خطتنا النقابية لاستعادة دور المحامي وحقوقه في المحاكم كافة بما فيها الكنسية/اديب زخور
المحامي اديب زخور(المرشح لمنصبي عضو ونقيب المحامين في بيروت):
معركتنا النقابية اليوم تتطلب منا الاهتمام كل يوم بكافة تفاصيل عمل وحقوق المحامين في جميع المحاكم ومنها المحاكم الروحية والكنسية والسهر لضمان وتطوير ادائهم القانوني على جميع المستويات وتحصينهم علميا وقانونيا واعطائهم كافة الضمانات والحصانات للمارسة مهنتهم بحرية والتزام المحامين كما القضاة بالقوانين والاصول المناقبية والمهنية اثناء تادية رسالتهم وعملهم، بخاصة تطوير معرفتهم لأصول المحاكمات الجديدة المنصوص عليها في مجموعة القوانين الكنائس الشرقية والغربية، لإمكانية الادلاء بها في كافة مراحل الدعوى وتطبيقها في الشكل والاساس بشكل صحيح.
إن التغيير والإنقلاب في قانون الكنائس الشرقية والغربية الجديد، حدث تبعاً لدراسة معمّقة من قبل علماء القانون الكنسيين، الذين ساهموا بوضع قانون يجيب على المطالب الحالية للكنيسة وللمؤمنين، ويعطي حلولاً بشكل خاص للمشاكل الراهنة، بحسب أنظمة مناسبة، بعد الإستفادة من أخطاء القانون القديم ” الغربي والشرقي” كما من تطبيق القانون الغربي 1983 (م.ح.ق.ل) ، خلال عدّة سنوات قبل مجموعة القوانين الكنائس الشرقية (م.ق.ك.ش.) التي أعلنها قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، في 18 تشرين الأول من عام 1990، والتي أصبحت نافذة المفعول في الأول من تشرين الأول من عام 1991 ودون المصادقة عليها من المجلس النيابي، والتي في مطلق الأحوال يجب أن تحافظ على مقتضى النظام العام والقوانين العامة والخاصة ولا سيما قانون تنظيم مهنة المحاماة، هذا القانون الذي وضع لإرساء مبدأ العدالة ومساهمة المحامين في إستتباب العدل وإظهار الحقيقة بالتساوي مع رسالة الجسم القضائي ووظيفته.
بالرغم من وضوح القوانين المتعلقة بأصول المحاكمات في الدعاوى الزواجية، وضوح يؤدي إلى تغيير جذري في أصول المحاكمات الكنسية، واضعاً حداً لمنع وصول المحامي إلى مختلف مراحل الدعوى، بتقديم الأفضلية الكبرى للمحامين على صعيد إجراء المحاكمة، كذلك لحضورهم كافة جلسات الإستجواب، نرى مع ذلك قيام تحفّظات، أو إهمالاً وعدم التقيّد في تطبيق هذه الاصول والقوانين في الكثير من المحاكم الكنسية الشرقية.
ما دفعني في العام 2003 للشروع بهذه الدراسة هو قلقي على مستقبل المحاكمات، واضعاً خبرتي المتواضعة أمام المحاكم الكنسية من خلال مؤلف بعنوان” حقوق جديدة للمحامين في الدعاوى الزواجية” في اللغتين العربية والفرنسية تحت إشراف سيادة المطران الياس سليمان ورئيس المحكمة البطريركية الاستئنافية المارونية حاليا، للإستفادة منها وتأمين حق الدفاع وممارسة المحامي الحقوق المعطاة له في القانون، متمنياً المشاركة في تطوّر الآراء المهتمّة بمستقبل المحاكمات، كون الإجازة بحضور المحامين كشركاء في العدالة، هو حضور مشجّع وإيجابي للوصول سوية، ” محامين وقضاة” للحقيقة الأسمى وتأمين حق الدفاع المنصف وعدالة متوازية لكل الفرقاء بمقتضى القوانين المقرّرة.
