خاص”محكمة”:هكذا خطّط “أبو معاذ” الداعشي لاستهداف الجيش بعد انفجار مرفأ بيروت/علي الموسوي
كتب علي الموسوي:
لم يكن ينقص العسكريين والعناصر في الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي المولجين بإجراءات الحماية وإعادة الطمأنينة إلى سكّان المناطق المنكوبة في محيط مرفأ بيروت نتيجة الانفجار المزلزل في 4 آب 2020، سوى استهداف أمني إضافي من تنظيم “داعش” الإرهابي، غير أنّ العناية الإلهية قادت القوى الأمنية المعنية وتحديداً “شعبة المعلومات” في قوى الأمن الداخلي إلى إلقاء القبض على المُخطِّط والساعي إلى التنفيذ قبل القيام بعمله الإجرامي وقبل شرائه القنابل اللازمة، مجنّبة المنطقة إراقة المزيد من الدماء.
وما هذا “الداعشي” سوى السوري حمزة صالح عكلة الملقّب بـ” أبي معاذ” الذي عمل ظاهرياً في رفع مخلّفات انفجار المرفأ من محلّة الجمّيزة، وفكّر باطنياً إنطلاقاً من تشرّبه أفكار التنظيم الإرهابي، في قتل عسكريين من الجيش اللبناني كان يصادفهم يومياً في طريقه، وذلك من خلال رمي قنابل عليهم، بعدما نال “فتوى شرعية” من العراقي “إبن الحدباء” عبر حساب افتراضي على موقع”تلغرام” تجيز له استهدافهم وقتلهم بداعي أنّ” جميع الجيوش العربية كافرة وأنّه يتعيّن على كلّ متمكّن قتالهم” شرط ألاّ يكون بين الموجودين عند إطلاق صافرة التنفيذ أناس مدنيون.
وسعى والد “أبي معاذ” إلى إبعاده عن”داعش” بعدما خضع لدورة “شرعية” في منطقة الرقّة خوفاً عليه من الإنجرار إلى أعمال لا تحمد عقباها وحفاظاً على سلامته، فأبعده إلى لبنان، لكنّ حمزة المأخوذ بما رأه من “داعش” في بلاده وخضوعه لدورة تثقيفية، لم يتمكّن من إبقاء نفسه بعيداً، على الرغم من أنّه صار في لبنان وبمنأى عن هذا الفكر التكفيري، فانضمّ إلى مجموعات حيّة موجودة في العالم الإفتراضي وقيّد نفسه بها حتّى صار مسلوب الإرادة مستعداً “للجهاد” على طريقته وطريقتهم، ولمّا كان تحقيق هذه الغاية صعباً في سوريا لعدم قدرته على العودة إلى دياره، إرتأى أن يقوم بذلك في لبنان، فكان المخطّط الإرهابي الذي شرحته بتفاصيله الكاملة، قاضي التحقيق العسكري نجاة أبو شقرا في قرار إتهامي أصدرته اليوم، وتنشره”محكمة” حرفياً كونه يلقي الضوء على أنّ لبنان لا يزال ضمن نطاق استهداف هذا التنظيم حتّى ولو تراجع حضور “داعش” في سوريا والمنطقة.
