.
وحيث ازاء المنازعة المثارة فيما خص قيمة بدل الايجار الشهري المتوجب دفعه مقابل اشغال المأجور موضوع الدعوى كلفت المحكمة المدعي بموجب القرار الصادر بتاريخ 2024/2/28 ابراز صورة عن عقد ايجار الشقة السكنية المشغولة من المدعى عليه وابراز ما يثبت قيمة بدل الايجار والزيادة الرضائية الطارئة عليه كما كلفت المدعى عليه بابراز ايصالات دفع بدلات الايجار عن الفترة الممتدة من العام 2018 ولغاية شهر ايلول من العام 2019 وكلفته بابراز صورة عن عقد الايجار.
وحيث ان كل من المدعي والمدعى عليه صرح في لائحته المتضمنة انفاذا للقرار الاعدادي عدم حيازته على سند الايجار كما لم يبرز اي من الفريقين اية ايصالات تظهر قيمة بدل الايجار الشهري المعمول به قبل شهر ايلوي من العام 2019.
وحيث ان عبء الاثبات يقع على عاتق من يدعي الواقعة او العمل القانوني سندا الى احكام المادتين 131 و132 من قانون اصول المحاكمات المدنية كما ان المادة /445/ من القانون عينه اوجبت على المدعي تضمين الاستحضار وقائع الدعوى واسبابها والادلة المؤيدة لها ومطالب المدعي التي يجب ايرادها بصورة واضحة ومفصلة.
وحيث استقر الراي في الفقه والاجتهاد على وجوب رد طلب الاسقاط من حق التمديد القانوني لعدم دفع البدلات ضمن المهلة القانونية اذا كان يوجد خلاف جدي حول مبدأ او قيمة المستحق ولم يتأخر المستأجر عن دفع ما يعتبره مستحقا بذمته حسب اعتقاده وحساباته.
(توفيق فرج – عقد الايجار ص 794)
(استئناف جبل لبنان، الغرفة الخامسة المدنية، رقم 10 تاريخ 1992/2/18 ن.ق. 1992 عدد 2 ص 187
– تمييز الغرفة الثامنة المدنية رقم 119 تاريخ 1998/12/8، صادر في التمييز، القرارات المدنية 1998 ص 930
– تمييز الغرفة الخامسة رقم 101 تاريخ 2000/7/4 صادر في التمييز القرارات المدنية 2000 ص 665)
– القاضي بسام الحاج عقود الايجار العادية والممدة بين القانون والاجتهاد ص 304 رقم 168)
وحيث ترى المحكمة بالتالي على ضوء المنازعة في مقدار بدل الايجار الشهري العائدة للمأجور موضوع الدعوى وعلى ضوء تسديد المدعى عليه البدلات التي يعتقدها متوجبة ضمن المهلة القانونية ما يعطل مفعول الانذار، ويرد طلب اسقاط حق المدعى عليه في التمديد القانوني لعدم توافر شروط احكام المادة /34/ فقرة أ من قانون الايجار الجديد، وترد تبعا لما تقدم المطالبة بالبدلات لعدم الثبوت.
وحيث ومن نحو ثان، فيما خص المطالبة باعتبار التمديد القانوني لاجارة المدعى عليه قد انتهى بتاريخ 28/12/2023 وبالزامه باخلاء المأجور الكائن في العقار رقم /2027 / من منطقة الغازية العقارية فورا وذلك نتيجة تحرير المأجور يستند المدعي الى احكام قانون الايجار الصادر في العام 2014، ويدلي بانتهاء مهلة التسع سنوات اذ ان منطلق مهلة التمديد هو في العام 2014 وليس في العام 2017.
وحيث ان المدعى عليه يطلب رد مطالب الجهة المدعية باعتبار ان القانون رقم 2017/2 عدل عدد السنوات التمديدية واصبح هذا القانون واجب التطبيق وبالتالي يدلي باستفادته من التمديد القانوني لغاية انصرام مهلة التسع سنوات المنتهية في 2026/2/27.
