خاص “محكمة”: مسؤولية رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء/سليم سليمان
القاضي الدكتور سليم سليمان :
صدر الدستور اللبناني بتاريخ 23 أيار 1926. ولقد نصت المواد /61 و 62 / منه من جهة على عدم مسؤولية رئيس الجمهورية “حال قيامه بوظيفته”.
ومن جهة ثانية على مسؤوليته عند “خرق الدستور” أو في حال الخيانة العظمى، أمّا في ما يختص بالجرائم العادية، فهو يخضع للقانون العادي.
كما نصّت المواد / 70 و 71 و 72 / على مسؤولية رئيس الوزراء والوزراء بارتكابهم “الخيانة العظمى” أو “بإخلالهم بالواجبات المترتّبة عليهم” ونصّت المادة /80/ من الدستور تكملة لنظام المسؤولية هذا على أنّهم يحاكمون أمام المجلس الأعلى.
تعدّل الدستور اللبناني مرّات عدّة، وأوقف العمل به عدّة مرّات غير أنّ هذه المواد المتعلّقة بنظام مسؤولية رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء لم تعدّل. لم تشأ الظروف أن تلقى هذه المواد أيّ تطبيق فظلّت أحكامها إمّا غامضة تفسح المجال للتفسيرات المتناقضة في بعض الأحيان، وإمّا ناقصة لوجود ثغرات في هذه النصوص تحول دون تطبيقها بخاصة لجهة افتقارها تحدد العقوبات.
وعندما طرح موضوع مسؤولية الوزراء مؤخّراً أمام القضاء سالت الأقلام وتباينت الآراء وتعثّرت الحلول وحتّى تناقضت بين محكمة التمييز ومحكمة الجنايات في لبنان، بين المجلس الدستوري ومحكمة التمييز في فرنسا لجهة ماهية الجرائم وبخاصة لجهة الإخلال بواجبات الوظيفة وتسهيلاً للمقاربة يمكن الاجابة عن هذه الأسئلة عن طريق بحث نوع المسؤولية، والمرجع الصالح للمساءلة وأخيراً المعاقبة،
فالمسؤولية كما تنظّمها القواعد القانونية الموضوعية المعوّل عليها وباستثناء القواعد الأخلاقية والدينية تكون إمّا جزائية، وإمّا مدنية، وإمّا تأديبية، وإما سياسية.
يعاقب المجرم على سلوك يعتبر خطراً على المجموعة. وهذا الاعتقاد المكرّس بنصوص موضوعية في حضاراتنا مردّه إلى الإيمان وتطوّره بتطوّر المؤمن المتفاعل مع شتّى الظروف.
ويعتبر الأساس الذي لا بدّ منه لبقاء الفرد والمجموعة وتطوّرهما ونموهما الواحد للآخر، ومن يتعرّض لهذه الأسس بمفرده فرداً كان أو جماعة يستجلب المعاقبة بالاخراج من الحماية التي توفّرها القواعد التي تحمي هذه الأسس والمتمثّلة بقانون العقوبات والمساواة تجاه هذا القانون والتي تتضمّن حماية من يتقيّد بأحكامه على السواء ومعاقبة من يخالف أحكامه على السواء حاكماً كان أم محكوماً. هذا ما نصت عنه المادة /7/ من الدستور بكلّ وضوح “كلّ اللبنانيين سواء لدى القانون” بعد المقدّمة في الفقرة “ج”.
ورئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء والمواطنون سواء لدى قانون الجزاء. لقد نصّت المادة /60/ عن أنّ “جرائم رئيس الجمهورية العادية فهي خاضعة للقوانين العامة” والمقصود ههنا قانون الجزاء. ولم يتضمّن الدستور نصّاً مشابهاً في ما يختص بجرائم رئيس الوزراء والوزراء العادية أيّ ما خلا الخيانة العظمى والإخلال بواجبات الوظيفة لأنّ المواد الدستورية الأخرى التي وضعت قاعدة المساواة بين جميع المواطنين تجاه القوانين وبخاصة قانون العقوبات الحامي لأسس المجتمع، تضمّنت قاعدة خضوع رئيس الوزراء والوزراء لقوانين الجزاء العادية، وكان بإمكان المشترع الدستوري أن لا يورد النصّ الذي أورده في المادة /60/ لهذه الجهة في ما يخص رئيس الجمهورية.
