خاص “محكمة”: سجين ووحيد أمّه يشنق نفسه قبل ساعات من الحكم عليه بغرامة مالية/علي الموسوي
كتب علي الموسوي
لن يتمكّن ربيع ع. من سماع الحكم المخفّف الصادر بحقّه والقاضي بتغريمه مبلغ مائة ألف ليرة والاكتفاء بمدّة توقيفه البالغة خمسة عشرة يوماً فقط لا غير.
لم ينتظر هذا الشاب الصغير والوحيد لدى أمّه، معرفة نتيجة حكمه، فآثر الرحيل مانحاً نفسه عقوبة مشدّدة لم تكن واردة على الإطلاق في كلّ الحسابات، وهو ما أفهمه إيّاه محاميه عندما أحضره إلى قاعة محكمة الجنايات في بيروت يوم الخميس الواقع فيه 21 آذار 2019، لكنّه فضّل الانتحار وشنقاً داخل النظارة المستحدثة قرب المديرية العامة للأمن العام في بيروت.
لم يتحمّل ربيع(مواليد بيروت في العام 1993) انتظار البقاء خلف القضبان طوال هذه الساعات القليلة مقارنة بمن يقضون سنوات، على الرغم من أنّ هيئة محكمة الجنايات والمؤلّفة من القضاة طارق بيطار رئيساً وميراي ملاك وفاطمة ماجد مستشارتين، أصدرت حكمها في وقت سريع جدّاً بعدما استجوبته واستمعت إلى مرافعة وكيله.
حضر ربيع مع والدته وشاب تربطه به صلة قربى إلى قصر عدل بيروت حيث جال في ردهاته وقاعاته كمن يحاول القفز فوق الوقت وكمن يسعى إلى تخفيف توتّره بتمضية ما تبقّى له من حرّية، وأُسمع كلمات هوّنت عليه عدم قدرته على تحمّل مسألة تسليم نفسه في جريمة بعيدة الزمن لعب القضاء والقدر لعبته القاسية فيها، حتّى أنّ “محكمة” كانت بحكم المصادفة، شاهدة على تسليمه نفسه وأخبرته بابتسامة عريضة أنّ قصّتك بسيطة، ولا تحتاج إلى كلّ هذا الدفق من خفقات القلب.
وبعدما أتمّ وكيله القانوني معاملات تسليمه وما تلاها من استجواب تمهيدي لا غنى عنه، أنزل ربيع إلى نظارة قصر عدل بيروت، ثمّ أعيد إلى قاعة المحكمة في الطابق الثاني وبختام المحاكمة نقل إلى النظارة التي عثر عليه فيها مشنوقاً.
ورأت المحكمة في طيّات حكمها أنّ نيّة ربيع ع. لم تنصرف إلى محاولة قتل المدعي المسقط م.ب. بعد ظهر يوم 26 أيار 2015، فهو أطلق ثلاثة عيارات نارية من بندقية بومب اكشن على الأرض أصاب أحدها الأخير في بطّة قدمه على الرغم من قرب المسافة بينهما نسبياً(13 متراً) وذلك بسبب التضييق عليه في عمله في كاراج لتصليح السيّارات، ولما حاول ربيع الهروب أوقف سيارة تستقلها سيّدة وأرغمها على النزول ليس بقصد الاستيلاء عليها وتملّكها وإنّما لتأمين فراره، وهو عاد وتركها في أحد الشوارع واتصلت أمّه بالمخفر وحضر عناصره، وأعادوا السيّارة إلى مالكتها.
وخلصت المحكمة بالاتفاق إلى كفّ التعقبات الجارية بحقّ المتهم ربيع م.ع. بمقتضى جنايات المواد 201/547 و639/638 و557 عقوبات، وبإدانته بجنحة المادة 556 عقوبات وبحبسه ثلاثة أشهر وتغريمه ماية ألف ليرة لبنانية وتخفيض هذه العقوبة تخفيفاً إلى الاكتفاء بمدّة توقيفه وتغريمه ماية ألف ليرة لبنانية، وإدانته بجنحة المادة 573 عقوبات وحبسه ثلاثة أشهر وتخفيضها تخفيفاً إلى الاكتفاء بمدّة توقيفه، وإدانته بجنحة المادة 73 أسلحة وحبسه شهرين وتخفيضها تخفيفاً إلى الاكتفاء بمدّة توقيفه، وإدغام العقوبات الجنحية الثلاث المشار إليها سنداً للمادة 205 عقوبات بحيث تطبّق بحقّه العقوبة الأولى وحدها لأنّها الأشدّ وهي الاكتفاء بمدّة توقيفه وتغريمه ماية ألف ليرة لبنانية.
لم تقصّر محكمة الجنايات معك يا ربيع فلماذا ودّعت امك بهذه الطريقة الباهظة الثمن؟!
“محكمة” – الخميس في 2019/4/4
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يرجى الإكتفاء بنسخ جزء من الخبر وبما لا يزيد عن 20% من مضمونه، مع ضرورة ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.