1- قانون أصول المحاكمات الكنسي القديم ودور المحامي:
كان قانون أصول المحاكمات الكنسي القديم للعام 1917، صارماً تجاه حضور الخصوم ومحاميهم، بخاصة في الدعاوى الزواجيّة، إذ أخضعهم للعديد من الشروط، للوصول إلى الدعوى والوثائق.
إرتكزت هذه الصرامة على القوانين والإجراءات التي منعت حضورهم، سواءً في استجواب الخصمين، أم الشهود، أم الخبراء ( القانون 273 SN) وسواءً لفحص الوثائق، إلاّ بعد نشرها:
هذه الصلاحية الخاصة لم تكن معطاة إلاّ لمحامي الوثائق ( ق 474- 475 ، SN).
القانون 128 M.P “Provida Mater” ، يوضّح هذه النقطة، حيث جاء فيها ما حرفيته:
“ En règle générale, ni les parties, ni leurs procureurs, ni leurs avocats ne peuvent assister à l’interrogatoire des témoins. Toutefois, le juge d’instruction a le pouvoir d’admettre, mais à titre exceptionnel, la présence des parties, de leurs procureurs ou de leurs avocats aux déposition, si les circonstances de la cause paraissent, à la suite d’une prudente estimation, le conseiller ».
ألحق هذا المنع الضرر الجسيم بسير المحاكمة، لجهة ممارسة حقّ الدفاع للخصمين ولمحاميهم، ولجهة مراقبة المستندات عن قرب، والقدرة على الإستفسار حول تطوّر المجاكمة، الأمر الذي لا يحصل إلا بعد نشر الأعمال.
2- الهدف من مراجعة مجموعة القوانين الكنسية :
إن الهدف من مراجعة مجموعة القوانين الكنسية، ولا سيّما قانون أصول المحاكمات الكنسي، كان لتقييم مساوىء القانون الكنسي القديم، والإجابة على المتطلبات الأساسية والطارئة للمحاكمة، ولزيادة حق الدفاع للخصمين قدر المستطاع، والحق بفحص الدقائق الصغرى في المحاكمات، بتركيباتها المتعددة وتأمين ضمانة كاملة للأشخاص المستدعين أو الحاضرين في جلسات المحاكمة، مجيزين حضور المحامين والوكلاء جلسات استجواب الخصمين والشهود والخبراء بهذا الصدد، ومنح حق معاينة ومراقبة المستندات، حتى قبل نشرها، كما السهر على موجب المحكمة بإبلاغ كل أوراق الدعوى.
1)” The principal difference between this canon and the corresponding canon in the 1917 code (can.1773) is the addition of the final phrase about honoring a local law that prescribes another method of interrogation.
2) In the 1917 code, the procedure in a marriage case was for the defender to prepare the questionnaires for all parties and witnesses, and, at the beginning of each session to present the questionnaires to the judge in a envelope (can.1968). This procedure is not included in the 1983 code”.
3: تعديل القانون يؤكد على دور المحامي الايجابي في إظهار الحقيقة في المحاكمات الكنسية:
عدّل القانون الجديد (الشرقي، م.ق.ك.ش – الغربي، م.ح.ق.ل.) أصول المحاكمات على عدّة صعد، وذلك بإعطاء المدّعين والمدّعى عليهم ومحاميهم، الحقّ بالتدخل خلال إجراءات المحاكمة، وتأمين الدفاع عن النفس، الذي يشكّل حقّاً مقدّساً، وفقاً لأنظمة محدّدة ومعاصرة.
لتجديد القوانين الكنسية والإجراءات في الدعاوى الزواجيّة، عدّل المشرّع مجموعة شرائع القوانين، بإعطاء الحق للمحامين أن يتدخلوا أثناء المحاكمة بحضور كافة الإستجوابات وفقاً لقانون الكنائس الشرقية والغربية الجديد.