وهذا ما فعله المشترع الدستوري في ما يتعلّق بمسؤولية رئيس الجمهورية المدنية غافلاً لهذا النوع من المسؤولية نظراً لخضوع رئيس الجمهورية ككلّ المواطنين لموجب التعويض عن الضرر اللاحق بالغير جرّاء أفعاله، بينما نصّ في المادة /70/ أنّه “يحدّد قانون خاص شروط مسؤولية رئيس مجلس الوزراء والوزراء الحقوقية. وإمّا المسؤولية التأديبية والسياسية فهي محصورة بالموظّفين غير رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والتي تخرج عن نطاق هذا البحث بينما المسؤولية السياسية تؤدّي الى الخروج من الحكم إمّا في مجلس النوّاب، وإمّا بحكم قضائي.
فجرائم السياسيين العادية تخضع لقواعد القوانين الجزائية، غير أنّ هؤلاء السياسيين، رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء يتمتّعون بامتياز قضائي وهو امتياز شكلي يتعلّق بالمرجع الصالح، وأصول المحاكمات لا يتعدّاهما إلى الحقّ، إلى الأساس كما هي الحال بالنسبة إلى النائب الذي تشمله حصانة كاملة من جرّاء أقواله إبّان الولاية.
وهم يحاكمون أمام محكمة خاصة ذات طابع لجهة التأليف ولجهة الاختصاص الشخصي والاختصاص ولأصول المحاكمات، هو المجلس الأعلى.
يتألّف المجلس الأعلى بغالبيته من القضاة، ثماني أعلى القضاة رتبة وسبعة نوّاب ينتخبهم مجلس النوّاب في بدء كلّ ولاية وفي أوّل جلسة يعقدها، بينما القضاة تسمّيهم محكمة التمييز بجميع غرفها من بين القضاة العدليين (المادة /2/ من القانون رقم 11 تاريخ 1990/8/8) بينما الدستور لم يستثن أسلاك القضاة الإداريين والماليين ويستحسن أن يعدّل النصّ لمصلحة هذين الفئتين نظراً لخبرتهم بالممارسات الإدارية وبموجبات الوزراء، يرأسها أعلى القضاة رتبة فهي محكمة استثنائية ذات اختصاص محدّد. يدخل في اختصاصها محاكمة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء. ونظراً إلى كونها محكمة إستثنائية لا يدخل في اختصاصها أيّ مسؤول آخر مهما علا شأنه وكان تأثيره على الحياة العامة. والجدير بالذكر أنّ نصّ المادة /60/ وما يليه من الدستور كما وضع سنة 1926 لم يكن ينصّ على رئيس الوزراء، فأدخل رئيس الوزراء في اختصاص المحكمة بعد تعديل 1990/9/21 وتكريسه كمؤسّسة دستورية أفرد له الدستور مواد خاصة به وحدّد له صلاحيات خاصة به، الاختصاص الشخصي لا يثير تساؤلات يصعب الجواب عنها وليس هو الحال كذلك بالنسبة إلى الإختصاص الموضوعي.
يحاكم رئيس الجمهورية أمام المجلس الأعلى بسبب الخيانة العظمى ومخالفته الدستور وبسبب الجرائم العادية التي يقترفها أثناء ولايته. ولا يتمتّع بأيّ حصانة بعد انتهاء الولاية إلاّ طبعاً إذا كان بتاريخ الملاحقة نائباً، عندئذ يتمتع بالحصانة النيابية.
وكذلك القول عن الوزير، فهو يلاحق أمام المجلس الأعلى بسبب الخيانة العظمى والاخلال بواجبات الوظيفة، ولا يتمتّع بأيّ حصانة ما عدا هذه الحصانة الشكلية إلاّ إذا كان يتمتّع بحصانة نيابية.
