خاص”محكمة”:”شورى الدولة” يبطل قرار وزارة الأشغال برفض تلزيم”الجنوب للإعمار” أشغال مرفأ عدلون/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
أكّد مجلس شورى الدولة أنّ الوزير هو المعني بالبتّ بأيّ صفقة تتجاوز قيمتها مبلغ 35 مليون ليرة لبنانية عملاً بقانون المحاسبة العمومية، وبالتالي فإنّ القرار رقم 2012/6 الصادر عن وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر في 16 أيّار 2015 والذي امتنع فيه عن الاعتراف لشركة “الجنوب للإعمار” بحقّها بالتزام أشغال مرفأ عدلون بعدما رست المناقصة عليها بشكل قانوني ورسمي، هو نافذ وضار، وهذا يعني أنّ أيّ قرار يمتنع عن تنفيذ الإلتزام المتفق عليه هو من القرارات المنفصلة عن العقد وأيّ مراجعة إبطال بشأنه تعتبر صحيحة.
وبحث مجلس شورى الدولة بهيئته الحاكمة المؤلّفة من القاضي طلال بيضون رئيساً والقاضيين سميح مداح وثريا الصلح مستشارين في قراره رقم 2018/29- 2019 مسألةً في غاية الأهمّية تتصل بسلطة التصديق على المناقصات وما إذا كان بمقدورها التراجع أو رفض التعاقد مع الملتزم الذي قدّم سعراً يقل عن السعر المتوقّع لتنفيذ مشروع الالتزام.
ووجد المجلس المذكور خلال بتّه في المراجعة رقم 2015/20400 المقدّمة من شركة “الجنوب للإعمار” بواسطة وكيلها القانوني المحامي علي عبّاس ضدّ الدولة اللبنانية، أنّ الدراسة الموضوعة من شركة “Liban Consult AGM” بشأن الكلفة التقديرية لتنفيذ سنسول مرفأ عدلون والبالغة 19 مليار ليرة تقريباً مضخّمة ومبالغ فيها كثيراً، فالشركات العارضة التي اشتركت في المناقصة الأولى قدّمت أسعاراً متفاوتة ولكنّها بقيت أقلّ من هذه الكلفة، كما أنّ شركة خوري للمقاولات ش.م.م. التي رست عليها المناقصة الثانية بعد إعادتها تهرّباً من تنفيذ الالتزام الذي رسى لمصلحة “الجنوب للإعمار”، قدّمت سعراً لم يصل إلى ثمانية مليارات ليرة، ممّا يعني أنّه في الحالتين وفي المناقصتين جاءت الأسعار أدنى بكثير من تقديرات شركة الدراسات المذكورة لأسباب واقعية منها سياسة الشركة العارضة واحتساب حصّتها من الربح وقدرتها على تأمين كلّ المستلزمات والمعدّات والأدوات واليد العاملة التي يحتاجها المشروع، فضلاً عن الأزمة الاقتصادية وقلّة المشاريع البحرية في لبنان.
وأكّد مجلس شورى الدولة أنّ السلطة الواسعة للإدارة في العقود الإدارية تخوّلها مراقبة التنفيذ وفرض عقوبات بحقّ الملتزم المتلكئ من أجل ضمان عملية التنفيذ الصحيحة، غير أنّ القانون لم يلحظ في أيّ من بنوده أنّ تقديم أسعار أقلّ من السعر التقديري هو سبب مباشر لرفض الالتزام، فيكون قرار وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر غير قانوني ومستوجباً الإبطال خصوصاً وأنّ المستدعي شركة “الجنوب للإعمار” قدّمت ما يثبت حسن تنفيذها لالتزامات مشابهة في مناقصات مختلفة في وقت سابق.
بسبب أهمّية قرار “الشورى” والتفسيرات القانونية الواردة فيه، والخلاصة التي انتهى إليها بإبطال قرار وزير الأشغال العامة والنقل، تتفرّد “محكمة” بنشره كاملاً:
قرار رقم:2018/89-2019
تاريخ: 2018/10/25
رقم المراجعة:2015/20400
المستدعية: شركة الجنوب للإعمار
المستدعى بوجهها: الدولة
الهيئة الحاكمة: الرئيس: طلال بيضون، المستشار: سميح مداح، المستشار: ثريا الصلح
مجلس شورى الدولة
“باسم الشعب اللبناني”
إنّ مجلس شورى الدولة،
بعد الإطلاع على ملفّ المراجعة وعلى تقرير المستشار المقرّر ومطالعة مفوّض الحكومة، وعلى ملاحظات المستدعية على التقرير والمطالعة، وبعد المذاكرة حسب الأصول،
بما أنّ المستدعية شركة الجنوب للإعمار تقدّمت بتاريخ2015/7/16 بواسطة وكيلها القانوني بمراجعة سجّلت تحت رقم 20400 تطلب فيها وقف تنفيذ وإبطال قرار وزير الأشغال العامة والنقل رقم 2012/6 تاريخ 2015/3/16 المتضمّن عدم الموافقة على تلزيم المستدعية لأشغال مرفأ عدلون وإعادة تلزيم هذه الأشغال وتضمين الدولة الرسوم والمصاريف كافة،
وبما أنّ المستدعية تعرض ما يلي:
1- أنّه قد صدر عن وزارة الأشغال العامة والنقل- المديرية العامة للنقل البحري والبرّي ملفّ لتلزيم أشغال مرفأ عدلون (السنسول الرئيسي) وفقاً لدفتر شروط ومواصفات ومراحل الأعمال.
2- أنّ المستدعية قد تقدّمت بملفّ كامل بهذا الخصوص تضمّن كافة الشروط والمواصفات المطلوبة، إضافة إلى جدول أسعار أقلّ من المحدّد من الوزارة ومماثل لما هو متعارف عليه في أعمال مماثلة، وعلى أساس ذات الأعمال سواء من ناحية الكمّية أو المواصفات الفنّية أو فترة التنفيذ ومراحلها.
وقد أرفقت الشركة في ملفّها إفادة صادرة عن وزارة الأشغال والنقل تثبت بموجبها قيام المستدعية بأعمال مماثلة وأكثر ضخامة منذ العام 1994 بنجاح.
3- أنّه بنتيجة الاجراءات الجارية في إدارة المناقصات في التفتيش المركزي رست المناقصة بتاريخ 2014/12/23 على المستدعية التي باشرت بناءً لطلب القيّمين على الوزارة بالتحضير للأعمال المطلوبة والتجهيز لها على مختلف الأصعدة من معدّات وكادرات هندسية وفنّية وبذل الجهود اللازمة للتعاقد مع موردين ومصنّعين وتجّار، بانتظار تسليمها المشروع على أرض الواقع.
4- أنّه بعد انقضاء ما يقارب السنتين على اختيار المستدعية فوجئت مؤخّراً بالقرار المطلوب إبطاله الذي تضمّن عدم الموافقة على التلزيم الحاصل وتقرير إعادة التلزيم دون أيّ تعليل منطقي وإنّما لكون الشركة قد قدّمت كلفة تقديرية للمشروع بنسبة 35% متدنّية عن الكلفة التقديرية .
وبما أنّ المستدعية تدلي بما يلي:
1- أنّه يقتضي قبول المراجعة في الشكل لأنّها مقدّمة خلال المهلة القانونية اذ إنّ القرار قد أبلغ من المستدعية بتاريخ 2015/6/22.
2- أنّه يقتضي قبول المراجعة في الأساس وإبطال القرار المطعون فيه لأنّه من الثابت أنّ التلزيم قد رسا أصولاً منذ 2014/12/23 على الشركة المستدعية التي قامت بالتحضيرات اللازمة وتكبّدت الأموال والجهود اللازمة على مختلف الأصعدة وقد أنشأ لها حقوقاً مكتسبة لا يجوز المساس فيها بعد سنتين لأسباب غير مبنية على أساس قانوني مبرّر أو حجج، ضارباً عرض الحائط بنتيجة مناقصة التلزيم التي رست على الشركة المستدعية صاحبة الملفّ الكامل لتنفيذ التلزيم أصولاً بأسعار أقلّ من التقرير المحدّد من الإدارة، وبالتالي تكون الإدارة قد خرجت عن المبادىء والأسس والقيم المحدّدة لإدارة المناقصات وتلزيمات الأشغال العامة المحدّدة قانوناً. كما أنّه لا يجوز التذرّع بالسلطة الاستنسابية للإدارة لتبرير إصدار القرار المطلوب إبطاله، إذ إنّ هذه السلطة ليست كيفية. وأخيراً أنّه ثابت إساءة استعمال الإدارة لسلطتها الذي يخفي غايات واعتبارات لا تتعلّق بالمصلحة العامة.