هنالك حقوق أخرى مذكورة أيضاً بوضوح ولكن في ما يختص بموضوعنا ، أعطي كلا القانونين للمحامين الحرية في حضور الجلسات منذ بداية المحاكمة، وتأمين المهمّة النبيلة، كشركاء في العدالة.
“ En comparant la legislation en vigueur avec elle du CIC/17, on notera qu’une plus grande part a été faite à la publicité, par exemple, par l’assistance de procureurs et d’avocats à l’examen des parties, des témoins et des experts (cf.c.1559) »
خضعت القوانين الكنسية لفترة واسعة النطاق، لإعداد طويل فيما يخصّ حقوق وواجبات المحامين والوكلاء، وبخاصة على مختلف نقاط البحث التالية:
– حقّ المحامين في حضور جلسات إستجواب الفرقاء، الشهود، والخبراء، وأن يعاينوا ويفحصوا المستندات قبل نشرها، كذلك واجب المحكمة إبلاغهم كل أوراق الدعوى.
جاء قانون الشرع الكنسي الغربي الجديد (م.ح.ق.ل.) متشابهاً تقريباً مع قانون الشرع الكنسي الشرقي الجديد (م.ق.ك.ش) على مستوى الإجراءات فيما يخصّ حقوق المحامين على صعيد الإصلاح الجديد، وخصوصاً بموضوعنا في القوانين الجاري بحثها.
عند مراجعة القوانين الرئيسة، في مجموعتي القوانين باللغة اللاتينية، يمكننا أن نرى التطابق على الكثير من الصعد.
تعدّلت الإجراءات لصالح خير الكنيسة والخصمين والمحامين.
ولقد حان الوقت لأن توضع هذه القوانين الجديدة المذكورة في بحثنا موضع التنفيذ، والتي تسمح للقضاة والمحامين بتطبيق أصول المحاكمات، وفقاً لمبادىء العدالة والإنصاف، وقد ذكرنا وقتها أن عامل الوقت مهم لإبراز الإيجابيات والسلبيات في حضور المحامين إلى جانب القضاة، في الجلسات المختصّة بالدعاوى الزواجية، كما للمحامين الحق في حضور جلسات استجواب الخصمين والشهود والخبراء، بقوة القانون وبطرح الأسئلة الضرورية، بل أكثر من ذلك بمعاينة أعمال الدعوى، والنظر في الوثائق المقدمة، حتى قبل إعلان الأعمال ونشرها، وكل ذلك بمقتضى القوانين والتعاليم الفقهية.
يراجع : الترجمة من اللغة الإيطالية:
1678 § 1. هنالك تنظيم جديد. يعترف القانون لحماة الخصمين ( المحامين والوكلاء: القانون 1559 م.ح.ق.ل.) إضافة لمحامي الوثاق ومحامي العدل “ Si in idicio sint” إذا كانوا حاضرين في الدعوى، بحقّ:
1- حضور استجواب الخصمين والشهود، والخبراء، مع الإحتفاظ بتطبيق القانون 1559 (م.ح.ق.ل.) الذي يعطي القدرة للقاضي بإبعاد المحامين والوكلاء، نظراً إلى ظروف خاصة بالأشياء والأشخاص، ويقرّر إجراء الإستجواب بالسرية ( القانون 1559)
2- الإطلاع على الأعمال القضائية (acta cause e acta processus) حتى قبل نشرها ( القانون 1598§ 1 م.ح.ق.ل.)، وأن يفحص بالوقت ذاته المستندات المقدمة من قبل الخصمين”.
نستشهد أخيراً برأي أحد القضاة الروتاليين، الذي يؤكد تطبيق هذه الدراسة وحقوق المحامين المشار إليها، في جميع المحاكم الكنسية وخاصة أمام محكمة الروتا الرومانية.
