دوائر النفوس تعمل بـ”التسكيج”:أزمة الطوابع و”إخراجات القيد” مستمرّة/راجانا حمية
راجانا حمية*:
أواخر الأسبوع الماضي، لم يكن في دائرة النفوس في محافظة لبنان الجنوبي سوى نسخة واحدة من نماذج “إخراج القيد العائلي”.
الأمر نفسه جرى أيضاً في دائرة نفوس عاليه: لا أوراق ولا طوابع مالية أيضاً.
يروي أحد من أرادوا إتمام معاملاتهم في الدائرة أنّه جمع أربعة طوابع بـ”أعجوبة وبسعرٍ مضاعف من ثلاث مكتبات”، لإنجاز معاملته.
لا يختلف الأمر هنا عمّا يجري في دوائر أخرى، حيث يلجأ الموظّفون والمخاتير إلى “الشحادة” من بعضهم بعضاً لسدّ النقص الذي تسبّب به شحّ الطوابع وأوراق بيانات القيد العائلية والفردية. وهي أزمة مستمرّة منذ مطلع العام الجاري، تحديداً مذ لم يوافق ديوان المحاسبة على مشروع عقد بالتراضي لطباعة الأوراق والطوابع “لعدم توافر الشروط”. علماً أنّ العقد هو نفسه الذي أبرمته المديرية العامة للأحوال الشخصية مع إحدى شركات الطباعة، على مدى سنوات،”سنداً لقرار صادر عن مجلس الوزراء”، بحسب مصادر المديرية.
يومها، طلب الديوان من المديرية “إجراء مناقصة جديدة لإفساح المجال أمام العارضين للإشتراك في عمليات تلزيم الصفقات العمومية”.
وقد حاولت المديرية، عبر وزيرة الداخلية والبلديات السابقة ريا الحسن، ثني الديوان عن قراره وإعادة النظر فيه لجملة أسباب، منها تغيّر الأسعار مع تغيّر سعر صرف الليرة، وأنّ أيّ مناقصة تستغرق كثيراً من الوقت فيما “ستوك” تلك المواد بالكاد كان يكفي لشهرين أو ثلاثة على أبعد تقدير. إلاّ أنّ الديوان أصرّ على قراره.
في غضون ذلك، “طارت” حكومة وشُكّلت أخرى، وعملت المديرية خلال هذه الفترة على خطّين، أوّلهما التحضير لإجراء مناقصة جديدة، وثانيهما إصدار مذكّرات تطلب من رؤساء أقلام النفوس عدم إصدار بيانات قيود عائلية “إلاّ للضرورة، والإكتفاء بالمصادقة على البيانات الصادرة بتاريخ قديم بعد التأكّد من أنّه لم يطرأ عليها أيّ تعديل”.
سارت الأمور بـ”التسكيج”، إلى حين نفّذت لجنة المناقصات مناقصة انتهت بفوز إحدى الشركات.
كان يمكن أن ينتهي كلّ شيء عند هذا الحدّ، لولا “تفصيل صغير” يتعلّق بـ”هويّة” الشركة التي رست عليها المناقصة.
فالمفاجأة هنا أنّ “الشركة التي فازت بالمناقصة هي نفسها التي كانت تتولّى طباعة بيانات القيد سابقاً والتي رفضها ديوان المحاسبة سابقاً لعدم توافر الشروط”! هذا ما تقوله الإدارة.
أمّا الأنكى من ذلك كلّه، فهو ما لحق بلائحة الأسعار من تعديلات جذرية.
ففي وقت كانت الشركة تتقاضى بدل طباعة بيان القيد العائلي الواحدة 140 ليرة لبنانية و200 ليرة لبنانية للبيان الفردي، “حلّقت” تلك الأسعار مع المناقصة الجديدة إلى 1800 ليرة كلفة طباعة بيان القيد العائلي 1800 و2000 ليرة للقيد الفردي. وهي زيادة خيالية لا تغطّيها ميزانية لا تزال تعمل على أساس سعر صرف رسمي.
أمام هذا الواقع، لا تجد المديرية أمامها سوى حلّ واحد: رفض المناقصة، وإبلاغ الشركة “الفائزة” بذلك. 8 أشهر مرّت من عام 2020، فيما العمل لا يزال على “ستوك” العام 2019. ولئن كانت المديرية تطمئن حتّى اليوم إلى أنّه “لا أزمة بيانات قيد عائلية ولا إفرادية”، رغم “أنّنا صرنا على الحفّة”، وفق مصادر المديرية. وما يجري اليوم هو أنّه “عم نشيل من هالمحلّ وناخد لهالمحلّ”. وإن كانت الأمور تسير اليوم بـ”التسكيج”، إلاّ أنّ ذلك لا يعفي من “المشكل” القادم.
*المصدر: جريدة الأخبار.
“محكمة”- الأربعاء في 2020/8/26