3- أنّه يقتضي وقف تنفيذ القرار المطعون فيه لاستناد المراجعة على أسباب جدّية ولتجنّب الضرر البليغ الذي قد يلحق بالجهة المستدعية.
وبما أنّه بتاريخ 2015/8/17 قدّمت الدولة لائحة جوابية طلبت فيها ردّ مطالب وإدلاءات الجهة المستدعية، مدلية بما يلي:
1- إنتفاء صفة المستدعية ومصلحتها إذ إنّه وبحسب المادة 133 من قانون المحاسبة العمومية والمادة 12 من أحكام دفتر الشروط الخاص بالصفقة يمكن للإدارة عدم السير بالصفقة أو على الأقلّ عدم اعتبار الجهة المستدعية ملتزماً نهائياً إلاّ بعد إبلاغها إدارياً تصديق الصفقة من آخر مرجع مختص وإعطاء الأمر بمباشرة العمل، وأنّ الصفة لا تتحقّق إلاّ إذا ثبت أنّ القرار المطعون فيه قد غيّر في الأوضاع القانونية للمستدعية وأضرّ بها، الأمر غير المحقّق في الحالة الحاضرة.
2- أنّه يقتضي ردّ المراجعة في الشكل بسبب انقضاء المهلة إذ إنّ كتاب المدير العام للنقل البرّي والبحري بإبلاغ الجهة المستدعية القرار المطعون فيه قد صدر تحت الرقم 2012/6 تاريخ 2015/3/27 ويعتبر أنّه وصل إلى الجهة المستدعية وأبلغ منها بالتاريخ المذكور إلاّ إذا أثبتت المستدعية عكس ذلك، الأمر الذي لم يحصل في المراجعة الراهنة.
3- أنّه يقتضي ردّ ما أدلت به المستدعية في الأساس، لأنّه يتبيّن من دفتر الشروط الاداري الخاص بالصفقة والمادة 133 من قانون المحاسبة العمومية أنّه لا يمكن القول بالحقوق المكتسبة للجهة المستدعية لمجرّد اعتبارها ملتزماً مؤقّتاً لأنّها تقدّمت بأدنى الأسعار. كما أنّ قرار وزير الأشغال العامة والنقل قد استند على دراسة الإدارة ومعطياتها بشأن المشروع وأصدر قراره على ضوء تقديرات الإدارة. كما أنّ إدلاء المستدعية بالمآرب الخاصة توجب الردّ، لأنّه خال من الإثبات خاصة أنّ المشروع لم يتمّ تلزيمه إلى أيّ جهة أخرى.
4- أنّه يقتضي ردّ طلب وقف التنفيذ لعدم تحقّق شروط المادة 77 من نظام مجلس شورى الدولة.
وبما أنّه بتاريخ 2015/9/7 قدّمت الدولة لائحة أبرزت فيها مطالعة الإدارة المختصة تحت رقم 1265/ ص تاريخ 2015/8/31 والتي أدلت فيها بما يلي:
1- أنّه يقتضي ردّ المراجعة شكلاً، لأنّ قرار الوزير هو مجرّد اقتراح، كما أنّه ليس قراراً نافذاً وضاراً بالمستدعية.
2- واستطراداً يقتضي ردّ المراجعة في الأساس، لعدم صحّتها ولعدم قانونيتها إذ إنّ المتعهّد لا يمكنه المباشرة بتحضير الأعمال المطلوبة أو التجهيز أو التعاقد بناءً على إرساء التلزيم مؤقّتاً عليه بموجب محضر جلسة إدارة المناقصات بتاريخ 2014/12/23 ، أيّ قبل إتمام تصديق ملفّ التلزيم وإعطاء أمر المباشرة بالعمل وأنّ المدّة التي انقضت بين إرساء الالتزام مؤقّتاً على الشركة وإعلامها بعدم الموافقة هي حوالي شهرين ونصف وليست سنتين، وبحسب المادة /12/ من دفتر الشروط الخاص بالصفقة لا يحقّ للملتزم المطالبة بأيّ تعويض وعطل أو ضرر من جرّاء عدم التصديق. أضف إلى ذلك أنّ الوزارة لم تستخدم سلطتها الاستنسابية بصورة كيفية لأنّ قرارها مستند إلى إحالة المكتب الاستشاري عدد 2015/1540.
