خاص”محكمة”: رسالةٌ إلى السادة العاكفين والمعتكفين/رشيد درباس
بقلم الوزير والنقيب رشيد درباس:
هذه رسالة صداقة مفتوحة إلى السادة الرؤساء قضاة لبنان، المعتكفين منهم أو العاكفين على ملفّاتهم، قرّرت كتابتها بعد مكالمة هاتفية غنيّة جرت بيني وبين الزميل الصديق والقاضي السابق الدكتور منيف حمدان،
بعد التحيّة،
أخاطبكم من واقع السنين الطويلة التي مرّت عليّ في ممارسة مهنة المحاماة، ومن خبرة النقيب السابق للمحامين، وهدوء الشيخوخة، ومن سياق صداقة متصلة مع القضاة منذ التدرّج حتّى الآن، علماً أنّه لم يعد في الخدمة الفعلية واحد من مجايليَّ، فمنهم من رحل ومنهم من يتمتع بالصحّة والعافية.
لا أكتمكم سرًّا إنْ قلت لكم إنّني واحدٌ من الذين اجتمعوا في مجلس نقابة محامي طرابلس برئاسة سعادة النقيب محمّد مراد، مع زملائي من النقباء السابقين، وأنّ دورًا لي كان في صياغة البيان، وأن الاتصال بسعادة نقيب محامي بيروت أندريه شدياق لأخذ موافقته عليه كان بحضورنا.
كما لا أكتمكم أنّ الاستياء عام لدى المحامين جميعًا في كلتا النقابتين، ليس فقط بسبب تعطيل مصالحهم ومصالح الناس، بل أيضًا حزنًا على جسمٍ يجري استهدافه بأخطر من حسمٍ في الأرقام، إلى حسمٍ في المهابة والاستقلال، ووضع الحاكمين باسم الشعب اللبناني في حالة تحسّب وارتياب خوفًا من التنصّت أو وشاية السماسرة.
ولا أخفي عليكم أنّ المحامين كلّهم وكذلك القضاة، يعرفون بوجود سماسرة قضائيين ومن بينهم بعض المحامين، ولكننا ندرك أن الفساد المحدود لا يبرر الاستباحة غير المحدودة، بل إنني أرفض أيّ نتيجة ولو كانت صحيحة عن فساد ما، إذا كانت الوسيلة إليها وسيلة فاسدة.
أقول لكم علنًا، إنّ التحقيق مع القضاة لا ينبغي له أن يكون نهب الهواء الطلق والشاشات الطليقة، فالأصول والقانون يوجبان أسلوبًا آخر، فاقتضى التنويه.
واقتضى التنويه أيضًا، أنّ سلطتكم مستمدة من الدستور، فلا يجوز أن تستمدوها من علمٍ وخبر يصدر عن موظّفٍ في وزارة الداخلية لإعطاء ناديكم شخصية معنوية، تخضع بحكم الرخصة لرقابة سلطة تنفيذية.
إنّ شخصيتكم المعنوية لا تحتاج إلى أي ترخيص، والشعب اللبناني الذي تحكمون باسمه ينتظر منكم وسيلة مغايرة؛
في ختام رسالتي، أفيدكم أنه قبيل تشكيل حكومة المصلحة الوطنية بساعات، أبلغني دولة الرئيس تمّام سلام أنني وزير للعدل، فتعهّدت له أن أجعل الوزارة حديقة الجمهورية وذلك بتأمين إسهام دائم من الدولة لصندوق التعاضد، لأنني أعرف أنّ وزارة العدل تنفق القليل من الدخل الوفير الذي تؤمنه للخزينة، فلو جرت العناية بها لزاد الدخل العام…
وكنت قد أعددت خطّة للتحديث تواكب العصر وتسهّل إجراءات التقاضي، ولكن السياسة بعد ذلك أرسلتني إلى وزارة الشجون الاجتماعية،
أقول هذا لأؤكّد لكم أنني مؤمن تمامًا بأن جسمكم كان وما يزال الأقل تأثّرًا بما حدث للدولة، وان إعطاءه حقوقه يجعله فوق المحسوبيات ومراكز القوى…
في الختام … إستفتوا قلوبكم… وإن أفَتْوكم.
“محكمة” – الاثنين في 2019/5/27