خاص “محكمة”: “التمييز الجزائية تؤكّد: الشيخ بسّام الطراس ينتمي لـ “داعش”.. إرتبط بمسؤولي تفجيرات برج البراجنة والمستشارية الإيرانية والبقاع وخليّة الناعمة
كتب علي الموسوي:
طلبت محكمة التمييز الجزائية إلقاء القبض على الشيخ الدكتور بسّام الطراس ومحاكمته أمام المحكمة العسكرية الدائمة بتهمة التحريض على القيام بأعمال إرهابية، بعدما كان قاضي التحقيق العسكري الأوّل رياض أبو غيدا قد أخلى سبيله، ثمّ منع المحاكمة عنه في قراره الإتهامي خلافاً لما ورد في مطالعة النيابة العامة العسكرية ومضامين التحقيقات الأوّلية العديدة لدى الأمن العام و”شعبة المعلومات” في قوى الأمن الداخلي والشرطة العسكرية ومعاون مفوّض الحكومة القاضي هاني حلمي الحجّار.
وبوصفها هيئة إتهامية، نقضت محكمة التمييز قرار أبو غيدا، لأنّه “أخطأ في تقويم الوقائع والأدلّة المتوافرة في الملفّ، وذهل عن قرائن من شأنها أن تؤكّد الشبهة التي برّرت إطلاق الملاحقة وتحريك دعوى الحقّ العام ضدّه”.
وطلبت النيابة العامة العسكرية في “مطالعتها في الأساس”، إتهام الطراس بجنايات المادة 335 عقوبات و 5 و 6 من قانون 1958/1/11، لكنّ القرار الإتهامي عاكسها تماماً، فمنع المحاكمة عنه، بداعي أنّه “لم يظهر من الوقائع المعروضة قيام أدلّة، أو وجود قرائن جديرة بالأخذ بها، من أنّ المدعى عليه الشيخ بسّام الطراس هو أحد المنتمين إلى تنظيم “داعش” الإرهابي أو أنه حرّض على القيام بأعمال إرهابية، ويكون إدلاؤه بأنّ “داعش” منظّمة إرهابية شوّهت صورة الإسلام والمسلمين، وإنّه دائماً يحثّ طلاّبه في الجامعات على احترام قوانين وأنظمة البلد الذي يكونون فيها، لأنّ القرآن الكريم يفرض عليهم ذلك، تكون هذه الإدلاءات قابلة للتصديق”!
وطعن مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس في القرار الاتهامي، منطلقاً من أنّ التحقيقات “أكّدت التواصل والتنسيق بين المدعى عليه الطراس وبين إرهابيين ساهموا في عدّة عمليات تفخيخ وتفجير على الأراضي اللبنانية، والطراس هو من ربطهم بالإرهابي “أبو البراء” لتنفيذ المهمّات المكلّفين بها”.
ووجدت الغرفة السادسة لمحكمة التمييز الجزائية المؤلّفة من القضاة جوزف سماحة رئيساً وتريز علاوي ورولا مسلّم مستشارتين، بأنّ “بسّام الطراس ينتمي إلى تنظيم داعش الإرهابي ويشغل موقعاً مميّزاً فيه، وما إدانته ظاهراً لهذا التنظيم وممارساته وعقيدته، إلاّ من قبيل ذرّ الرماد في العيون، في محاولة للبقاء بعيداً عن الشبهات، وهو كان صلة الوصل بين عناصر الخلّية الإرهابية في البقاع، وبين القيادي الأمني في تنظيم “داعش” الإرهابي محمّد الأحمد الملقّب بـ”أبو البراء”.
وكان ملفّ الطراس قد فتح في العام 2016 عندما أسندت النيابة العامة العسكرية إليه بموجب ورقة الطلب رقم 19566 تاريخ 2016/10/11 أنّه أقدم “بتحريض من محمّد قاسم الأحمد ومحمود محمّد الربيع و”أبو البراء” على الإنتماء إلى تنظيم “داعش” الإرهابي، وعلى التواصل معهم رغم علمه بأنّهم يقومون بأعمال إرهابية في لبنان والخارج”.