ولكن يبقى السؤال كاملاً فما هي ماهية الخيانة العظمى وماهية مخالفته الدستور، وماهية الإخلال بواجبات الوظيفة؟
تجدر الملاحظة ههنا أنّ النصوص التي تحكم هذه المواضيع هي نصوص استثنائية ولا يجوز بالتالي التوسّع في تفسيرها، بل يقتضي تطبيقها في الحالات المنصوص عليها فقط.
فالخيانة العظمى ليست أفعال الخيانة التي نصّها قانون العقوبات. فهذه الأفعال تدخل ضمن الجرائم العادية ويطبّق عليها أحكام قانون الجزاء العادية.
ولم يعتبر مجلس النوّاب اللبناني قبول رئيس الجمهورية وظيفة من دولة أجنبية أنّه يؤلّف “الخيانة العظمى”.
وبين التقيّد بالتفسير الحرفي لقانون العقوبات ونصّ الدستور، يبدو فعل الخيانة العظمى الفعل الذي يعتبره مجلس النوّاب يسيء إساءة بالغة إلى الدولة ولم يلحظه قانون العقوبات. لم يعتبر مجلس النوّاب أنّ قبول رئيس الجمهورية وظيفة من دولة أجنبية يؤلّف خيانة عظمى. وهنا يظهر الطابع السياسي لهذه المحاكمة، الخيانة العظمى جرم سياسي كلّفت النظر فيه هيئة خاصة ذات طابع قضائي لحماية الرئيس وحصر تقلّبات المجلس.
ولا يبدو فعل خرق الدستور أكثر وضوحاً، فهل أنّ عدم التنفيذ بكلّ قواعد الدستور يؤلّف خرقاً له كعدم إقامة رئيس الجمهورية في العاصمة؟ هل يمكن التمييز بين القواعد الجوهرية في الدولة والقواعد غير الجوهرية فتكون مخالفة الدستور تكمن في مخالفة القواعد الجوهرية فقط؟.
إعتبر كمال جنبلاط أنّ الرئيس الذي “يحكم” ولا يكتفي بأن “يملك” فقط يخالف الدستور في لبنان، بينما اعتبر كميل شمعون أنّ الرئيس الذي يفسح المجال للمكتب الثاني أن يحكم فعلياً يخالف الدستور! هذه الأقوال صدرت قبل تعديل 1990/9/21 حيث كان رئيس الجمهورية يعيّن الوزراء ويقيلهم ويناط به السلطة التنفيذية فهل يظلّ ذلك صحيحاً بعد أن أناط الدستور السلطة التنفيذية بمجلس الوزراء؟
ويسود الغموض كذلك مفهوم الإخلال بواجبات الوظيفة.
يتبّوأ الوزير من ناحية هذه الاعتبارات وضعين، وضع دستوري ووضع وظيفي. فله صلاحيات دستورية يمارسها في مجلس الوزراء وفي المجلس النيابي أن افعالاً مادية أو كتابة أو شفاهة.
وهو بالوقت ذاته رأس الهرم الاداري في وزارته، وهو بالتالي أعلى سلطة تسلسلية على مرؤوسيه، ومن هذا المنظار هو في وضع الموظّف ومشمول بأحكام الوظيفة العامة في أكثر من موضوع. وبالتالي لا أعتقد أنّ الإخلال بواجبات الوظيفة هو فقط القيام بأعمال لم ينصّ عنها قانون العقوبات ولا تقع تحت طائلة أحكامه. المحاكمة الجزائية مستقلّة طبعاً عن المحاكمة المدنية، وكذلك عن الملاحقة التأديبية. فالموظف يلاحق تأديبياً عن كلّ ما يمسّ فعلياً عن قصد أو غير قصد سلباً بالوظيفة إنْ كان نصّ عنه قانون العقوبات أم لا. والمجلس الأعلى هو بمثابة المجلس التأديبي بالنسبة لرئيس الوزراء أو الوزير عند إخلالهما بواجبات الوظيفة. فالهدف ههنا موضوع أمام الوسيلة السياسية قبل القانون، وفي الأمر خطر كبير. ممّا يفسّر اهتمام مجلس النوّاب بتوضيح المواد /60 و 70 و 80/ من الدستور.