وبما أنّ المستشار المقرّر وضع تقريره بتاريخ 2015/10/13 ، كما أبدى مفوّض الحكومة مطالعته بتاريخ 2015/10/15.
وبما أنّه بتاريخ 2015/10/15 صدر القرار الاعدادي رقم 2015/12 -2016 الذي قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه رقم 2012/6 تاريخ 2015/3/16.
وبما أنّه بتاريخ 2015/12/16 قدّمت الدولة لائحة أبرزت فيها مطالعة وزارة الأشغال العامة والنقل رقم 8536 تاريخ 2015/11/26 والتي طلبت فيها الرجوع عن القرار الاعدادي الآنف الذكر لعدم توافر شرط الضرر البليغ لكون المستدعي لا يعدو كونه ملتزماً مؤقّتاً للمشروع وفقاً لمحضر جلسة إدارة المناقصات المؤرّخ في 2014/12/23 الى أن يتمّ التصديق عليه من قبل الوزير ويعطى أمر مباشرة بالعمل.
وبما أنّه بتاريخ 2016/3/15 قدّم المستدعي لائحة جوابية كرّر فيها مطاليبه وإداءاته مضيفاً ما يلي:
1- أنّه تقدّم بمراجعة إبطال سجّلت برقم 2015/20650 تاريخ 2010/11/2 طعناً بقراري وزير الأشغال رقم 1/561 تاريخ 2015/6/25 المتضمّن تسمية المتعهّدين المدعوين للمشاركة في ملفّ تلزيم أشغال مرفأ عدلون (المرحلة الأولى) وقرار الرفض الضمني موضوع مذكّرة ربط النزاع المسجّلة في وزارة الأشغال العامة والنقل برقم 5723 تاريخ 2015/7/21 المتضمّنة دعوة وزير الأشغال العامة والنقل عدم القيام بأيّ إجراء أو اتخاذ أيّ قرار بصدد مناقصة مرفأ عدلون. وقد صدر بمعرض المراجعة المذكورة القرار رقم 2015/99 الذي قضى بوقف تنفيذ القرارين المطلوب إبطالهما. كما تقدّم بإخبار إلى جانب النيابة العامة المالية بسبب هدر المال العام سجّلت برقم 2015/6091 تاريخ 2015/11/3 – ولأنّ الوزير أصرّ على تنفيذ قراراته برغم قراري وقف التنفيذ وجّه المستدعي إنذارين إلى المتعهّد والاستشاري. كما تقدّم باستدعاء جديد إلى الوزير سجّل برقم 441 تاريخ 2016/1/21 طلب بموجبه وقف المخالفات الحاصلة وتوقيع عقد تلزيم مرفأ عدلون مع الشركة المستدعية، إلاّ أنّه لم يرد جواب حتّى تاريخه.
وبما أنّ المستشار المقرّر وضع تقريره بتاريخ 2016/11/21، كما أبدى مفوّض الحكومة مطالعته بتاريخ 2017/2/28 ونشرت الدعوة للإطلاع عليهما بموجب البيان رقم 423 المدرج في عدد الجريدة الرسمية تاريخ 2017/4/6 . وبما أنه بتاريخ 2017/4/12 قدّمت المستدعية لائحة ملاحظات على التقرير أيّدت فيها ما ورد في مضمونه. وبما أنّه بتاريخ 2017/9/7 قدّمت الدولة لائحة بإبراز مطالعة الإدارة تضمّنت تعليقاً على التقرير والمطالعة عرضت على رئيس الغرفة بتاريخ 2017/2/2 فقرّر ضمّها إلى الملفّ على أن تنظر الهيئة بمصيرها.
بناءً عليه ما تقدّم
أوّلاً: في لائحة الدولة تاريخ 2017/9/7
بما أنّ اللائحة المشار إليها أعلاه تضمّنت تعليقاً على التقرير والمطالعة وردت خارج المهلة المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من نظام مجلس شورى الدولة وقد جاءت في مضمونها تكراراً لأقوالها السابقة ممّا يقتضي ضمّها إلى الملفّ.