عبوة سعدنايل
وفي التفاصيل، أنّ دائرة التحقيق في الأمن العام اللبناني قامت في شهر أيلول من العام 2016 بالتحقيق مع عدّة أشخاص سوريين ولبنانيين أوقفوا على خلفية إقدامهم في البقاع على تشكيل خليّة إرهابية تابعة لتنظيم “داعش” الإرهابي، بهدف تجنيد أشخاص تمهيداً لنقلهم إلى سوريا، والتخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية في لبنان، ولا سيّما في المناطق ذات الكثافة السكّانية من الطائفة الشيعية، وإقدامهم في هذا المجال على زرع عبوة ناسفة ضبطت بتاريخ 2016/5/6 في معمل أحجار يخصّ عبد الله الكردي، كونه المسؤول عن “سرايا المقاومة” في بلدة سعدنايل البقاعية، وعلى تفجير عبوة ناسفة في 2016/8/31 في منطقة كسارة البقاعية إستهدف إحدى الحافلات المتوجّهة للمشاركة في مهرجان ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر، وذلك بناءً على تكليف من الإرهابي الملقّب بـ “أبو البراء”.
إستطلاع مناطق
وقد اعترف علي محمّد غانم بأنّ “أبو البراء” كان يتواصل معه عن طريق تطبيق “التلغرام” على الهاتف، وكلّفه باستطلاع المناطق ذات الكثافة الشيعية تمهيداً لتفجير عبوة فيها، خلال أيّام عيد الفطر.
وسافر في العام 2015 إلى تركيا بحجّة شراء ملابس بالجملة لافتتاح متجر في بلدة سعدنايل، وأقام في اسطنبول لدى إبن بلدته بلال رضوان خير الدين المطلوب للعدالة بجرائم تهريب وأعمال إرهابية، وحضرا معاً مؤتمراً للمشايخ تمّ التداول فيه بشؤون الأمّة الإسلامية وما يحصل في سوريا، وقابلا الشيخ بسّام الطراس في 2015/11/23 في محلّ إقامته في مجمع شقق مفروشة، وتداولوا الحديث عن “تعرّض المسلمين وأهل السنّة للظلم ووجوب التقيّد بمنهج دولة الخلافة والجهاد في سبيل الله في سوريا والعراق”، وطلب منه الشيخ الطراس أن يقوم بتنفيذ كلّ ما يطلبه منه “أبو البراء”، معتبراً ذلك “بمثابة أمر شرعي”، ولا سيّما أنّ بلال كان قد أخبره بأنّ الشيخ الطراس قيادي في تنظيم الدولة الإسلامية.
تفجير المستشارية الإيرانية
ونفى بسّام محمّد الطراس خلال استجوابه، أن يكون قد التقى في تركيا شباباً لبنانيين لغاية غير مناقشة رسائل ماجستير ودكتوراه، وأضاف أنّه التقى علي غانم وبلال خير الدين بناء على تنسيق مسبق مع السوري محمود محمّد ربيع، وهو تاجر عقارات وبناء في تركيا، وكان يتاجر بالملابس في لبنان، ويعرفه منذ حوالي عشر سنوات باسمه الحقيقي وبكنية “أبو بكر” وكان يشرف على دراسة أولاده الثلاثة، وأعلمه بأنّ الشابين غانم وخير الدين يريدان استشارته حول أمور الدراسة.
ولكنّ ربيع هذا لم يكن سوى محمّد قاسم الأحمد الملقّب بـ”أبو البراء”، ولديه سجلّ أمني حافل، إذ إنّ المحفوظات الأمنية تؤكّد أنّه ناشط في مجال تجارة الأسلحة وتأمين الأموال لشرائها لصالح المعارضة السورية، وأنّ ثمّة معلومات تفيد بأنّه مموّل السيّارات المفخّخة التي استهدفت السفارة والمستشارية الإيرانية في بيروت، وقد فرّ إلى خارج لبنان سنة 2014.
وزوّد بلال خير الدين رفيقه غانم برقم أميركي يخصّ “أبو البراء” للتواصل معه عبر “التلغرام”، ففعل بمجرّد عودته إلى لبنان، وطلب منه تنزيل تطبيق text plus للحصول على رقم أميركي، ثمّ تفعيل خدمة secret tchat في “تلغرام” لتشفير المحادثات ومسحها، كما طلب منه تنزيل تطبيق APG من Playstore لتشفير الرسائل بينهما، وأرسل له طريقة تصنيع عبوات ناسفة طالباً منه تفجيرها في مناطق شيعية، واستطلاع مناطق في الجنوب، ومنها سوق النبطية الشعبي لوضع عبوة ناسفة فيه، ثمّ وضع عبوة في إحدى المقابر الشيعية.