ونظراً لاستقلال الملاحقة الجزائية عن الملاحقة التأديبية والعكس بالعكس، فليس ما يحول دون ملاحقة رئيس الوزراء والوزراء أمام المرجعين أيّ المجلس الأعلى والقضاء الجزائي بالجرائم الجزائية العادية من دون الخيانة العظمى والإخلال بموجبات الوظيفة واللذين لا يشكّلان بالوقت ذاته جرماً جزائياً واللذين يلاحق بهما أمام المجلس الأعلى.
وإذا أردت أن ألخصّ هذه الناحية من موضوع مسؤولية رئيس الوزراء والوزراء الجزائية، أقول إنّهم يلاحقون أمام المجلس الأعلى في حال الخيانة العظمى والاخلال بواجبات الوظيفة فقط، ويختار مجلس النوّاب أن يلاحقهم أمام هذه المحكمة أم لا، على اعتبار أنّهم في كلّ الأحوال يسألون أمامه إذا أراد مساءلتهم – والمساءلة غير الادانة – عن كلّ أفعالهم العامة والخاصة، بينما لا يلاحقون أمام القضاء الجزائي العادي إلاّ في حال كانت الأفعال التي أجراها إبّان ممارستهم مهاماً وزارية أو بمناسبتها جرماً جزائياً. ويعمل بنظام الصلاحية هذا إبّان الوضع الوزاري وبعد الخروج منه.
ولكن لم يتضح بعد ما هي الأفعال التي تؤلّف إخلالاً بواجبات الوظيفة عندما تعتبر بالوقت ذاته جرماً جزائياً، والأفعال التي قام بها الوزير أو رئيس الوزراء إبّان ممارسة الوزارة والتي تؤلّف جرماً جزائياً عادياً.
بنظري أنّه يمكن لهذه الجهة الإفادة من تطوّر الاجتهاد الاداري للتمييز بين الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي، على اعتبار أنّ وضع الوزير ورئيس الوزراء يحاكي وضع الموظّفين والتمييز بين الأفعال التي يقوم بها المواطن أثناء ممارسته وظيفته لترتيب المسؤولية عليه أو على المرفق الذي يعمل بالنيابة عنه أو لأجله.
لقد اعتمد الاجتهاد الاداري عدّة معايير للتمييز بين الخطأين. فإذا كان الخطأ مردّه لأهواء الموظّف على اختلافها، أو لإفادة شخصية أو لنيّة الإساءة أو لانفصالها تماماً عن الوظيفة، يكون الخطأ شخصياً ويُسأل عنه الموظف بالنتيجة، بينما إذا كان الخطأ غير منسوب إلى مصدر محدّد، ولا يمكن فصله عن الوظيفة، فهو يعتبر خطأً مرفقياً وتسأل عنه الادارة نهائياً.
وقد طبّق الاجتهاد الإداري هذه المقاييس حتّى على الأخطاء التي تشكّل جرماً جزائياً، وبالتالي من الفائدة الاستئناس بهذه المعايير للتمييز بين ما هو واجب ملقى على عاتق رئيس الوزراء والوزراء. لقد عيّنها الدستور أو نصّ أنّه سيصدر قانون ينظمّان، وطبعاً في هذه الحال لا يمكن للقانون أن يعدّل أحكام الدستور بداعي تطبيقه أو تفسيره، والفصل في هذه النقطة بالنتيجة هو للمجلس الدستوري.
لا يمكن إحالة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء أمام المحكمة العليا إلاّ بأكثرية ثلاثة أرباع أعضاء مجلس النوّاب حسب النصّ الفرنسي للدستور، ثلثي أعضاء مجلس النواب حسب النص العربي، بينما تتم إحالة رئيس الوزراء والوزراء بأكثرية ثلثي أعضاء مجلس النوّاب الأحياء كما فسّر المجلس النيابي ذلك، وليس ثلثي الأعضاء الذين يتألّف منهم المجلس، مخالفاً برأينا مبادىء النظام البرلماني المكرّس بدستور عام 1926 التي يستفاد منها أنّ المؤسّسة التمثيلية هي من يقوم بهذه المهمّة وليس النوّاب كأفراد.