ثانياً: في قابلية القرار المطعون فيه للطعن بمراجعة إبطال لتجاوز حدّ السلطة
بما أنّ الدولة تطلب ردّ المراجعة باعتبار أنّ قرار وزير الأشغال العامة والنقل هو مجرّد اقتراح.
وبما أنّ المادة 133 من قانون المحاسبة العمومية تعتبر أنّ الوزير هو الجهة المختصة للبتّ بالصفقة متى تجاوزت قيمتها 35 مليون ليرة لبنانية.
وبما أنّه والحال على ما تقدّم، فإنّ قرار وزير الأشغال العامة والنقل رقم 2012/6 تاريخ 16/3/2015 هو ليس مجرّد اقتراح، وإنّما القرار النافذ والضار.
وبما أنّ القرار الذي يرفض التعاقد مع الملتزم الذي رسى عليه الالتزام مؤقّتاً يعتبر من القرارات المنفصلة عن العقد فتكون مراجعة الإبطال المقدّمة بشأنه صحيحة. وبما أنّه يقتضي ردّ الدفع المدلى به لعدم صحّته.
ثالثاً: في صفة الجهة المستدعية ومصلحتها للطعن
بما أنّ المستدعى بوجهها، الدولة، تدلي بعدم توافر صفة ومصلحة الجهة المستدعية لأنّه بحسب المادتين 133 من قانون المحاسبة العمومية و 12 من أحكام دفتر الشروط الخاص بالصفقة لا يعتبر الملتزم ملتزماً نهائياً وبالتالي لا صفة قانونية له، لأنّ القرار المطعون فيه لم يغيّر في الوضعية القانونية للجهة المستدعية.
وبما أنّ الجهة المستدعية تطعن بالقرار الصادر عن وزير الأشغال العامة والنقل رقم 2012/6 بتاريخ 2015/3/16 والذي أبدى فيه عدم الموافقة على خلاصة التلزيم للجهة المستدعية والمباشرة بإعادة التلزيم.
وبما أنّ المناقصة في ملفّ تلزيم أشغال مرفأ عدلون كانت قد رست في 2014/12/23 على الجهة المستدعية فيكون قرار وزير الأشغال العامة والنقل الذي أبدى فيه عدم الموافقة على خلاصة هذا التلزيم قد ألحق ضرراً بالجهة المستدعية وقد أولاها الصفة والمصلحة اللازمتين للطعن فيه بموجب المراجعة الراهنة. وبما أنّه يقتضي ردّ هذا الدفع لعدم صحّته.
رابعاً: في مهلة المراجعة
بما أنّ المستدعى بوجهها تطلب ردّ المراجعة لانقضاء المهلة القانونية باعتبار أنّ الجهة المستدعية قد تبلّغت القرار رقم 2012/6 في 2015/3/27 إلاّ إذا أثبتت الجهة المستدعية عكس ذلك، الأمر الذي لم يحصل.
وبما أنّه وبحسب المادة 69 من نظام مجلس شورى الدولة تبدأ المهلة بالسريان من تاريخ تبليغ أو تنفيذ القرار الفردي.
وبما أنّ الدولة لم تبرز ما يثبت تبلّغ الجهة المستدعية للقرار رقم 2012/6 الصادر في 27 آذار 2015 عن المدير العام للنقل البرّي والبحري والمتضمّن دعوة لاستلام المستند المتعلّق بالتأمين المؤقّت المقدّم من قبل المستدعية في ملفّ الالتزام، فتكون المراجعة المقدّمة في 2015/7/16 قد وردت خلال المهلة القانونية. وبما أنّه يقتضي ردّ هذا الدفع لعدم صحّته.
خامساً: في الأساس
بما أنّ الجهة المستدعية تطلب إبطال القرار 2012/6 الصادر 2015/3/16 عن وزير الأشغال العامة والنقل والمتضمّن عدم الموافقة على تلزيم المستدعية لأشغال مرفأ عدلون والمباشرة بإعادة تلزيم هذه الأشغال.
وبما أنّ الجهة المستدعية تدلي بأنّ الالتزام قد رسا أصولاً عليها بتاريخ 2014/12/23 وأنّها قد قدّمت أسعاراً أقلّ من التقدير المحدّد من الادارة بالمواصفات والفترة الزمنية ذاتها.