واعترف غانم بوضع العبوة التي اكتشفت في معمل الكردي، وبوضع تلك التي انفجرت في كسارة يوم 2016/8/31. وبأنّه منع خالد الصياحي من خطف بسّام الطراس وسلبه أموالاً، وأخبره بأنّه اجتمع في تركيا بهذا الأخير الذي كلّفه بالأعمال الأمنية في لبنان عبر “أبو البراء” المنتمي إلى “داعش” وبأنّه الرأس المدبّر للخلية، وهو يتظاهر بعكس ما هو عليه حقيقة للتمويه وعدم إثارة الشبهات.
ولاحظ خالد أحمد الصباحي بأنّ الشيخ بسّام الطراس أصبح متموّلاً بسرعة فائقة ويملك الكثير من المال والمؤسّسات، وشاع خبر بأنّه يتمّ تمويله من إيران، فقرّر هو واسماعيل جلول خطفه وسلبه أموالاً، ولمّا عرض الأمر على علي غانم، رفض فوراً وأخبره بأنّ الطراس مسؤول مهمّ في تنظيم “داعش”، وهو العقّل المدبر لأعمالهم الأمنية في لبنان، وبأنّه اجتمع به في تركيا وربطه بـ”أبو البراء” المشغّل الأمني للخليّة. واعترف وليد علي السيّد بأنّه انتمى إلى خليّة “داعش” التي شكّلها صديقه علي غانم، وشارك معه في عدّة أعمال أمنية، منها تصنيع عبوتين لاستهداف عبد الله الكردي.
إعادة التحقيق
ولكنّ “التشكيك السياسي” بالتحقيقات الأمنية لبعض الأطراف على الساحة اللبنانية، دفعت معاون مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي هاني حلمي الحجّار إلى استجواب الطراس في 2016/9/28، فأدلى بأنّه يزور تركيا مرّتين أو ثلاث مرّات في السنة في نطاق عمله في الإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه أو المشاركة في المؤتمرات في مجال اختصاصه، وأنّه خلال شهر تشرين الثاني سنة 2015 أعلمه محمود ربيع ، الذي يعرفه أيضاً باسم “أبو علاء” بأنّ ثمّة شخصين يسألان عنه في حرم جامعة أريس، حيث كان يقيم، فاجتمع بهما في شقّته لمدّة ربع ساعة أو نصف ساعة، وكانا يريدان استشارته حول بعض الأمور، وتناول الحديث دراسة اللغة التركية ومجالات العمل وتعليم الأولاد في تركيا وموضوع الإقامة فيها، والأوضاع الإقتصادية والمعيشية في لبنان.
عمل إنساني
وقال الطراس إنّه “يتصدّى” لما يحصل في سوريا بالعمل الإنساني فقط، إذ إنّه أنشأ مركزاً للأيتام ومركزاً طبّياً مرخّصاً من وزارة الصحّة في البقاع، نافياً أن يكون تحدّث مع علي غانم وبلال خير الدين حول أمور الدين والعقيدة والجهاد وواجب الدفاع عن السنّة، وأن يكون يستخدم تطبيق “التلغرام” للتواصل، وأن يعرف “أبو البراء”، مدعياً بأنّه ليس مع “داعش”، وأنّه يحارب أفكارهم في خطبه ومحاضراته!
فتح الذاكرة
وزيادة في الإطمئنان، آلت دفّة التحقيقات الأوّلية مع الطراس إلى فرع التحقيق في “شعبة المعلومات” في قوى الأمن الداخلي بموجب استنابة من القاضي الحجّار، فسئل عن محتوى مضبوطات كانت في محفظته، ولا سيّما حافظة ذاكرة نوع ميكرو سعة 2GB، وحافظة ذاكرة نوع ميكرو سعة 8GB، ومستوعب ذاكرة “ADAPTER”، وهاتفين خليويين، وتبيّن أنّ في بطاقة الذاكرة الأخيرة ملفّاً باسم “TELEGRAM” يحتوي على ملفّات مشفّرة، ويحتاج الدخول إليها إلى كلمة المرور، ولدى سؤاله عن هذه الكلمة؟ نفى الطراس علمه بها، وقال إنّه لا يذكر أنّه استخدم تطبيق هذا البرنامج، وإنّه يجهل سبب وجوده على بطاقة الذاكرة خاصته، ثمّ ما لبث أن اعترف باستخدامه، عازياً سبب نسيانه، إلى مرور فترة طويلة على حصول الإستخدام!.