يتوقّف رئيس الجمهورية عن العمل وتبقى الرئاسة شاغرة إلى حين صدور حكم المجلس الأعلى ويمارس مهامه خلال مدّة توقّف مجلس الوزراء (المادة 62) ويصدر المجلس الأعلى حكمه بأغلبية عشرة أصوات على الأقلّ من أصل خمسة عشر عضواً الذين يتألّف منهم.
ولكنّ الدستور لم ينصّ العقوبات التي يمكن المجلس أن ينزلها عند الاقتضاء. فهل نتيجة هذه الملاحقة سياسية، بمعنى أنّه يكون أثرها الاقالة فقط أم سياسية وجزائية معاً بحيث تؤدّي إلى الاقالة والملاحقة الجزائية. فإذا كان العمل يؤلّف جرماً جزائياً أو أنّ المجلس بإمكانه فرض العقوبات الجزائية والحكم بالتعويض عند الضرورة.
أمّا القانون رقم 18 الصادر بتاريخ 1990/8/18 فنظّم أصول محاكمة رئيس الوزراء والوزراء بخمسين مادة. ولقد تضمّنت المواد 18 إلى 35 ضمناً تفصيلات تتعلّق بالاحالة وهي جدّ معّقدة وطويلة وتتضمّن مراحل عواقب لم يذكرها الدستور والمواد 36 حتّى 41 ضمناً أصول المحاكمات بالمعنى الحصري والمواد 42 حتّى 47 ضمناً العقوبات، وطريق الطعن بالحكم، ويستخلص من هذه المواد أنّه في ما لا يتعلّق بالخيانة العظمى ومخالفته الدستور والاخلال بواجبات الوظيفة، يتقيّد المجلس الأعلى بوصف قانون الجزاء والعقوبات وأصول المحاكمات أمام محكمة الجنايات، وأنّ قرارات المجلس لا تقبل الطعن إلاّ عن طريق إعادة المحاكمة وفقاً لأحكام قانون المحاكمات الجزائية.
ويبدو لي أنّه لم يتطرّق إلى ما إذا كان يمكن المجلس الأعلى فرض عقوبات جزائية في حال الخيانة العظمى ومخالفته الدستور والإخلال بواجبات الوظيفة باستثناء ما ورد في المادة 43 من القانون رقم 18 المذكور التي تنصّ على الاقالة فوراً من الوظيفة في حال الإدانة. وهذا ما لم ينصّ عليه الدستور كنتيجة لمساءلة رئيس الجمهورية ونصّ عليه ضمناً عندما أوجب استقالة رئيس الوزراء والوزراء في بعض الحالات ومنها في حالة سحب الثقة، وفي كلّ الأحوال فهذه النتيجة ليست عقوبة ذات طابع جزائي.
فإذا كانت هذه العقوبة ذات الطابع السياسي هي العقوبة الوحيدة التي يمكن للمجلس الأعلى أن يفرضها على رئيس الوزراء والوزراء، فيمكن الاستغناء عن المجلس الأعلى طالما مجلس النوّاب يكون قد أنزلها بهم بإحالتهم إليه بأغلبية كبيرة. وطالما سيتحوّل المجلس الأعلى إلى هيئة تثمّن رأي الأكثرية البرلمانية ولا تعاقب المقترف. لذا يبدو أنّ المسؤولية السياسية قد أكلت المسؤولة الجزائية في مسألة محاسبة رئيس الوزراء والوزراء.
(نشر في النسخة الورقية من مجلّة “محكمة” – العدد 40 – نيسان 2019)
“محكمة” – الجمعة في 2019/7/19
*حفاظاً على حقوق الملكية الفكرية، يرجى الإكتفاء بنسخ جزء من الخبر وبما لا يزيد عن 20% من مضمونه، مع ضرورة ذكر إسم موقع “محكمة” الإلكتروني، وإرفاقه بالرابط التشعّبي للخبر(Hyperlink)، وذلك تحت طائلة الملاحقة القانونية.