وبما أنّ المستدعى بوجهها تدلي بأنّ قرارها يستند على دراسة Liban consult AGM والتي اعتبرت فيه أنّ الأسعار التي تقدّمت بها الجهة المستدعية هي أسعار متدنية فعلاً وبأقلّ من 35 % من الكلفة التقديرية للمشروع.
وبما أنّه ولئن كان يعود للمرجع المختص بعقد نفقة أن يتخذ الموقف السلبي من التصديق على نتيجة مناقصة ما أسندت مؤقّتاً إلى عارض معيّن تبعاً لكون هذا الإسناد المؤقّت لا ينشىء حقّاً مكتسباً لمن أسند إليه بتصديق الصفقة وبإعطائه أمر المباشرة بالعمل، إلاّ أنّه وعندما يمارس المرجع المشار إليه حقّه في التقدير وفي التقرير، ويتخذ القرار السلبي ممتنعاً عن التصديق، وتتبيّن أسباب هذا الامتناع، فإنّ هذا المجلس مختص للنظر في قانونية هذا القرار على ضوء الأسباب التي أنبنى عليها.
وبما أنّ المسألة القانونية في المراجعة الراهنة تتمحور حول معرفة ما إذا كان بوسع سلطة التصديق على المناقصات الامتناع عن التعاقد مع الملتزم الذي قدّم أسعاراً أدنى من الأسعار التقديرية المتوقّعة للمشروع.
وبما أنّه يتبيّن من الدراسة الموضوعة من قبل Liban consult AGM أنّ الكلفة التقديرية لإشغال إنشاء كامل السنسول الرئيسي لزوم مرفأ عدلون هي حوالي 19 مليار ليرة لبنانية. غير أنّ أسعار الشركات العارضة كلّها التي اشتركت في المناقصة الأولى جاءت أقلّ من الكلفة التقديرية للمشروع.
وبما أنّه يتبيّن من المناقصة الثانية التي جرت أنّها قد رست على شركة خوري للمقاولات ش.م.م. على أساس السعر المقدّم منه والبالغ 7.992.886.000 ليرة لبنانية.
وبما أنّه والحال على ما تقدّم، يبدو أنّ الكلفة التقديرية للمشروع مبالغ فيها إذ إنّه في المناقصتين المنفذّتين جاءت أسعار العارضين أدنى منها.
وبما أنّ تدنّي أسعار العارضين بالنسبة للكلفة التقديرية إنّما مردّه بحسب الدراسة المشار إليها آنفاً توفّر مصادر للموارد الصخرية وقربها من موقع تنفيذ المرفأ بين آخر وآخر من جهة، كما تعود لسياسة الشركة العارضة من جهة أخرى من حيث احتساب كمّية الربح وتأمين العمل لمعدّات الشركة ويدها العاملة وجهازها الفنّي خاصة بسبب الأزمة الاقتصادية الحاصلة مالياً وقلّة المشاريع البحرية في لبنان.
وبما أنّه وطالما أنّ تدنّي أسعار العرض بالنسبة للكلفة الاجمالية للمشروع له أسباب واقعية تبرّره، وطالما أنّ الادارة في العقود الادارية تمتلك سلطات واسعة تمكّنها من مراقبة التنفيذ وفرض عقوبات بحقّ الملتزم المتلكىء تأميناً لحسن التنفيذ، وطالما أنّ القانون لم يعتبر التقدّم بأسعار أدنى من السعر التقديري سبباً لرفض الالتزام، وطالما أنّ المستدعي قد قدّم ما يثبت حسن تنفيذه لالتزامات مماثلة للإلتزام الراهن في مناقصات أخرى، فإنّ قرار وزير الأشغال العامة والنقل المطعون فيه يكون بناءً على كلّ ذلك غير قانوني ومستوجب الإبطال.
وبما أنّه لم يعد من حاجة لبحث سائر ما أدلي به لعدم الفائدة.
لذلــك يقرّر بالإجماع:
1- ضمّ اللائحة تاريخ 2017/9/7 إلى الملفّ.
2- قبول المراجعة في الشكل.
3- قبولها في الأساس وإبطال قرار وزير الأشغال العام والنقل المطعون فيه.
4- تضمين الدولة الرسوم والمصاريف والنفقات.
قراراً أصدر وأفهم علناً بتاريخ الخامس والعشرين من تشرين الأوّل 2018.
“محكمة” – الأحد في 2018/11/25