وهنا القرار الإتهامي برمّته:
نحن، نجاة أبو شقرا، قاضي التحقيق لدى المحكمة العسكرية،
لدى التدقيق،
وبعد الإطلاع على ورقة الطلب رقم 2020/10973 تاريخ 2020/8/21 ومرفقاتها،
وعلى مطالعة حضرة مفوّض الحكومة المعاون تاريخ 2020/8/26
وعلى الأوراق كافة،
تبيّن أنّه أسند إلى المدعى عليه:
١ـ حمزة صالح عكلة، والدته فطيم، مواليد ٢٠٠٠، سوري، (أوقف وجاهياً بتاريخ 2020/8/26 ولا يزال موقوفاً)،
٢- كلّ من يظهره التحقيق،
بأنّه، في الأراضي اللبنانية، بتاريخ لم يمرّ عليه الزمن، أقدم على الانتماء إلي تنظيم داعش الإرهابي وعلى التخطيط للقيام بعمل إرهابي ضدّ الجيش اللبناني ولم يتمكّن من ذلك لسبب خارج عن إرادته (توقيفه)،
الجرم المنصوص عنه في المواد /٣٣٥/ و٥٤٩/٢٠١ عقوبات و٥/ و/٦/ من قانون 1958/1/11،
وأنّه بنتيجة التحقيق تبيّن ما يلي،
أوّلاً: في الوقائع:
أنّه بنتيجة متابعة “شعبة المعلومات” للناشطين في نشر فكر “داعش” على وسائل التواصل الإجتماعي، اشتبهت بشخص يوجد في لبنان يستخدم لقب “أبو معاذ”،
وأنّه بناءً لإشارة النيابة العامة التمييزية، تمّت متابعة هذا الشخص للعمل على تحديد هويّته وتوقيفه، فتبيّن أنّه المدعى عليه حمزة صالح عكلة والذي تمّ رصده في مدينة جونيه وهو يعمل هناك في ورشة بناء وتوقيفه، ولم يعثر معه على هاتف خلوي،
وأنّه لدى التحقيق الأولي معه أدلى: أنّه دخل لبنان خلسة في أواخر العام ٢٠١٦ من جهة المصنع، وأنّه أقام في مناطق عدّة، وعمل في مهن عديدة، وأنّه يبقي هاتفه في المنزل لأنّه يحتوي على إصدارات ومواد إعلامية وفيديوهات لتنظيم “داعش”، وأنّه تأثّر بفكر داعش منذ أن سيطر هذا التنظيم على محافظة الرقّة، وتحديداً على بلدته معدان، وأنّه خضع في العام ٢٠١٦ لدورة شرعية مع “داعش” لمدّة أربعين يوماً، وأنّه أراد التجنّد مع مقاتلي “داعش” لكنّ والده لم يسمح له بذلك وعمل على تهريبه إلى لبنان، وأنّه بعد مرور سنة على دخوله لبنان إشترى هاتفاً خلوياً واستخدم عليه تطبيق “فايسبوك” وبات لديه العديد من الأصدقاء الإفتراضيين ممن يحملون فكر “داعش”، كما استخدم أيضاً تطبيق “تلغرام” بناءً على نصيحة أحد روّاد “فايسبوك” كون “تلغرام” أكثر أماناً وفيه مجموعات كثيرة تعنى بنشر فكر “داعش” وإصداراته وأخباره، وأنّه اشترك بمجموعات إفتراضية على هذين التطبيقين لهذه الغاية، ولا يزال، وأنّه رغب دوماً بالعودة إلى سوريا للإلتحاق بـ”داعش” لكنّه لم يتمكّن من ذلك لأنّ الطريق غير آمن، وأنّه يحمل لقب “أبو معاذ”، وأنّه بايع تنظيم “داعش” خلال متابعته للدورة الشرعية، وأنّه خلال تواصله مع منتمين لـ”داعش” عبر وسائل التواصل الإجتماعي عرض عليه بعضهم القيام بعمل أمني في لبنان في ضوء عدم قدرته على العودة إلى سوريا والقيام بواجبه الشرعي والجهادي هناك، وفي هذا الإطار تواصل معه قبل أيّام المدعو “ابن الحدباء” فسأله هو عن شرعية قتال الجيش اللبناني، وأنّ “ابن الحدباء” ردّ عليه بأنّ جميع الجيوش العربية كافرة وأنّه يتعيّن على كلّ متمكّن قتالهم، وهو ردّ أنه يعمل حالياً في منطقة الجميزة في تنظيف مخلّفات انفجار مرفأ بيروت حيث يوجد راهناً الكثير من الجنود اللبنانيين وأنّه سيسعى لشراء قنابل وإلقائها عليهم ثمّ يستشهد في سبيل الله، وأنّ “ابن الحدباء” أكّد على شرعية استهداف الجيش اللبناني لكن بشرط عدم وجود مدنيين، وأنّه هو من اقترح على “ابن الحدباء” إستخدام القنابل لاستهداف عناصر الجيش في الجمّيزة، وأنّ “ابن الحدباء” لم يرشده إلى جهة يمكنه شراء القنابل منها لأنّ “ابن الحدباء” موجود في العراق، وأنّه لم يشترِ القنابل إطلاقاً ولم يسعَ لذلك، وأنّه لا يملك أيّة خبرة عسكرية، فهو خضع فقط لدورة شرعية مع “داعش”، وأنّه أطلع فتاة سورية تدعى هاجر تعرّف عليها من خلال وسائل التواصل الإجتماعي وعلم منها أنّها مقيمة في دير الزور وتحمل فكر “داعش”، أطلعها على محادثاته مع “ابن الحدباء” لكنّ هاجر لم تعلّق على هذه المحادثات، وأنّ من بين الأشخاص الذين يتواصل معهم عبر وسائل التواصل الإجتماعي ويحملون فكر “داعش” وحده “ابن الحدباء” هو الذي تحدّث معه في أمر استهداف الجيش اللبناني، وأنّ لديه ثلاثة حسابات على “تلغرام” باسم: أبو عائشة الشامي، وحمزة، وأبو خطاب، وأنّ من بين المجموعات الإفتراضية التي يشترك بها على “تلغرام” مجموعة “القابضون على الجمر” وهو أرسل عبر هذه المجموعة سؤالاً يتعلّق بمدى شرعية قتل عناصر من الجيش اللبناني، وأنّ “ابن الحدباء” هو من ردّ عليه أوّلاً وأعطاه الفتوى التي تبيح هذا القتل، وأنّ هذا الأمر حصل قبل حوالي الأسبوع، وأنّه لا يعرف أشخاصاً في لبنان يبيعون الأسلحة الحربية والقنابل لكنّه يعرف أنّ المخيّمات الفلسطينية مليئة بشتّى أنواع الأسلحة الحربية،
شتم العزّة الإلهية
وأنّه سأل أيضاً عن جواز قتل شخص يشتم العزّة الإلهية كون لديه جار يدعى أبو عبد الله وهو دائم الشتم بالعزّة الإلهية، وأنّ أحد أعضاء المجموعات الإفتراضية المشترك فيها أفتى له بحلال قتل أيّ شخص يشتم الله ورسوله، وأنّه لم يحاول قتل أبو عبد الله، وأنّه يسعى دوماً من خلال تواصله عبر وسائل التواصل الإجتماعي من إقناع الآخرين بفكر “داعش” لكنّه لم يفلح حتّى الآن، وأنّه لم يطلع على منشورات “داعش” والتي تتعلّق بصناعة المتفجّرات، كما أنّه لم يزوّد أيّ شخص بالروابط العائدة لهذه المنشورات على شبكة الإنترنت، وأنّه تمّ إحضار هاتف المدعى عليه حمزة عكلة من مكان إقامته، ولدى الكشف عليه تبيّن أنّه يتضمّن العديد من المواد الإعلامية الداعشية من فيديوهات وإصدارات وأخبار وخلافه، وأنّ المدعى عليه حمزة عكلة يشترك بالعديد من القنوات والمجموعات التي تعنى بهذا الموضوع، وأنّه تواصل مع العديد من الأشخاص وتبادل معهم هذه الإصدارات والفيديوهات،