يراجع : الترجمة من اللغة الإيطالية:
“يواجه القانون 1678 المشكلة الخطيرة، بالتنسيق بين الحقوق ( المصالح) الخاصة الشخصية من جهة، والخير العام المرتبط بموضوع الوثاق الزواجي من جهة أخرى. ويحافظ على مبدأ السرية في هذه الدعاوى، المنبثقة من المادة ذاتها، وهو موضوع فائق الصعوبة في النظرية والتطبيق، ويأخذ بعين الإعتبار المشاكل المعقّدة، الناتجة عن هذا الموضوع وحصلت في بلدان عدّة، نذكر منها على سبيل المثال إيطاليا، حيث هنالك تشريعات خاصة موضوع التنفيذ من قبل الدولة والكنيسة.
في نهاية التحليل، يمكننا الملاحظة أن مجموعة الشرع الكنسي تعترف، بطريقة أوسع، بوضع الخصمين، ومحاميهم.
نعلن، في الواقع ( 1, cpv, c1° ) تنظيماً جديداً، بأن للمحامي عن الوثاق، وللمحامي عن العدل، ولمحامي الخصمين، “الحق” في حضور الإستجواب القضائي للخصمين بذاتهما والشهود والخبراء. ( ولكن لا يمكن للخصمين حضور هذه الإستجوابات)، ( §2) ويمكنهم معاينة أعمال الدعوى والأعمال القضائية ( acta cause e acta processus) وذلك قبل نشرها، والإطلاع على المستندات المقدمة من الفرقاء، من أي نوع كانت، مع الإحالة المحدّدة للخبرة الخاصة (القانون 1581).
في مداخلة المحامين هذه، يقترح حتى، الإمكانية بعرض أسئلة مناسبة على الشهود- ولكن يجب التفاهم، من خلال المنطق التفسيري لتشمل الخصمين- من خلال القاضي ( القانون 1561) إضافة لما هو مبيّن في الطلب للإثبات بالشهادة ( القانون 1552). نؤكد كذلك ممارسة متبعة بكثرة، بخاصة أمام الروتا الرومانية.”
أما ما جاء في مجموعة القوانين الكنائس الشرقية في ما يتعلّق بالمحاماة، فهو لا يمكن فهمه إلاّمن خلال المؤسسات التي أوجدتها الدولة اللبنانية، وهي نقابة المحامين التي أوكلت إليها بشكل حصري أمر الإهتمام ومتابعة مهنة المحاماة والمحامين على جميع الصعد، ضمن أطر تنظيمية مفصّلة ودقيقة،
هكذا، لا نقوم إلاّ بوضع قوانين الشرع الكنسي موضع التنفيذ، وبإجماع الآراء الفقهية حول هذا الموضوع، والتطبيقات العملية المتّبعة والمتقيّد بها أمام كافة المحاكم،
صرخة ننلقها للجسم القضائي ليدوّي صوت المحامي، صوت الحق والقانون عالياً في أرجاء بيت الله ومقرّ عدالته، على مثال دانيال ” النبي”، وعلى مثال المحامين الذين مارسوا المهنة واستحقّوا أن يدعوا أساتذتنا في القانون كما استحق بعضهم لقب القدّيسين شفعائنا.
ونداء للمحامين للإلتزام كما عهدنا، وأقسمنا المحافظة على مناقبية المهنة والدفاع عن المظلوم والمقهور، والشهادة للحق مهما بلغ الثمن ومهما تطلبت التضحيات، لنكون منارة أمام المحاكم المدنية والروحية ونؤكد باستمرار وقوفنا إلى جانبهم، في البحث عن الحقيقة، ولتغيير النظرة المغلوطة تجاه المحامين والقضاة على السواء، والشهادة للحق بجرأة والدفاع عن أي إنسان كلّ من موقعه كمحامين وقضاة، ساعين دائماً إلى المصالحة لنستحق الطوبى:” طوبى للساعين إلى السلام فإنهم أبناء الله يدعون”.
“محكمة” – السبت في 2023/11/4