كما تبيّن أنّ في بطاقة الذاكرة سعة 2GB ملفّات TXT بحاجة إلى كلمة مرور للدخول إليها، ولدى سؤال الطراس عن كلمة المرور، أجاب بأنّ بطاقة الذاكرة المنوّه عنها ليست عائدة له وهو يجهل محتواها وكلمة المرور، واعتبر أنّها مدسوسة في محفظته، ولا يعرف من فعل ذلك. ونفى أن يكون “الأدابتر ” المضبوط يعود له، معتبراً أنّ الغاية من دسّهما في محفظته هي توريطه في قضيّة ما.
“أمن المجاهد”
وتبيّن من تحليل بطاقتي الذاكرة المذكورتين أنّ في البطاقة سعة 8GB ملفّاً اسمه TELEGRAM يحتوي على: مجلّد فيه ملفّ مشفّر تمّ التلاعب به ليظهر بشكل أغنية، وملفّاً يتضمّن برنامج التشفير truecrypt، وقال إنّه لا يعرف من أرسلهما له!. كما وجد في بطاقة الذاكرة سعة 2GB ملفّ يحمل اسم ألعاب، وهو عبارة عن برنامج “أمن المجاهد”، تلقّاه من محمود ربيع للتواصل المشفّر والآمن بينهما كي يزوّده الأخير بالمعلومات عن الوضع في سوريا، معتبراً أنّه قد يكون راغباً في إبلاغه أشياء أمنية، ولكنّ ذلك لم يحصل، ولم يستخدم الملفّات المشفّرة، ولم يستطع فتح برنامج “أمن المجاهد”، وقد طلب من ابنه عمير أن يفتح البرنامج له وأن يعلّمه كيفية استخدامه، ولكنّه لم يفلح، وبرّر إنكاره سابقاً أن تكون بطاقة الذاكرة سعة 2GB له، بأنّ السبب يعود إلى كونه لم يستخدم تلك البرامج، وقد اعتقد أنّه لا داع للإعتراف بأنّها له!
ونفى عمير بسّام الطراس أن يكون والده قد طلب مساعدته بخصوص برنامج “أمن المجاهد”، أو لفتح واستخدام أيّ برنامج على بطاقة ذاكرة. وهذا ما استدعى إجراء مقابلة بين الأب وابنه الذي تراجع عن إفادته، وقال إنّ والده طلب منه محاولة فتح برنامج “أمن المجاهد” ولكنّه لم يفلح، موضحاً أنّ سبب إنكاره ذلك في إفادته السابقة كان بناءً على طلب والده بعد ضبط بطاقات الذاكرة في حوزته، كونها تحتوي على معلومات قد تسبّب له ضرراً.
وأكدّ بسّام الطراس أقوال ابنه عمير لهذه الجهة، وإنّه قال له إنّ حافظة الذاكرة ضبطت منه وهي تحتوي على برنامج تشفير، وفي حال استدعائه للتحقيق وسؤاله عن البرنامج، عليه أن ينكر أنّه حاول فتح برنامج التشفير.
وأوضح أنّه التقى محمود ربيع في تركيا منذ أكثر من سنتين، فأخبره أنّه كان خلال وجوده في لبنان يشتري أسلحة “للثوّار” في سوريا، وطلب منه متابعة هذا العمل، كونه يتعذّر عليه العودة إلى لبنان، وزوّده ببرنامج تشفير، بعدما وافق على متابعة عمله ونقل الأسلحة “للثوّار السوريين”، وقد استلم البرنامج في حافظة ذاكرة ، وتمّ نقله إلى الكمبيوتر المحمول العائد له، وطلب من ابنه أن يساعده على فتح برنامج التشفير فلم يتمكن، وتواصل مع محمود ربيع الذي وعده بإرسال كلمة السرّ لفتح البرنامج، ولكنّه لم يفعل، وبعد عدّة أشهر إستلم ظرفاً من شخص مجهول فيه حافظة ذاكرة وقارىء لها، وقد أخبره الشخص المذكور بأنّها من “أبو محمّد”، فاعتقد أنّها من محمود ربيع، وكانت تحتوي على برامج تشفير، فحاول فتحها، ولكنّه لم يجد كلمة السرّ، وأكّد أنّه لا يعرف من هو “أبو محمّد” ولماذا أرسل له برامج تشفير!.