وأنّه لدى التحقيق الاستنطاقي مع المدعى عليه حمزة عكلة أنكر انتماءه لتنظيم “داعش”، وأدلى أنّ التخطيط لقتل عناصر من الجيش كان مجرّد كلام، وأنّه تناول هذا الكلام مع شخص عراقي يعرفه باسم “ابن الحدباء”، وهو تواصل معه عبر “تلغرام”، وهو كان سأل “ابن الحدباء” إن كان يجوز قتل عناصر من الجيش اللبناني وباقي الأجهزة الأمنية، وأنّ “ابن الحدباء” ردّ عليه بأنّ ذلك حلال لأنّ هؤلاء العناصر مرتدون، كما أطلعه “ابن الحدباء” على حديث لأبي بكر الصدّيق يحلّل هذا القتل، وأنّه دخل لبنان خلسة في شهر 2016/10 حسبما يذكر، وأنّه لم ينتمِ لأيّ فصيل مسلّح خلال وجوده في سوريا، وأنّه خلال سكنه في الرقّة في سوريا كان تابع دورة شرعية مع “داعش”، وأنّه بايع تنظيم “داعش” خلال هذه الدورة وهذا أمر إلزامي لأنّ الدورة تتضمّن درساً حول المبايعة، وأنّه يستخدم إضافة إلى “تلغرام”، “فايسبوك” و”واتسآب”، لكنّه توقّف عن استخدام “فايسبوك” بسبب حذف هذا الموقع لكلّ ما ينشره هو من إصدارات “داعش”، وأنّ “ابن الحدباء” نصحه خلال حديثهما باستخدام القنابل لاستهداف عناصر الجيش وقوى الأمن كما نصحه أيضاً بوجوب الحذر من استهداف المدنيين، وأنّه تداول مع “ابن الحدباء” بأماكن وجود ثكنات الجيش والقوى الأمنية وحواجزهم وأماكن انتشارهم، كما أخبر “ابن الحدباء” أنّ الجيش والقوى الأمنية منتشرة بكثافة في منطقة الجميزة، فنصحه “ابن الحدباء” مجدّداً بوجوب تحييد المدنيين، وأنّه لم يسعَ لشراء أيّ سلاح، حربي أو صيد، ولا لشراء قنابل، وأنّه لو قُدِّر له حيازة قنبلة والتوجّه بها نحو تجمّع لعناصر الجيش والقوى الأمنية فإنّ قتلهم يتوقّف على مدى قدرته على تنفيذ هذا الأمر أيّ مدى تمتّعه بالشجاعة الكافية كما أنّه من الممكن أن يتعرّض للقتل على يدهم قبل أن يتمكّن من قتلهم،
ثانياً: في الأدلّة:
تأيّدت هذه الوقائع:
– بالإدعاء والتحقيقات الأوّلية والاستنطاقية،
– بأقوال المدعى عليه،
– بمجمل الأوراق،
ثالثاً: في القانون:
حيث يتبيّن من الوقائع المساقة أعلاه وبالأدلّة المؤيّدة لها، أنّ المدعى عليه حمزة صالح عكلة بايع تنظيم “داعش” منذ العام ٢٠١٦، ولا يزال منتمياً له بدليل متابعته لأخباره وإصداراته عبر وسائل التواصل الإجتماعي، ومحاولته إقناع من يتواصل معهم عبر هده الوسائل بفكر هذا التنظيم، واشتراكه بمجموعات إفتراضية تضمّ المنتمين والمؤيّدين لهذا التنظيم،
وحيث إنّ المدعى عليه في إطار انتمائه لهذا التنظيم الإرهابي فكّر وخطّط مع عراقي يدعى “ابن الحدباء” غير مقيم في لبنان، على استهداف عناصر الجيش والقوى الأمنية، خاصة تلك المنتشرة في منطقة الجمّيزة عقب انفجار مرفأ بيروت، بواسطة القنابل، بعد أن حلّل له هذا الأخير قتلهم بداعي كفرهم وردّتهم،
وحيث يقتضي اتهامه بموجب المواد /٣٣٥/ و 549/201 عقوبات و/٥/ و/٦/ من قانون 1958/1/11
لذلك
نقرّر وفقاً للمطالعة:
أوّلاً:إتهام المدعى عليه حمزة صالح عكلة بموجب المواد /٣٣٥/ و٥٤٩/٢٠١ عقوبات و/٥/ و/٦/ من قانون 1958/1/11، وإصدار مذكّرة إلقاء قبض بحقّه.
ثانياً: إيجاب محاكمته أمام المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت وتكبيده النفقات القانونية كافة.
ثالثاً: إحالة الأوراق جانب النيابة العامة العسكرية لإيداعها المرجع الصالح.
قراراً صدر في بيروت بتاريخ 2020/8/31
“محكمة” – الإثنين في 2020/8/31
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يمنع منعاً باتاً نسخ أكثر من 20% من مضمون الخبر، مع وجوب ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.