وحيث انه بالنسبة الى مطالبة الجهة المدعية باعتبار التمديد القانوني لاجارة المدعى عليه قد انتهى بتاريخ 2024/12/28، يقتضي التنويه من ناحية اولى، بالنسبة لعقود الايجار الخاضعة للتمديد القانوني صدر قانون الايجار بتاريخ 2014/5/9 فقد نصت المادة 15 منه على انه تمدد لغاية تسع سنوات من تاريخ نفاذ هذا القانون عقود ايجار الاماكن السكنية على ان يدفع المستأجر قيمة بدل المثل وفق ما هو محدد في المادة القانونية المذكورة علما ان تاريخ نفاذ هذا القانون هو في 2014/12/26.
وحيث من ناحية ثانية، بعد صدور القانون عام 2014 عاد وصدر قانون سمي بقانون تعديلي للايجار وهو القانون النافذ حكماً رقم 2 تاريخ 2017/2/28 وقد نصت المادة 15 منه على انه تمدد لغاية تسع سنوات، والمستفيدين من تقديمات الصندوق لغاية 12 سنة من تاريخ نفاذ هذا القانون عقود ايجار الاماكن السكنية.
وحيث ان المسألة المتنازع عليها تتمحور حول تاريخ انطلاق مهلة التسع سنوات لغير المستفيدين من الصندوق والاثني عشرة سنة للمستفيديم منه، فهل تبدأ من تاريخ 2014/12/26 ام من تاريخ 2017/2/28 اي من تاريخ سريان القانون التعديلي.
وحيث ان مسألة بدء سريان مهلة التمديد لعقود الايجار القديمة كانت وما زالت موضع خلاف بين الآراء فذهب البعض للقول ببدايتها من تاريخ نفاذ القانون الاساسي عام 2014 والبعض الاخر اعتبر مهلة التسع سنوات تبدأ من تاريخ القانون التعديلي رقم 2017/2.
وحيث انه بالنسبة لبدء سريان مهلة التسع سنوات فإن المحكمة ترى حسب الصياغة الواضحة للقانون رقم 2017/2 ان مدة التسع سنوات والاثني عشرة سنة تبدأ منذ تاريخ نفاذ القانون الصادر عام 2017 اي منذ تاريخ نشره في الجريدة الرسمية في 2017/2/28 وليس في العام 2014 اذ لا اجتهاد في ظل النص الصريح وقد نصت المادة 15 من القانون رقم 2017/2 بوضوح على بدء سريان مهلة التسع سنوات والاثني عشرة سنة للمستفيدين منها من تاريخ نفاذ هذا القانون الاخير.
وحيث من غير المتنازع عليه ان المدعى عليه يشغل الشقة السكنية في العقار رقم /2027/ الغازية على سبيل الايجار الخاضع للتمديد القانوني فيكون تاريخ بدء السنوات التسع التمديدية للايجار هو اعتبار من تاريخ 2017/2/28 وتنتهي بالتالي في 2026/2/28.
وحيث بناء على ما تقدم وتأسيساً عليه، يرد بطلب اعتبار الاجارة منتهية في 2023/12/28 ويرد طلب الزام المدعى عليه باخلاء المأجور لعدم القانونية.
وحيث انه وبعد النتيجة التي توصلت اليها المحكمة لم يعد هناك من داع للبحث في كل ما ورد او اثير من اقوال وطلبات زائدة كانت ام مخالفة ويتعين ردها برمتها لعدم وجود ما يبرر اجابته واقعا او قانونا.
لذلك
يحكم:
اولاً: برد الدفع بانتفاء الصفة.
ثانياً: بقبول الدعوى شكلا وردها اساسا.
ثالثاً: برد الطلب الاضافي الرامي الى اعتبار الاجارة منتهية.
رابعاً: برد سائر الاسباب والمطالب الزائدة او المخالفة، بما فيها المطالبة بالعطل والضرر.
خامساً: بتضمين المدعي النفقات كافة.
حكماً صدر وافهم علناً في صيدا بتاريخ 2025/2/16.
“محكمة” – الخميس في 2025/2/27