“أبو الوليد وتفجير برج البراجنة”
ولجهة الرقم الذي كان يستخدم عليه برنامج التلغرام، أوضح بسّام الطراس أنّه استعمله على رقمه اللبناني 949623/70 وعلى رقمه السعودي الذي لا يتذكّره، وقد استخدم الرقم اللبناني لفترة قصيرة، وكان لا يزال يستخدم الرقم السعودي حتّى استدعي إلى المحكمة العسكرية مع طلب اصطحاب هاتفيه الخليويين، حيث قام بمسحه عن هاتفه، وإنّه لا يوجد سبب محدّد لذلك، وكان يعلم أنّ مستخدم برنامج التلغرام ممكن أن يثير بعض التساؤلات، ولكنّه لم يكن يعرف بأنّ عليه برامج مشفّرة.
مسلسل الإنكار والضياع لم ينته لدى بسّام الطراس، فنفى أن يكون يعرف من هو “أبو البراء” رغم أنّ المذكور أرسل له رسالة تتضمّن:”فتاح المايل”، وقد أجاب عليه “للأسف لم يعمل البرنامج على جهازي وأبحث عن حلّ”، ونفى أيضاً أن يكون يعرف من هو “أبو الوليد الحجّي”، علماً بأنّه جرى رصد اتصال بينه وبين المذكور الذي يستخدم رقماً تركياً (905366340038)، وفيه طلب منه أبو الوليد قطع التواصل مع أيّ شخص وحصر اتصالاته به، ويعلمه بأنّه أخذ رقمه من الأخ الذي جلس عنده في البيت، وقد تبيّن أنّ “أبو الوليد الحجّي” هو المسؤول عن العمليات الخارجية في تنظيم “داعش” والمسؤول عن العمليات الإرهابية على الساحة اللبنانية، ومن أبرزها تفجيرا برج البراجنة في 2015/11/12.
وفي استجواب إضافي، إعترف الطراس بأنّ الملفّات المشفّرة التي في الحاسوب إستحصل عليها من محمود ربيع على بطاقة ذاكرة، موضحاً أنّ “أبو البراء” هو اللبناني محمّد الأحمد الذي كان يعرفه سابقاً، وبأنّه حاول إخفاء علاقته به كونه مطلوباً للقضاء بموضوع تفخيخ سيّارة الناعمة.
التحضير لأعمال إرهابية
وأظهرت الاستقصاءات التي قام بها الأمن العام أنّ ثمّة تواصلاً كبيراً بين بسّام الطراس وأشخاص مشتبه فيهم لضلوعهم في أعمال إرهابية وتفجيرات والتحضير لأعمال إرهابية، ولا سيّما:
• وجود أكثر من 300 اتصال هاتفي بين الطرّاس ومحمّد قاسم الأحمد، المشتبه فيه الأوّل في جريمة سيّارة “الأودي” المفخّخة بحوالي 250 كيلوغراماً من المواد المتفجّرة التي ضبطت في محلّة الناعمة بتاريخ 2013/8/17، وآخر اتصال كان في 2013/8/6، أيّ قبل أيّام معدودة من ضبط السيّارة.
• وجود عشرة اتصالات من 2013/7/26 إلى 2013/8/17 بين الطراس وسعيد محمّد البحري، أحد المشتبه فيهم الأساسيين في جريمة سيّارة الناعمة المفخّخة.
• وجود 21 تواصلاً سنة 2011 بين الطراس وعيسى علي عثمان الذي أوقف ويحاكم في جريمة سيّارة الناعمة.
• وجود 24 تواصلاً من 2009 إلى 2013 بين الطراس والفلسطيني خالد عمر المقوسي الموقوف الذي يحاكم في جريمة سيّارة الناعمة.
• إنّ العلاقة بين الطراس والسوري محمود محمّد ربيع بدأت منذ 2006.
• وجود تواصل بين الطراس والسوري ميسر محمّد ربيع الذي أوقف بعدما ضبطت في شقّته أسلحة حربية ومناظير ليلية، وهو وشقيقه محمود محمّد ربيع على علاقة بالتفجير الإنتحاري الذي استهدف المستشارية الإيرانية،
• إنّ العلاقة بين الطراس والإرهابي محمّد قاسم الأحمد الملقّب “أبو البراء” و”أبو بكر” تعود إلى سنة 2007 وقد توطّدت سنة 2009 حين أصبح محمّد الأحمد الذارع الأيمن للطراس وحافظ أسراره، والعلاقة بينهما تتعدّى بكثير، موضوع الإستشارة العلمية وتعليم الأولاد كما زعم الطراس في إفادته.
• إنّ الرقم التركي /905366430038/ الذي استخدمه إبو الوليد الحجّي ورصدت محادثة بينه وبين الطراس، حيث طلب الأوّل من الثاني قطع التواصل مع أيّ شخص آخر وحصر التواصل معه، مسجّل أيضاً عند الإرهابيين صطام شتيوي، مخطّط ومنفّذ تفجير برج البراجنة، وشقيقه فهد شتيوي، علماً بأنّ “أبو وليد الحجّي” هو مسؤول العمليات الخارجية في تنظيم “داعش” والمسؤول عن العمليات الإرهابية في لبنان، ومنها تفجيرا برج البراجنة في 2015/11/12.
• إنّ بسّام الطراس كان يعقد في تركيا اجتماعات دورية مع محمود ربيع للتحضير لعمليات إرهابية، وبالتالي فلقاء بسّام الطراس مع علي غانم وبلال خير الدين في تشرين الثاني 2015 ليس الأوّل من نوعه، ومن المرجّح حصول لقاءات أخرى قبله أو بعده.
تضليل التحقيق
ووجدت محكمة التمييز في “التناقض السافر الذي شاب إفادات الطراس خلال مراحل التحقيق” قرينة عليه، فبدأ بنفي أن تكون حافظة الذاكرة الثانية له، وبإنكاره أن يكون قد أقدم على فتح أيّ ملفّ في الحافظتين وبنفي معرفته بالإرهابي الملقّب بـ “أبو البراء”، ليعود لاحقاً بعد مواجتهه بمستندات أظهرها تفريغ محتوى الحافظتين، إلى الإقرار بالتدرّج بأنّه فتح مضمونها وبأنّه يعرف “أبو البراء” وأنّ اسمه محمّد الأحمد، وقد ظهر أنّ علاقة قديمة تربط بينهما على ما أثبتته الإستقصاءات التي قام بها الأمن العام اللبناني، وبالتالي، فإنّ “التناقض المذكور يدّل بشكل مباشر على أنّ الطراس قصد تضليل التحقيق للتملّص من المسؤولية”.
وقد تعزّزت هذه الوجهة بما أظهره استجواب عمير الطراس، إبن المدعى عليه، من تناقض بين أقوال الأب والإبن، ليتبدّى لاحقاً أنّ الأوّل كلّف الثاني بنفي أن يكون قد طلب مساعدته بخصوص برنامج “أمن المجاهد”، أو لفتح واستخدام أيّ برنامج على بطاقة ذاكرة، وذلك بعد ضبط بطاقات الذاكرة في حوزته، كونها تحتوي على معلومات قد تسبّب له ضرراً، وليظهر بعد حين أنّ بسّام الطراس تمكّن من فتح تلك البرامج، ومنها برنامج “أمن المجاهد” وبرامج “التشفير”، وقد استخدمها للتواصل مع الإرهابي محمّد الأحمد”أبو البراء”، وإنّه كان على تواصل مع القيادي الأمني في تنظيم داعش، “أبو الوليد الحجّي”.
وخلصت المحكمة إلى طلب اتهام الطراس بجنايات المواد 4 من قانون 1958/1/11 وبجناية التدخّل في الجنايتين المنصوص عليهما في المادتين 5 و 6 من قانون 1958/1/11 معطوفتين على المادة 219 عقوبات، وإصدار مذكّرة إلقاء قبض في حقّه، وإيجاب محاكمته أمام المحكمة العسكرية الدائمة، وتضمينه النفقات القانونية.
(نشر في “محكمة”- العدد 26 – شباط 2018 – السنة الثالثة)
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يرجى الإكتفاء بنسخ جزء من الخبر وبما لا يزيد عن 20% من مضمونه، مع ضرورة ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.